(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
عنوان الموضوع : كلام بعض العلماء سلفا وخلفا في أهمية عزو الكلام لقائله وحد السرقات العلمية
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

أبوجويرية محمد بن عبدالحي 15-02-2017 06:10 مساء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فهذه جملة من الآثار عن العلماء، من الله علي بجمعها وترتيبها، ردا على سُرَّاق النصوص، ممن يتشبعون بما لم يعطوه
فينتهبون كلام سابقيهم، دون عزو أو إشارة إليهم، ويزيدون الطين بلة
بقولهم: إن هذه طريقة السلف في التصنيف، وهذا ديدنهم في التأليف
فيجمعون بين الخيانة والكذب، والافتراء على السلف!!
فإليكم بعض كلام العلماء في أهمية عزو الكلام لقائله وحد السرقات العلمية: 

● صح عن سفيان الثوري –رحمه الله- أنه قال:
((إن نسبة الفائدة إلى مفيدها من الصدق في العلم وشكره، وإن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره)).
[مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ص4]
.
● وقال ابن عبد البر –رحمه الله- :
((ما ألزمه المزني عندي لازم؛ فلذلك ذكرته وأضفته إلى قائله؛ لأنه يقال: إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله)) [جامع بيان العلم وفضله 922/ 2]
.
● وقال القرطبي –رحمه الله- في خطبة كتابه:
((وشرطي في هذا الكتاب: إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله.))
.
● قال الخلال –رحمه الله-:
((أخبرنا الداودي، سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، يقول: إن من شكر العلم أن يجلس مع رجل فيذاكره بشيء لا يعرفه، فيذكر له الحرف عند ذلك فيذكر ذلك الحرف الذي سمعت من ذلك الرجل، فيقول ما كان عندي من هذا شيء حتى سمعت فلانا يقول فيه كذا وكذا. فإذا فعلت ذلك فقد شكرت العلم ولا توهمهم أنك قلت هذا من نفسك)).
[الآداب الشرعية" (2/ 170)]
.
● قال شيخ الإسلام ابن القيم –رحمه الله- عند ختامه لتفسير سورة الكافرون:
((فهذا ما فتح الله العظيم به من هذه الكلمات اليسيرة والنبذة المشيرة إلى عظمة هذه السورة وجلالتها ومقصودها وبديع نظمها من غير استعانة بتفسير ولا تتبع لهذه الكلمات من مظان توجد فيه بل هي استملاء مما علمه الله وألهمه بفضله وكرمه والله يعلم أني لو وجدتها في كتاب لأضفتها إلى قائلها ولبالغت في استحسانها))
[بدائع الفوائد141/ 1]
.
● قال السخاوي –رحمه الله-:
((وفي "المدخل" للبيهقي من طريق العباس بن محمد الدَّوري، سمعت أبا عُبيد القاسم بن سلام يقول:
إن من شُكرِ العلم أن تقعُدَ مع قوم فيذكرون شيئًا لا تُحسنه، فتتعلمه منهم، ثم تقعد بعد ذلك في موضع آخر، فيذكرون ذلك الشيء الذي تعلَّمتَه،
فتقول: واللَّه ما كان عندي شيءٌ، حتَّى سمعت فلانًا يقول كذا وكذا، فتعلمته. فإذا فعلت ذلك، فقد شكرت العلم))
[الجواهر والدرر180/ 1]
.
● وقال السخاوي بعدها:
((صح عن سفيان الثوري أنه قال ما معناه: نسبة الفائدة إلى مُفيدها من الدقة في العلم وشكره، وأن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره ))
[الجواهر والدرر181/ 1]
.
● قال النووي –رحمه الله-:
((ومن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال. ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما))
[بستان العارفين 16]
.
● وقال ابن حجر –رحمه الله-:
((وإذا تأمل من ينصف هذه الأمثلة عرف أن الرجل هذا عريض الدعوى بغير موجب متشبع بما لم يعطه منتهب لمخترعات غيره ينسبها إلى نفسه من غير مراعاة عاتب عليه وطاعن ممن يقف على كلامه وكلام من أغار عليه))
[انتقاض الاعتراض 26/1]
.
● وقال ابن حجر أيضا في نفس الكتاب:
((ثمّ ساق كلام فتح الباري بعينه من استلاب فوائد الذي سبقه كما هي موهمًا أنّها من تصرفه وتحصيله واستنباطه لو وقع تتبعه بطريق الإِستيعاب لطال الشرح جدًا،
لكن لم أكتب إِلَّا ما طال فيه الإستلاب من غير أن يزيد من قبل نفسه شيئًا إِلَّا ما يستحق الخدش فيه))
[انتقاض الاعتراض 24/1].
