منتديات الغرباء السلفية http://www.el-ghorba.com/forums/ Thu, 30 Mar 2023 16:46:49 +0200 خلاصات آخر المواضيع النشطه في :منتديات الغرباء السلفية ar Thu, 30 Mar 2023 16:46:49 +0200 pbboard 60 سبعون (70) سؤالاً في العقيدة الصحيحة للناشئة والأطفال في سؤال وجواب http://www.el-ghorba.com/forums/t587 Sun, 27 Nov 2022 21:30:16 +0200 سبعون (70) سؤالاً
في العقيدة الصحيحة
للناشئة والأطفال
في سؤال وجواب

إعداد/
أحمد بن مصطفى السجاعي

لتحميل نسخة PDF؛ اضغط على صورة الكتاب ||
http://www.el-ghorba.com/forums/index.php?page=rss&subject=1

____________ ]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t587
كيف يكون بلوغنا إلى شهر رمضان سببًا لتكفير الذنوب http://www.el-ghorba.com/forums/t586 Sat, 19 Mar 2022 15:29:10 +0200
أخرج مسلم في صحيحه (٢٣٣) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ» وفي رواية: «إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».

قال ابن عطية في تفسيره (٢١٣/٣):
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الجمعة إلى الجمعة، والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها إن اجتنبت الكبائر» .
فاختلف أهل السنة في تأويل هذا الشرط في قوله: «إن اجتنبت الكبائر».

فقال جمهورهم: هو شرط في معنى الوعد كله، أي: إن اجتنبت الكبائر كانت العبادات المذكورة كفارة للذنوب، فإن لم تجتنب لم تكفر العبادات شيئًا من الصغائر.

وقالت فرقة: معنى قوله «إن اجتنبت»؛ أي: هي التي لا تحطها العبادات، فإنما شرط ذلك ليصح بشرطه عموم قوله: ما بينهما، وإن لم تحطها العبادات وحطت الصغائر.

قال ابن عطية: وبهذا أقول، وهو الذي يقتضيه حديث خروج الخطايا مع قطر الماء وغيره، وذلك كله بشرط التوبة من تلك الصغائر وعدم الإصرار عليها، وهذا نص الحذاق الأصوليين، وعلى التأويل الأول تجيء هذه مخصوصة في مجتنبي الكبائر فقط.

ونقل ابن حجر في فتح الباري (٣٥٧/٨) الاختلاف ولم يرحج قولًا منها، وفي (١٢/٢) نقل عن البلقيني أنه قال:
تَنْحَصِرُ - أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ - فِي خَمْسَة:
أَحَدِهَا: أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ، فَهَذَا يُعَاوَضُ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ.
ثَانِيهَا: يَأْتِي بِصَغَائِرَ بِلَا إِصْرَارٍ فَهَذَا تُكَفَّرُ عَنْهُ جَزْمًا.
ثَالِثِهَا: مِثْلُهُ لَكِنْ مَعَ الْإِصْرَارِ فَلَا تُكَفَّرُ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ كَبِيرَةٌ.
رَابِعِهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَغَائِرَ.
خَامِسِهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِكَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ إِذَا لَمْ يَجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ أَنْ لَا تُكَفِّرَ الْكَبَائِرَ بَلْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُكَفِّرَ شَيْئًا أَصْلًا، وَالثَّانِي أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَتُهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ، فَهُنَا لَا تُكَفِّرُ شَيْئًا:
إِمَّا لِاخْتِلَاطِ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ.
أَوْ لِتَمَحُّضِ الْكَبَائِرِ.
أَوْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ.
فَلَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَةُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مُقْتَضَى تَجَنُّبِ الْكَبَائِرِ أَنَّ هُنَاكَ كَبَائِرَ، وَمُقْتَضَى مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ أَنْ لَا كَبَائِرَ، فَيُصَانُ الْحَدِيثُ عَنْهُ.


قلت [البنهاوي]: فعلى هذا التأويل - وهو قول الجمهور، وهو الراجح - أن من اقترف شيئًا من الكبائر ولم يتب منها فإنَّ أداء الصلوات الخمس أو الجمعات أو صيام رمضان لا يكون كفارة للصغائر التي تقع من المرء بين تلك الصلوات أو الجمعات أو بين رمضان ورمضان الذي بعده.

قال أبو العباس القرطبي في المفهم (٢٨٤/١) في تعريف الكبيرة:
كلَّ ذنب أطلَقَ الشرعُ عليه أنَّهُ كبيرٌ أو عظيمٌ، أو أخبَرَ بشدَّةِ العقابِ عليه، أو علَّق عليه حَدًّا، أو شَدَّدَ النكيرَ عليه وغلَّظه، وشَهِدَ بذلك كتابُ اللهِ أو سنةٌ أو إجماعٌ: فهو كبيرة.
وقد استحسنه ابن حجر في فتح الباري (١٨٤/١٢).

قلت [البنهاوي]: فمن كان ديدنه الحلف بغير الله مستخفًا بهذا الأمر على أنه من اللغو الذي لا يؤاخذ العبد به، فقد أخطأ، فقد قال عَبْدَ الله بْن مَسْعُود رضي الله عنه: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا. - المدونة الكبرى (٥٨٤/١) -.
فمن كانت حالته على الوصف الماضي فهو ممن يغشى الكبائر بالحلف بغير الله، وإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

كذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ" - السلسلة الصحيحة (٢٩٧٢) -.

فمن كان يلبس التِّوَلة - بكسر التاء وفتح ما بعدها - وهي ما يلبسه الإنسان في جسده لجلب نفع أو دفع ضر، كدبلة الزواج للتحبيب بين الزوجين، أو كسوار الواهنة الذي يلبس في المعصم من وجع الظهر؛ فهما من الشرك.
فمن كانت حالته على الوصف الماضي فهو ممن يغشى الكبائر، وإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

كذلك من علق تميمة.
قال ابن قتيبة في إصلاح غلط أبي عبيد (ص١٢٥):
وليست التَّمائم إلَّا الخَرَز.
وكان أهلُ الجاهليّة يَسْتَرقُون بها، ويظنّون بضروب منها، أنَّها تدفع عنهم الآفات.
وخبّرنيِ رجُلٌ من عُظَماء التًرْكِ وأخو خاقان ملك الخَزر، أنَّهم يسْتَمطرون بخَرَز عندهم وأحْجار.
وكان مذهب الأعراب فيها كمذهبهم.
قال الشاعر:
إذا ماتَ لم تُفْلِح مُزَيْنَةُ بعده ... فَنُوطي عليه يا مُزَيْنَ التَّمائِمَا
أي: علّقي عليه هذا الخَرَز لتَقِيه أسْباب المَنَايا. انتهى كلام ابن قتيبة رحمه الله تعالى.

قلت [البنهاوي]: فمن علق كفًا، أو لطخ الجدار بالكفوف، أو علق حدوة فرس، أو نعل طفل، أو دمية على شكل قرد، أو ما أشبه ذلك مما يراد به دفع العين، سواء كان هذا التعليق على جدار بيته أو في السيارة أو في غيرها.
وتعليق آيات القرآن والذكر يأخذ نفس الحكم على الصحيح من أقوال أهل العلم.
من كان يعلق شيئًا من تلك التمائم فهو ممن يغشى الكبائر، وإن حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

وكذلك عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وشرب المُسْكِرَات - كالخمر والحشيش والبانجو وما أشبه ذلك -، وشرب المُفَتِّرَات - كالسجائر والدخان بأنواعه -، وأكل أموال الناس بالباطل، وأخذ الربا - المسمى زورًا بالفوائد البنكية -، وسماع المعازف - المسماة بالموسيقى -، وغير ذلك من الكبائر التي يغشاها المرء ولا يتوب منها حتى يحل رمضان، فإنَّ حلول رمضان لا يعد كفارة لذنوبه - على قول الجمهور - لأنه لم يجتنب الكبائر.

فلنسارع جميعًا بالتوبة إلى الله تعالى من كل الكبائر، وبرد المظالم - إن وجدت - ليكون حلول شهر رمضان إن شاء الله تعالى كفارة لصغائر الذنوب التي حدثت من المرء.

فنسأل الله عز وجل أن يبلغنا رمضان وأن يجعل بلوغنا إياه كفارةً لذنوبنا. آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t586
ذكر الفصيح والصحيح في الحديث بين تذكير صفة جمادى الشهر أو التأنيث http://www.el-ghorba.com/forums/t585 Thu, 20 Jan 2022 19:05:19 +0200

قال أبو بكر الأنباري في المذكر والمؤنث (٢٧٠/١):

وأما أسماء الشهور فإنها مذكرة إلا جماديين فإنهما مؤنثتان. تقول: مضى رجبٌ بما فيه، ومضى الحرمُ بما فيه، ومضتْ جمادي بما فيه. قال الشاعر:


إذا جمادى منعتْ قطرها ... زان جنابي عطنٌ معصفُ

فإنْ سمعتَ في شِعْر تذكير جماديين فإنما يُذهب به إلى معنى الشهر؛ كما قالوا: هذه ألف درهم، فقالوا: هذه على معنى الدراهم، ثم قالوا: ألفُ درهم.


قال ابن هشام اللخمي الأندلسي في المدخل إلى تقويم اللسان (ص١٣٥):

وقوله [ابن مكي في تثقيف اللسان (ص٢٢١)]: (ويقولون: جُمادَى الأوَّلُ. والصواب: جُمادَى الأولى، وجُمادَى الآخرةُ. ولا يجوز: جُمادَى الأوَّل ولا الآخرُ).

قال الرادّ: قد أجاز ذلك قُطْرُبٌ، وقال: إذا قلت: الأوَّلُ والآخرُ، فعلى تذكير الشهر، وإذا قلت: الأولى والآخرة، فعلى تأنيث جُمادَى.

قال الرادّ: يريد أنَّ التأنيث محمول على اللفظ، والتذكير محمول على المعنى، لأنَّ جُمادَى، وإنْ كانَ مؤنَّثًا، فهو اسمٌ للشهر الذي هو مذكَّر.

وإنَّما جاز هاهُنا الوجهان جميعًا، لمَّا كانَ تذكير الشهر غير حقيقيّ، ولو كانَ التذكيرُ حقيقيًّا لم يجزْ إلَّا مراعاة المعنى خاصَّةً دون اللفظ.


قال في معجم الصواب اللغوي (٢٩٨/١):
١٩٦٠ - جمادى الأوَّل

الجذر: أول

مثال: شهر جمادى الأول

الرأي: مرفوضة.

السبب: لعدم مطابقة الصفة للموصوف في النوع.


الصواب والرتبة: - شهر جُمَادَى الأولى [فصيحة] - شهر جُمَادَى الأول [صحيحة].

التعليق: على الرغم من أن مطابقة الصفة للموصوف واجبة في النعت الحقيقي فإنه قد يجوز عدم المطابقة في النوع كما في المثال الثاني؛ لأن بعض العلماء قد أجاز تذكير الصفة «الأول» على اعتبار الشهر، وهو قليل.


قال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١٠٧/١):

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: جُمَادَى مُؤَنَّثَةٌ، وَالتَّأْنِيثُ لِلِاسْمِ، فَإِنْ ذُكِّرَتْ فِي شِعْرٍ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا الشَّهْرُ، وَهِيَ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّة،ِ وَالْجَمْعُ عَلَى لَفْظِهَا جُمَادَيَاتٌ، وَالْأُولَى وَالْآخِرَةُ صِفَةٌ لَهَا، فَالْآخِرَةُ بِمَعْنَى الْمُتَأَخِّرَة.

قَالُوا: وَلَا يُقَالُ جُمَادَى الْأُخْرَى، لِأَنَّ الْأُخْرَى بِمَعْنَى الْوَاحِدَةِ فَتَتَنَاوَلُ الْمُتَقَدِّمَةَ وَالْمُتَأَخِّرَةَ فَيَحْصُلُ اللَّبْسُ، فَقِيلَ الْآخِرَةُ لِتَخْتَصَّ بِالْمُتَأَخِّرَةِ.



وقال المرزوقي في الأزمنة والأمكنة (ص٢٠٥):

و(جمادى الأولى)، وجماديان، وجماديات، وجماديا الأولى - وقالوا: الأوليين -، وجماديات الأولى والأوّل والأوائل.

و(جمادى الأخرى)، والأخريين، وجماديات الأخرى والآخر والأواخر.

قال الشاعر:

إذا جمادى منعت درّها ... زان جنابي عطن مغضف

ويروى قطرها، وإنّما يصف نخلاً فيقول: إذا قلّت الأمطار ولم يكن عشب فزين الإبل أعطنة النّاس، فإنّ جنابي يزينه النّخل، فجعل أعطانها منابتها.
(والمغضف) يقال نخلة مغضفة إذا كثر سعفها. ورواه بعضهم: معصف بالعين والصّاد، يقال: مكان معصف أي كثيرة العصف وهو التّبن، والأجود الأوّل والأصح.


كتبه أحمد بن طه أبو عبد الله البنهاوي المصري
ليلة الجمعة ١٨ من جمادى الآخرة الآخر الأخرى سنة ١٤٤٣هـ


والحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t585
فتح الله الواحد القهار ببيان أن لفظ الذكر والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مبني على التوقيف والاقتصار http://www.el-ghorba.com/forums/t584 Tue, 28 Dec 2021 16:35:57 +0200
أخرج البخاري (٦٣١١) - واللفظ له -، ومسلم (٢٧١٠)
عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ»، فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: «لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ».

