منتديات الغرباء السلفية http://www.el-ghorba.com/forums/ Mon, 04 Dec 2023 11:55:21 +0200 خلاصات آخر المواضيع النشطه في :منتديات الغرباء السلفية ar Mon, 04 Dec 2023 11:55:21 +0200 pbboard 60 هل يصح الاستدلال بتقسيم الإمام الشافعي البدعة إلى بدعة محمودة وبدعة مذمومة على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي؟! http://www.el-ghorba.com/forums/t571 Sat, 12 Aug 2023 23:03:31 +0300
ابتداء وقبل هذا السؤال لا بد من سؤال آخر هو أصل المسألة، وهو:

هل الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - يقسم البدعة (في الدين) إلى بدعة محمودة وبدعة مذمومة.

فإن عنى الشافعي - رحمه الله تعالى - بأن البدعة (في الدين) منها ما يكون محمودًا ومنها ما يكون مذمومًا فقد ثبت بهذا الخلاف عند السلف في مسألة تقسيم البدعة في الدين إلى محمود ومذموم، ويتخرج بهذا الاستدلال لمن استدل به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، وإن عنى الشافعي - رحمه الله تعالى - بالبدعة المحمودة المعنى اللغوي من الابتداء والإنشاء على غير مثال سابق فقد بطل الاستدلال بهذا التقسيم على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.

يستدل البعض بما رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن الشافعي أنه قال: (البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة) على أن الشافعي - رحمه الله تعالى - يرى في الدين بدعة حسنة.

وكلام الشافعي بتمامه في الحلية لأبي نعيم (١١٣/٩):
"الْبِدْعَةُ بِدْعَتَانِ: بِدْعَةٌ مَحْمُودَةٌ، وَبِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ، فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ فَهُوَ مَحْمُودٌ، وَمَا خَالَفَ السُّنَّةَ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هِيَ".

وجاء عنه بلفظ أوضح منه، وهو ما رواه البيهقي في مناقب الشافعي (٤٦٩/١) أن الشافعي قال:
المحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما: ما أحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا؛ فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا؛ وهذه محدثة غير مذمومة.
وقد قال عمر - رضي الله عنه - في قيام شهر رمضان: "نعمت البدعة هذه" يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها ردّ لما مضى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٦٣/٢٠): رَوَاهُ البيهقي بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ فِي الْمَدْخَلِ.

قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (١٣١/٢) - تحقيق الأرناؤوط -:
وَمُرَادُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ: أَنَّ الْبِدْعَةَ الْمَذْمُومَةَ مَا لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَهِيَ الْبِدْعَةُ فِي إِطْلَاقِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ الْمَحْمُودَةُ فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ، يَعْنِي: مَا كَانَ لَهَا أَصْلٌ مِنَ السُّنَّةِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ لُغَةً لَا شَرْعًا، لِمُوَافَقَتِهَا السُّنَّةَ.

قلت - العبد الفقير -: و مما يؤيد ما وجه به ابن رجب كلام الشافعي - رحمهما الله - الوجوه التالية:
أولاها: حصر الشافعي - رحمه الله تعالى - معرفة الشرع لكل من كان دون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستدلال بالنصوص من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس وأن من استحسن بغيرها فقد أحدث شيئًا على غير مثال سابق فقال في كتاب الرسالة ص٢٥:
وهذا يدل على أنه ليس لأحد دون رسول الله أن يقول إلا بالاستدلال بما وصفت في هذا، وفي العَدل، وفي جزاء الصيد، ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيءٌ يُحدِثه لا على مثالٍ سبق.

الثاني:
ثبوت ذم الشافعي لمحدثات لا أصل لها في الشريعة كالتغبير؛ فقد روى أبو نعيم في الحلية (١٤٦/٩) بإسناده عن الشافعي قال:
«خَلَّفْتُ بِالْعِرَاقِ شَيْئًا أَحْدَثَتْهُ الزَّنَادِقَةُ يُسَمُّونَهُ التَّغبِيرَ، يَشْتَغِلُونَ بِهِ عَنِ الْقُرْآنِ».

قال الأزهري في تهذيب اللغة (١٢٣/٨):
وَقد يسمّى مَا يقْرَأ بالتّطريبِ من الشِّعرِ فِي ذِكرِ الله تَعَالَى تَغبِيرًا كَأَنَّهُمْ إِذا تَنَاشَدوها بالألحان طَربوا فَرقصوا وأرْهَجوا، فَسمُّوا مُغبِّرَةً بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقد رُوِي عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: أَرَى الزَّنَادِقَةَ وضعُوا هَذَا التغبِيرَ لِيَصدُّوا النَّاس عَن ذكرِ الله وَقِرَاءَة الْقُرْآن.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويُّ: سمِّي هَؤُلَاءِ مغبِّرين لِتَزْهِيدِهِم الناسَ فِي الفَانيَةِ الماضِيَةِ وتَرْغيبِهِمْ فِي الغابِرَةِ، وَهِي الْآخِرَة الْبَاقِيَة.

الثالث: جَعَلَ الشافعيُّ - رحمه الله تعالى - الاستحسانَ سببًا لتجرؤ عامة المسلمين من غير أهل الذكر على الكلام في دين الله عز وجل بغير علم، فقال في كتاب الأم (٥٠٤/١):
وهذا يبين أن حرامًا على أحد أن يقول بالاستحسان إذا خالف الاستحسانُ الخبرَ، والخبرُ - من الكتاب والسنة - عينٌ يتأخَّى معناها المجتهدُ ليصيبه، كما البيتُ يتأخَّاه مَن غاب عنه ليصيبه، أو قَصَدَه بالقياس ....... ولو جاز تعطيلُ القياس جاز لأهل العقولِ من غير أهل العلم أن يقولوا فيما ليس فيه خبر بما يحضرهم من الاستحسان.

الرابع:
أن الشافعي - رحمه الله تعالى - صنف كتابًا سماه (إبطال الاستحسان) طبع مع كتاب الأم (٣٠٩/٧).

أفيقال من أحد - بعد هذا البيان -: إن المحدثات في الدين عند الشافعي - رحمه الله تعالى - منها ما يكون حسنًا ومنها ما يكون مذمومًا؟!!!!!

رحم الله تعالى الإمام الشافعي، وجزاه عن الإسلام وأهله خيرًا.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t571
ذكر ما ثبت من الآثار في جواز اجتماع رفع الأصوات عند التكبير مع المبالغة في رفعها موافقةً بغير تكلف اجتماعها تواعدًا بتطريب أو ما شابه http://www.el-ghorba.com/forums/t590 Sat, 15 Jul 2023 15:32:21 +0300
ثبت في جواز اجتماع رفع الأصوات موافقةً عند التكبير مع المبالغة في رفعها عن الصحابة رضي الله عنهم آثار - بغير تكلف في اجتماع الأصوات تواعدًا بتطريب أو تنغيم أو ترعيد أو تمطيط أو ما شابه -، ومنها:

١- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل المسجد، فيكبر بتكبيرهم أهل منى، ويكبر بتكبيرهم أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا.

علقه البخاري جزمًا في صحيحه في باب التكبير أيام منى، وأخرجه عبد الرزاق - كما في الاستذكار لابن عبد البر (١٧١/١٣)، وفي فتح الباري لابن رجب (٢٨/٩)-، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٢٥٨/٤)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٨٨)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٣٨)، وفيه عنده - في بعض النسخ -: تكبيرًا واحدًا.

قلت [البنهاوي]: والراجح - والله أعلم - أنه خطأ من بعض النساخ، فقد نقله عن البيهقي كل من ابن رجب في فتح الباري (٢٨/٩)، وابن حجر في تغليق التعليق (٣٧٩/٢) بدون تلك الزيادة.

٢- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيُكبِر بتكبيره.

أخرجه الشافعي في الأم (٤٨٧/١)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٦٥)، وسحنون في زوائده على المدونة الكبرى (٢٤٥/١) - واللفظ له -، والفريابي في العيدين (٣٩)، وابن المنذر في الأوسط (٢٠٩٢)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٣٨/١٤)، والدارقطني في سننه (١٧١٢)، والحاكم في مستدركه (١١٠٦)، والبيهقي في الكبرى (٦١٩٦).

وصححه الألباني في إرواء الغليل (٦٥٠).

٣- عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم كانا يخرجان أيام العشر إلى السوق، فيكبران، ويكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك.

علقه البخاري جزمًا في صحيحه في باب فضل العمل في أيام التشريق، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (١٧٠٤)، وأبوبكر المروزي الأموي في كتاب العيدين، وغلام الخلال في كتاب الشافي، كما نقله عن الآخيرين ابن رجب الحنبلي في فتح الباري (٨/٩).

٤- عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ».

أخرجه البخاري في صحيحه (٩٧١) - واللفظ له -، ومسلم في صحيحه (٨٩٠-١١).

٥- عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه خرج يوم العيد فَلَمْ يَرَهُمْ يُكَبِّرُونَ، فَقَالَ: "مَا لَهُمْ لَا يُكَبِّرُونَ، أَمَا وَاللهِ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَقَدْ رَأَيْتَنَا فِي الْعَسْكَرِ مَا يُرَى طَرَفَاهُ فَيُكَبِّرُ الرَّجُلُ فَيُكَبِّرُ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يَرْتَجَّ الْعَسْكَرُ تَكْبِيرًا، وَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ كَمَا بَيْنَ الْأَرْضِ السُّفْلَى إِلَى السَّمَاءِ الْعُلْيَا.

أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٣٩/١٤)، والبيهقي في الكبرى (٦٢٠١) - واللفظ له -.

قلت [البنهاوي]: رجاله ثقات، إلا أن فيه تدليس الأعمش.

قال مالك في الموطأ (٤٠٤/١): الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات.
وأول ذلك: تكبير الإمام، والناس معه.

قال الشافعي في الأم (٢٧٥/١): وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ خَلْفَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلُّوا الصُّبْحَ مِنْ آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَقْطَعُونَ التَّكْبِيرَ إذَا كَبَّرُوا خَلْفَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ إمَامُهُمْ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ فَيُكَبِّرُونَ مَعًا، وَمُتَفَرِّقِينَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَفِي كُلِّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.

قال ابن حجر في فتح الباري (٤٦٢/٢): وقوله(ترتج) -بتثقيل الجيم -؛ أي: تضطرب وتتحرك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات.

قال البدر العيني في عمدة القاري (٢٩٢/٦): قوله: (حتى ترتج) يقال: ارتج البحر، بتشديد الجيم إذا اضطرب، والرج: التحريك، قوله: (منى) فاعل: ترتج. قوله: (تكبيرًا) نصب على التعليل، أي: لأجل التكبير، وهو مبالغة في اجتماع رفع الأصوات.

قلت [البنهاوي]: فالمعنى؛ أنه لا حرج في الموافقة في تكبيرات العيد وأيام التشريق، وأنه لا يلزم تحري مخالفة الغير تحرجًا من الاتفاق عليه جميعًا إلا إذا كان الأمر مصحوبًا بتطريب أو تنغيم أو ترعيد أو تمطيط أو ما شابه فهذا من التواعد وإن زعم فاعله أنه لم يتعمده.

وفي بيان أن الموافقة والاتفاق لا تحمل معنى التواعد لزامًا قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين (٢٢٦:٢٢٥/٥):
وفق: الوَفْقُ: كل شيء متسق مُتَّفق على تِيفاقٍ واحد فهو: وَفْق.
قال: يهوين شتى ويقعن وَفْقا.
ومنه: المُوافَقَة في معنى المصادفة والاتّفاق.
تقول: وافقت فلانًا في موضع كذا، أي: صادفته.
ووافقت فلانًا على أمر كذا، أي: اتفقنا عليه معًا.
وتقول: لا يتوفّق عبد حتى يوفّقه الله، فهو مُوَفَّق رشيد.
وكنا من أمرنا على وِفاق.

