بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية في القضية الخامسة
بعنوان
سيد قطب العامل المشترك بين المنحرفين في هذا العصر
الحمد لله رب العالمين المدبر الهادى المعين للخلق أجمعين فهو حسبي ونعم الوكيل فاللهم لا تخزنا يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتاك بقلب صحيح سليم من شهوة تلهيه وشبهة تغويه وترديه وصلى الله وسلم على محمد النبي الامي الامين المبلغ لما جاءه من كمال الدين الميسر المبين فتم به علينا النعمة وكان سببا فيما عمنا من رحمة فصلى الله وملائكته وجميع خلقه عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
اما بعد
فقد ابتليت الامة قديما وحديثا باشخاص روجوا للبدع واشاعوها باسلوب او باخر وبالرغم من كون المبتدع الواحد يحوي بدعا كثيرة الا ان الواحد منهم يشار اليه باشهرها او ابشعها سلمنا الله منهم
والحزبية في كل عصر تتخذ لها رمزا ترجع اليه كمؤسس لها او لفكرها الذى توالى وتعادى عليه
فمما ابتليت به الامة في هذا العصر شخصية جمعت بين الجهل بما ينفع والعلم بما يضر فكان كل من كان على شاكلته يغترف من كتبه فمستقل ومستكثر
شخصية سيد قطب شخصية متكررة وكثيرة لكن هذه الشخصيات مع كثرتها لم تحظى بما حظى به فلم تظهر على السطح كما ظهر ولو نظرت نظرة سطحية لجل المنحرفين عن سواء السبيل تجدهم لارائه منتحلين ولعلمه شارحين وعنه مدافعين بل مادحين بالطف العبارات والين الاشارات فان انتقد احد منهم الا تعلم من اخطائه كذا وكذا ... التمس لنفسه قبل ان يلتمس لسيد قطب المعاذير بانه ما من امام في الغابرين الا وله وعليه الكثير وان شئت اخرجت لك من سائر الدواوين ما يثبت ان سيدا ليس بمدين بل هو من المعتبرين ولكنكم قوم حاقدين على كل مخترع مبين
ومن رحمة الله علينا ان اقام وهيأ لامة الإسلام رجالا يمحصون ما اشتبه على السالكين فيدفعون عن حياض الدين فيثبت الله بهم جموعا وهدى بهم نجوعا وجعلهم لمن على الصراط ردأ ودروعا
فكان ممن حباهم الله بالرد الخاص على سيد قطب وغيره الشيخ الموقر ربيع بن هادى حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وثبته على السنة وجميع علماء السنة
فقام بالنصيحة للمسلمين بتتبع اخطاء سيد قطب والتعليق عليها واطلع العلماء عليها فظهر لهم ما لم يكن معلوما متوقعا فما كان منهم الا ان نصحوا الامة بما يستحقه الكلام مما ستراه باذن الله وقد كان البعض له مادحا لما نقل له من بعض عباراته المنمقة المزوقة الغير مخالفة فظن ان الامر على هذا فمدح او ما قدح على حسب ما وصله فلما جاءتهم البينات تغيرت العبارات وظهرت على الوجوه الامارات بحب دين رب البريات
فنحاول اختصار كلامه تحت عناوين مع بعض تعليقات الشيخ وحواشيه وقد ازيد ان وجد وقد اردف الكلام بفتوى خاصة بموضع ما والله الموفق للهدى والرشاد وهو حسبى ونعم الوكيل
قد كتب الشيخ في مقدمة كتابه أضواء إسلامية الدافع وراء الكتابة وتبين الخطأ لسيد قطب وذكر لمحة عن حياته فلتراجع في الاصل فانه نافع جدا
سيد قطب في نقاط
كلام قطب في الله وصفاته
· شذوذ سيد في تفسير (لا إله إلا الله) عن أهل العلم وجعل الربوبية مكان الألوهية
يقول سيد في كتابه "العدالة الاجتماعية":"إن الأمر المستيقن في هذا الدين: أنه لا يمكن أن يقوم في الضمير عقيدة، ولا في واقع الحياة ديناً؛ إلا أن يشهد الناس أن لا إله إلا الله؛ أي: لا حاكمية إلا لله، حاكمية تتمثل في قضائه وقدره كما تتمثل في شرعه وأمره" (العدالة الاجتماعية" (ص 182/ الطبعة الثانية عشرة)).
فقد فسر (لا إله إلا الله) بالحاكمية، وفسر الحاكمية بالقدر والشرع!
فأين توحيد العبادة الذي جاء به جميع الأنبياء، الذي هو المعنى الحقيقي الخاص بـ (لا إله إلا الله)؟!.
لقد أضاعه سيد قطب.