قال ابن بطال في شرحه على البخاري (٣٦٦/١):
وقال بعض العلماء: لم يُرِد النبيُّ بِرَدِّه على البراء تحري قوله فقط، وإنما أراد بذلك ما فى قوله: "ونبيك الذي أرسلت" من المعنى الذي ليس فى قوله: "ورسولك الذى أرسلت".
وذلك أنه إذا قال: "ورسولك الذى أرسلت" يدخل فيه جبريل وغيره من الملائكة الذين هم رسل الله إلى أنبيائه وليسوا بأنبياء، كما قال تعالى فى كتابه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥].
فأراد بقوله: "ونبيك الذي أرسلت" تخليص الكلام من اللبس أنه المراد - عليه السلام - بالتصديق بنبوته بعد التصديق بكتابه الذي أوحى الله تعالى إليه وأمرهم بالإيمان به، وإن كان غيره من رسل الله أيضًا واجب الإيمان بهم.
وهذه شهادة الإخلاص والتوحيد الذي من مات عليها دخل الجنة، ألا ترى قوله - عليه السلام -: "فإن مت مت على الفطرة"، يعني: فطرة الإيمان.

قال المازري في شرحه على مسلم (٣٣٠/٣):
يحتمل أن يكون أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يقول كما عَلّمه من غير تَغيير وإن كان المعنى لا يختلف في المقصود.
ولَعَلَّه - صلى الله عليه وسلم - أُوحِيَ إليه بهذا اللفظ فاتَّبع ما أُوحيَ إلَيه به، لأنَّه لا يغير ما أُوحيَ إليه به، لا سيما والموعود به على هذه الدعوات أمر لا يوجبه العقل، وإنَّما يعرف بالسَّمع، فينبغي أن يتبع السَّمع فيه على ما وقع.
على أن قوله: "ورسولِك الذي أرسلتَ" لا يفيد من جهة نطقه إلا معنًى واحدًا وهو الرِّسالة.
وقوله "وَنَبِيِّك الذي أرسلتَ" يفيد من جهة نطقه النبوة والرسالة، وقد يكون نبيّ ليس برسول.
والمعتمد على ما قلناه من اتباع اللفظ المسموع من الشرع.

قال النووي في شرحه على مسلم (٣٣/١٧):
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّهِ اللَّفْظَ، فَقِيلَ: إِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "آمَنْتُ بِرَسُولِكَ" يَحْتَمِلُ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ.
وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ، وَلَعَلَّهُ أُوحِي إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ.

قال الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (٦٣٣/٣):
٤١٧ - (قَوْله) الثَّامِن عشر: الظَّاهِر أَنه لَا يجوز تَغْيِير عَن النَّبِي - لَا عَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

فيه أمران:
أحدهما: ما قال إنه الظاهر ممنوع، وقد خالفه النووي فقال: «الصواب جوازه؛ لأن معناهما واحد، وهو مذهب أحمد وحماد بن سلمة والخطيب».
وهو كما قال؛ لأن المقصود إسناد الحديث إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حاصل بكل من الصنفين، وليس الباب باب تقيد باللفظ، لا سيما إذا قلنا: إن الرسالة والنبوة بمعنًى واحدٍ.
وقال بعضهم: لو قيل بجواز تغيير النبي إلى الرسول دون عکسه لما بعُد، لأن في الرسول معنًى زائدًا على النبي وهو الرسالة، فإن كل رسول نبي دون عکسه.
فإن قيل يرد عَلَيْهِ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي الصَّحِيح لما قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت"، ثمَّ استعاده فَقَال: "وَرَسُولك الَّذِي أرسلت"، فقال: "لَا، وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت"، فَإِنَّهُ يدل على أَنه لَا يُبدل النَّبِي بالرسول فعكسه أولى.
قلت[الزركشي]: لَا حجَّة فِيهِ، لأَن أَلْفَاظ الْأَذْكَار توقيفية، وَرُبمَا كَانَ فِي اللَّفْظ معنى لَا يحصل لغيره، أو لما في الجمع بين النبوة والرسالة، أو لاختلاف المعني لأن «ورسولك الذي أرسلت» يدخل فيه جبريل وغيره من الملائكة الذين ليسوا بأنبياء.

قال الكرماني في الكواكب الدراري (١٢٨/٢٢):
وقيل: هذا ذكر ودعاء فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه لاحتمال أن لها خاصية ليست لغيرها.

قال البدر العيني في عمدة القاري (٢٨٣/٢٢):
وَقيل: هَذَا ذكر وَدُعَاء فَيقْتَصر فِيهِ على اللَّفْظ الْوَارِد بِحُرُوفِهِ لاحْتِمَال أَن لَهَا خاصية لَيست لغَيْرهَا.

قال ابن حجر في فتح الباري (١١٢/١١):
وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ قَالَ الرَّسُولَ بَدَلَ النَّبِيِّ أَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَهَا خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ.
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَازِرِيِّ قَالَ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا.

قلت [البنهاوي]: وأما ما استدل به بعض الفضلاء من قول ابن عمر رضي الله عنه - في التلبية -: "فزدت أنا" على أن ألفاظ الذكر والدعاء ليست توقيفية، وعزاها للصحيح.

فأولا: اللفظة ليست في الصحيحين، وليس كما قال عنها: "في الصحيح".
وإنما هذه الزيادة عند عبد بن حميد (٧٢٦)، وأحمد (٥٠٧١) فيما رواه ابنه عبد الله عنه وجادة.

ثانيا: اللفظة التي في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم فقط، ولم يُخرِّج البخاري ولا مسلم لفظة: "زدت أنا" - وإن كان إسناد عبد بن حميد على شرطيهما، وعبدٌ ممن روى عنه مسلم في الصحيح - وذلك لسبب التالي:

أن اللفظة المحفوظة في الحديث من قول نافع، قال: "وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَزِيدُ فِيهَا:
لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ"، أخرجها مسلم (١٩/١١٨٤)، وأحمد (٥٤٧٥).

وأخرج مسلم بعدها (٢٠/١١٨٤) الحديث من رواية سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر ومعهما نافع مولى ابن عمر في رواية واحدة، ثم أفرد هذه اللفظة في نهاية الحديث فقال، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: «لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»؛ إشارة من مسلم رحمه الله تعالى إلى أن هذا مما قاله نافع عن ابن عمر، ولم يروِها ابنا عبد الله بن عمر عن أبيهم، وأن هذه اللفظة لم يزدها ابن عمر من تلقاء نفسه - كما سيأتي بيانه -.

وإن كانت هذه اللفظة لم يتفرد بها نافع عن ابن عمر، فقد تابع نافعًا بكرُ بن عبد الله المزني عند أحمد (٤٤٥٧) فقال بكر: وَزَادَ فِيهَا ابْنُ عُمَرَ: «لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»، وإسناد أحمد على شرط مسلم أخرج به مسلم حديثًا برقم (١٢٣٢).

وهذه اللفظة ما زادها ابن عمر رضي الله من تلقاء نفسه - كما توهم من سمع قول نافع أو غيره -، إنما تعلمها ابن عمر من أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما أخرجه مسلم (٢١/١١٨٤) وأحمد (٦١٤٦)
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُهِلُّ بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.

قلت [البنهاوي]: وكل ما كان على هذا الوجه من كلام الصحابة رضي الله عنهم في ما كانوا يزيدونه على ما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم في الأذكار والدعاء - مطلقة كانت أو مقيدة -، أو في ما وصفهم به التابعون من ذلك فمؤول على تعلم الصحابة لهذه الزيادات من بعضهم البعض.

فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ - قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتَ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ -، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ -، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».
أخرجه أبو داود (٩٧١).
وضعفه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل - كما في الكامل لابن عدي (٣٩٢:٣٩١/٢) -، والبخاري أيضًا - كما في العلل الكبير للترمذي (١٠٤) -.

وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٦٤/١):
إِلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِيهِ: "وَزِدْتُ فِيهَا"؛ يَدُلُّ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ خِلَافُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ وَإِمَّا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، كَمَا تُعَلِّمُونَ الصِّبْيَانَ الْكِتَابَ ... ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَوَاءً.
فَهَذَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ عَنْهُ.
وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَلَّمَهُ مُجَاهِدًا، فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَدَعُ مَا أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخَذَهُ عَنْ غَيْرِهِ.

قال الترمذي في العلل الكبير (١٠٤) (ص٧١):
قُلْتُ: فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَالَ [البخاري]: يُحْتَمَلُ هَذَا وَهَذَا.

قال الألباني في صفة الصلاة حاشية (ص١٦٣):
هاتان الزيادتان ثابتتان في التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزدها ابن عمر من عند نفسه، وحاشاه من ذلك، إنما أخذها من غيره من الصحابة الذين رووها عنه صلى الله عليه وسلم، فزادها هو على تشهده الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.

قلت [البنهاوي]: ويبقى سؤالان آخران:
الأول منهما:
وهل ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلم تلك التلبية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو من غيره من الصحابة رضي الله عنهم؟.

والجواب فيما يأتي:
قال النووي في شرحه على مسلم (١٧٤/٨) على شرح حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه برقم (١٢١٨):
قَوْلُهُ: (فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ).

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا رُوِيَ مِنْ زِيَادَةِ النَّاسِ فِي التَّلْبِيَةِ مِنَ الثَّنَاءِ وَالذِّكْرِ،
كَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ -: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ، لَبَّيْكَ مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك،
وعن ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ،
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:ُ لَبَّيْكَ حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا.

قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: الْمُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قال ابن حجر في فتح الباري (٤١٠/٣) في شرحه لباب التلبية:
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُول:ُ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ....... الْحَدِيثَ"
وَقَالَ فِي آخِرِهِ: "لَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ"، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْه؛ قَالَ ابن عُمَرَ كَانَ عُمَرُ يُهِلُّ بِهَذَا: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ"، وَهَذَا الْقَدْرُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَيْضا عِنْده عَن نَافِع عَن ابن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِيهَا فَذَكَرَ نَحْوَه، فَعُرِفَ أَن ابن عمر اقتدي فِي ذَلِك بِأَبِيهِ.

وَأخرج ابن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَال:َ كَانَتْ تَلْبِيَةُ عُمَرَ - فَذَكَرَ مِثْلَ الْمَرْفُوعِ وَزَادَ -: "لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا وَمَرْهُوبًا إِلَيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ"، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك.

قَالَ الطَّحَاوِيُّ - بَعْدَ أَن أخرجه من حَدِيث ابن عمر، وابن مَسْعُود،ٍ وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِب -:َ
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا عَلَى هَذِهِ التَّلْبِيَةِ، غَيْرَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا مِنَ الذِّكْرِ لِلَّهِ مَا أَحَبَّ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة - يَعْنِي: الَّذِي أخرجه النَّسَائِيّ وابن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحق لبيْك -، وَبِزِيَادَة ابن عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ.

وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ ثُمَّ فَعَلَهُ هُوَ، وَلَمْ يَقُلْ لَبُّوا بِمَا شِئْتُمْ مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ هَذَا، بَلْ عَلَّمَهُمْ كَمَا عَلَّمَهُمُ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَدَّى فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَهُ.

ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُول: لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ، وَمَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَهَذَا سَعْدٌ قَدْ كَرِهَ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ وَبِهِ نَأْخُذُ. انْتَهَى.

وَيَدُلُّ عَلَى الجواز مَا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزِيد عَن ابن مَسْعُودٍ قَال: كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُلَبِّي بِغَيْرِ ذَلِك،َ وَمَا تقدم عَن عمر وابن عُمَرَ.

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: لَبَّيْكَ غَفَّارَ الذُّنُوبِ.

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ: حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إِلَخْ قَالَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ تَلْبِيَتُهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا،وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: ذَا الْمَعَارِجِ وَذَا الْفَوَاضِلِ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّلْبِيَةِ الْمَرْفُوعَةِ أَفْضَلُ لِمُدَاوَمَتِهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَبِه صرح أَشهب، وَحكى ابن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةَ، قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: حَكَى أَهْلُ الْعِرَاقِ عَنِ الشَّافِعِيِّ - يَعْنِي فِي الْقَدِيمِ -: أَنَّهُ كَرِهَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَغَلِطُوا، بَلْ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَب،ُّ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَال:َفَإِنْ زَادَ فِي التَّلْبِيَةِ شَيْئًا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ فَلَا بَأْس،َ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَن ابن عُمَرَ حَفِظَ التَّلْبِيَةَ عَنْهُ ثُمَّ زَادَ مِنْ قِبَلِهِ زِيَادَةً.
وَنَصَبَ الْبَيْهَقِيُّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فَقَالَ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَرْفُوعِ أَحَبُّ، وَلَا ضِيقَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ زَادَ فَحَسَنٌ.
وَحَكَى فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَلَا ضِيقَ عَلَى أحد فِي قَول مَا جَاءَ عَن ابن عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ غَيْرَ أَنَّ الِاخْتِيَارِ عِنْدِي أَنْ يُفْرِدَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى.

وَهَذَا أَعْدَلُ الْوُجُوهِ فَيُفْرِدُ مَا جَاءَ مَرْفُوعًا، وَإِذَا اخْتَارَ قَوْلَ مَا جَاءَ مَوْقُوفًا أَوْ أَنْشَأَهُ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مِمَّا يَلِيقُ قَالَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ حَتَّى لَا يَخْتَلِطَ بِالْمَرْفُوعِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِحَالِ الدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنَ الْمَسْأَلَةِ وَالثَّنَاءِ مَا شَاءَ»، أَيْ: بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْمَرْفُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.