قلت [البنهاوي]: فإن كانت الموافقة تدل على المصادفة والاتفاق، فلا يحمل الاتفاق على معنى التواعد بدون قرينة تدل على التواعد بتكلف تطريب أو تنغيم أو ترعيد أو تمطيط أو ما شابه.

فَعَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
أخرجه البخاري (٧٨٠)، ومسلم (٤١٠).

قال الخطابي في معالم السنن (٢٢٤/١):
وقوله (إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين) معناه: قولوا مع الإمام حتى يقع تأمينكم وتأمينه معًا، فأما قوله (إذا أمن الإمام فأمنوا) فإنه لا يخالفه، ولا يدل على أنهم يؤخرونه عن وقت تأمينه، وإنما هو كقول القائل: إذا رحل الأمير فارحلوا، يريد: إذا أخذ الأمير في الرحيل فتهيؤوا للارتحال ليكون رحيلكم مع رحيله، وبيان هذا في الحديث الآخر (أن الإمام يقول آمين والملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) فأحب أن يجتمع التأمينان في وقت واحد رجاء المغفرة.

قال ابن عبد البر في التمهيد (١٦/٢٢):
قَوْلُهُ (إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا)، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِمَا جَاءَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ هَذَا أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَقُولُونَ فِيهِ آمِينَ، وَهُوَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ لِيَكُونَ قَوْلُهُمَا مَعًا، وَلَا يَتَقَدَّمُوهُ بِقَوْلِ آمِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قال القاضي عياض في مشارق الأنوار (٢٩٢/٢):
(وف ق) ....... وَقَوله (فَمن وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ) قيل مَعْنَاهُ: مُوَافقَة قَوْله قَول الْمَلَائِكَة فِي الزَّمَان وَكَانَت القولتان مَعًا.

قال الكرماني في الكواكب الدراري (١٤١/٥):
(وافق) معناه وافقهم في وقت التأمين فأمن مع تأمينهم، أي: وقعا في زمان واحد.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه أحمد بن طه أبو عبد الله البنهاوي المصري
وكان الفراغ منه بالتنقيح والزيادة ضحى يوم الاثنين غرة ذي الحجة ١٤٤٤
]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t590
اللقاءات الأسبوعية بأطفال قرة أعين السلفية http://www.el-ghorba.com/forums/t593 Mon, 10 Jul 2023 07:46:25 +0300 اللقاءات الأسبوعية
بأطفال قرة أعين السلفية
http://www.el-ghorba.com/forums/index.php?page=rss&subject=1

 ]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t593
ذكر ما ثبت من الآثار في توقيت التكبير عقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق http://www.el-ghorba.com/forums/t589 Tue, 04 Jul 2023 16:38:27 +0300
١- ثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٧٧)، وأحمد بن حنبل في مسائل عبد الله (٦١٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٢)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٣٥)، والحاكم في مستدركه (١١١٣)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٤٦).
وصححه عنه الذهبي في تلخيص المستدرك، وابن حجر في الدراية (٢٢٢/١)، والألباني في الإرواء (١٢٥/٣).

٢- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٨٥)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٧)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٨)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٥٢).
وصححه عنه أحمد بن حنبل كما عزاه له الطبراني في المصدر السابق، وكذلك عزا ابن رجب تصحيحه لأحمد في فتح الباري (٢٢/٩)، وصححه الألباني في الإرواء (١٢٥/٣).

٣- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
أخرجه الشافعي في الأم (٤٩٥/٨)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٧٩)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٥)، والطبراني في المعجم الكبير (٩٥٣٤)، والحاكم في مستدركه (١١١٥)، وابن حزم في المحلى (٩١/٥).
وصححه عنه الذهبي في تلخيص المستدرك.

٤- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٨٦)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٦)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٥)، والدارقطني في سننه (١٧٣٩) (١٧٤٢)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٣«).
وصححه عنه أبو داود السجستاني في سؤالات أبي عبيد الآجري (٥٩٠).

٥- وورد توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٨١)، وعبد الرزاق كما عزاه له ابن عبد البر في الاستذكار (١٧١/١٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٨)، والحاكم في مستدركه (١١١٢)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٤٤).
وضعفه عنه يحيى بن سعيد القطان، وجعله من أوهام الحجاج بن أرطأة، كما نقله عنه البيهقي في المصدر السابق.

٦- وروي توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (٢١٦/١)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٢)، والدارقطني في سننه (١٧٣٧:١٧٣٥)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٥٠).
وروي عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر رضي الله عنهما من نفس الطريق.
ومدار هذا الحديث على عمرو بن شمر الجعفي الرافضي، وهو متروك كذبه واتهمه بالوضع غير واحد - لسان الميزان (٢١٠/٦).
وضعفه البيهقي في الكبرى، والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن كثير في تفسيره (٢٦٨/٢)، وابن رجب في فتح الباري (٢٦/٩)، وابن حجر في الدراية (٢٢٣/١)، والألباني في الضعيفة (٥٥٧٨).

٧- وروي توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بانتقاء ابن حجر في الغرائب الملتقطة (٣١٢٢).
وفيه محمد بن سهل بن الحسن العطار، وقيل ابن سهل بن عبد الرحمن العطار، وهو متروك متهم بالوضع - تاريخ بغداد (٢٥٥/٣) -.
وفيه أيضا عبد الله بن محمد البلوي، وهو متهم بالوضع أيضا - لسان الميزان (٥٦٣/٤) -
.
قال الألباني في الضعيفة (٣٢٣٨): موضوع.

قال ابن رجب في فتح الباري (٢٢:٢١/٩):
وذكر الله في هذه الأيام نوعان:
أحدهما: مقيد عقيب الصلوات.
والثاني: مطلق في سائر الأوقات.
فأما النوع الأول:
فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.
وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل يكتفى بالعمل به. اهـ.

قلت [البنهاوي]: والجمع بين تلك الآثار؛ أن أهل الأمصار يكبرون من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وأهل الموسم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة من آخر أيام التشريق، والله أعلم.

نقل ابن المنذر في الأوسط (٣٤٨/٤) قريبًا من ذلك الجمع بين الآثار عن أحمد بن حنبل وسفيان بن عيينة فقال ابن المنذر:
وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ، قَالَ: أَمَّا أَهْلُ مِنًى فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ، لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ يَأْخُذُونَ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ غَدَاةَ عَرَفَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ سُفْيَانُ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ.

قال ابن رجب في فتح الباري (٢٣:٢٢/٩):
وقد اختلف العلماء في أول وقت هذا التكبير وآخره.
فقالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق .........
وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعًا من الصحابة، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس.
فقيل له: فابن عباس اختلف عنه؛ فقالَ: هذا هوَ الصحيح عنه، وغيره لا يصح عنه .........
وإلى هذا ذهب أحمد؛ لكنه يقول: إن هذا في حق أهل الأمصار، فأما أهل الموسم فإنهم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأنهم قبل ذَلِكَ مشتغلون بالتلبية.
وحكاه عن سفيان بن عيينة، وقال: هوَ قول حسن.
ويمتد تكبيرهم إلى آخر أيام التشريق - أيضًا - على المشهور عنه.
ونقل حرب، عنه، أنهم يكبرون إلى صلاة الغداة من آخر أيام التشريق.
وممن فرق بين الخارج وأهل الأمصار: أبو ثور.
انتهى كلام ابن رجب باختصار.

والحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t589
حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم http://www.el-ghorba.com/forums/t591 Tue, 20 Jun 2023 23:28:38 +0300
١- في المعجم الوسيط (٩٩٦/٢): (هَنأ) فلانا بِالْأَمر؛ (تهنئةً): خاطبه راجيًا أَن يكون هَذَا الْأَمر مبعث سرُور لَهُ.

وفي لسان العرب (١٨٥/١): والتَّهْنِئةُ: خِلَافُ التَّعْزِية.

٢- قلت [البنهاوي] ولا يستقيم عند أي عاقل أو سوي أن يهنأ غيره بأمر عينه فيه مساءة له، أو يهنأ غيره بأمر مستقبح عنده.
فالأول؛ لا يقوم به إلا مجنون فاقد العقل.
والثاني؛ لا يكون مقبولاً إلا عند منتكسي الفطر غير الأسوياء
.

فمثال الأول: تهنئة رجل قومًا من الأعداء بيوم انتصارهم على قومه!!!!!!!.
فلا تسوغ التهاني بين حزبين بأمر ما يكون فيه سرور لأحدهما وهو بعينه مساءة للآخر.

ومثال الثاني: تهنئة رجل فاجرًا بقضاء ليلة مع امرأة ساقطة!!!!!!.
فهي لحب شيوع الفاحشة أقرب في التسمية من التهنئة.

٣- فالمثال الأول بخلاف العقل، ولذلك لن تجد أحدًا يعارض فيه، لأنه لا يوجد أحد إلا ويستشنع أن يصفه الناس بالجنون.

٤- وأما المثال الثاني فهو بخلاف الشرع، وفيه يحدث اختلاف الناس مع علمهم بالخطأ كما قال تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين).
وقد لا يبالي أحدهم في المثال الثاني أن يشهد على نفسه، فضلاً أن يصفه الناس بالمخالفة أو الخطأ أو حتى بالكفر كما قال تعالى: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر)،
فنسأل الله الهداية والسداد.

٥- وأردت بالمثال الثاني ضرب المثل على أن استشناع الأسوياء لتهنئة الفجار هو من قريب الاتفاق على رمي من هنأ الأعداء بالانتصار على قومه بالجنون.
فالمثال الثاني عند الأسوياء لا يقوم به إلا من سفه نفسه وإن لم يكن مجنونًا.

٦- والزنا والخنا والفجور من كبائر الذنوب، عقابها أليم وقد يغفرها الله عز وجل كما قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ»، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ»، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ»، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ». متفق عليه.

٧- والشرك أعظم قبحًا وشناعة من الزنا كما قال تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم).

٨- فإذا كانت تهنئة الفجار بفجورهم مستشنعة عند الأسوياء، فلأن تكون تهنئة الكفار في أعيادهم بكفرهم أشنع وأقبح من باب أولى عند كل من كان سويًا.

٩- فمن أنكر التهنئة في المثال الثاني مع تجويزه تهنئة الكفار في أعيادهم بكفرهم فليس من الأسوياء.
وإنما أنكر التهنئة في المثال الثاني لاجتماع فطر الناس في زمانه على النفرة منه، لكي لا يتهموه بالجنون كاتفاقهم على المثال الأول
.
ولو أتى زمان تألف فيه طباع الناس المثال الثاني - وهو كائن كما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاص عند ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٧٢٧٧) بإسناد صحيح فقال صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَسَافَدَ النَّاسُ فِي الطُّرُقِ تَسَافُدَ الْحَمِيرِ» - فإن هذا الذي لا ينكر تهنئة الكفار في أعيادهم بالكفر لو أظله هذا الزمان لما أنكر ما كان في المثال الثاني لاجتماع طباع الناس يومها عليه.

فنسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، ونسأله العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلنا ومالنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا. آمين.

١٠- قال ابن القيم رحمه الله تعالى في أحكام أهل الذمة (٤٤١/١):
فَصْلٌ
فِي تَهْنِئَتِهِمْ بِزَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ سَلَامَةٍ مِنْ مَكْرُوهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ فَأَبَاحَهَا مَرَّةً وَمَنَعَهَا أُخْرَى، وَالْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي التَّعْزِيَةِ وَالْعِيَادَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
وَلَكِنْ لِيَحْذَرِ الْوُقُوعَ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الْجُهَّالُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِدِينِهِ، كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: مَتَّعَكَ اللَّهُ بِدِينِكَ أَوْ نَيَّحَكَ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ لَهُ: أَعَزَّكَ اللَّهُ أَوْ أَكْرَمَكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّكَ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْأُمُورِ الْمُشْتَرَكَةِ .

وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاق، مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ.

وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ
.

وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَجَنَّبُونَ تَهْنِئَةَ الظَّلَمَةِ بِالْوِلَايَاتِ، وَتَهْنِئَةَ الْجُهَّالِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ تَجَنُّبًا لِمَقْتِ اللَّهِ وَسُقُوطِهِمْ مِنْ عَيْنِهِ، وَإِنْ بُلِيَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ فَتَعَاطَاهُ دَفْعًا لِشَرٍّ يَتَوَقَّعُهُ مِنْهُمْ فَمَشَى إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا، وَدَعَا لَهُمْ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

والحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t591
هل الأدب مقدَّم على الاتباع (الامتثال)؟ http://www.el-ghorba.com/forums/t592 Tue, 20 Jun 2023 19:19:54 +0300
يطرحُ كثير من المتصوِّفة هذا السؤال؛ باعتباره من مسائل الخلاف بين العلماء، فمنهم من قال: يقدَّم الامتثال على الأدَب، وفريق آخر قال بتقديم الأدب على الامتثال.

ومن أشهر أدلتهم على ذلك:

رجوع أبي بكر عن الإمامة لما أحسَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد أشار له النبي صلى الله عليه وسلم أنِ امكُث مكانَك، فتأخَّر حتى استوى في الصفّ، وتقدّم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم انصرف فقال: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([١]).

ومن أدلتهم على ذلك أيضًا: امتناعُ عليّ رضي الله عنه عن محو اسم الرسول صلى الله عليه وسلم في وثيقة الحديبية، وقال له: “لاَ وَاللَّهِ، لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا”([٢]).

قالوا: فهذا ومثله يدل على أن الأدب مقدَّم على الامتثال.

وصارت هذه القاعدة مدخَلاً لكثير من البدع ومخالفة السنّة - فعلاً وتركًا - وتسويغ البدع؛ ولو خالفت النصوص؛ بحجّة أنها من باب الأدب، وهو ما يقتضي التوضيحَ والبيانَ لمرادِ أهل العلم في ذلك.

فالجواب عن ذلك من عدّة أوجه:

الأول: أن هذه القاعدة لا ذكر لها في كلام الأئمّة المتقدمين من أئمة القرون الثلاثة الخيرية، وإنما وردت في كلام بعض الفقهاء المتأخرين، وأقدمُ من نسب إليه هذا الكلام - بحسب ما وقفتُ عليه - هو العز بن عبد السلام رحمه الله (٦٦٠هـ) مرجّحًا جواز التسويد للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وتبعه على ذلك بعض الفقهاء، وخالفهم الأكثر، واستحبّوا الالتزام في الأذكار المأثورة بالوارد دون زيادة([٤]).

جاء في الموسوعة الفقهية: “وأما بخصوص زيادة (سيدنا) في الصلاة الإبراهيمية بعد التشهد، فقد ذهب إلى استحباب ذلك بعض الفقهاء المتأخرين، كالعز بن عبد السلام، والرملي، والقليوبي، والشرقاوي من الشافعية، والحصكفي وابن عابدين من الحنفية متابعة للرملي الشافعي، كما صرح باستحبابه النفراوي من المالكية، وقالوا: إن ذلك من قبيل الأدب، ورعاية الأدب خير من الامتثال، كما قال العز بن عبد السلام”([٣]).

.......

الخامس: أن العلماء الذين ذكروا هذه القاعدة لم يقصدوا بذلك الأمر الذي يراد به الامتثال وجوبًا أو استحبابًا، وإنما قصدوا الأمر الذي يراد به إكرام المأمور ومراعاة حقه وجانبه، فهذا هو الذي يجري فيه الخلاف المذكور في بعض كتب الفقهاء، لا أنهم قصدوا معارضة السنة النبوية - فعلاً أو تركًا - بحجة الأدب، فهذا لا يقوله عالم.

قال السرخسي الحنفي (٤٨٣هـ) مجيبًا على من قال باختصاص العمل بالرأي بالصحابة بدليل أنهم عارضوا النص، وذلك لا يجوز لغيرهم اتفاقًا، واستُدل برجوع أبي بكر وامتناع عليٍّ عن محو كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
"والجواب أن نقول:
هذا الكلام عند التأمل فيه من جنس الطعن عليهم لا بيان الكرامة لهم؛ لأن كرامتهم إنما تكون بطاعة الله وطاعة رسوله، فالسعي لإظهار مخالفةٍ منهم في أمر الله وأمر الرسول يكون طعنًا فيهم، ومعلوم أن رسول الله ما وصفهم بأنهم خير الناس إلا بعد علمه بأنهم أطوعُ الناس له، وأظهر الناس انقيادًا لأمره وتعظيمًا لأحكام الشرع، ولو جاز إثبات مخالفة الأمر بالرأي لهم بطريق الكرامة والاختصاص بناء على الخيرية التي وصفهم بها رسول الله لجاز مثل ذلك لمن بعدهم بناء على ما وصفهم الله به بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية، ولو جاز ذلك في فتاويهم لجاز فيما نقلوا إلينا من أحكام الشرع فتبيَّن أن هذا من جنس الطعن، وأنه لا بد من طلب التأويل فيما كان منهم في صورة الخلاف ظاهرًا بما هو تعظيم وموافقة في الحقيقة.

ووجه ذلك بطريق الفقه أن نقول:
قد كان من الأمور ما فيه احتمال معنى الرخصة والإكرام، أو معنى العزيمة والإلزام، ففهموا أن ما اقترن به من دلالة الحال أو غيره مما يتبين به أحد المحتملين، ثم رأوا التمسّك بما هو العزيمة أولى لهم من الترخص بالرخصة، وهذا أصل في أحكام الشرع.

وبيان هذا في حديث الصديق، فإن إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بأن يثبتَ في مكانه كان محتملاً معنى الإكرام له ومعنى الإلزام، وعلم بدلالة الحال أنه على سبيل الترخّص والإكرام له، فحمد الله تعالى على ذلك، ثم تأخر؛ تمسكًا بالعزيمة الثابتة بقوله تعالى: ‌{لَا ‌تُقَدِّمُواْ ‌بَينَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ}، وإليه أشار بقوله: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم… وكذلك حديث عليٍّ فإنه أبى أن يمحو ذلك تعظيمًا لرسول الله، وهو العزيمة، وقد علم أن رسول الله ما قصد بما أمر به إلا تتميم الصلح؛ لما رأى فيه من الحظ للمسلمين بفراغ قلوبهم، ولو علم عليّ أن ذلك كان أمرًا بطريق الإلزام لمحاه من ساعته… ثم الرغبة في الصلح مندوب إليه الإمام بشرط أن يكون فيه منفعة للمسلمين، وتمام هذه المنفعة في أن يظهِر الإمام المسامحةَ والمساهلة معهم فيما يطلبون، ويظهر المسلمون القوةَ والشدة في ذلك؛ ليعلم العدو أنهم لا يرغبون في الصلح لضعفهم، فلأجل هذا فعل علي رضي الله عنه ما فعله، وكأنه تأويل قوله تعالى: {‌وَلَا ‌تَهِنُواْ وَلَا تَحزَنُواْ}"([١٥]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وكأن عليًّا فهم أن أمره له بذلك ليس متحتّما، فلذلك امتنع من امتثاله"([١٦]).

وقال الزرقاني المالكي (١١٢٢هـ):
"فيه: أن من أكرم بكرامة تخير بين القبول والترك، إذا فهم أن الأمر ليس على اللزوم، وكان القرينة التي بينت ذلك لأبي بكر أنه صلى الله عليه وسلم شق الصفوف حتى انتهى إليه، ففهم أن مراده أن يؤم الناس، وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة من باب الإكرام والتنويه بقدره، فسلك هو طريق الأدب؛ ولذا لم يردَّ صلى الله عليه وسلم اعتذاره"([١٧]).

فالأمر إذا أريد به الإكرام لا تعدّ المخالفة له معصية، حتى إن الفقهاء اختلفوا في من حلف على غيره يريد إكرامه فلم يمتثل، هل يحنث أم لا؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وكذا لا حنث عليه إذا حلف على غيره ليفعلنّه فخالفه إذا قصد إكرامه لا إلزامه به؛ لأنه كالأمر إذا فهم منه الإكرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف"([١٨]).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"المخالفة للإكرام لا تعدّ معصية؛ فإن أبا بكر خالف النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه خالفه للإكرام، فلا تكون هذه المخالفة معصية، ونظيرها ما وقع لعلي بن أبي طالب في صلح الحديبية”([١٩]).

والخلاصة: أن العلماء الذين قالوا بتقديم الأدب على الامتثال قصدوا بالأدب هنا الأدب الذي دل عليه الدليل الشرعي العام أو الخاص، ومقصودهم بالأمر هنا الأمر الذي لم يُرَد به الامتثال، وإنما أريد به إكرام المأمور ورعاية حقّه، فهذا الذي يستحسن أن يقدّم فيه الأدب، وأما الأمر الشرعي المقصود لذاته فهذا يقال فيه: الامتثال هو عين الأدب.

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)


([١]) رواه البخاري (٦٨٤)،ومسلم (٤٢١).

([٢]) رواه البخاري (٣١٨٤)، ومسلم (٤٧٣١).

([٣]) الموسوعة الفقهية (٣٤٦/١١).

([٤])
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: أحمد بن طه البنهاوي المصري »
فتح الله الواحد القهار ببيان أن لفظ الذكر والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مبني على التوقيف والاقتصار
http://www.el-ghorba.com/forums/t584

([١٥]) أصول السرخسي (١٣٦/٢). وانظر كذلك: كشف الأسرار للبزدوي (٢٨٣/٣).

([١٦]) فتح الباري (٥٠٣/٧).

([١٧]) شرح الزرقاني على المواهب اللدنية (٥٢٢/٨).

([١٨]) الفتاوى الكبرى (٥٠١/٥).

([١٩]) التعليق على الكافي (٤٨/٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت [البنهاوي]: نقلته باختصار من مركز سلف للبحوث والدراسات من مقال بعنوان هل الأدب مقدَّم على الاتباع؟
على الرابط التالي
https://salafcenter.org/6131/]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t592
الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد النبي http://www.el-ghorba.com/forums/t570 Mon, 19 Jun 2023 19:46:30 +0300
ابتداء وقبل هذا السؤال لا بد من سؤال آخر هو أصل المسألة، وهو:

هل الصحابة أحدثوا بدعًا حسنة (في الدين)؟! ويمثل القائل لذلك بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد؟!

والمراد من السؤال الثاني - وهو الأصل في المسألة -: هل يعد ما فعله الصحابة - رضي الله عنهم - مما مُثِّل به سابقًا من البدعة الشرعية في الدين والتي لا يدل عليها دليل شرعي، أم من البدعة اللغوية والتي يقصد بها الابتداء والإنشاء على غير مثال سابق.

فإن صح أن الصحابة - رضي الله عنهم - أحدثوا على المعنى الأول - وحاشاهم - صح الاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، وإن صح أنهم أحدثوا على المعنى الثاني بطل الاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في اقتضاء الصراط المستقيم (٩٣/٢):

فأما صلاة التراويح، فليست بدعة في الشريعة، بل سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، فإنه قال: «إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسَنَنْتُ لكم قيامه» ولا صلاتها جماعة بدعة، بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين، بل ثلاثًا، وصلاها أيضًا في العشر الأواخر في جماعة مرات، وقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»، كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن.

وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد، وفي قوله هذا ترغيب لقيام شهر رمضان خلف الإمام، وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعات في المسجد على عهده صلى الله عليه وسلم ويقرهم، وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم.

وأما قول عمر: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكمًا بقول عمر الذي لم يخالف فيه؛ لقالوا: قول الصاحب ليس بحجة، فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!
ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة، فلا يعتقده إذا خالف الحديث.
فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب.


نعم، يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف، على إحدى الروايتين، فيفيدهم هذا حسن تلك البدعة، أما غيرها فلا.

ثم نقول: أكثر ما في هذا؛ تسمية عمر تلك: بدعة، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية، لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق.

وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي.
فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته أو دل عليه مطلقًا، ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة، الذي أخرجه أبو بكر - رضي الله عنه - فإذا عمل ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ.
كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: "إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف".
ثم ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة: ليس بدعة في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة.
فلفظ البدعة في اللغة أعم من لفظ البدعة في الشريعة.
وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» لم يرد به كل عمل مبتدأ، فإن دين الإسلام، بل كل دين جاءت به الرسل فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد: ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان كذلك: فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى؛ وقد قال لهم في الليلة الثالثة، أو الرابعة لما اجتمعوا: «إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن تفرض عليكم، فصلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة»، فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم.
فلما كان في عهد عمر - رضي الله عنه - جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض.
وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة.


وصار هذا كنفي عمر - رضي الله عنه - ليهود خيبر ونصارى نجران ونحوهما من أرض العرب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه، فقال: «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب»، وإنما لم ينفذه أبو بكر - رضي الله عنه - لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة، وبشروعه في قتال فارس والروم، وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم، فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة كما قال له اليهود: "كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم"، وكما جاءوا إلى علي - رضي الله عنه - في خلافته فأرادوا منه إعادتهم، وقالوا: "كتابك بخطك" فامتنع من ذلك؛ لأن ذلك الفعل كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان محدثًا بعده، ومغيرًا لما فعله هو صلى الله عليه وسلم.

قلت - العبد الفقير -: رحم الله تعالى شيخ الإسلام وأدخلنا وإياه الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. آمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t570
ذكر ما ثبت من الآثار في صيغ التكبير عقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق http://www.el-ghorba.com/forums/t588 Sat, 17 Jun 2023 06:15:54 +0300
فهذه نسخة مزيدة ومنقحة من مقالي: (ذكر ما ثبت من الآثار في صيغ التكبير عقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق).

١- فقد ثبت في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول:
(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).


رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه كلٌّ من:

١/١- الأسود بن يزيد النخعي، رواه عنه أبو إسحاق السبيعي، ورواه عن أبي إسحاق كلٌّ من:

١/١/١- سفيان الثوري، أخرجه الشافعي في الأم (٤٩٥/٨/الوفاء) (٣٥٥٤)، وابنُ المنذر في الأوسط (٢١٩٥) (٢١٩٩) ط.الفلاح، والمحامليُّ في صلاة العيدين (١٥٩) (١٦٠)، والطبرانيُّ في الكبير (٩٥٣٤)، وعلقه ابن حزم في المحلى (٩١/٥).

ولم يذكر الشافعيُّ، ولا المحامليُّ - في الثانية - ولا الطبرانيُّ فيه صيغةَ التكبير.

٢/١/١- أبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي، أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٣١٠/١)، وابنُ أبي شيبة في مصنفه (٥٦٧٩) (٥٦٩٨) ت.عوامة.

تنبيه:
جاءت صيغة التكبير في الجملة الأولى في بعض النسخ الخطية عند ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٧٩) ت.عوامة بتثليث التكبير، وقد أشارت طبعة الرشد (١٤/٣) (٥٦٧٦)، وطبعة إشبيليا (٢٠٩/٤) (٥٧٥١) إلى اختلاف النسخ الخطية في هذا الموضع.

قلت [البنهاوي]: وما جاء في بعض النسخ الخطية في هذا الموضع من تثليث التكبير إنما هو خطأ من أحد النسَّاخ للأسباب التالية:

١/٢/١/١- فقد كرر ابن أبي شيبة إخراج الأثر بنفس الإسناد في مصنفه في موضع آخر برقم (٥٦٩٨) ت.عوامة، وأحال متنه إلى مثل متن الحديث الذي قبله (٥٦٩٧) من رواية وكيع، عن الحسن بن صالح، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص الجشمي، عن ابن مسعود رضي الله عنه بتشفيع التكبير، وسيأتي تخريج أثر أبي الأحوص الجشمي بعد قليل.

٢/٢/١/١- متابعة محمد بن الحسن الشيباني لأبي بكر بن أبي شيبة متابعة تامة في شيخه أبي الأحوص الحنفي بتشفيع التكبير.

ومحمد بن الحسن بن فرقد أبو عبد الله الشيباني صاحب أبي حنيفة لينه النسائي، وغيره من قبل حفظه [ميزان الاعتدال (٧٣٧٤)].

وقال البرقاني في سؤالاته للدارقطني (٤٦٨):
سألته عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة؟.
فقال: قال يحيى بن مَعين: كذاب.
وقال فيه أحمد - يعني ابن حَنْبل - نحو هذا.
قال أبو الحسن: وعندي لا يستحق الترك.

(٤٦٩) وسمعته يقول:
محمد بن جابر وأيوب بن جابر أخوان ضعيفان متقاربان، قيل له: يتركان؟، قال: لا، يعتبر بهما.

(٥٦٧) سألته عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، فقال: هو أقوى من محمد بن الحسن.

وقال الدارقطني في سؤالات السلمي (٣٣٨):
أبو يوسفَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ، في حديثِهما ضَعفٌ.

قلت [البنهاوي]: فحديثه - على ضعفه - يصلح الاعتبار به في المتابعات والشواهد، كما ذكر ذلك الدارقطني، والله تعالى أعلم.

٣/٢/١/١- نقل الزيلعي في نصب الراية (٢٢٣/٢) عن ابن أبي شيبة الحديثَ سندًا ومتنًا بتشفيع التكبير من الموضع الأول الذي اختلفت فيه النسخ الخطية - وهو برقم (٥٦٧٩) ت.عوامة -، وجَوَّدَ الزيلعي إسناده في (٢٢٤/٢)، ثم نقل الزيلعي بعده وِلاءً الحديث الذي بعده في ترتيب المصنَّف برقم (٥٦٨٠) سندًا ومتنًا، وكذلك نقل الحديثَ رقم (٥٦٧٩) البدرُ العيني في البناية (١٣٠/٣) ط.العلمية، وابنُ الهمام في فتح القدير (٨٠/٢) ط.العلمية كلاهما كنقل الزيلعي سندًا ومتنًا بتشفيع التكبير.

٤/٢/١/١- نقل محقق مصنف ابن أبي شيبة - عوامة - في هامش (١٩٥/٤) عن حبيب الأعظمي ترجيحه أنه من سهو الناسخ، ووافقه المحقق عليه.
وقال الألباني في إرواء الغليل (١٢٦/٣): روى [المحاملي] أثر ابن مسعود ...... بتشفيع التكبير، وهو المعروف عنه.

٥/٢/١/١- جاء في النسخة الخطية لكتاب العيدين للمحاملي في الأثر (١٥٩) و(١٨٤) في نسخة فيض الله أفندي باسطنبول برقم (٢١٦٩) (ق/١٣-ب) تصحيح للناسخ على تشفيع التكبير.

٢/١- أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي، ورواه عنه كلٌّ من:

١/٢/١- أبي إسحاق السبيعي، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٩٧) ت. عوامة، والمحاملي في صلاة العيدين (١٨٣)، وابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (٥٠٨/١)، وابن قدامة المقدسي في فضل يوم التروية وعرفة (ق٦٧/ب) مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق برقم (١٠٣٩/عام) (٢٤٨/حديث).

قلت [البنهاوي]: وجاء في رواية ابن قدامة المقدسي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ فِي التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ)، ثُمَّ نَقُولُ: لِلَّهِ».

قلت [البنهاوي]: فجعلها من قول ابن مسعود رضي الله عنه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من فعلهم، وهو غريب، وآخر الرواية ليس بِبَيِّنٍ.

٢/٢/١- إبراهيم النخعي، رواه أبو يوسف في الآثار (٢٩٧) عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، به.

قلت [البنهاوي]: تفرد به أبو حنيفة فوصله موقوفًا، وقد خالفه شعبة بن الحجاج، فرواه عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً دون ذكر أبي الأحوص الجشمي كما سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في مرسل إبراهيم النخعي.

قلت [البنهاوي]: ومدار طريقي الأسود بن يزيد النخعي، وأبي الأحوص الجشمي على أبي إسحاق السبيعي، رواه أبو إسحاق عنهما عن ابن مسعود رضي الله عنه.

وأبو إسحاق مدلس إلا أنه صرح بالتحديث عند الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (٥٦١٦)، ولكن لم يسم من حدثه، فقال: (حدثنا أصحاب عبد الله، عن عبد الله)، وهو عند الطبراني في نسخة المعجم الكبير المطبوعة برقم (٩٥٣٨) ولكن بعنعنة، وليس فيه التصريح بالتحديث، وعلى أي حال فهو متابع كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

٣/١- عمير بن سعيد النخعي، رواه عنه أبو جناب الكلبي، يحيى بن أبي حَيَّة، ضعَّفُوه لِكَثْرةِ تَدْلِيسه، من السادسة، د ت ق، التقريب (٧٥٣٧)، ورواه عن أبي جناب كلٌّ من:

١/٣/١- عبد الله بن المبارك، أخرجه البيهفي في الخلافيات (٢٩٣٩)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي وحده.

٢/٣/١- وكيع بن الجراح، رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٧٨) ت.عوامة، وأخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٥٧)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي وحده.

٣/٣/١- هشيم بن بشير، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٣٨)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي وحده.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (٤٤٠/١) (١١١٥)، والبيهقي في الخلافيات (٢٩٣٨)، عن أبي جناب، عن عمير، ابن مسعود وحده.

قلت [البنهاوي]: وقد ورد في رواية الطبراني: «كان يكبر من صلاة الضحى يوم عرفة...»، والذي يترجح عندي أنه خطأ من الناسخ، وليس خطأ في الرواية، فإنه بعيد.

قلت [البنهاوي]: وقد استشكل البيهقي رواية هشيم والاختلاف عليه في تعيين الصحابي، فقال: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا الرِّوَايَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: (إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ النَّحْرِ)، وَهَذَا عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه -، فَدَخَلَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ في قَوْلِ عَلِيٍّ - رضي الله عنهما - وَسَقَطَ مِنَ الْأَصْلِ شَيْءٌ.

قلت [البنهاوي]: وما استشكله البيهقي صحيح، وأن في أصل الرواية سقطًا.
ويوضح هذا السقط رواية أبي معاوية محمد بن خازم الضرير التالية عند المحاملي
.

٤/٣/١- محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٤)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما، فقال المحاملي:
حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن أبي جناب الكلبي، عن عمير بن سعيد، قال:
«كان عبد الله يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ثم يقطع، ثم قدم علينا عليٌ رضي الله عنه بعده، فكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ثم يقطع».
قال عمير: وقول علي رضي الله عنه أحب إلي أن آخذ به؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان استعمله على الحج
.

قلت [البنهاوي]: والذي يترجح عندي أن أبا معاوية في رواية المحاملي هو محمد بن خازم الضرير، وليس هشيم بن بشير، وإن كان كلاهما كنيته أبا معاوية.

ويرجح أن أبا معاوية هو محمد بن خازم الضرير ما رواه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٥)، فقال:
ثنا يعقوب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ثم يقطع فيما يستقبل.

قلت [البنهاوي]: فرواية أبي معاوية الضرير عن الأعمش أكثر وأشهر من رواية هشيم عن الأعمش كما في تهذيب الكمال (٨٢/١٢)، فرمز لرواية الأول عن الأعمش برمز الجماعة (ع)، ولرواية الثاني برمز مسلم فقط (م).

٥/٣/١- محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٣٠٩/١)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي بن أبي طالب وابن مسعود.

قلت [البنهاوي]: ولم يذكر صيغة التكبير في رواية أبي جناب إلا عبد الله بن المبارك، ومحمد بن الحسن الشيباني.

وعزاه الهندي في كنز العمال (١٢٧٥٤) لابن أبي الدنيا في الأضاحي، عن علي وحده وفيه صيغة التكبير.

وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٥٥٦/١) لابن أبي الدنيا، عن ابن مسعود وحده وليس فيه صيغة التكبير.

قلت [البنهاوي]: ومحمد بن الحسن الشيباني ضعيف يكتب حديثه ويعتبر به، كما مر الكلام فيه في تخريج رواية أبي الأحوص الحنفي، عن أبي إسحاق، عن الأسود.