.
● قال السيوطي –رحمه الله-:
((قد أوردت جميع كلام أبي البقاء معزوّا إليه، ليعُرف قدر ما زدته عليه، وتتبعت ما ذكره أئمة النحو في كتبهم المبسوطة من الأعاريب للأحاديث،
فأوردتها بنصهّا معزوّة إلى قائلها، لأن بركة العلم عزو الأقوال إلى قائلها، ولأن ذلك من أداء الأمانة، وتجنب الخيانة، ومن أكبر أسباب الانتفاع بالتصنيف،
لا كالسارق الذي خرج في هذه الأيام فأغار على عدة كتب من تصانيفي، وهي المعجزات الكبرى، والخصائص الصغرى، ومسالك الحنفاء،
وكتاب الطيلسان وغير ذلك، وضمّ إليها أشياء من كتب العصريين، ونسب ذلك لنفسه من غير تنبيه على هذه الكتب التي استمد منها،
فدخل في زمرة السارقين، وانطوى تحت ربقة المارقين، فنسأل الله تعالى حسن الإخلاص والخلاص، والنجاة يوم يقال للمعتدين [ولات] حين مناص))
[عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد 70،71/ 1]
.
● وقال السيوطي –رحمه الله-:
((قلت: ولهذا لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفا إلا معزوا إلى قائله من العلماء، مبينا كتابه الذي ذكر فيه))
[المزهر 273/ 2]
.
● وقال السيوطي –رحمه الله-:
((واعلم أني لخصت فيه [أي في كتابه] مهمات مما في حواشي الكشاف السابق ذكرها ما له تعلّق بعبارة الكتاب، وضممت إلى ذلك نفائس تستجاد وتستطاب، ... غير ناقل حرفا من كلام أحد إلا معزواً إليه؛ لأن بركة العلم عزوه إلى قائله، وحيث كان المحل من المشكلات التي كثر كلام الناس عليها أشبعت القول فيه بذكر كلام كل من تكلم عليه تكثيرا للفائدة)).
[نواهد الأبكار وشوارد الأفكار 18/ 1]
.
● وقال المقريزي في الخطط 10/ 1 :
((فأما النقل من دواوين العلماء التي صنفوها في أنواع العلوم فإني أعزو كل نقل إلى الكتاب الذي نقلته منه لأخلص من عهدته.))
.
● وقال العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-:
((من هذا الحديث نستطيع أن نفهم أن من السرقة المحرمة هو ما جاء في السؤال من أن يأخذ المسلم علم غيره ثم ينسبه لنفسه ،
وحسبه في ذلك وعيدا قوله صلى الله عليه وسلم ( ... المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور )، أي إن الذي يتظاهر مثلا بأنه غني ، كيف يتظاهر ؟
يأخذ ثوب الغني أو زينته فيلبسه ويتظاهر أمام الناس بأن هذا من كسبه ومن ماله وواقع الأمر ليس كذلك فهو عليه السلام يقول ( المتشبع بما لم يعط )
المتظاهر بما ليس له فهو كلابس ثوبي زور ، وإنما قال كلابس ثوبي زور، لم يقل كلابس ثوب زور، وإنما قال كلابس ثوبي زور من باب المبالغة في زجر هذا الذي يتعاطى بما ليس له، من أجل هذا وذاك لا يجوز للمسلم أن يأخذ العلم من كتاب وأن ينسبه إليه ، هذا ولو كان بحثا أو تحقيقا ،
فكيف بنا إذا كان كتابا يأخذه برمته ثم ينسبه لنفسه، ... رحمهم الله يقولون من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله ،
لهذا يحرم أن يسرق المسلم كتابا ليس له ثم يعزوه لنفسه ، هذا ما يحضرني جوابا عن هذا السؤال))
[الهدى والنور الشريط رقم : 16]
.
وقال العلامة الألباني –رحمه الله- أيضا:
((..ليس من أخلاق أهل العلم أن يستفيدوا شيئا من أهل العلم ثمّ لا يعزونه إلى صاحبه و على هذا يقول العلماء في كتبهم من بركة العلم عزو كلّ قول إلى قائله
هذا إذا كان هذا القول يعني له مزيّة فيه جهود أمّا أيّ قول ليس ضروريّا أنّ الإنسان أي قول يعزوه لقائله...))
[الهدى والنور الشريط رقم : 471]
.