قلت [البنهاوي]: والسؤال الآخر:
وهل منهاج التوقيف والاقتصار على لفظ الذكر أو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما علمه الصحابة رضي الله عنهم للتابعين منهاجًا؟.

قال عبد الرزاق في مصنفه (٣٠٦٢):
أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: جَاءَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، إِلَى عَلْقَمَةَ يَسْتَشِيرُهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا: «وَمَغْفِرَتُهُ»، قَالَ عَلْقَمَةُ: «إِنَّمَا نَنْتَهِي إِلَى مَا عَلِمْنَاهُ».

قال ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٠٢٤) ط.أشبيليا:
نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يُعَلِّمُ أَعْرَابِيًّا التَّشَهُّدَ، فَيَقُولُ عَلْقَمَةُ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»، فَيَقُولُ الْأَعْرَابِيُّ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَيُعِيدُ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٦٦/١):
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ خَيْثَمٍ، لَقِيَ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أَزِيدَ فِي التَّشَهُّدِ: «وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ: «نَنْتَهِي إِلَى مَا عُلِّمْنَاهُ».

قال الطبراني في الكبير (٩٩٢٧):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: زَادَ رَبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ فِي التَّشَهُّدِ: «بَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: نَقِفُ حَيْثُ عَلِمْنَا: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ».

قال الألباني في صفة الصلاة حاشية (ص١٦٤):
فروى الطبراني في (١/٥٦/٣) بسند صحيح عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: زَادَ رَبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ فِي التَّشَهُّدِ: «بَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: نَقِفُ حَيْثُ عَلِمْنَا: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ».
وعلقمة تلقى هذا الاتباع من أستاذه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد روي عنه أنه كان يعلم رجلًا التشهد، فلما وصل إلى قوله: "أشهد أن لا إله إلا الله"؛ قال الرجل: "وحده لا شريك له"، فقال ابن مسعود: هو كذلك، ولكن ننتهي إلى ما علمنا.
قال الألباني: أخرجه الطبراني في الأوسط (رقم ٢٨٤٨ - مصوراتي) بسند صحيح؛ إن كان المسيب الكاهلي سمع من ابن مسعود.

قلت [البنهاوي]: وما نقله الشيخ الألباني عن ابن مسعود رضي الله عنه فقد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٠١٤) فقال:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَجُلًا يَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ: بِسْمِ اللَّهِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يُقَالُ هَذَا عَلَى الطَّعَامِ».

وقال القاضي المحاملي في أماليه براوية ابن البيع (٩٠):
حَدَّثَنَا يُوسُف،ُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ، فَلَمَّا بَلَغَ "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، قَالَ: "وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «نَنْتَهِي إِلَى مَا عُلِّمْنَا».

وقال الطبراني في الأوسط (٢٦٩٠):
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم،ُ قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهِلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه،ُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: «وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ»، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ نَنْتَهِي إِلَى مَا عَلِمْنَا».

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِلَّا مُفَضَّلٌ، تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى.

قلت [البنهاوي]: فالأثر صحيح الإسناد إلى المسيب بن رافع الكاهلي ولكنه لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه.

قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص٢٠٧):
٧٧٠- سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلٌ.

٧٧١ - سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ - مَرَّةً أُخْرَى -: الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَلْقَ عَلِيًّا، إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ مُجَاهِدٍ وَنَحْوِهِ.

٧٧٣ - قِيلَ لِأَبِي زُرْعَةَ الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا بِرَأْسِهِ.

قلت[البنهاوي]: ولكن له شاهد
أخرجه البزار في المسند (١٥٨١) فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، قَالَا: نا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: نا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ فَقَالَ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عَبَّادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، فَأَعَادَهَا عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِرَارًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: "وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».
قال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا أَدْخَلْتُهُ الْمُسْنَدَ لِأَنَّهُ قَالَ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».

قال ابن عدي في الكامل (٣٨١/٤):
حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة، حَدَّثَنا مُحَمد بن يَحْيى القطيعي، حَدَّثَنا سالم بن نوح، حَدَّثَنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: كَانَ عَبد اللَّهِ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسوله».
قال: وسمعنا ابنَ مسعود يعلم أعرابيًا: «ورحمة اللَّه وبركاته»، قَالَ: يقول الأعرابي: «ورحمة اللَّه وبركاته ومغفرته»، قَالَ ابْن مسعود: «كذاك علمنا».

قال ابن عدي: ولاَ أَعْلَمُ رَوَاهُ، عنِ ابْنِ عون فصيره شبه المسند إلاَّ سالم بْن نوح، وعثمان بْن الهيثم المؤذن.

قال ابن أخي ميمي في فوائده (٣٣٠):
حَدَّثَنَا محمدٌ [هو: ابنُ هارونَ أبو حامدٍ الحضرميُّ]، قالَ: أَخْبَرَنَا عبدُ اللهِ بنُ الصباحِ، قالَ: حَدَّثَنَا سالمُ بنُ نوحٍ، عَنِ ابنِ عونٍ، عَنْ إبراهيمَ، عَنْ علقمةَ قالَ: كانَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعلِّمنا التشهدَ كَمَا يُعلِّمنا السورةَ مِن القرآنِ: التحياتُ للهِ، والصلواتُ، والطيباتُ - فِيهَا الْوَاوُ -، السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عبادِ اللهِ الصالحينَ، أشهدُ أَن لا إِلَهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.

قالَ: فبينَما ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعلِّمُ أَعْرَابِيًّا: «ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ»، يقولُ الأعرابيُّ: «ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ومغفرتُه»، قالَ ابنُ مسعودٍ: «وكذلكَ عُلِّمنا».

قال الدارقطني في العلل (١٥٦/٥):
٧٨٧- وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في التَّشَهُّدِ.

فَقَالَ: رَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.

وَرَوَاهُ سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، فَنَحَا بِهِ نَحْوَ الرَّفْعِ أَيْضًا، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «كَذَلِكَ عَلِمْنَا».

وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عون.

قال ابن حجر في التقريب (٢١٨٥):
سالم بن نوح بن أبي عطاء البصري أبو سعيد العطار، صدوق له أوهام، من التاسعة، مات بعد المائتين، بخ م د ت س.

قلت[البنهاوي]: فبمجموع الطرق يثبت الخبر عن ابن مسعود رضي الله عنه.

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t584
الإيضاح بعدم صحة تقييد دعاء "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا" بأذكار الصباح http://www.el-ghorba.com/forums/t583 Thu, 23 Dec 2021 16:47:00 +0200
فهذا تخريج لحديث "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا" الوارد في أذكار الصباح، وفيه إيضاحٌ لعدم صحة تقييده بأذكار الصباح.

فعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم:
"اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملاً متقبلاً".
والحديث لا يصح مقيدًا بأذكار الصباح.

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مقيدًا ببعد صلاة الصبح عن كل من:
١- أبي الدرداء رضي الله عنه.
٢- أم سلمة رضي الله عنها، ولا يصحان.

٣- وروي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعًا بنحو معناه من أذكار الصباح والمساء، ولا يصح أيضًا.

٤- وروي من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعًا بنحو لفظه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح أيضًا.

٥- وروي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح أيضًا.

٦- وروي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح أيضًا.

٧- وروي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح أيضًا.

٨- ورواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحو معناه، ولكن في الدعاء عند الشرب من ماء زمزم.

٩- ورواه جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح.


١- أما حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا مقيدًا ببعد صلاة الصبح فرواه عنه أبو عمر الصيني

أخرجه الطبراني رحمه الله تعالى في الدعاء (٦٧٠) عقب حديث أم سلمة رضي الله عنها (٦٦٩) المقيد ببعد صلاة الصبح، فقال الطبراني رحمه الله:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا أبو معاوية، وعبد الله بن نمير، قالا: ثنا مالك بن مغول، عن الحكم، عن أبي عمر، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قلت [البنهاوي]: أي: مثل حديث أم سلمة رضي الله عنها.

وأخرجه الطبراني رحمه الله تعالى في نفس المصدر (٧١١) بنفس الإسناد السابق عن محمد بن عبد الله الحضرمي عقب حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا: "قلنا: يا رسول الله، ذهب الأغنياء بالصدقة والجهاد ونحو ذلك ..." الحديث، وقال الطبراني فيه أيضًا: مثله.

قلت [البنهاوي]: والذي يترجح عندي أن الموضع الأول خطأ من الطبراني رحمه الله تعالى أو من أحد نساخ الكتاب، لأن أبا عمر الصيني لم يرو عن أبي الدرداء إلا حديثًا واحدًا، ولا يعرف أبو عمر إلا به.

قال فيه أبو زرعة رحمه الله تعالى في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم رحمهما الله (٤٠٧/٩): لا نعرفه إلا برواية حديث واحد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "سبقنا الأغنياء بالدنيا والآخرة؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم ... الحديثَ"، ولا يُسمى.

وقال فيه الدارقطني رحمه الله تعالى في علله (٢١٤/٦): لا يعرف، ولا روي عنه غير هذا الحديث. اهـ
قلت [البنهاوي]: يعني حديثَ أبي الدرداء رضي الله عنه: قال: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموالهم، ... الحديث في فضل التسبيح.


وأما حديث أبي عمر الصيني، عن أبي الدرداء رضي الله عنه على جادته فقد رواه:
على بن الجعد في مسنده (١٥٦)، وابن أبي شيبة في المصنف (٢٩٢٦٧) (٣٥٠٣٩)، وأحمد في المسند (٢١٧٠٩) (٢٧٥١٥) وفي العلل برواية عبد الله (٤٠٩١)، والنسائي في الكبري (٩٩٠٢) (٩٩٠٣)، وفي عمل اليوم والليلة (١٥٠)، وغيرهم.


٢- وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها، فجاء عن كل من:
(١) مولى لها، عنها مرفوعًا.
(٢) وروي عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعًا.

(١) فأما حديث مولاها عنها، فقد رواه عنه موسى بن أبي عائشة، واختلف على موسى فيه:
١) فروي عنه، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعًا.
٢) وروي عنه، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أم سلمة مرفوعًا.
٣) وروي عنه، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعًا.

١) فأما من رواه عنه، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعًا، فكل من:
[١] شعبة بن الحجاج
، رواه عنه:
١] أبو داود الطيالسي في مسنده (١٧١٠).
٢] شبابة بن سوَّار، رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (٢٩٢٦٥)، ورواه ابن ماجه عن الأخير في سننه (٩٢٥).
٣] روح بن عبادة، رواه عنه أحمد في المسند (٢٦٦٠٢).
٤] محمد بن جعفر غندر، رواه عنه أحمد في المسند (٢٦٧٠١) (٢٦٧٣١)، وأخرجه أبو يعلى الموصلى في مسنده (٦٩٣٠) من طريق غندر.
٥] النضر بن شميل، رواه عنه إسحاق بن راهويه في مسنده (١٩٠٩).
٦] أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو القيسي، رواه عنه عبد بن حميد في مسنده (١٥٣٥).
٧] بهز بن أسد، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٦٩٥٠)، ورواه ابن السني عن الأخير في عمل اليوم والليلة (٥٤).
٨] يحيى بن سعيد القطان، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٦٩٩٧)، ورواه ابن السني عن الأخير في عمل اليوم والليلة (١١٠).
٩] مسلم بن إبراهيم، أخرجه الطبراني في الدعاء (٦٧١).
١٠] الحارث بن خليفة، أخرجه أبو الحسن بن شاذان في الأول من حديثه (ق١٢٠/ب) مخطوط بالظاهرية رقم ٣٧٦٨عام (٣١مجاميع)، وأخرجه أيضًا في جزء من حديثه (ق٩/ب) مخطوط بالظاهرية رقم ٣٨٢٦عام (٩٠مجاميع).
١١] يحيى بن أبي بكير، أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (١١٩).
١٢] وهب بن جرير، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١٦٤٥).

[٢] سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، رواه عنه:
١] عبد الرزاق بن همام في مصنفه (٣١٩١)، ولكن قال فيه: عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، سمع أم سلمة، وأخرجه من طريق عبد الرزاق الطبراني في الكبير (٣٠٥/٢٣).
٢] وكيع بن الجراح، رواه أحمد في مسنده (٢٦٥٢١) (٢٦٧٠٠)، وأخرجه النسائي في الكبرى (٩٨٥٠) وفي عمل اليوم والليلة (١٠٢).
٣] أبو نعيم الفضل بن دكين، أخرجه الطبراني في الدعاء (٦٦٩).
٤] إسماعيل بن عمرو البجلي، رواه عنه:
{١} محمد بن علي بن مخلد الفرقدي، أخرجه الخطيب البغدادي في السابق واللاحق (ص١٣٨)، ويحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١).
{٢} محمد بن نصير المدني، أخرجه يحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١) (٣٣١/١).
{٣} محمود بن أحمد بن الفرج، ورواه عنه:
١} أبو الشيخ الأصبهاني، أخرجه يحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١).
٢} الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣)، ولكن رواه عنه، عن إسماعيل، عن الثوري، عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعًا.

قلت [البنهاوي]: وتعيين مولى أم سلمة بسفينة في رواية الطبراني شاذٌ، خالف فيه رحمه الله تعالى كل هذا الجمع ممن رووه عن سفيان الثوري، فضلاً على مخالفته لكل من روى الحديث من الحفاظ الذين وافقوا الثوري في روايته.


[٣] عبد الرحمن بن مهدي، أخرجه أحمد في مسنده (٢٦٧٠٠).