وقد تابع أبو معاوية الضرير محمدَ بن الحسن الشيباني على رواية الأثر عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود رضي الله عنهما، وفي رواية أبي معاوية قصة يترجح بها ذلك، وأصل رواية هشيم فيها رواية الأثر عنهما ولكن وقع سقط في الأصل كما ذكر ذلك البيهقي.

وقد تابع ابنُ المبارك محمدَ بن الحسن الشيباني في ذكر صيغة التكبير وإن اختلف تعيين الصحابي.

والذي يترجح عندي أن الحمل في الاختلاف فيه على أبي جناب، ولكن يبقى الأثر - وإن كان ضعيفًا - صالحًا للاعتبار به في المتابعات والشواهد، ويصلح متابعة لرواية أبي إسحاق، عن الأسود وأبي الأحوص، عن ابن مسعود الماضية، ويصلح متابعة لرواية أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب كما سيأتي في تخريج أثر علي إن شاء الله تعالى.

فإن أعلَّ أحدٌ الأثر باضطراب أبي جناب في تعيين صحابيِّه، وأن الأثر لا يصلح متابعة لا لهذا ولا لذاك للاضطراب في تعيين صحابيِّه؛ فالرد على هذا؛ أن رواية أبي معاوية الضرير عن أبي جناب فيها خبر توقيت تكبير ابن مسعود، ثم قصة قدوم علي بن أبي طالب وخبر توقيت تكبيره، وترجيح عمير لقول علي على قول ابن مسعود، ففي الأثر قصة تدل على أن الخبر محفوظ عنهما جميعًا وأن الراوي عنهما رجح بينهما، ويؤيد هذا متابعةُ محمد بن الحسن الشيباني لأبي معاوية في رواية الأثر عن أبي جناب، عن عمير، عنهما جميعًا.

فإن سلَّم المعترض بذلك في خبر توقيت التكبير بين علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما، ولكن أعلَّه بالاضطراب في تعيين صحابيِّه في صيغة التكبير، فالرد على هذا؛ أن هذا ليس من الاضطراب الموجب للضعف لإمكان الترجيح بين الروايات.

قال العراقي في ألفيته:
٢٠٩ - مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا ... مُخْتَلِفًا مِنْ وَاحِدٍ فَأزْيَدَا

٢١٠ - في مَتْنٍ اِوْ في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ ... فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ، أَمَّا إِنْ رَجَحْ

٢١١ - بَعْضُ الوُجُوْهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا ... وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا

٢١٢ - كَالخَطِّ للسُّتْرَةِ جَمُّ الخُلْفِ ... والاضْطِرَابُ مُوْجِبٌ للضَّعْفِ

قلت [البنهاوي]: فرواية ابن المبارك أرجح من رواية محمد بن الحسن الشيباني - عند التعارض -، فيبقى الأثر صالحًا للاعتبار به في أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في توقيت التكبير وفي صيغة التكبير، فكيف إذا لم يكن ثَمَّ تعارض، فقد تابع أبو معاوية الضرير محمدَ بن الحسن في ذكر الحديث عن علي وابن مسعود جميعًا.

٤/١- إبراهيم النخعي مرسلاً، رواه عنه كلٌّ من:

١/٤/١- مُحِل بن محرز الضبي، واختلف عليه فيه، فرواه:

١/١/٤/١- سفيان الثوري، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٣).

٢/١/٤/١- وكيع بن الجراح، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٧).

٣/١/٤/١- محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٣٠٨/١).

ولم يختلفوا في روايته عنه، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً.

٤/١/٤/١- يحيى بن عبد الحميد الحماني، عنه، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، تفرد بوصله عن علقمة، عن ابن مسعود، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٠)، ثم قال بعده: هكذا رواه محل، عن إبراهيم، وقد خولف.

قلت [البنهاوي]: فجعل الطبرانيُّ الحملَ فيه على مُحِل، وليس كذلك، بل الحمل فيه على يحيى بن عبد الحميد الحماني، فهو ضعيف يعتبر به، تحرير تقريب التهذيب (٧٥٩١)، وقد خالف فيه من هو أوثق منه ضبطًا وعددًا.

٢/٤/١- سليمان بن مهران الأعمش، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٥).

٣/٤/١- الحكم بن عتيبة، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٦).

٤/٤/١- حماد بن أبي سليمان، واختلف عليه فيه، فرواه:

١/٤/٤/١- شعبة، عن الحكم وحماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً، أخرجه الطبراني في الكبير (٩٥٣٧)، وفي فضل عشر ذي الحجة (٤٤)، وأخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٨) عن شعبة، عن حماد - وحده -، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً.

٢/٤/٤/١- أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، به.

قلت [البنهاوي]: وقد سبقت الإشارة في تخريج أثر أبي الأحوص الجشمي إلى تفرد أبي حنيفة بوصله، ومخالفته لمن هم أوثق منه ضبطًا وعددًا، فالصحيح عن حماد بن أبي سليمان رواية شعبة.

٥/٤/١- منصور بن المعتمر، واختلف عليه فيه، فرواه عنه:

١/٥/٤/١- سفيان الثوري، رواه عنه، عن إبراهيم، يزيد بن أوس، عن علقمة مقطوعًا.
أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير (السفر الثالث) (٩٩/٣)، والمحاملي في صلاة العيدين (١٦١)، ويحيى الشجري في أماليه الخميسية (٧٠/٢)، وزاد الشجري فيه سؤالَ منصور لإبراهيم عن صيغة التكبير، وهذا السؤال عند المحاملي في صلاة العيدين (١٨٦) بنفس إسناده الأول (١٦١) فكأنه أثر واحد فرَّقه، والله أعلم، وجاءت صيغة التكبير بإفراد التكبير في الجملة الثانية عندهما.

٢/٥/٤/١- عبيدة بن حميد، رواه عنه، عن إبراهيم، عن علقمة بلا واسطة.
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٩٥) ت. عوامة، ولم يذكر صيغة التكبير.

قلت [البنهاوي]: وعبيدة صدوق ربما أخطأ، التقريب (٤٤٤٠)، وخالفه فيه سفيان الثوري وهو ثقة حافظ إمام حجة، التقريب (٢٤٥٨)، فالصحيح عن منصور رواية سفيان.

قال ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير (السفر الثالث) (١٢٤/٣):
٤٠٨٩- سَمِعْتُ يحيى بن مَعِيْن يقول: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ مَنْصُورٍ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.

قلت [البنهاوي]: ويزيد بن أوس تفرد إبراهيم بالرواية عنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان، تحرير التقريب (٧٦٩٢).

٣/٥/٤/١- جرير بن عبد الحميد، رواه عنه، عن إبراهيم، عن أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه مقطوعًا عليهم بلا تعيين.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٩٦)، والمحاملي في العيدين (١٨٥)، وفيه عندهما:
كانوا يوم عرفة - زاد المحاملي: ويوم النحر أو الغد - يقول أحدهم وهو مستقبل القبلة في دبر الصلاة: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ)، - ثم زاد المحاملي: - قبل أن ينحرف.

٦/٤/١- المغيرة بن مقسم الضبي، رواه شعبة، عنه، عن إبراهيم مقطوعًا عليه ولم يذكر فيه صيغة التكبير، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٨٠).

٥/١- أبي إسحاق السبيعي، عن علي بن ابي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما مرسلاً، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٩٩) ت. عوامة، والمحاملي في صلاة العيدين (١٨٤).

قلت [البنهاوي]: وقد عزا السيوطي في الدر المنثور (٤٦٨/١) - صيغة التكبير هذه عن ابن مسعود رضي الله عنه - لسعيد بن منصور والقاضي المروزي.

قلت [البنهاوي]: وقد سأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه في مسائله (٤٧٠) (ص١٢٨) عن التكبير في العيدين، فقال أحمد: حديث ابن مسعود هو أرفعها.
وجوَّد إسناده الزيلعي في نصب الراية (٢٢٤/٢).
وصححه الألباني في إرواء الغليل (١٢٥/٣).

٢- وثبت في صيغة التكبير عقب الصلوات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقول:
(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).


رواه عن علي بن أبي طالب كلٌّ من:

١/٢- عمير بن سعيد النخعي، رواه عنه أبو جناب الكلبي، يحيى بن أبي حَيَّة، ضعَّفُوه لِكَثْرةِ تَدْلِيسه، من السادسة، د ت ق، التقريب (٧٥٣٧)، ورواه عن أبي جناب كلٌّ من:

١/١/٢- عبد الله بن المبارك، أخرجه البيهفي في الخلافيات (٢٩٣٩)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي وحده.

٢/١/٢- محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٣٠٩/١)، عن أبي جناب، عن عمير، عن علي بن أبي طالب وابن مسعود.

قلت [البنهاوي]: وقد سبق تخريج طريق عمير بن سعيد النخغي في تخريج أثر ابن مسعود رضي الله عنه، مع بيان صلاحيته للاعتبار به في المتابعات والشواهد، والرد على من أعلَّه بالاضطراب في تعيين صحابيِّه، فليراجع هنالك، وهو أثر حسن بغيره، يشهد له طريق الحارث بن عبد الله الأعور التالي.

٢/٢- الحارث ين عبد الله الأعور الهمداني، رواه عنه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عليه فيه، فرواه:

١/٢/٣- سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي به، رواه عبد الرزاق دون ذكر صيغة التكبير كما نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (١٧٢/١٣/قلعجي)، وأخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٣٦).

٢/٢/٣- إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي به، أخرجه أبو جعفر بن البختري في أماليه (٢٣٦).

٣/٢/٣- الحجاج بن أرطأة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي به، أخرجه ابن المنذر (٢٢٠٠)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٣٩).

قلت [البنهاوي]: وهذا من أوهام الحجاج بن أرطأة فهو صدوق كثير الخطأ - التقريب (١١١٩) -، وقد خالف من هو أوثق منه ضبطًا وعددًا، وهما سفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وكل من أخرج الأثر من طريق الحارث أو طريق عاصم رواه بإفراد التكبير في الجملة الثانية إلا ابن المنذر فرواه بتشفيع التكبير.

فالأثر مداره على الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني وهو ضعيف - التقريب (١٠٢٩) -، وهذا إسناد حسن لغيره يشهد لأثر عمير بن سعيد النخغي، وبهما تثبت صيغة التكبير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بتشفيع التكبير في الجملتين كما في رواية عمير بن سعيد والتي يشهد لها ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه.

قلت [البنهاوي]: وقد اختار أبو حنيفة التكبير بالصيغة المروية عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

قال محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٣٠٨/١):
قَالَ أَبُو حنيفَة - رَضِي الله عَنهُ -: التَّكْبِير خلف الصَّلَوَات فِي أَيَّام التَّشْرِيق أَن يكبر الإِمَام وَالنَّاس: (الله اكبر الله اكبر لَا اله إِلَّا الله، وَالله اكبر الله اكبر وَللَّه الْحَمد).

وجاء في الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني (٥/١/قطر):

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أبو سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن، قال: قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعًا.

وقال في (٣٢٥/١):
قلت: فكيف التكبير؟.
قال: إذا سلم الإمام قال: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود.

قلت [البنهاوي]: وقد اختار مالكٌ - في رواية عنه - التكبير بالصيغة المروية عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

قال ابن عبد الحكم في المختصر الكبير (ص٨١):
عن مالك - في التكبير دبر الصلوات -: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

وقال ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (٥٠٦/١):
وفي (المختصر): عن مالك: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
وقاله أشهب، وفي موضع آخر أنه رواه عن مالك.

قال أبو القاسم ابن الجَلَّاب المالكي في كتابه التفريع في فقه الإمام مالك (٨٤:٨٣/١):
ولفظ التكبير: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، وذلك ست كلمات إن اقتصر على ثلاث تكبيرات متواليات أجزأه، والأول أفضل.