● وقد سئل العلامة الألباني:
عن نقل كلام العلماء دون عزو لهم هل هذه سرقة أم لا ؟
فأجاب الألباني : نعم هو سرقة، ولا يجوز شرعاً، لأنه تشبّع بما لم يعط، وفيه تدليس وإيهام أن هذا الكلام أو التحقيق من كيسه وعلمه)) .
فسئل : شيخنا، بعضهم يحتجّ بما وقع فيه بعض العلماء السابقين .
فقال: هل يفخرون بذلك؟ لا ينبغي لطالب العلم أن يفخر بذلك، واعلم يا أستاذ أن المنقول هو أحد أمرين:
فمن نقل كلاماً لا يشك أحد رآه أنه ليس من كلامه؛ كمثل ما أقوله أنا وغيري : إن فلاناً ضعيف أو ثقة، فكل من يقرأ هذا يعلم أن هذا ليس كلامي، فهذا يغتفر، أما ما فيه بحث وتحقيق فلا يجوز أيًّا كان فاعله))
[ الألباني كما عرفته ص 74، 75]
.
● قال الشيخ العلامة الفقيه الأصولي الفهامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
((والكاتب الذي يكتب هذا المنسك تجده نقل العبارة برمتها وشكلها ونقطها وإعرابها من كتاب آخر، ولا يقول: قال فلان في الكتاب الفلاني،
وهذه
سرقة علم، فهؤلاء نعتبرهم سراقا))
[شرح حلية طالب العلم – 297]
.
● وسئل الشيخ زيد المدخلي –رحمه الله-:
ما حكم من يأخذ أبحاثاً لغيره - وقد يتصرف فيها تصرفاً يسيراً -
وينشرها باسمه على أنها من تأليفه ويزعم أن هذا ليس من السرقات العلمية فكيف نرد عليه ؟
فأجاب : ((الحقيقة هذا أمر لا يجوز ؛ وهذا من الخيانة ؛
وإذا أراد أن ينشر علماً أو يرى بأن فيه فائدة فليراسل مؤلفه ويستأذن منه وينشره باسم المؤلف لا باسمه هو ، فهذا لا يجوز ))
[درس المنتقى بتاريخ : 26-3-1431هـ]
.
● قال سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله-:
((يجب أن يكون الكاتب ذو أمانة، فلا يجوز له أن يكتب خلاف الحق، فليكتب ما يراه حقاً يسجله ويكتبه،وإذا استعان بالآخرين من قبله، فلا ينسب الأمر إلى نفسه، بل يذكر كلامهم، وينقل ما قالوه، وينسبه إليهم، فلا يجوز أن ينسب لنفسه ما ليس له))
[موقع الشيخ]
.
● وكتب الشيخ لزهر سنيقرة معلقا على موضوع في منتديات التصفية والتربية في النقل بغير عزو:
((..هذه المسألة التي أهملها الكثير وفرطوا فيها، حتى وُجد من يعمد إلى رسالة علمية برمتها فينسبها إليه لينال بها الشهادة، أو يعمد إلى خطبة أو محاضرة ينقلها بكاملها بألفاظها وفواصلها من غير نسبتها إلى قائلها، والسُّكوت هنا إقرار وادِّعاء، ولافرق في هذا بين التأليف والوعظ والتدريس لأن الكل في حكم التشبع بما لم يُعط، والواجب على كل مسلم أن يكون كما هو من غير تكلُّف ولا تصنُّع، وذلك هو الأتقى والأزكى))
.
● و قال الشيخ محمد بن عمر بازمول:
((وقد يمنع الكبر طالب العلم من التعلم والتعليم. ومن صور ذلك:.. ترك عزو العلم إلى ناقله يحرمه بركة العلم، وقد يكون باعثه إلى ذلك الحسد أو الكبر...))
[التأصيل في طلب العلم 36] ([1])
.
● وسئل الشيخ عبد الرحمن محي الدين:
عن شخص ينقل عن أهل العلم بحد كبير دون عزو؟
فأجاب: ((خطأ خطأ خطأ ما ينبغي، لابد يحيل كل كلام إلى قائله، بل قد تعتبر خيانة..))
فسأله السائل: هل يسقط بها؟
فأجاب: ((كيف ما يسقط؟ يسقط، نعم يسقط، إذا لم يحيل ويبين كلام الفقهاء كله، كل من نقل منه كلاما ينقل يقول قال فلان، هذا قد يكون خائن، وقد يكون سارق، وقد يكون مجرم!!)) [صوتية على الشبكة]
......
جمعها:
أبو جويرية محمد بن عبد الحي

[1] - وقد أفادني هذا النقل أخي أبو المنذر إسلام عربي.

Powered by PBBoard © Version 3.0.1