[٤] عمرو بن سعيد بن مسروق الثوري أخو سفيان الثوري، أخرجه الحميدي في مسنده (٣٠١)، ومن طريقه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٦٢٦/١)، وأشار الدارقطني إلى روايته في علله (٢٢٠/١٥) بدون إسناد.

[٥] أبو عوانة اليشكري، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣) وفي الدعاء (٦٧٢)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٦٢٦/١).

[٦]مسعر بن كدام، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣).

[٧]رقبة بن مصقلة، أخرجه أبو يعلى الفراء في السادس من أماليه (٧٨)، وأشار الدارقطني إلى روايته في علله (٢٢٠/١٥) بدون إسناد.

٢) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أم سلمة مرفوعًا

قال الدارقطني رحمه الله تعالى في علله (٢٢٠/١٥):
فرواه شاذان [وهو الأسود بن عامر]، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أم سلمة، قاله أحمد بن إدريس المُخَرَّمي، عن شاذان.

وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة، رحمها الله.

وكذلك قال عمرو بن سعيد بن مسروق، ورقبة بن مصقلة، عن موسى بن أبي عائشة، وهو الصواب.

حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس المخرمي، قال: حدثنا شاذان، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يقول: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وعملاً متقبلاً، ورزقًا طيبًا" يكررها ثلاث مرات.

لم يقل فيه: عن عبد الله بن شداد، غير المخرمي، عن شاذان. انتهى كلام الدارقطني.

ونقل الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في تاريخه (٦٥/٥) كلام الدارقطني الماضي ثم قال بعده:
قلت: غيره يرويه عن سفيان، عن موسى، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة.

٣) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعًا
فرواه إسماعيل بن عمرو البجلي، عن الثوري، عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة، تفرد به أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، عن محمود بن أحمد بن الفرج، عن إسماعيل.

وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها.

لم يقل فيه: عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة غير الطبراني عن محمود بن أحمد بن الفرج، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، وخالفه أبو الشيخ الأصبهاني في محمود بن أحمد بن الفرج في متابعة تامة فراوه عن محمود، عن إسماعيل، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، كرواية الجماعة.

وقد سبقت الإشارة إلى شذوذ هذه الرواية من الطبراني أو ممن بعده من نساخ كتابه المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣) في نهاية تخريج طرق رواية سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة.

(٢) وروي عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها
أخرجه الإسماعيلي في معجم أسامي الشيوخ (٢٥٥)، والطبراني في المعجم الصغير (٧٣٥)، وأبو نعيم الأصبهاني من طريق الأخير في تاريخ أصبهان (٤٦٤/١).

رواه إبراهيم بن عامر بن إبراهيم بن واقد الأصبهاني عن أبيه عن أبي المنذر النعمان بن عبد السلام الأصبهاني، عن الثوري، عن منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها، تفرد به عامر بن إبراهيم بن واقد الأصبهاني، عن النعمان.

وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها.

لم يقل فيه: عن منصور، عن عامر الشعبي، عن أم سلمة، غير عامر بن إبراهيم عن النعمان، وخالفه كل من رواه عن سفيان.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٦٩٧٩) (١١١/١٠): رواه الطبراني في الصغير، ورجاله ثقات.

وقال الألباني في تمام المنة (ص٢٣٣): لكن أخرجه الطبراني في المعجم الصغير بإسناد جيد! ليس فيه المجهول كما بينته في الروض النضير (١١٩٩).

قال الطبراني بعده في الموضع السابق: لم يروه عن سفيان إلا النعمان، تفرد به عامر.

قلت[البنهاوي]: والنعمان بن عبد السلام، ثقة عابد فقيه من التاسعة، د س، التقريب (٧١٥٨).
وعامر بن إبراهيم، ثقة من التاسعة، س، التقريب (٣٠٨٥).
وإبراهيم بن عامر، صدوق من خيار الناس، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (١١٦/٢)، وطبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ (٨٣/٢)، تاريخ الإسلام للذهبي (٦٨/١٩) تدمري.

فهذا إسناد رجاله ثقات كما قال الهيثمي ولكنه إسناد شاذ، خالف فيه أحد رجاله كل هذا الجمع من الثقات الذين رووه عن سفيان الثوري على الجادة عن موسى بن أبي عائشة عن مولى لأم سلمة عن أم سلمة ولم يذكروا فيه عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة، ومثل هذا الإسناد الشاذ لا يصلح الاعتبار به في المتابعات والشواهد.

قال العراقي رحمه الله تعالى في ألفية الحديث:
٥٨ - فَإِنْ يُقَلْ يُحْتَجُّ بِالضَّعِيفِ ... فَقُلْ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَوْصُوفِ.
٥٩ - رُوَاتُهُ بِسُوءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ ... بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ.
٦٠ - وَإِنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أَوْ شَذَّا ... أَوْ قَوِيَ الضَّعْفُ فَلَمْ يُجْبَرْ ذَا.

قلت [البنهاوي]: والذي يترجح عندي - والله أعلم - أن الخطأ فيه من إبراهيم بن عامر، وذلك أن محمد بن عامر - أخا إبراهيم -، رواه عن أبيه، عن النعمان من حديث أنس، كما سيأتي بيان ذلك في تخريج حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.


٣- وأما حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعًا بنحو معناه من أذكار الصباح والمساء
، فقد أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٤٠/٣)، فقال: [ثَنا عمرُ بنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، عَنْ إِبْراهِيمَ بنِ طَهْمَانَ، عَنْ عاصِمٍ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش]، عَنْ عَلِيِّ بِن أَبِي طالبٍ - رضي الله عنه - عَنْ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أتَاهُ جِبْرِيلُ - عليْه السلامُ - فَبينَا هوَ عِنْدَهُ إِذ أَقْبلَ أَبُو ذَرٍّ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: هُوَ أَبُو ذَرٍّ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِينَ الله وَتَعْرِفُونَ أَنْتُمْ أبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالذِي بَعَثَكَ بِالْحقِّ إِنَّ أَبا ذَرٍّ أَعْرفُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ مِنْهُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِدُعاءٍ يَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتين، وَقَدْ تَعَجَّبَت المَلاَئِكَةُ مِنْهُ، فَادعُ بهِ فَسَألَهُ عَنْ دعُائِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: يَا أَبَا ذَرٍّ دعُاء تَدْعُو بِه كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: نَعَمْ، فدِاكَ أَبِي وأُمّي، مَا سَمعتُهُ مِن بَشَر، وَإِنَّما هُوَ عَشَرَةُ أَحْرُف أَلْهَمَنِي رَبِّي إِلْهَامًا، وَأَنَا أَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتيْنِ.
أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَأُسَبِّح اللهَ مَليّا، وَأُهَلِّلُهُ مَلِيّا، وَأَحْمَدُهُ مَلِيّا، وَأُكَبِّرُهُ مَلِيّا، ثُمَّ أَدْعُو بِتِلْكَ العَشْرِ كَلِمَات:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، وَأَسْالُكَ قَلْبًا خَاشِعًا، وأَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وأَسْأَلُك يَقِينًا صَادِقًا، وأَسْالُكَ دِينًا قِيِّمًا، وأَسْأَلُكَ الْعَافِيةَ مِنْ كُلِّ بَلِيَّة، وأَسْأَلُكَ تَمَامَ الْعافِيةِ، وَأَسْأَلُكَ دَوَامَ الْعافِيَةِ، وأَسْألُكَ الشُّكْرَ عَلَى الْعافِيَةِ، وأَسْأَلُكَ الْغِنَى عِنَ النَّاسِ".
قَالَ جِبْرِيلُ: يا مُحَمَّدُ، وَالّذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبيّا لاَ يَدْعُو أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ بهذَا الدُّعاءِ إلَّا غُفرَتْ لَهُ ذُنُوبُه وِإنْ كانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ، وَعَدَدِ تُرَابِ الأَرْضِ، وَلاَ يَلقَى أَحدٌ مِنْ أُمَّتِكَ وَفِي قَلْبِهِ هَذَا الدُّعاءُ إِلاَ اشْتاقَتْ إِلَيْهِ الْجِنَانُ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ الْمَلَكانِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوابُ الْجَنَّةِ، ونادتِ الْمَلائِكَةُ: يَا وَلِيَّ الله ادْخُلْ مِنْ أيِّ بَابٍ شِئْتَ".

أورده الديلمي في مسند الفردوس (١٨٣٢)، ولم أجده في الغرائب الملتقطة لابن حجر، ونقله السيوطي بإسناده في الجامع الكبير (٧٦٢/١٧) عن الحكيم الترمذي، وكذلك الهندي في كنز العمال (٥٠٥٥).
وما بين المعكوفتين من الجامع الكبير وكنز العمال.

وعمر بن أبي عمر العبدي البلخي ترجم له الخطيب في المتفق والمفترق (١٦١٢/٣) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وقال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (٦٤/٢): مجهول، وقال ابن حجر في لسان الميزان (٣٠٩/١) ردًّا على الجوزقاني: عمر معروف لكنه ضعيف.

قلت [البنهاوي]: والصحيح هو ما قاله الجوزقاني، فعمر بن أبي عمر - كما ذكر ابن حجر في التقريب (٤٩٥٣) - هو الكَلاعي - بفتح الكاف - ضعيف! من شيوخ بقية المجهولين! من السابعة، ق. اهـ

قلت [البنهاوي]: وأما العبدي شيخ الحكيم الترمذي فهو من غير هذه الطبقة؛ يروي عن العاشرة.

فشيخ عمر بن ابي عمر في هذا الإسناد هو أبو همام الدلال، هو محمد بن مُحَبَّب - بموحدتين بعد المهملة وزن محمد - بن إسحاق القرشي أبو همام الدلال البصري، ثقة، من العاشرة، د س ق، التقريب (٦٢٦٥).

وإبراهيم بن طهمان الخراساني أبو سعيد، ثقة يغرب، من السابعة، ع، التقريب (١٨٩).

فالطبقة السابعة هي طبقة شيوخ شيوخ عمر بن أبي عمر البلخي وليس هو منها.

فالصحيح أن عمر بن أبي عمر شيخ الحكيم الترمذي من المجاهيل الذين لا يقبل تفردهم، وهو علة هذا الحديث الضعيف الذي لا يصلح للاعتبار به في المتابعات والشواهد.


٤- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو لفظه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح
، فقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (١٣١٥) فقال:
حدثنا أحمد [هو ابن محمد بن صدقة]، قال: نا الحسين بن علي بن جعفر الأحمر، قال: نا أبي، عن إسحاق بن منصور السلولي، عن جعفر الأحمر، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وعملاً متقبلاً».

وقال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سوقة إلا جعفر، ولا عن جعفر إلا إسحاق، تفرد به: حسين بن علي، عن أبيه.

قلت: رواه عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، كل من:
(١) عبد الله بن لهيعة.
(٢) محمد بن سوقة.
(٣) أسامة بن زيد الليثي.

وسيأتي بيان ذلك عند تخريج طرق حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا بنحو معناه - وليس بنحو لفظه -، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولفظه:
"اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع".

وسيأتي بيان تفرد الحسين بن علي بن جعفر هنالك عن كل من رواه عن محمد بن المنكدر، ومخالفته لهم.

قال ابن حجر في تقريب التهذيب (١٣٣٢): الحسين بن علي بن جعفر الأحمر الكوفي، مقبول، من الحادية عشرة، د س.

وقال في المقدمة في بيان مراتب الرواة: السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.

قلت: فالحسين بن علي بن جعفر الأحمر ممن لا يقبل تفرده، والله أعلم.


٥- وأما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، فقد أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية (١٧٩/٦)، فقال: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ، [ثنا أَحْمَدُ] بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ النُّعْمَانِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ [- يعني ابن إبراهيم -]، ثَنَا أَبِي، عَنِ النُّعْمَانِ [- هو ابن عبد السلام -]، عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ -، عَنْ عِمْرَانَ [القصير]، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، وَهَدْيًا قَيِّمًا، وَعِلْمًا نَافِعًا».

وما بين المعكوفات زيادات أثبتها من كتاب تقريب البغية بترتيب أحاديث الحلية للهيثمي (٤٠٥/٣) (٤١٩٥).

- والقاضي أبو أحمد هو محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني العسال، وهو أحد الحفاظ المتقنين، والعلماء المتثبتين، والقضاة المرضيين، وصاحب التصانيف النافعة، بلوغ الأماني بتراجم شيوخ أبي الشيخ الأصبهاني (ص٨١٩/ترجمة٣٣٩).
- وشيخه وهو أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان الأصبهاني، وهو مستور، بلوغ الأماني بتراجم شيوخ أبي الشيخ الأصبهاني (ص١٤٨/ترجمة٥٧).
- ومحمد بن عامر بن إبراهيم صدوق، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨٨/٤).
- وعامر والنعمان تُرجم لهما في نهاية تخريج رواية الشعبي عن أم سلمة.
- وأبو بكر - رجل من أهل البصرة - هو أبو بكر الهذلي قيل اسمه سلمى - بضم المهملة - بن عبد الله، وقيل روح، أخباري متروك الحديث من السادسة، ق، التقريب (٨٠٠٢).
قال الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (٥٥٨/٢):
ذكر أَبِي بكر الْهُذلِيّ .......
وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الَّذِي روى عَنهُ النُّعْمَان بْن عَبْدِ السَّلامِ الأَصْبَهَانِيُّ
قَالَ الْخَطِيبُ: وَاسْمُ أَبِي بَكْرٍ سُلْمَى وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. اهـ

قلت [البنهاوي]: ولفظ هذا الحديث رواه عمران القصير، عن معاوية بن قرة، عن أبي الدرداء موقوفًا - وسيأتي تخريجه بعدُ -.