قلت [البنهاوي]: وقد اختار الشافعي - في رواية عنه - التكبير بالصيغة المروية عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

فقال الشافعي في مختصر البويطي (ص١٨٠/برقم٣٨٨/الجامعة الإسلامية):
والتكبير خلف الصلوات: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

قلت [البنهاوي]: تنبيه:
جاء النص عن الشافعي في إحدى النسخ الخطية لمختصر البويطي - كما أشار المحقق في مقدمته بوضعها بين معكوفتين - في مكتبة أحمد الثالث باستنبول برقم (١٠٧٨) كالتالي:
والتكبير خلف الصلوات: (الله أكبر الله أكبر، [ثلاثًا] لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) [ثلاثا، فإن زاد ... فحسن].

قلت [البنهاوي]: وهذه الزيادات ليست في نسخة مكتبة مراد ملا بتركيا برقم (١١٨٩) في (ق١٩/ب)، وهي أصل التحقيق كما أشار المحقق لذلك.

قلت [البنهاوي]: والصحيح أن هذه الزيادات ليست من مختصر البويطي، وإنما هي رواية عن الشافعي رواها عنه غير البويطي
.

قال النووي في المجموع (٣٩/٥) - وما بين المعكوفتين من كلامي [البنهاوي] للتوضيح -:

صفة التكبير المستحبة: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر).

هذا هو المشهور من نصوص الشافعي في الأم، والمختصر [للمزني]، وغيرهما، وبه قطع الأصحاب.

وحكى صاحب التتمة [أبو سعد المتولي] وغيره قولاً قديمًا للشافعي أنه يكبر مرتين، ويقول: (الله أكبر، الله أكبر).

والصواب الأول: ثلاثًا [وهي الزيادة الأولى في النسخة الخطية على مختصر البويطي] نسقًا.

قال الشافعي في المختصر [للمزني]: وما زاد من ذكر الله فحسن. [وهي الزيادة الثانية في النسخة الخطية على مختصر البويطي] .......

قال صاحب الشامل [أبو نصر بن الصباغ]: والذي يقوله الناس لا بأس به أيضًا، وهو: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

وهذا الذي قاله صاحب الشامل نقله البندنيجي [أبو علي البغدادي] وصاحب البحر [أبو المحاسن الروياني] عن نص الشافعي في البويطي.

قال البندنيجي: وهذا هو الذي ينبغي أن يعمل به، قال: وعليه الناس.

وقال صاحب البحر: والعمل عليه.

ورأيته أنا [النووي] في موضعين من البويطي، لكنه جعل التكبير أولاً مرتين. انتهى كلام النووي باختصار.

قلت [البنهاوي]: فتبين بذلك خطأ هذه الزيادات في تلك النسخة الخطية لمختصر البويطي.

والحمد لله رب العالمين.

قلت [البنهاوي]: وقد اختار أحمد التكبير بالصيغة المروية عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

فقد سأل أبو داود السجستاني أحمد في مسائله (٤٢٩):
قلت لأحمد: كيف التكبير؟.
قال: كتكبير ابن مسعود.
- يعني: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) -.
قال أحمد - هكذا!، ولعل الصواب: قيل لأحمد -: يروون عن ابن عمر: يكبر ثلاثًا: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر).
قال أحمد: كبر تكبير ابن مسعود
.

قلت [البنهاوي]: فالعمل بما اجتمع عليه قول أئمة الفقه في مسألةٍ فقهيةٍ ما لهو أرجح وأفضل وخير من العمل بما ذهب إليه أحدهم أو بعضهم.

٣- وثبت في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول:
(الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)
.

روى صيغة التكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما كلٌّ من:

١/٣- أبو مِجْلَز البصري لاحق بن حميد، روى صيغة التكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول حين وقف بعرفة: «اللَّهُ أَكْبَرُ⦘وَلله الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي بِالْهُدَى، وَوَفِّقْنِي بِالتَّقْوَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى»، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٤٩٢٤)، وأبو داود في مسائله لأحمد (٧٠٦).

٢/٣- نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما، ورواه عن نافع كلٌّ من:

١/٢/٣- عبد الله بن عمر العمري، رواه عنه كل من:

١/١/٢/٣- وكيع بن الجراح، رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٨٦/عوامة)، وأخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٧٣)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٣٩/تركي).

٢/١/٢/٣- عبد الله بن نافع المخزومي الصائغ، أخرجه الدارقطني في سننه (١٧٣٩)، والبيهقي في الخلافيات (٢٩٢٥).

٣/١/٢/٣- محمد بن عمر الواقدي، أخرجه الدارقطني في سننه (١٧٤٢)، والبيهقي في الخلافيات (٢٩٢٩)، والواقدي متروك - التقريب (٦٢١٥) -.

٤/١/٢/٣- حماد بن سلمة، أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢١٩٦) و(٢٢٠٢) ط. الفلاح.

قلت [البنهاوي]: كذا في طبعتي الأوسط لابن المنذر في الموضعين، وهو خطأ، والصحيح: حماد، عن عبيد الله بن عمر - المصغر -، كما قاله أبو داود في سؤالات الآجري (٥٩٠/ط.الجامعة الإسلامية)، (٩٤١/ط.الاستقامة)، وكما رواه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٥)، عن علي بن عبد العزيز البغوي - وهو شيخ ابن المنذر الذي يروي عنه نفس الأثر -، عن الحجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر به، فتابع الطبرانيُّ فيه ابنَ المنذر متابعة تامة في شيخه.
وعبيد الله - المصغر - من شيوخ حماد بن سلمة، وأما عبد الله - المكبر - فليس من شيوخ حماد، كما في ترجمة حماد بن سلمة في تهذيب الكمال (٢٥٣/٧).

قلت [البنهاوي]: وكل من رواه عن عبد الله بن عمر العمري لم يرو فيه صيغة التكبير إلا في الموضع الثاني من ابن المنذر، وقد بَيَّنتُ أنها رواية عبيد الله - المصغر - وليست رواية عبد الله - المكبر -.

٢/٢/٣- عبيد الله بن عمر، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٥).

قلت [البنهاوي]: وقد أشار أبو داود السجستاني إلى صحة رواية حماد، عن عبيد الله كما في سؤالات أبي عبيد الآجري (٥٩٠/ط.الجامعة الإسلامية).

قلت [البنهاوي]: وقد ورد التكبير عند الطبراني في أوله شفعًا، وهو خطأ، والصحيح: ثلاثًا، كما في رواية ابن المنذر، وكما سيأتي من متابعة ابن أبي روَّاد لعبيد الله.

٣/٢/٣- عبد العزيز بن أبي روَّاد، صدوق ربما وهم - التقريب (٤١٢٤) -، رواه عنه عبد الرزاق كما نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (١٧٢/١٣/قلعجي):
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أخبرنا بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَرَاءَ الصَّلَوَاتِ بمنى، وَيَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ورواه عنه أيضًا عبد الرزاق كما نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (٢٢٥/١٢/قلعجي):
قال عبد الرزاق: وأخبرنا بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَا يَقُولُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إلا الله.

٤/٢/٣- عبد العزيز بن جريج، رواه عن نافع، عن ابن عمر في التكبير في أيام منى خلف الصلوات دون ذكر صيغة التكبير، علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم قبل (٩٧٠)، وأخرجه أبو داود في مسائله لأحمد (٧٩٩)، والفاكهي في أخبار مكة (٢٦٠/٤)، وابن المنذر في الأوسط (٢١٩٠/الفلاح).

وكذلك أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٢٣٠/٢) من رواية ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر وذكر فيها صيغة التكبير ولكن عند الرقي على الصفا والمروة أنه كان يكبّر ثلاثًا، ثم يقول: (لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، ثم يدعو طويلا موافقة لما أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قلت [البنهاوي]: وقد اختار مالكٌ - في رواية عنه - التكبير ثلاثًا كما في المدونة الكبرى (٢٤٩:٢٤٨/١)، وكذلك الشافعي - في رواية عنه - كما في الأم (٥٢٠/٢/الوفاء).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢٠/٢٤):
وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ الْمَنْقُولِ عِنْدَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ - قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ).

وَإِنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا جَازَ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَقَطْ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

٤- وثبت في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول:
(الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا)
.

رواه عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما كلٌّ من:

١/٤- خصيف بن عبد الرحمن الجزري - صدوق سيء الحفظ، التقريب (١٧٢٨) -، ورواه عن خصيف كلٌّ من:

١/١/٤- مروان بن شجاع الخصيفي - صدوق له أوهام، التقريب (٦٦١٥) -، أخرجه المحاملي في صلاة العيدين (١٦٩)، وتفرد فيه، فقال: (يكبر ....... في دبر الصلاة ثلاث تكبيرات .......).

٢/١/٤- عتَّاب بن بشير، أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢١٩٧/الفلاح) دون ذكر عدد التكبيرات.

٣/١/٤- إسرائيل بن يونس السبيعي، قاله الدارقطني كما في الأمالي الخميسية (١٠٦/٢).

٤/١/٤- شريك بن عبد الله النخعي، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥٦٨٥/عوامة)، والمحاملي في صلاة العيدين (١٧٠)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٨)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٤٠/تركي).

قلت [البنهاوي]: ولم يرد ذكر صيغة التكبير أو عددها في رواية خصيف عن عكرمة إلا ما رواه مروان الخصيفي عن خصيف في ذكر عدد التكبيرات بثلاث، وهو من أوهام مروان، والله أعلم.

٢/٤- داود بن محصن، وورد فيه ذكر عدد التكبيرات بثلاث، أخرجه الدارقطني في سننه (١٧٤٦)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (٧٠٠٨) (١١٠/٥)، ولكن فيه الواقدي، وهو متروك، التقريب (٦٢١٥).

٣/٤- أبو بكار الحكم بن فروخ الغزَّال - ثقة، التقريب (١٤٥٧) -، ورواه عن الحكم كلٌّ من:

١/٣/٤- يحيى بن سعيد القطان، ورواه عنه كلٌّ من:

١/١/٣/٤- أبو بكر بن أبي شيبة، رواه عنه في مصنفه (٢٦٩٢) (٥٧٠١)، وأخرجه ابن المنذر من طريقه في الأوسط (٢١٩٣)، ولفظه:
(الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد).
وأخرجه ابن المنذر من طريق ابن أبي شيبة أيضًا في الأوسط (٢٢٠١)، ولكن لفظه:
(الله أكبر الله أكبر كبيرًا، الله أكبر تكبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد).

قلت [البنهاوي]: والصحيح من رواية ابن أبي شيبة هي الرواية الأولى، والثانية لا تصح عنه.

قلت [البنهاوي]: وقد خالف ابنَ أبي شيبة كلُّ من رواه عن يحيى بن سعيد القطان في ترتيب كلماته وزادوا عليه ما لم يروه.

٢/١/٣/٤- يعقوب بن إبراهيم الدورقي، رواه عنه المحاملي في صلاة العيدين (١٧٢)، وأخرجه يحيى الشجري في أماليه الخميسية (١٦٠/٢) من طريق ابن صاعد، وعبد الكريم الدقاق، والمحاملي،عن يعقوب الدورقي به، وليس فيه صيغة التكبير، وصيغة التكبير كما في صلاة العيدين:
(الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).

قلت [البنهاوي]: وهذا لفظ صيغة التكبير المحفوظ عن يحيى بن سعيد القطان.

٣/١/٣/٤- مسدد بن مسرهد، رواه عنه في مسنده (١٥٩١/إتحاف الخيرة للبوصيري/ط.الوطن)، و(٧٥٧/المطالب العالية)، ولفظه كما عند البوصيري:
(الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).

قلت [البنهاوي]: فقد تابع مسددٌ الدورقيَّ في لفظه وترتيب كلماته، إلا في زيادة: كبيرًا ثلاثًا، ومتابعة ابن أبي شيبة للدروقي في تشفيع (كبيرًا) تشهد لصحة رواية الدورقي وخطأ ما جاء في رواية مسدد.