فالذي يترجح عندي - والله أعلم - أن أبا العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان الأصبهاني قد أخطأ فيه، فقد خالفه من هو أوثق وأثبت منه في محمد بن عامر بن إبراهيم.

فقد أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان (٣١٧/٢) بلفظ آخر، فقال:

وَحَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا النُّعْمَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي [نَمِرٍ]، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا».
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: كَانَ حَاتِمُ بْنُ يُونُسَ مَعَنَا، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ هَذَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
وأخرجه يحيى الشجري من طريق أبي الشيخ في أماليه الخميسية (٧٦/١)، وما بين المعكوفتين تصويب منه.

- وأبو علي بن إبراهيم هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن زياد الصحاف الأصبهاني، وهو ثقة مكثر، بلوغ الأماني بتراجم شيوخ أبي الشيخ الأصبهاني (ص١٩٨/ترجمة٦٩).
- وشريك بن عبد الله بن أبي نمر أبو عبد الله المدني صدوق يخطىء من الخامسة خ م د تم س ق، التقريب (٢٧٨٨).

قلت: فهذا إسناد صحيح إلى النعمان بن عبد السلام، ولفظ هذا الحديث مشهور عن أنس - وإن لم يصح إسناد أبي الشيخ إليه -، أخطأ فيه إبراهيم بن عامر متنًا وسندًا - كما مر في تخريج رواية الشعبي عن أم سلمة -، وأخطأ في متنه أيضًا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان الأصبهاني.

ولفظ الحديث المشهور عن أنس
أخرجه النسائي في السنن الكبرى (٧٨١٩)، فقال:
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى، حَدَّثَهُ عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَسَمِعَهُ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو يَقُولُ:
«اللهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَارْزُقْنِي عِلْمًا تَنْفَعُنِي بِهِ».

رواه عن سليمان بن موسى الأشدق كل من:
(١) أسامة بن زيد الليثي، ورواه عنه كل من:

١) عبد الله بن وهب الفهري، أخرجه النسائي - كما مر -، والطبراني في الدعاء (١٤٠٥)، وأبو طاهر المخلِّص في المخلصيات (٢٧٥١)، والحاكم في المستدرك (٦٩٠/١)، والبيهقي في الدعوات الكبير (٢٤١).
٢) زين بن شعيب، أخرجه تمَّام في فوائده (٩٥٤)، وأبو طاهر السِّلفي في مشيخته البغدادية (ق١١٠/ب) مخطوط بالإسكوريال بإسبانيا برقم (١٧٨٣).

(٢) عمارة بن غزية، رواه عنه إسماعيل بن عياش، أخرجه الطبراني في الأوسط (١٧٤٨)، وفي مسند الشاميين (٣٣٧١)،وقال عقبه في الأوسط: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَكْحُولٍ إِلَّا سُلَيْمَانُ، وَلَا عَنْ سُلَيْمَانَ إِلَّا عُمَارَةُ، وَلَا عَنْ عُمَارَةَ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْمُعَافَى الظِّهْرِيُّ الْحِمْصِيُّ!.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٧٤١٥): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْمَدَنِيِّينَ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.

وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة (٣١٥١).

تنبيه وشكر:
كل طرق حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أفدتها من مشاركة أخي عبد الرحمن هاشم بيومي على مقالي في المجلس العلمي للألوكة، فجزاه الله خيرًا.


٦- وأما ما روي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح
، فقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٧١٣٩)، فقال:
حدثنا محمد بن نوح بن حرب، ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، ثنا قريش بن أنس، نا هشام بن حسان، عن حازم بن حاتم أبي حاتم، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع».

قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا قريش بن أنس.

قلت [البنهاوي]: أبو حاتم حازم بن حاتم مجهول العين، ولا يعرف إلا برواية هشام بن حسان، عنه، عن عائشة.

قال مسلم رحمه الله تعالى في الكنى والأسماء (٨٥٣):
أبو حاتم حازم بن حاتم عن عائشة، روى عنه هشام بن حسان.

قال محمد بن إسحاق بن منده في فتح الباب في الكنى والألقاب (٢١٦٣):
أبو حاتم حازم بن حاتم، حدث عمن سمع عائشة، روى عنه: هشام بن حسان.
أخبرنا علي بن نصر، ثنا الحسين بن محمد، ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، أنبأ قريش بن أنس، ثنا هشام بن حسان، حدثني حازم بن حاتم أبو حاتم، عن عائشة.

وأخرجه أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (١٩١٥) عن حازم، عمن سمع عائشة، عنها - كما أشار ابن منده -، فقال الحاكم:
أخبرنا أَحمَد بن عُمَير، حدثنا بَكار - يَعنِي ابن قُتَيبَة -، حدثنا قُرَيش بن أَنَس، حدثنا هِشام القُردُوسِي، عن خازِم بن حاتِم أبي حاتِم، عن رجل من أهل المَدِينَة، عن عائِشَة، رضي الله عنها، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كانَ يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ عِلمًا نافِعًا".

قلت [البنهاوي]: وذَكَرَ ابنُ حبان أبا حاتم حازم بن حاتم في ثقاته (٢٤٤/٦) كعادته في توثيق المجاهيل من طبقة التابعين ممن لم يعرفوا بجرح ولا تعديل، ولا عبرة بهذا التوثيق، فقد حكم غيره من الأئمة بجاهلته.


٧- وأما حديث أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح
، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٠٣٦٤)، وفي كتاب الإيمان (١٠٦)، فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، وَعِلْمًا نَافِعًا، وَهَدْيًا قَيِّمًا».
قَالَ مُعَاوِيَةُ: «فَنَرَى مِنَ الْإِيمَانِ إِيمَانًا لَيْسَ بِدَائِمٍ، وَمِنَ الْعِلْمِ عِلْمًا لَا يَنْفَعُ، وَمِنَ الْهَدْيِ هَدْيًا لَيْسَ بِقَيِّمٍ».

وأخرجه ابن بطة العكبري في الإبانة الكبرى (٩٧٥) عن معاوية بن قرة به.

قلت [البنهاوي]: ومعاوية بن قرة لم يلق أبا الدرداء رضي الله عنه، فأبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري صحابي جليل مشهور بكنيته أول مشاهده أحد وكان عابدًا مات في أواخر خلافة عثمان وقيل عاش بعد ذلك، ع، التقريب (٥٢٢٨).

قال البيهقي في السنن الكبرى (٥٤٨/١١): والمُرادُ بالرَّجُلِ المَعروفِ أبو إياسٍ مُعاويَةُ بنُ قُرَّةَ المُزَنيُّ، وهو مُنقَطِعٌ كما قال؛ فأبو إياسٍ مِنَ الطبَقَةِ الثّالِثَةِ مِن تابِعِى أهلِ البَصرَةِ، فهو لَم يُدرِكْ عثمانَ بنَ عَفّانَ، ولا كان في زَمانِهِ.

قلت [البنهاوي]: ومعاوية لم يلق من الصحابة من مات قبل موت أبي الدرداء رضي الله عنه.

قال ابن العراقي في تحفة التحصيل (ص٣١٠):
مُعَاوِيَة بن قُرَّة بن إِيَاس
قَالَ أبو زرْعَة [المراسيل لابن أبي حاتم (ص٢٠١)]: حَدِيثه عَن عَليّ مُرْسل.
قَالَ العلائي [جامع التحصيل (ص٢٨٢)]: وَقَالَ أبو بكر الْخَطِيب [تاريخ بغداد (٤١٩/٤)]: لم يلق بِلَالًا. انْتهى.
قلت: روى ابْن مَاجَه من طَرِيق مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن ابْن عمر؛ تَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِدَة وَاحِدَة. الحَدِيثَ.
وَقَالَ أبو زرْعَة: لم يلْحق مُعَاوِيَة بن قُرَّة ابْن عمر.
نَقله عَنهُ ابْن أبي حَاتِم فِي الْعِلَل [(١٠٠)(٥٢٢/١)]. انْتهى.

قلت [البنهاوي]: قال الإمام أحمد: لم يسمع معاوية بن قرة من أبي هريرة شيئًا ولا لقيه، الجامع لعلوم الإمام أحمد (٣٠٣/١٤).
وقال أبو حاتم الرازي: ومعاويةُ بْنُ قُرَّة لم يسمع من عبد الله بْنِ عَمْرٍو، العلل لابن أبي حاتم (٤٠٩/٦)(٢٦٢٥).


٨- وأما حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحو معناه، ولكن في الدعاء عند الشرب من ماء زمزم؛ فقد رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما كل من:
(١) عبد الله بن أبي مليكة.
(٢) عكرمة مولى ابن عباس.
(٣) مجاهد بن جبر.

(١) أما رواية ابن أبي مليكة
فأخرجها أبو عبد الله الفاكهي في أخبار مكة (٤١/٢) (١١٠٧) فقال:
وحدثنا هدية بن عبد الوهاب الكلبي، قال: ثنا الفضل بن موسى، قال: ثنا عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنه رأى رجلاً يشرب من ماء زمزم فقال: "هل تدري كيف تشرب من ماء زمزم؟"، قال: وكيف أشرب من ماء زمزم يا أبا عباس؟، فقال: "إذا أردت أن تشرب من ماء زمزم فانزع دلوًا منها، ثم استقبل القبلة وقل: بسم الله، وتنفس ثلاثًا حتى تضلع، وقل: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء".

قلت: هذا إسناد صحيح لغيره.
- هدية - بفتح أوله وكسر ثانيه وتشديد المثناة التحتانية - ابن عبد الوهاب المروزي أبو صالح، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين، ق، التقريب (٧٢٧٠).
- الفضل بن موسى السيناني - بمهملة مكسورة ونونين - أبو عبد الله المروزي، ثقة ثبت وربما أغرب، من كبار التاسعة، مات سنة اثنتين وتسعين ومائة في ربيع الأول، ع، التقريب (٥٤١٩).
- عثمان بن الأسود بن موسى المكي مولى بني جمح، ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة خمسين أو قبلها، ع، التقريب (٤٤٥١).
- عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة - بالتصغير - ابن عبد الله بن جدعان، يقال اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني، أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة، ع، التقريب (٣٤٥٤).

(٢) وأما رواية عكرمة فأخرجها أبو عبد الله الفاكهي في أخبار مكة (٣٤٣/١) (٧٠٨) فقال:
حدثنا الربعي عبد الله بن شبيب، عن نعيم بن حماد، قال: أخبرني إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة قال: وجدت في كتاب ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "إذا أردت وداع البيت فارتحل ثم ائت المسجد فطف بالبيت سبعًا، فإذا فرغت من سبعك فأت الملتزم بين الركن والباب، فضع خَدَّيْك بينهما، وابسط يَدَيْك، وقل: اللهم هذا وداعي بيتك فحرمني وعيالي على النار، اللهم خرجت إليك بغير منة عليك، أنت أخرجتني، فإن كنت قد غفرت ذنوبي، وأصلحت عيوبي، وطهرت قلبي، وكفيتني المهم من دنياي وآخرتي، فلا ينقلب المنقلبون إلا لفضل منك، وإن لم تكن فعلت ذلك فذنوبي وما قدمت يداي فاغفر لي وارحمني، ثم تنح خلف المقام فصل ركعتين، وتطيل فيهما، ولا تَألُ أن تحسن الدعاء، ثم تنصرف إلى زمزم، فاستق دلوًا فاشرب، واستقبل القبلة، ثم تقول: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء، ثم تنصرف حتى إذا كنت على بعض الأبواب من المسجد رميتها بطرفك، وتحزن على فراقها، وتمن الرجعة إليها، فإذا فعلت ذلك فقد أحسنت الوداع، إن شاء الله".

قلت: هذا إسناد واه، لا يصلح في المتابعات والشواهد، فيه عبد الله بن شبيب الربعي وهو ذاهب الحديث - تاريخ بغداد (١٤٩/١١) -، ولكن جاءت الرواية عن عكرمة من طريق آخر.

أخرجها الدارقطني في سننه (٢٧٣٨) فقال:
نا محمد بن مخلد، نا عباس الترقفي، نا حفص بن عمر العدني، حدثني الحكم، عن عكرمة، قال: كان ابن عباس - إذا شرب من زمزم - قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء".

قلت: هذا إسناد حسن لغيره.
- محمد بن مخلد بن حفص أبو عبد الله الدوري العطار، ثقة مأمون، سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (٢٠).
- العباس بن عبد الله بن أبي عيسى الواسطي نزيل بغداد المعروف بالتَّرْقُفِيِّ الباكسائي، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة سبع أو ثمان وستين، ق، التقريب (٣١٧٢).
- حفص بن عمر بن ميمون العدني الصنعاني أبو إسماعيل لقبه الفَرْخ، ضعيف، من التاسعة، ق، التقريب (١٤٢٠).
- الحكم بن أبان العدني أبو عيسى، صدوق عابد وله أوهام، من السادسة، مات سنة أربع وخمسين وكان مولده سنة ثمانين، ر٤، التقريب (١٤٣٨).
- عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس أصله بربري، ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك، ع، التقريب (٤٦٧٣).

(٣) وأما رواية مجاهد بن جبر فأخرجها الحاكم في مستدركه (٦٤٦/١) (١٧٣٩) قال:
حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المروزي، ثنا محمد بن حبيب الجارودي، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، فإن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته مستعيذًا [أ]عاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه».
قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: «اللهم أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء».
قال الحاكم بعده: هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي، ولم يخرجاه.