٤/١/٣/٤- بندار محمد بن بشار، أخرجه البيهقي في الكبرى (٦٣٥٢/تركي) والخلافيات (٢٩٤٦)، ولفظه:
(الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).
قال البيهقي بعده: كَذا أخبَرَناه مِن كِتابِه ثَلاثًا نَسَقًا.
قلت [البنهاوي]: رواه البيهقي، عن أبي بكر بن الحارث الفقيه، عن ابي الشيخ الأصبهاني، عن محمد بن يحيى بن صاعد، عن بندار به.
وأبو بكر بن الحارث هو أحمد بن محمَّد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث الفقيه أبو بكر التميمي الأصبهاني الزاهد المقرئ النحوي المحدث نزيل نيسابور راوي سنن الدارقطني، وهو ثقة حافظ فقيه، السلسبيل النقي (٢٢)، وإتحاف المرتقي (٢١).

قلت [البنهاوي]: وفي هذه الرواية سقطت كلمة (كبيرًا) من بين كلمات التكبير، فالصحيح أنها ليست ثلاث تكبيرات نسقًا، وأن الصحيح ما جاءت به رواية ابن أبي شيبة والدورقي ومسدد، فتكون: (الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).

قلت [البنهاوي]: فتكون بذلك رواية بندار موافقة لرواية الدورقي ومسدد في لفظ صيغة التكبير وترتيب كلماته.

٥/١/٣/٤- أحمد بن حنبل، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤١)، والحاكم في المستدرك (١١١٤) (٤٤٠/١)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٤٧/تركي)، وفي فضائل الأوقات (٢٢٤)، وفي الخلافيات (٢٩٣٧)، وصيغة التكبير أخرجها الطبراني فقط، وهي:
(الله أكبر الله أكبر كبيرًا [قال المحقق: في الأصل: تكبيرًا]، الله أكبر، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).

قلت [البنهاوي]: ولا أدري ممن هذا الخطأ، وعلى أي تقدير؛ فاتفاق رواية الجماعة أضبط وأثبت.

٦/١/٣/٤- ابن راهويه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخرجه الدولابي في الكنى والأسماء (٦٨٧)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٤٨و٦٣٤٩/تركي)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٥٢:٥١/٢)، وفي موضح الجمع والتفريق (٤٤٦/١)، وفي تالي تلخيص المتشابه (٤١٣/٢)، ويحيى الشجري في أماليه الخميسية (١٦٠/٢)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٢٣/٨)، وابن العديم في بغية الطلب (١٣٨٧/٣)، وذكر توقيت التكبير فقط، ولم يذكر صيغة التكبير.

٢/٣/٤- أبو عبيدة الحداد البصري عبد الواحد بن واصل السدوسي، رواه عن أبي بكار الغزال به، أخرجه المحاملي في العيدين (١٧١)، و(١٨٢) ونقل ابن حجر إسناده في تهذيب التهذيب (٤٣٧/٢) عن المحاملي دون لفظه، وصيغة التكبير عند المحاملي في الثانية فقط، وهي:
(الله أكبر كبيرًا، الله أكبر تكبيرًا، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا).

قلت [البنهاوي]: وقد وافق أبو عبيدة يحيى بنَ سعيد القطان في لفظ صيغة التكبير وترتيب كلماته إلا في كلمة (كبيرًا) الثانية، فرواها أبو عبيدة (تكبيرًا).

قلت [البنهاوي]: والصحيح من لفظ صيغة التكبير عن الحكم بن فروخ هو رواية يحيى بن سعيد القطان.

ويحيى بن سعيد القطان أجل من أن يقارن بأبي عبيدة الحداد، فقد قال أحمد بن حنبل في يحيى كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢٤٦/١)، و(١٥٠/٩):
يحيى بن سعيد أثبت من هؤلاء - يعني من وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وأبي نعيم -، وقد روى يحيى عن خمسين شيخًا ممن روى عنهم سفيان.

وقال أحمد في أبي عبيدة كما في مسائل الأثرم (٤)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢٤/٦):
أبو عبيدة الحداد لم يكن صاحب حفظ، وكان كتابه صحيحًا.

علقه البغوي في شرح السنة (١٤٦/٧)، فقال:
وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عَقِيبَ صَلاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ، يَقُولُ:
(اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَللَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَدَانَا).

وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤٦٨/١) للقاضي أبو بكر المروزي في العيدين، ولفظه:
عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكبر:
(الله أكبر كَبِيرًا، الله أكبر كَبِيرًا، الله أكبر وَللَّه الْحَمد، الله أكبر وَأجل، على مَا هدَانَا).

وقد نقل ابن المنذر في الأوسط (٢٨٨/٤/الفلاح) أن قتادة والأوزاعي كان يكبران بشيء من صيغة تكبير ابن عباس رضي الله عنهما.
وكذلك نُسِبَ إلى الأوزاعي ذلك كما في مسائل أبي داود لأحمد (٤٣٥)، وقال أحمد في التكبير بهذه الصيغة أو بشيء منها: هذا واسع.

وقد كنت قلتُ [البنهاوي] قبلُ في اختلاف الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما في صيغة التكبير:
فهذا الاختلاف في صيغة التكبير اختلاف كبير بما قد يقال فيه: إن لفظه مضطرب وغير محفوظ، والله أعلم.

قلت [البنهاوي]: وهذا مني ليس بجيد، بل هذا ليس من الاضطراب الموجب للضعف لإمكان الترجيح بين الروايات، كما مرَّ نقله عن العراقي قال في ألفيته:
٢٠٩ - مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا ... مُخْتَلِفًا مِنْ وَاحِدٍ فَأزْيَدَا

٢١٠ - في مَتْنٍ اِوْ في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ ... فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ، أَمَّا إِنْ رَجَحْ

٢١١ - بَعْضُ الوُجُوْهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا ... وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا

٢١٢ - كَالخَطِّ للسُّتْرَةِ جَمُّ الخُلْفِ ... والاضْطِرَابُ مُوْجِبٌ للضَّعْفِ

قلت [البنهاوي]: ورواية يحيى بن سعيد القطان، عن أبي بكار الحكم بن فروخ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما هي أرجح الروايات كما مرَّ بيانه.

وصحح إسناده عنه - في التوقيت دون الصيغة - أحمد بن حنبل كما نقله عنه ابن رجب في فتح الباري (٢٢/٩)، وكذلك الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٨).

وصحح إسناده الألباني في الإرواء (١٢٦/٣).

٥- وروي في صيغة التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول:
(الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
أخرجه الدارقطني في سننه (١٧٣٧:١٧٣٥)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٥٠).

وروي عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر رضي الله عنهما من نفس الطريق.

ومدار هذا الحديث على عمرو بن شمر الجعفي الرافضي، وهو متروك كذبه واتهمه بالوضع غير واحد - لسان الميزان (٢١٠/٦) -.

وضعف الحديثَ البيهقيُّ في الكبرى (٦٣٥٠)، والذهبيُّ في تلخيص المستدرك (١١١١)، وابنُ كثير في تفسيره (٢٦٨/٢)، وابنُ رجب في فتح الباري (٢٦/٩)، وابنُ حجر في الدراية (٢٢٣/١)، والألبانيُّ في الضعيفة (٥٥٧٨).


٦- وورد في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ما رواه عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، ورواه عن عاصم كلٌّ من:

١/٦- عبد الله بن المبارك، أخرجه في كتابه الزهد (٩٤٣) في باب: (ذكر رحمة الله تبارك وتعالى وجل وعلا).
كَانَ سَلْمَانُ يَقُولُ لَنَا: قُولُوا:
(اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ أَعْلَى وَأَجَلُّ أَنْ تَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا، أَوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا).
قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَتُكْتَبَنَّ هَؤُلَاءِ، وَاللَّهِ لَا تُتْرَكُ هَاتَانِ، وَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ هَؤُلَاءِ شُفَعَاءَ صِدْقٍ لِهَاتَيْنِ».

٢/٦- معمر بن راشد، أخرجه في كتابه الجامع (٢٠٥٨١)، في باب: (ذكر الله)، وأخرجه من طريقه البيهقيُّ في الكبرى (٦٣٥٤/تركي) في كتاب العيدين، باب: (كيف التكبير)، وفي الخلافيات (٢٩٤٧) في كتاب العيدين، مسألة: (التكبير عندنا ثلاثًا نسقًا)، وفي فضائل الأوقات (٢٢٧) في باب: (فضل أيام التشريق).
كَانَ سَلْمَانُ يُعَلِّمُنَا التَّكْبِيرَ، يَقُولُ: كَبِّرُوا اللَّهَ:
(اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَر، مِرَارًا، اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ صَاحِبَةٌ، أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلَدٌ، أَوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا).
ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ لَتُكْتَبَنَّ هَذِهِ، وَلَا تُتْرَكُ هَاتَانِ، وَلَيَكُونَنَّ هَذَا شُفَعَاءَ صِدْقٍ لِهَاتَيْنِ».

قال ابن حجر في فتح الباري (٤٦٢/٢): وأما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال: كبروا؛ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا.

قلت [البنهاوي]: ولا أعلم أحدًا من المتقدمين ترجم لأثر سلمان رضي الله عنه بكيفية التكبير في أيام العيد أو يوم عرفة أو أيام التشريق إلا البيهقي، أما ابن المبارك ومعمر فجعلا الأثر في تبويبهما له من الذكر المطلق - كما مرَّ نقله عنهما -.

فالراجح أن هذا التكبير الوارد عن سلمان رضي الله عنه من الذكر المطلق، وليس من التكبير المخصوص بعقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة والنحر وأيام التشريق، والله أعلم
.

٧- وورد في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول:
(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

رواه الحجاج بن أرطأة، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورواه عن الحجاج كلٌّ من:

١/٧- أبو عوانة اليشكري، ورواه عن أبي عوانة كل من:

١/١/٧- أبو بكر بن أبي شيبة رواه في مصنفه (٥٦٨١/عوامة).

٢/١/٧- الحجاج بن المنهال، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٣)، وجاء فيه تعيين عطاء فيه بأنه ابن أبي رباح.

٢/٧- شعبة بن الحجاج، ورواه عن شعبة كل من:

١/٢/٧- مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢١٩١/الفلاح).

٢/٢/٧- محمد بن جعفر غندر، أخرجه الحاكم في المستدرك (٤٣٩/١) (١١١٢)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٦٣٤٤/تركي)، وفي الخلافيات (٢٩٣٥).

٣/٢/٧- الحجاج بن المنهال، أخرجه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٣)، وجاء فيه تعيين عطاء بأنه ابن أبي رباح.

٣/٧- هشيم بن بشير، رواه عنه:

١/٣/٧- عبد الرزاق في مصنفه كما نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (١٧١/١٣/قلعجي).

٤/٧- المعتمر بن سليمان التيمي، رواه عنه:

١/٤/٧- عبد الرزاق في مصنفه كما نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (١٧١/١٣/قلعجي)، ورواه عن عبد الرزاق:

١/١/٤/٧- محمد بن إسحاق بن الصباح أبو عبد الله الصنعاني، أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢١٩٨/الفلاح).
تفرد فيه بذكر صيغة التكبير.
وجاء فيه أيضًا تعيين عطاء بأنه ابن أبي رباح، متابعة لعلي بن عبد العزيز البغوي، عن الحجاج بن المنهال، عن شعبة وأبي عوانة كما عند الطبراني في فضل عشر ذي الحجة (٤٣)،
.

قلت [البنهاوي]: ومحمد بن الصباح الصنعاني مستور، لا يعرف بجرح ولا تعديل، ولم أقف له على ترجمة.
روى عن عبد الرزاق فأكثر عنه، ومحمد بن شرحبيل بن جعشم الصنعاني.
وروى عنه أبو عوانة الإسفرائيني فأكثر عنه عن عبد الرزاق فروى عنه كثيرًا من مصنف عبد الرزاق، وكذلك ابن المنذر روى عنه عن عبد الرزاق، وروى عنه أيضًا ابن الأعرابي في معجمه، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، وأبو سعيد أحمد بن محمد ابن زياد البصري، وعبد الله بن محمد بن الفرج.