قلت: هذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن هشام المروزي، ولا يصلح للاعتبار به في المتابعات والشواهد.
- علي بن حمشاذ - واسمه محمد - بن سختويه بن نصر بن مهرويه بن كثير بن أحمد، أبو الحسن، النيسابوري، ثقة حافظ متقن، الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (٦٠٩).
- محمد بن هشام بن علي أبو عبد الله المروزي، مجهول العين، إرواء الغليل للألباني (٣٣٠/٤).
- محمد بن حبيب بن محمد الجارودي البصري، وثقه ابن حبان في ثقاته (١١٠/٩)، وقال الخطيب البغدادي في تاريخه (٨٧/٣): كان صدوقًا، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٢١٠/٢): سلم منه فإنه صدوق، قاله الخطيب البغدادي وغيره، لكن الراوي عنه محمد بن هشام المروزي لا أعرفه. اهـ

قال ابن حجر في التلخيص الحبير (٥٧١/٢):
والجارودي صدوق إلا أن روايته شاذة، فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة، والحميدي، وابن أبي عمر، وغيرهما عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله.
وقال في فتح الباري (٤٩٣/٣):
وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعًا: "ماء زمزم لما شرب له"، رجاله موثقون، إلا أنه اختلف في إرساله ووصله، وإرساله أصح.

قال الألباني في إرواء الغليل (٣٣١/٤):
وإنكار الذهبى مُنصب على الحديث المرفوع الموصول، فهو الذى نفاه بقوله: "ما رواه ابن عيينة قط".


٩- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعًا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح، ولفظه:
"اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع".

رواه محمد بن المنكدر، عن جابر به، ورواه عن ابن المنكدر كل من:
(١) عبد الله بن لهيعة،
أخرجه الطبراني في الأوسط (٩٠٥٠).

(٢) محمد بن سوقة، أخرجه الطبراني في الأوسط (١٣١٥)، ولكن جعل لفظه: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وعملاً متقبلاً".
وقال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سوقة إلا جعفر، ولا عن جعفر إلا إسحاق، تفرد به: حسين بن علي، عن أبيه.

قلت: والحمل فيه - والله أعلم - على الحسين بن علي بن جعفر الأحمر فهو ممن لا يقبل تفرده.
وقد سبقت الإشارة من قبل إلى شذوذ رواية الحسين الأحمر عند تخريج حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو لفظه، ولكن من الدعاء المطلق غير المقيد ببعد صلاة الصبح.

قال ابن حجر في تقريب التهذيب (١٣٣٢): الحسين بن علي بن جعفر الأحمر الكوفي مقبول من الحادية عشرة د س.
وقال في المقدمة في بيان مراتب الرواة: السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.

(٣) أسامة بن زيد، واختلف عليه في لفظه، فمنهم من رواه كرواية ابن لهيعة بصيغة الدعاء مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من رواه بصيغة الأمر مرفوعًا: "سلوا الله علمًا نافعًا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع".

١) فأما من رواه عن أسامة بن زيد بصيغ الأمر فكل من:
[١] عبد العزيز بن محمد الدراوردي، أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده (١٧٨)، ومن طريقه البيهقي في الدعوات الكبير (٢٠٠).
[٢] محبوب بن محرز، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٢٢٦) (١٩٨٠)، وأبو بكر الشافعي في فوائده المشهورة بالغيلانيات (٦١٥).
[٣] وكيع بن الجراح، رواه عنه كل من:
١] علي بن محمد الطنافسي، رواه عنه ابن ماجه في سننه (٣٨٤٣).
٢] سفيان بن وكيع بن الجراح، رواه عنه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٢١٩٦).
٣] أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (٢٦٧١٢) (٢٩١٢٢)، رواه عنه كل من:
{١} عبد بن حميد في مسنده (١٠٩٣).
{٢} أبو يعلى الموصلي في مسنده (١٩٢٧).
{٣} سفيان بن الحسن، رواه عنه ابن حبان في صحيحه (٨٢) - بترتيب ابن بلبان -، ولكن جعل لفظه بصيغة الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وما جاء عند ابن حبان شاذ مخالف لما رواه ابن أبي شيبة نفسه في مصنفه، ومخالف لكل من روى الحديث عنه، ولا أدري آلحمل فيه على سفيان بن الحسن أم على أبي حاتم بن حبان البستي، والله أعلم.

٢) وأما من رواه عن أسامة بن زيد بصيغ الدعاء فهو عبد الله بن وهب المصري، أخرجه النسائي في الكبرى (٧٨١٨)، والآجري في أخلاق العلماء (ص١٢٣)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من المخلصيات (٢٧٥٠).

قلت: والحمل فيه - والله أعلم - على أسامة بن زيد الليثي مولاهم أبو زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين وهو ابن بضع وسبعين، خت م ٤، تقريب التهذيب (٣١٧).
فيحتمل أنه كان في الأغلب يحدث به على صيغة الأمر، وأحيانًا كان يحدث به بصيغة الدعاء، والله أعلم.

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (١٣٥٣): إسناده صحيح، رجاله ثقات.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٧٤١٧): رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده صحيح.
وحسنه
الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥١١) (١٦/٤).


الخلاصة الحديثية:
كل ما ورد من الأسانيد في تقييد الدعاء بأذكار الصباح والمساء ضعيفة، ولا يصلح منها شيء للاعتبار به في المتابعات والشواهد إلا ما رواه الحُفَّاظ عن موسى بن أبي عائشة عن مولى لأم سلمة عن أم سلمة مرفوعًا - على خلاف بين العلماء في الاعتبار به -، ولم يَرِد ما يقويه أو يعضده.

كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو لفظ الدعاء أو معناه من الدعاء المطلق الغير مقيد بأذكار الصباح والمساء لا يصح، ولا يصلح منها شيء للاعتبار به في المتابعات والشواهد إلا ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعًا بنحوه معناه من الدعاء المطلق الغير مقيد بأذكار الصباح، ولفظه: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع".

كل ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم موقوفًا بنحو لفظ الدعاء أو معناه من الدعاء المطلق الغير مقيد بأذكار الصباح والمساء لا يصح، ولا يصلح منها شيء للاعتبار به في المتابعات والشواهد إلا ما ثبت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحو معناه، ولكن في الدعاء عند الشرب من ماء زمزم، ولفظه:" اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء".


والخلاصة الفقهية:
إن العزوف عن الدعاء بتلك الكلمات مطلقًا لأنها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مرادًا من هذا الإيضاح، ولكن المراد منه عدم اتخاذها وِرْدًا من أذكار الصباح والمساء، لأن اتخاذها وردًا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.


وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t583
إعراب (أمثال) من قوله تعالى: «فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها» [الأنعام:١٦٠] http://www.el-ghorba.com/forums/t582 Tue, 14 Dec 2021 16:48:07 +0200
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن تبع هداه، وبعد:

لأهل العلم في إعراب (أمثال) من قوله تعالى: «فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها» [الأنعام:١٦٠] خمسة أقوال.

الأول - على قراءة الجماعة «فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها» بلا تنوين لعشر وبكسر أمثال -: أنه مضاف إليه وقع العدد عليه وقد خالفه، لأنه اسم جمع لما لا يعقل، وكل جمع خالف الآدميين، فهو مؤنث لأن معناه الجماعة، وإن كان واحده مذكرًا.

الثاني - على قراءة الجماعة أيضًا -: أنه أُنِث لإضافته إلى ضمير يعود على مؤنث وهي الحسنات؛ فاكتسب المضاف أحكام المضاف إليه.

الثالث - على قراءة الجماعة أيضًا -: أنه لفظ مذكر في معنى المؤنث؛ فأُنِث لأنه أُرِيد به المعنى وليس اللفظ.

الرابع - على قراءة الجماعة أيضًا -: أنه صفة لمحذوف تقديره (حسناتٍ)، وحسنة مؤنث خالفت العدد.

الخامس - على قراءة يعقوب الحضرمي «فَلَهُ عَشْرٌ أمثالُها» بتنوين عشر ورفع أمثال -: أنه نعت العشر.

وقيل - على قراءة يعقوب الحضرمي -: أنه بدل.

فالقول الأول قاله محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (المتوفى: ٢٨٥هـ) في كتابه المقتضب (١٨٥/٢):

(هَذَا بَاب مَا يُضَاف إِلَيْهِ من الْعدة من الْأَجْنَاس وَمَا يمْتَنع من الْإِضَافَة)

اعْلَم أَنه كل مَا كَانَ اسْمًا غير نعت فإضافة الْعدَد إِلَيْهِ جَيِّدَة، وَذَلِكَ قَوْلك: عِنْدِي ثَلَاثَة أجمالٍ، وَأَرْبَعَة أينق، وَخَمْسَة دراهمَ، وَثَلَاثَة أنفس.

فَإِن كَانَ نعتًا قبح ذَلِك فِيهِ إِلَّا أَن يكون مضارعًا للاسم وَاقعًا موقعه، وَذَلِكَ قَوْلك: عِنْدِي ثَلَاثَة قريشيين، وَأَرْبَعَة كرام، وَخَمْسَة ظرفاء؛ هَذَا قَبِيح حَتَّى تَقول: ثَلَاثَة رجال قريشيين، وَثَلَاثَة رجال كرام، وَنَحْو ذَلِك.

فَأَما الْمُضَارع للأسماء فنحو: جَاءَنِي ثَلَاثَة أمثالك، وَأَرْبَعَة أشباه زيد، كَمَا قَالَ الله عز وَجل: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، وَقد قُرئَ: {فَلهُ عَشْرٌ أَمْثَالُهَا}، فَهَذِهِ الْقِرَاءَة المختارة عِنْد أهل اللُّغَة، وَالَّتِي بدأنا بهَا حَسَنَة جميلَة.

فَإِن كَانَ الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الْعدَد اسْمًا لجنس من غير الْآدَمِيّين لم يلاقه الْعدَد إِلَّا بِحرف الْإِضَافَة وَكَانَ مجازه التَّأْنِيث لِأَن فعله وَجمعه على ذَلِك إِذا كَانَ مَعْنَاهُ الْجَمَاعَة، أَلا ترى أَنَّك تَقول: الْجمال تسير وَالْجمال يسرن، كَمَا قَالَ الله عز وَجل عِنْد ذكر الْأَصْنَام {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس}، وعَلى هَذَا يجمع كَمَا تَقول: حمام وحمامات، وسرداق وسرادقات.

والقول الثاني قاله أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: ٧٩٤هـ) في كتابه البرهان في علوم القرآن (٣٦٥/٣):

أَنَّثَ لِإِضَافَةِ الْأَمْثَالِ إِلَى مُؤَنَّثٍ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْحَسَنَات،ِ وَالْمُضَافُ يَكْتَسِبُ أَحْكَامَ الْمُضَافِ إِلَيْه، فتكون كقوله: {تلتقطه بعض السيارة}.

والقول الثالث نقله عبد الرحمن بن إسحاق البغدادي النهاوندي الزجاجي، أبو القاسم (المتوفى: ٣٣٧هـ) في كتابه الأمالي (١١٧/١) عن أبي حاتم السجستاني فقال:

أخبرنَا: أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُسلم بْن قُتَيْبَة، قَالَ أَخْبرنِي: أبي، قَالَ: حَدثنِي أَبُو حَاتِم سهل بْن مُحَمَّد السجسْتانِي، قَال:َ

كنت عِنْد الْأَخْفَش سعيد ابْن مسعده وَعِنْده التوزي، فَقَالَ - لي التوزي -:
مَا صنعت فِي كتاب الْمُذكر والمؤنث يَا أَبَا حَاتِم؟
قلت: قد جمعت مِنْهُ شَيْئا.
قَال:َ فَمَا تَقول فِي الفردوس؟.
قلت: هُوَ مُذَكّر.
قَالَ فَإِن اللَّه عز وَجل يَقُولُ: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الفردوس هم فِيهَا خَالدُونَ}.
قلت: ذهب إِلَى معني الْجنَّة فأنثه، كَمَا قَالَ عز وَجل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالهَا} فأنث والمثل مُذَكّر لِأَنَّهُ ذهب إِلَى معنى الْحَسَنَات.

وكما قَالَ عمر بْن أبي ربيعَة:
فَكَانَ مجني دون من كنت أتقي ... ثَلَاث شخوص كاعبان ومعصر
فأنث والشخص مُذَكّر لِأَنَّهُ ذهب إِلَى معنى النِّسَاء، وَأَبَان لذَلِك بقوله كاعبان ومعصر.

كَمَا قَالَ الآخر:
وَإِن كلابا هَذِه عشر أبطنٍ ... وَأَنت برئٌ من قبائلها الْعشْر
فأنث والبطن مُذَكّر لِأَنَّهُ ذهب إِلَى الْقَبِيلَة.

فَقَالَ لي: يَا غافل النَّاس يَقُولُونَ نَسْأَلك الفردوس الْأَعْلَى.
فَقلت: يَا نَائِم هَذَا حجتي لِأَن الْأَعْلَى من صِفَات الذكران لِأَنَّهُ أفعل، وَلَو كَانَ مؤنثا لقَالَ الْعليا، كَمَا تَقول الْأَكْبَر والكبرى،والأصغر وَالصُّغْرَى.
فَسكت خجلاً.

والقول الرابع والخامس قالهما أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: ٢٠٧هـ) في كتابه معاني القرآن (٣٦٦/١):

وقوله: «فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها»؛
من خفض يريد: فله عشرُ حسناتٍ أمثالِها.
ولو قَالَ هاهنا: «فله عشرُ مِثلِها»، يريد: عشرُ حسناتٍ مثلِها؛ كَانَ صوابًا.

ومن قَالَ: «عشرٌ أمثالُها» جعلهنّ من نعت العشر.

و(مثل) يَجوز توحيده: أن تَقُولُ فِي مثله من الكلام: هم مثلكم، وأمثالكم، قَالَ الله تبارك وتعالى: «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ» [النساء:١٤٠] فوحّد، وقال: «ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» [محمد:٣٨] فجمع.

ولو قلت: عَشْرٌ أَمثالُها كما تَقُولُ: عندي خمسةٌ أثوابٌ لَجازَ.

وقوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ: بلا إله إلا الله، والسيئة: الشِّرك.

وقال بالبدل عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي، أبو محمد، محيي الدين الحنفي (المتوفى: ٧٧٥هـ) في كتابه الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٥٠٨/١):

وَقَرَأَ فى رِوَايَة الْحسن عَنهُ: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} بِرَفْع عشر منونا وَرفع لام أَمْثَالهَا، وَبِه قريء من طَرِيق يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ، وَنسب إِلَى الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير وَالْأَعْمَش، وتأنيث الْعشْر لكَونه عبارَة عَن الْحَسَنَة، وأمثالها بدل.

قال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: ٣٧٠هـ) في كتابه معاني القراءات (٣٩٧/١):
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا).
ْقرأ الحضرمي وحده (عَشْرٌ أَمْثَالِهَا) منونا بالرفع، وقرأ الباقون (عَشْرُ أَمْثَالِهَا) مضافا.

قال أَبو منصور: مَنْ قَرَأَ (عَشْرٌ) أراد: فله حسنات عَشْرٌ أمثال الحسنة التي جاء بها.
وَمَنْ قَرَأَ (عَشْرُ أَمْثَالِهَا) أراد: فله عَشْرُ أَمْثَالِ تلك الحسنة، والمعنى واحد.

والحمد لله رب العالمين.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t582
حكم صرف أو منع اسم العلم الثلاثي المؤنث ساكن الوسط كهند ودعد http://www.el-ghorba.com/forums/t581 Tue, 14 Dec 2021 16:41:54 +0200
كذا مؤنثٌ بهاءٍ مطلقَا ... وشَرْطُ مَنْعِ العَارِ كَوْنُهُ ارْتَقَىٰ

فوق الثلاثِ، أو كجُورَ، أو سَقَرْ ... أو زيدٍ: اسمِ امرأةٍ لا اسمَ ذكرْ

وجهانِ في العادمِ تذكيرًا سَبَقْ ... وعُجْمَةً - كهِنْدَ - والمنعُ أحقْ


قال ابن عقيل - رحمه الله تعالىٰ - في شرحه (٣٣١/٣):

ومما يمنع صرفه - أيضًا - العلمية والتأنيث، فإن كان العَلَم مؤنثًا بالهاء امتنع من الصرف مطلقًا، أي: سواء كان عَلَمًا لمذكر كطلحةَ، أو لمؤنث كفاطمةَ، زائدًا علىٰ ثلاثة أحرف كما مَثَّل، أم لم يكن كذلك «كثُبَةَ، وقُلَةَ» - عَلَمَيْن -.

وإن كان مؤنثًا بالتعليق؛ أي: بكونه علمًا علىٰ أنثىٰ، فإما أن يكون علىٰ ثلاثة أحرف، أو على أزيد من ذلك.

فإن كان على أزيد من ذلك امتنع من الصرف كزينبَ وسعادَ - عَلَمَيْن -، فتقول هٰذه زينبُ، ورأيت زينبَ، ومررت بزينبَ.

وإن كان علىٰ ثلاثة أحرف؛

فإن كان محرك الوسط، منع - أيضًا - كسَقَرَ.

وإن كان ساكن الوسط، فإن كان أعجميًا كـ«جُورَ» - اسم بلد -، أو منقولاً من مذكر إلىٰ مؤنث كـ«زيدَ» - اسم امرأة - منع أيضًا.

فإن لم يكن كذلك، بأن كان ساكن الوسط، وليس أعجميًا، ولا منقولاً من مذكر ففيه وجهان: المنع(١)، والصرف، والمنع أَوْلىٰ، فتقول: هٰذه هندُ، ورأيت هندَ، ومررت بهندَ.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) قال الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد في تعليقه:
وقد ورد بالوجهين قول جرير، وينسب لابن قيس الرقيات:
لم تتلفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِها ....... دَعْدٌ، ولم تُسَقْ دَعْدُ في العُلبِ
فقد صرف «دعد» في أول عَجُزِ البيت، ثم منع صرفه بعد ذٰلك.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t581
فتح الله الواحد القهار ببيان أن لفظ الذكر والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مبني على التوقيف والاقتصار http://www.el-ghorba.com/forums/t580 Tue, 14 Dec 2021 16:37:38 +0200
أخرج البخاري (٦٣١١) - واللفظ له -، ومسلم (٢٧١٠)
عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ»، فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: «لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ».

قال ابن بطال في شرحه على البخاري (٣٦٦/١):
وقال بعض العلماء: لم يُرد النبي بِرَدِّه على البراء تحري قوله فقط، وإنما أراد بذلك ما فى قوله: "ونبيك الذي أرسلت" من المعنى الذي ليس فى قوله: "ورسولك الذى أرسلت".
وذلك أنه إذا قال: "ورسولك الذى أرسلت" يدخل فيه جبريل وغيره من الملائكة الذين هم رسل الله إلى أنبيائه وليسوا بأنبياء، كما قال تعالى فى كتابه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥].
فأراد بقوله: "ونبيك الذي أرسلت" تخليص الكلام من اللبس أنه المراد - عليه السلام - بالتصديق بنبوته بعد التصديق بكتابه الذي أوحى الله تعالى إليه وأمرهم بالإيمان به، وإن كان غيره من رسل الله أيضًا واجب الإيمان بهم.
وهذه شهادة الإخلاص والتوحيد الذي من مات عليها دخل الجنة، ألا ترى قوله - عليه السلام -: "فإن مت مت على الفطرة"، يعني: فطرة الإيمان.

قال المازري في شرحه على مسلم (٣٣٠/٣):
يحتمل أن يكون أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يقول كما عَلّمه من غير تَغيير وإن كان المعنى لا يختلف في المقصود.
ولَعَلَّه - صلى الله عليه وسلم - أُوحِيَ إليه بهذا اللفظ فاتَّبع ما أُوحيَ إلَيه به، لأنَّه لا يغير ما أُوحيَ إليه به، لا سيما والموعود به على هذه الدعوات أمر لا يوجبه العقل، وإنَّما يعرف بالسَّمع، فينبغي أن يتبع السَّمع فيه على ما وقع.
على أن قوله: "ورسولِك الذي أرسلتَ" لا يفيد من جهة نطقه إلا معنًى واحدًا وهو الرِّسالة.
وقوله "وَنَبِيِّك الذي أرسلتَ" يفيد من جهة نطقه النبوة والرسالة، وقد يكون نبيّ ليس برسول.
والمعتمد على ما قلناه من اتباع اللفظ المسموع من الشرع.

قال النووي في شرحه على مسلم (٣٣/١٧):
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّهِ اللَّفْظَ، فَقِيلَ: إِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "آمَنْتُ بِرَسُولِكَ" يَحْتَمِلُ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ.
وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ، وَلَعَلَّهُ أُوحِي إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ.

قال الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (٦٣٣/٣):
٤١٧ - (قَوْله) الثَّامِن عشر: الظَّاهِر أَنه لَا يجوز تَغْيِير عَن النَّبِي - لَا عَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

فيه أمران:
أحدهما: ما قال إنه الظاهر ممنوع، وقد خالفه النووي فقال: «الصواب جوازه؛ لأن معناهما واحد، وهو مذهب أحمد وحماد بن سلمة والخطيب».
وهو كما قال؛ لأن المقصود إسناد الحديث إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حاصل بكل من الصنفين، وليس الباب باب تقيد باللفظ، لا سيما إذا قلنا: إن الرسالة والنبوة بمعنًى واحدٍ.
وقال بعضهم: لو قيل بجواز تغيير النبي إلى الرسول دون عکسه لما بعُد، لأن في الرسول معنًى زائدًا على النبي وهو الرسالة، فإن كل رسول نبي دون عکسه.
فإن قيل يرد عَلَيْهِ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي الصَّحِيح لما قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت"، ثمَّ استعاده فَقَال: "وَرَسُولك الَّذِي أرسلت"، فقال: "لَا، وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت"، فَإِنَّهُ يدل على أَنه لَا يُبدل النَّبِي بالرسول فعكسه أولى.
قلت[الزركشي]: لَا حجَّة فِيهِ لِأَن أَلْفَاظ الْأَذْكَار توقيفية، وَرُبمَا كَانَ فِي اللَّفْظ معنى لَا يحصل لغيره، أو لما في الجمع بين النبوة والرسالة، أو لاختلاف المعني لأن «ورسولك الذي أرسلت» يدخل فيه جبريل وغيره من الملائكة الذين ليسوا بأنبياء.

قال الكرماني في الكواكب الدراري (١٢٨/٢٢):
وقيل: هذا ذكر ودعاء فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه لاحتمال أن لها خاصية ليست لغيرها.

قال البدر العيني في عمدة القاري (٢٨٣/٢٢):
وَقيل: هَذَا ذكر وَدُعَاء فَيقْتَصر فِيهِ على اللَّفْظ الْوَارِد بِحُرُوفِهِ لاحْتِمَال أَن لَهَا خاصية لَيست لغَيْرهَا.

قال ابن حجر في فتح الباري (١١٢/١١):
وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ قَالَ الرَّسُولَ بَدَلَ النَّبِيِّ أَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَهَا خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ.
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَازِرِيِّ قَالَ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا.

قلت [البنهاوي]: وأما ما استدل به بعض الفضلاء من قول ابن عمر رضي الله عنه - في التلبية -: "فزدت أنا" على أن ألفاظ الذكر والدعاء ليست توقيفية، وعزاها للصحيح.

فأولا: اللفظة ليست في الصحيحين، وليس كما قال عنها: "في الصحيح".
وإنما هذه الزيادة عند عبد بن حميد (٧٢٦)، وأحمد (٥٠٧١) فيما رواه ابنه عبد الله عنه وجادة.

ثانيا: اللفظة التي في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم فقط، ولم يُخرِّج البخاري ولا مسلم لفظة: "زدت أنا" - وإن كان إسناد عبد بن حميد على شرطيهما، وعبدٌ ممن روى عنه مسلم في الصحيح - وذلك لسبب التالي:

أن اللفظة المحفوظة في الحديث من قول نافع، قال: "وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَزِيدُ فِيهَا:
لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ"، أخرجها مسلم (١٩/١١٨٤)، وأحمد (٥٤٧٥).

وأخرج مسلم بعدها (٢٠/١١٨٤) الحديث من رواية سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر ومعهما نافع مولى ابن عمر في رواية واحدة، ثم أفرد هذه اللفظة في نهاية الحديث فقال، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: «لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»؛ إشارة من مسلم رحمه الله تعالى إلى أن هذا مما قاله نافع عن ابن عمر، ولم يروِها ابنا عبد الله بن عمر عن أبيهم، وأن هذه اللفظة لم يزدها ابن عمر من تلقاء نفسه - كما سيأتي بيانه -.

وإن كانت هذه اللفظة لم يتفرد بها نافع عن ابن عمر، فقد تابع نافعًا بكرُ بن عبد الله المزني عند أحمد (٤٤٥٧) فقال بكر: وَزَادَ فِيهَا ابْنُ عُمَرَ: «لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»، وإسناد أحمد على شرط مسلم أخرج به مسلم حديثا برقم (١٢٣٢).

وهذه اللفظة ما زادها ابن عمر رضي الله من تلقاء نفسه - كما توهم من سمع قول نافع أو غيره -، إنما تعلمها ابن عمر من أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما أخرجه مسلم (٢١/١١٨٤) وأحمد (٦١٤٦)
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُهِلُّ بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.

قلت [البنهاوي]: وكل ما كان على هذا الوجه من كلام الصحابة رضي الله عنهم في ما كانوا يزيدونه على ما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم في الأذكار والدعاء - مطلقة كانت أو مقيدة -، أو في ما وصفهم به التابعون من ذلك فمؤول على تعلم الصحابة لهذه الزيادات من بعضهم البعض.

فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ - قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتَ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ -، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ -، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».
أخرجه أبو داود (٩٧١).
وضعفه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل - كما في الكامل لابن عدي (٣٩٢:٣٩١/٢) -، والبخاري أيضا - كما في العلل الكبير للترمذي (١٠٤) -.

وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٦٤/١):
إِلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِيهِ: "وَزِدْتُ فِيهَا"؛ يَدُلُّ أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ خِلَافُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ وَإِمَّا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، كَمَا تُعَلِّمُونَ الصِّبْيَانَ الْكِتَابَ ... ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَوَاءً.
فَهَذَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ عَنْهُ.
وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَلَّمَهُ مُجَاهِدًا، فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَدَعُ مَا أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخَذَهُ عَنْ غَيْرِهِ.

قال الترمذي في العلل الكبير (١٠٤) (ص٧١):
قُلْتُ: فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَالَ [البخاري]: يُحْتَمَلُ هَذَا وَهَذَا.