قلت [البنهاوي]: فذكر صيغة التكبير في رواية الحجاج بن أرطأة رواية شاذة، تفرد بها محمد بن الصباح الصنعاني، وهو مستور كما مرَّ بيانه، فمثله لا يقبل تفرده ومخالفته لمن أوثق من ضبطًا وعددًا.

قلت [البنهاوي]: والأثر عن عمر رضي الله عنه ضعفه يحيى بن سعيد القطان، وجعله من أوهام الحجاج بن أرطأة، وإنما الإسناد عن عمر أنه كان يكبر في قبته بمنى.

قال البيهقي في الكبرى عقب (٦٣٤٤/تركي):
كَذا رَواه الحَجّاجُ بنُ أرطاةَ عن عَطاءٍ، وكانَ يَحيَى بنُ سعيدٍ القَطّانُ يُنكِرُه، قال أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سَلَّامٍ: ذاكَرتُ به يَحيَى بنَ سعيدٍ فأَنكَرَه، وقالَ: هَذا وهمٌ مِنَ الحَجّاجِ، وإِنَّما الإسنادُ عن عُمَرَ أنَّه كان يُكَبِّرُ في قُبَّتِه بمِنًى.

قال البيهقي: ومَشهورٌ عن عَطاءِ بنِ أبى رَباحٍ أنَّه كان يُكَبِّرُ مِن صَلاةِ الظُّهرِ يَومَ النَّحرِ إلَى صَلاةِ العَصرِ مِن آخِرِ أيّامِ التَّشريقِ، ولَو كان عِندَ عَطاءٍ عن عُمَرَ هَذا الَّذِى رَواه عنه الحَجّاجُ لَما استَجازَ لِنَفسِه خِلافَ عُمَرَ، واللَّهُ أعلَمُ.

٨- وورد في صيغة التكبير عقب الصلوات المكتوبة عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه كان يقول:
(اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ)، ثَلَاثًا.

أخرجه الدارقطني في سننه (١٧٤٥)، والبييهقي في معرفة السنن والآثار (٧٠٠٧).

قَالَ [الواقدي]: وَحَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَهُ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ)، ثَلَاثًا.

قلت [البنهاوي]: وفيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك - التقريب (٦٢١٥) -.

قلت [البنهاوي]:
فهذه ثماني صيغ في التكبير في أيام العيد وأيام التشريق.

صيغة واحدة مرفوعة ولا تصح.

وسبع صيغ عن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ثبت منها أربع من جهة عدد الصحابة رضي الله عنهم، وهي ثلاث من جهة عدد الصيغ فقد اتفقت الصيغة عن عبد الله بن مسعود، وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهما، وثبتت صيغتان عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.

لم ثبت الثلاث الباقية، عن سلمان الفارسي، وعمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين، والله أعلم
.

قال ابن رجب في فتح الباري (٢٢:٢١/٩):
وذكر الله في هذه الأيام نوعان:
أحدهما: مقيد عقيب الصلوات.
والثاني: مطلق في سائر الأوقات.
فأما النوع الأول:
فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.

وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل يكتفى بالعمل به. اهـ.

قال ابن كثير في تفسيره (٢٦٨/٢):
وَيَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ذكْرُ اللَّهِ عَلَى الْأَضَاحِيِّ،
....... ،
وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا الذَّكَرُ الْمُؤَقَّتُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمُطْلَقُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ، وَفِي وَقْتِهِ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ، وَأَشْهَرُهَا الذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أنَّه مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ آخِرُ النَّفْر الآخِر، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ باختصار.

قال ابن حجر في فتح الباري (٤٦٢/٢):
وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَلَى وُجُودِ التَّكْبِيرِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَوَاضِعَ .......
وَلِلْعُلَمَاءِ اخْتِلَافٌ أَيْضًا فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ ..... وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلُ علي وابن مَسْعُود إِنَّه من صبح يَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام منى، أخرجه ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَبِّرُوا اللَّهَ؛ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا .......
وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ زِيَادَةٌ فِي ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهَا. اهـ باختصار.

كتبه أحمد بن طه أبو عبد الله البنهاوي المصري
وانتهيتُ من إعادة النظر فيه ليلة يوم الأحد الموافق ٢٩ من ذي العقدة ١٤٤٤

والحمد لله رب العالمين.
]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t588
سبعون (70) سؤالاً في العقيدة الصحيحة للناشئة والأطفال في سؤال وجواب http://www.el-ghorba.com/forums/t587 Sun, 27 Nov 2022 21:30:16 +0200 سبعون (70) سؤالاً
في العقيدة الصحيحة
للناشئة والأطفال
في سؤال وجواب

إعداد/
أحمد بن مصطفى السجاعي

لتحميل نسخة PDF؛ اضغط على صورة الكتاب ||
http://www.el-ghorba.com/forums/index.php?page=rss&subject=1

____________ ]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t587
كيف يكون بلوغنا إلى شهر رمضان سببًا لتكفير الذنوب http://www.el-ghorba.com/forums/t586 Sat, 19 Mar 2022 15:29:10 +0200
أخرج مسلم في صحيحه (٢٣٣) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ» وفي رواية: «إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».

قال ابن عطية في تفسيره (٢١٣/٣):
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الجمعة إلى الجمعة، والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها إن اجتنبت الكبائر» .
فاختلف أهل السنة في تأويل هذا الشرط في قوله: «إن اجتنبت الكبائر».

فقال جمهورهم: هو شرط في معنى الوعد كله، أي: إن اجتنبت الكبائر كانت العبادات المذكورة كفارة للذنوب، فإن لم تجتنب لم تكفر العبادات شيئًا من الصغائر.

وقالت فرقة: معنى قوله «إن اجتنبت»؛ أي: هي التي لا تحطها العبادات، فإنما شرط ذلك ليصح بشرطه عموم قوله: ما بينهما، وإن لم تحطها العبادات وحطت الصغائر.

قال ابن عطية: وبهذا أقول، وهو الذي يقتضيه حديث خروج الخطايا مع قطر الماء وغيره، وذلك كله بشرط التوبة من تلك الصغائر وعدم الإصرار عليها، وهذا نص الحذاق الأصوليين، وعلى التأويل الأول تجيء هذه مخصوصة في مجتنبي الكبائر فقط.

ونقل ابن حجر في فتح الباري (٣٥٧/٨) الاختلاف ولم يرحج قولًا منها، وفي (١٢/٢) نقل عن البلقيني أنه قال:
تَنْحَصِرُ - أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ - فِي خَمْسَة:
أَحَدِهَا: أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ، فَهَذَا يُعَاوَضُ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ.
ثَانِيهَا: يَأْتِي بِصَغَائِرَ بِلَا إِصْرَارٍ فَهَذَا تُكَفَّرُ عَنْهُ جَزْمًا.
ثَالِثِهَا: مِثْلُهُ لَكِنْ مَعَ الْإِصْرَارِ فَلَا تُكَفَّرُ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ كَبِيرَةٌ.
رَابِعِهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَغَائِرَ.
خَامِسِهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِكَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ إِذَا لَمْ يَجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ أَنْ لَا تُكَفِّرَ الْكَبَائِرَ بَلْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُكَفِّرَ شَيْئًا أَصْلًا، وَالثَّانِي أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَتُهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ، فَهُنَا لَا تُكَفِّرُ شَيْئًا:
إِمَّا لِاخْتِلَاطِ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ.
أَوْ لِتَمَحُّضِ الْكَبَائِرِ.
أَوْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ.
فَلَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَةُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مُقْتَضَى تَجَنُّبِ الْكَبَائِرِ أَنَّ هُنَاكَ كَبَائِرَ، وَمُقْتَضَى مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ أَنْ لَا كَبَائِرَ، فَيُصَانُ الْحَدِيثُ عَنْهُ.


قلت [البنهاوي]: فعلى هذا التأويل - وهو قول الجمهور، وهو الراجح - أن من اقترف شيئًا من الكبائر ولم يتب منها فإنَّ أداء الصلوات الخمس أو الجمعات أو صيام رمضان لا يكون كفارة للصغائر التي تقع من المرء بين تلك الصلوات أو الجمعات أو بين رمضان ورمضان الذي بعده.

قال أبو العباس القرطبي في المفهم (٢٨٤/١) في تعريف الكبيرة:
كلَّ ذنب أطلَقَ الشرعُ عليه أنَّهُ كبيرٌ أو عظيمٌ، أو أخبَرَ بشدَّةِ العقابِ عليه، أو علَّق عليه حَدًّا، أو شَدَّدَ النكيرَ عليه وغلَّظه، وشَهِدَ بذلك كتابُ اللهِ أو سنةٌ أو إجماعٌ: فهو كبيرة.
وقد استحسنه ابن حجر في فتح الباري (١٨٤/١٢).

قلت [البنهاوي]: فمن كان ديدنه الحلف بغير الله مستخفًا بهذا الأمر على أنه من اللغو الذي لا يؤاخذ العبد به، فقد أخطأ، فقد قال عَبْدَ الله بْن مَسْعُود رضي الله عنه: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا. - المدونة الكبرى (٥٨٤/١) -.
فمن كانت حالته على الوصف الماضي فهو ممن يغشى الكبائر بالحلف بغير الله، وإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

كذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ" - السلسلة الصحيحة (٢٩٧٢) -.

فمن كان يلبس التِّوَلة - بكسر التاء وفتح ما بعدها - وهي ما يلبسه الإنسان في جسده لجلب نفع أو دفع ضر، كدبلة الزواج للتحبيب بين الزوجين، أو كسوار الواهنة الذي يلبس في المعصم من وجع الظهر؛ فهما من الشرك.
فمن كانت حالته على الوصف الماضي فهو ممن يغشى الكبائر، وإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

كذلك من علق تميمة.
قال ابن قتيبة في إصلاح غلط أبي عبيد (ص١٢٥):
وليست التَّمائم إلَّا الخَرَز.
وكان أهلُ الجاهليّة يَسْتَرقُون بها، ويظنّون بضروب منها، أنَّها تدفع عنهم الآفات.
وخبّرنيِ رجُلٌ من عُظَماء التًرْكِ وأخو خاقان ملك الخَزر، أنَّهم يسْتَمطرون بخَرَز عندهم وأحْجار.
وكان مذهب الأعراب فيها كمذهبهم.
قال الشاعر:
إذا ماتَ لم تُفْلِح مُزَيْنَةُ بعده ... فَنُوطي عليه يا مُزَيْنَ التَّمائِمَا
أي: علّقي عليه هذا الخَرَز لتَقِيه أسْباب المَنَايا. انتهى كلام ابن قتيبة رحمه الله تعالى.

قلت [البنهاوي]: فمن علق كفًا، أو لطخ الجدار بالكفوف، أو علق حدوة فرس، أو نعل طفل، أو دمية على شكل قرد، أو ما أشبه ذلك مما يراد به دفع العين، سواء كان هذا التعليق على جدار بيته أو في السيارة أو في غيرها.
وتعليق آيات القرآن والذكر يأخذ نفس الحكم على الصحيح من أقوال أهل العلم.
من كان يعلق شيئًا من تلك التمائم فهو ممن يغشى الكبائر، وإن حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

وكذلك عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وشرب المُسْكِرَات - كالخمر والحشيش والبانجو وما أشبه ذلك -، وشرب المُفَتِّرَات - كالسجائر والدخان بأنواعه -، وأكل أموال الناس بالباطل، وأخذ الربا - المسمى زورًا بالفوائد البنكية -، وسماع المعازف - المسماة بالموسيقى -، وغير ذلك من الكبائر التي يغشاها المرء ولا يتوب منها حتى يحل رمضان، فإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

فلنسارع جميعًا بالتوبة إلى الله تعالى من كل الكبائر، وبرد المظالم - إن وجدت - ليكون حلول شهر رمضان إن شاء الله تعالى كفارة لصغائر الذنوب التي حدثت من المرء.

فنسأل الله عز وجل أن يبلغنا رمضان وأن يجعل بلوغنا إياه كفارةً لذنوبنا. آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t586