قال الألباني في صفة الصلاة حاشية (ص١٦٣):
هاتان الزيادتان ثابتتان في التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزدها ابن عمر من عند نفسه، وحاشاه من ذلك، إنما أخذها من غيره من الصحابة الذين رووها عنه صلى الله عليه وسلم، فزادها هو على تشهده الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.

قلت [البنهاوي]: ويبقى سؤالان آخران:
الأول منهما:
وهل ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلم تلك التلبية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو من غيره من الصحابة رضي الله عنهم؟.

والجواب فيما يأتي:
قال النووي في شرحه على مسلم (١٧٤/٨) على شرح حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه برقم (١٢١٨):
قَوْلُهُ: (فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ).

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا رُوِيَ مِنْ زِيَادَةِ النَّاسِ فِي التَّلْبِيَةِ مِنَ الثَّنَاءِ وَالذِّكْرِ،
كَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ -: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ، لَبَّيْكَ مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك،
وعن ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ،
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:ُ لَبَّيْكَ حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا.

قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: الْمُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قال ابن حجر في فتح الباري (٤١٠/٣) في شرحه لباب التلبية:
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُول:ُ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ....... الْحَدِيثَ"
وَقَالَ فِي آخِرِهِ: "لَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ"، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْه؛ قَالَ ابن عُمَرَ كَانَ عُمَرُ يُهِلُّ بِهَذَا: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ"،‏ وَهَذَا الْقَدْرُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَيْضا عِنْده عَن نَافِع عَن ابن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِيهَا فَذَكَرَ نَحْوَه، فَعرف أَن ابن عمر اقتدي فِي ذَلِك بِأَبِيهِ.

وَأخرج ابن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَال:َ كَانَتْ تَلْبِيَةُ عُمَرَ - فَذَكَرَ مِثْلَ الْمَرْفُوعِ وَزَادَ -: "لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا وَمَرْهُوبًا إِلَيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ"، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك.َ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ - بَعْدَ أَن أخرجه من حَدِيث ابن عمر، وابن مَسْعُود،ٍ وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِب -:َ
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا عَلَى هَذِهِ التَّلْبِيَةِ، غَيْرَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا مِنَ الذِّكْرِ لِلَّهِ مَا أَحَبَّ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة - يَعْنِي: الَّذِي أخرجه النَّسَائِيّ وابن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحق لبيْك -، وَبِزِيَادَة ابن عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ.

وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ ثُمَّ فَعَلَهُ هُوَ، وَلَمْ يَقُلْ لَبُّوا بِمَا شِئْتُمْ مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ هَذَا، بَلْ عَلَّمَهُمْ كَمَا عَلَّمَهُمُ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَدَّى فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَهُ.

ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُول:ُ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ، وَمَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَهَذَا سَعْدٌ قَدْ كَرِهَ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ وَبِهِ نَأْخُذُ. انْتَهَى.

وَيَدُلُّ عَلَى الجواز مَا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزِيد عَن ابن مَسْعُودٍ قَال:َ كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُلَبِّي بِغَيْرِ ذَلِك،َ وَمَا تقدم عَن عمر وابن عُمَرَ.

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول:ُ لَبَّيْكَ غَفَّارَ الذُّنُوبِ.

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ: حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إِلَخْ قَالَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ تَلْبِيَتُهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا، وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: ذَا الْمَعَارِجِ وَذَا الْفَوَاضِلِ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّلْبِيَةِ الْمَرْفُوعَةِ أَفْضَلُ لِمُدَاوَمَتِهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَبِه صرح أَشهب، وَحكى ابن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةَ، قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: حَكَى أَهْلُ الْعِرَاقِ عَنِ الشَّافِعِيِّ - يَعْنِي فِي الْقَدِيمِ -: أَنَّهُ كَرِهَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَغَلِطُوا، بَلْ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَب،ُّ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَال:َ فَإِنْ زَادَ فِي التَّلْبِيَةِ شَيْئًا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ فَلَا بَأْس،َ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَن ابن عُمَرَ حَفِظَ التَّلْبِيَةَ عَنْهُ ثُمَّ زَادَ مِنْ قِبَلِهِ زِيَادَةً.
وَنَصَبَ الْبَيْهَقِيُّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فَقَالَ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَرْفُوعِ أَحَبُّ، وَلَا ضِيقَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ زَادَ فَحَسَنٌ.
وَحَكَى فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَلَا ضِيقَ عَلَى أحد فِي قَول مَا جَاءَ عَن ابن عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ غَيْرَ أَنَّ الِاخْتِيَارِ عِنْدِي أَنْ يُفْرِدَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى.

وَهَذَا أَعْدَلُ الْوُجُوهِ فَيُفْرِدُ مَا جَاءَ مَرْفُوعًا، وَإِذَا اخْتَارَ قَوْلَ مَا جَاءَ مَوْقُوفًا أَوْ أَنْشَأَهُ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مِمَّا يَلِيقُ قَالَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ حَتَّى لَا يَخْتَلِطَ بِالْمَرْفُوعِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِحَالِ الدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنَ الْمَسْأَلَةِ وَالثَّنَاءِ مَا شَاءَ»، أَيْ: بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْمَرْفُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.

قلت [البنهاوي]: والسؤال الآخر:
وهل منهاج التوقيف والاقتصار على لفظ الذكر أو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما علمه الصحابة رضي الله عنهم للتابعين منهاجا؟.

قال عبد الرزاق في مصنفه (٣٠٦٢):
أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: جَاءَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، إِلَى عَلْقَمَةَ يَسْتَشِيرُهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا: «وَمَغْفِرَتُهُ»، قَالَ عَلْقَمَةُ: «إِنَّمَا نَنْتَهِي إِلَى مَا عَلِمْنَاهُ».

قال ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٠٢٤) ط.أشبيليا:
نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يُعَلِّمُ أَعْرَابِيًّا التَّشَهُّدَ، فَيَقُولُ عَلْقَمَةُ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»، فَيَقُولُ الْأَعْرَابِيُّ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَيُعِيدُ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٦٦/١):
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ خَيْثَمٍ، لَقِيَ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أَزِيدَ فِي التَّشَهُّدِ: «وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ: «نَنْتَهِي إِلَى مَا عُلِّمْنَاهُ».

قال الطبراني في الكبير (٩٩٢٧):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: زَادَ رَبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ فِي التَّشَهُّدِ: «بَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: نَقِفُ حَيْثُ عَلِمْنَا: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ».

قال الألباني في صفة الصلاة حاشية (ص١٦٤):
فروى الطبراني في (١/٥٦/٣) بسند صحيح عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: زَادَ رَبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ فِي التَّشَهُّدِ: «بَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ»، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: نَقِفُ حَيْثُ عَلِمْنَا: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ».
وعلقمة تلقى هذا الاتباع من أستاذه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد روي عنه أنه كان يعلم رجلًا التشهد، فلما وصل إلى قوله: "أشهد أن لا إله إلا الله"؛ قال الرجل: "وحده لا شريك له"، فقال ابن مسعود: هو كذلك، ولكن ننتهي إلى ما علمنا.
قال الألباني: أخرجه الطبراني في الأوسط (رقم ٢٨٤٨ - مصوراتي) بسند صحيح؛ إن كان المسيب الكاهلي سمع من ابن مسعود.

وما نقله الشيخ الألباني عن ابن مسعود رضي الله عنه فقد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٠١٤) فقال:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَجُلًا يَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ: بِسْمِ اللَّهِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يُقَالُ هَذَا عَلَى الطَّعَامِ».

وقال القاضي المحاملي في أماليه براوية ابن البيع (٩٠):
حَدَّثَنَا يُوسُف،ُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ، فَلَمَّا بَلَغَ "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، قَالَ: "وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «نَنْتَهِي إِلَى مَا عُلِّمْنَا».

وقال الطبراني في الأوسط (٢٦٩٠):
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم،ُ قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهِلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه،ُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: «وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ»، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ نَنْتَهِي إِلَى مَا عَلِمْنَا».

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِلَّا مُفَضَّلٌ، تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى.

قلت [البنهاوي]: فالأثر صحيح الإسناد إلى المسيب بن رافع الكاهلي ولكنه لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه.

قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص٢٠٧):
٧٧٠- سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلٌ.

٧٧١ - سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ - مَرَّةً أُخْرَى -: الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَلْقَ عَلِيًّا، إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ مُجَاهِدٍ وَنَحْوِهِ.

٧٧٣ - قِيلَ لِأَبِي زُرْعَةَ الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا بِرَأْسِهِ.

قلت[البنهاوي]: ولكن له شاهد أخرجه البزار في المسند (١٥٨١) فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، قَالَا: نا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: نا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يُعَلِّمُ رَجُلًا التَّشَهُّدَ فَقَالَ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عَبَّادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، فَأَعَادَهَا عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِرَارًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: "وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».
قال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا أَدْخَلْتُهُ الْمُسْنَدَ لِأَنَّهُ قَالَ: «هَكَذَا عُلِّمْنَا».

قال ابن عدي في الكامل (٣٨١/٤):
حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة، حَدَّثَنا مُحَمد بن يَحْيى القطيعي، حَدَّثَنا سالم بن نوح، حَدَّثَنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: كَانَ عَبد اللَّهِ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسوله».
قال: وسمعنا ابنَ مسعود يعلم أعرابيًا: «ورحمة اللَّه وبركاته»، قَالَ: يقول الأعرابي: «ورحمة اللَّه وبركاته ومغفرته»، قَالَ ابْن مسعود: «كذاك علمنا».

قال ابن عدي: ولاَ أَعْلَمُ رَوَاهُ، عنِ ابْنِ عون فصيره شبه المسند إلاَّ سالم بْن نوح، وعثمان بْن الهيثم المؤذن.

قال ابن أخي ميمي في فوائده (٣٣٠):
حَدَّثَنَا محمدٌ [هو: ابنُ هارونَ أبو حامدٍ الحضرميُّ]، قالَ: أَخْبَرَنَا عبدُ اللهِ بنُ الصباحِ، قالَ: حَدَّثَنَا سالمُ بنُ نوحٍ، عَنِ ابنِ عونٍ، عَنْ إبراهيمَ، عَنْ علقمةَ قالَ: كانَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعلِّمنا التشهدَ كَمَا يُعلِّمنا السورةَ مِن القرآنِ: التحياتُ للهِ، والصلواتُ، والطيباتُ - فِيهَا الْوَاوُ -، السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عبادِ اللهِ الصالحينَ، أشهدُ أَن لا إِلَهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.

قالَ: فبينَما ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعلِّمُ أَعْرَابِيًّا: «ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ»، يقولُ الأعرابيُّ: «ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ومغفرتُه»، قالَ ابنُ مسعودٍ: «وكذلكَ عُلِّمنا».

قال الدارقطني في العلل (١٥٦/٥):
٧٨٧- وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في التَّشَهُّدِ.

فَقَالَ: رَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.

وَرَوَاهُ سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، فَنَحَا بِهِ نَحْوَ الرَّفْعِ أَيْضًا، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «كَذَلِكَ عَلِمْنَا».

وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عون.

قال ابن حجر في التقريب (٢١٨٥):
سالم بن نوح بن أبي عطاء البصري أبو سعيد العطار، صدوق له أوهام، من التاسعة، مات بعد المائتين، بخ م د ت س.

قلت[البنهاوي]: فبمجموع الطرق يثبت الخبر عن ابن مسعود رضي الله عنه.

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t580
من هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه http://www.el-ghorba.com/forums/t579 Tue, 19 Oct 2021 19:41:49 +0200
فَصْلٌ
فِي تَهْنِئَتِهِمْ بِزَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ سَلَامَةٍ مِنْ مَكْرُوهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ فَأَبَاحَهَا مَرَّةً وَمَنَعَهَا أُخْرَى، وَالْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي التَّعْزِيَةِ وَالْعِيَادَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنْ لِيَحْذَرِ الْوُقُوعَ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الْجُهَّالُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِدِينِهِ، كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: مَتَّعَكَ اللَّهُ بِدِينِكَ أَوْ نَيَّحَكَ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ لَهُ: أَعَزَّكَ اللَّهُ أَوْ أَكْرَمَكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّكَ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْأُمُورِ الْمُشْتَرَكَةِ .

وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاق، مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ.

وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ.

وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَجَنَّبُونَ تَهْنِئَةَ الظَّلَمَةِ بِالْوِلَايَاتِ، وَتَهْنِئَةَ الْجُهَّالِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ تَجَنُّبًا لِمَقْتِ اللَّهِ وَسُقُوطِهِمْ مِنْ عَيْنِهِ.
وَإِنْ بُلِيَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ فَتَعَاطَاهُ دَفْعًا لِشَرٍّ يَتَوَقَّعُهُ مِنْهُمْ فَمَشَى إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا، وَدَعَا لَهُمْ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t579
ما حكم شراء ما يباع قبيل أيام الأعياد المبتدعة (المولد وغيره) أو بعدها من طعام أو شراب أو زينة مما هو شعار لهذا العيد؟ http://www.el-ghorba.com/forums/t578 Tue, 19 Oct 2021 19:29:59 +0200
العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك.

وكذلك حريم العيد: هو وما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال؛ حكمها حكمه، فلا يفعل شيء من ذلك.

فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد، ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع أو الشهر الآخر.

وإنما المحرك له على إحداث ذلك وجود عيدهم، ولولا هو لم يقتضوا ذلك، فهذا من مقتضيات المشابهة.

لكن يحال الأهل على عيد الله ورسوله ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره، فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم.]]>
http://www.el-ghorba.com/forums/t578