ويقول في تفسير قوله تعالى في سورة القصص: {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ} : "أي: فلا شريك له في الخلق والاختيار" ("في ظلال القرآن" (5/ 2707)).فهذا معنى من معاني الربوبية ضيَّع به المعنى الحقيقي لهذه الكلمة.
وقال سيد قطب في تفسير قوله تعالى: {إله الناس} من سورة الناس: "والإله هو المستعلي المستولي المتسلط" ("في ظلال القرآن" (6/ 4010)).
فمن قال بهذا التفسير من الصحابة ومن علماء الأمة المعتبرين؟!.
إن الاستعلاء والسلطان والحكم والملك والسيادة من صفات الرب العظيم سبحانه وتعالى، وكذلك الخلق والرزق والأحياء والإماتة والتدبير، كل ذلك من صفات الله العليا وأفعاله الكاملة القائمة على العلم والحكمة والقدرة.
أما العبادة التي هي التذلل والخضوع والخشوع والخوف والتأله والخشية والرجاء، وكذا السجود والركوع والطواف ببيت الله وسائر المناسك والتسبيح والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم؛ كل هذه من صفات العباد وأفعالهم الناشئة عن الافتقار إلى الله والذل والعبودية له، واعتقادهم أن هذه العبادات كلها وغيرها لا تجوز إلا لله؛ فهو إلههم ومعبودهم، لا يستحق غيره شيئاً منها؛ لأن غيره فقراء لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، والله هو الإله الحق، وهو الغني الحميد، خالق ومالك ما في السماوات وما في الأرض، موصوف بكل صفات الكمال، ومنها ما ذكرناه آنفاً.
فالخلط بين معاني الربوبية والاستعلاء والحاكمية التي هي من صفات الله، وبين معاني التأله والعبادة بفروعها؛ خلط بين صفات الله الرب العظيم المعبود المستحق للعبادة وحده، وبين صفات المخلوقين الفقراء العابدين.
وهذا الخلط كثيراً ما يحصل من سيد قطب، وأحياناً يقلب معاني الألوهية إلى الربوبية، فيضيع بذلك التوحيد الذي بعث الله به رسله جميعاً.
ويقول سيد قطب:"فلقد كانوا (أي: العرب) يعرفون من لغتهم معنى (إله) ومعنى (لا إله إلا الله) ... كانوا يعرفون أن الألوهية تعني الحاكمية العليا ... " ("في ظلال القرآن" (2/ 1005)).
وقال أيضاً: " (لا إله إلا الله)؛ كما كان يدركها العربي العارف بمدلولات لغته: لا حاكمية إلا لله، ولا شريعة إلا من الله، ولا سلطان لأحد على أحد؛ لأن السلطان كله لله ... " ("في ظلال القرآن" (2/ 1006)).
أقول: إن هذا الذي ينسبه سيد إلى العرب من أن الألوهية تعني الحاكمية لا يعرفه العرب ولا علماء اللغة ولا غيرهم، بل الإله عند العرب هو المعبود الذي يُتقرَّب إليه بالعبادة يُلازمها الخضوع والذل والحب والخوف، وليس معناه عندهم الذي يُتحاكم إليه.
لقد كان لهم سادة وأمراء يتحاكمون إليهم ولا يسمونهم آلهة (وكانت لهم أوثان وأصنام يعبدونها ولا يسمونها حكاماً ولا عبادتها تحاكماً.).
وكان لهم ملوك يسوسونهم في الشمال والجنوب من الجزيرة ولا يسمونهم آلهة.
وكانوا يعترفون بتوحيد الربوبية، وفي ذلك آيات كثيرة. وكانوا يعارضون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في توحيد الألوهية أشد المعارضة:كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} وقال تعالى حاكياً قولهم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} .
ويقول سيد في تفسير قوله تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ."فالإله هو الذي يستحق أن يكون رباً؛ أي: حاكماً وسيداً ومتصرفاً ومشرعاً وموجها" ("في ظلال القرآن" (4/ 2114)).
قال سيد قطب في تفسير سورة هود:"فقضية الألوهية لم تكن محل خلاف، وإنما قضية الربوبية هي التي كانت تواجهها الرسالات، وهي التي تواجهها الرسالة الأخيرة، إنها قضية الدينونة لله وحده بلا شريك، والخضوع لله وحده بلا منازع، ورد أمر الناس كلهم إلى سلطانه وقضائه وشريعته وأمره؛ كما هو واضح من هذه المقتطفات من قطاعات السورة جميعاً" ("في ظلال القرآن" (4/ 1846)).
ويقول كذلك في نفس السورة: "وما كان الخلاف على مدار التاريخ بين الجاهلية والإسلام، ولا كانت المعركة بين الحق والطاغوت، على ألوهية الله سبحانه للكون، وتصريف أموره في عالم الأسباب والنواميس الكونية، إنما كان الخلاف وكانت المعركة على من يكون هو رب الناس، الذي يحكمهم بشرعه، ويصرفهم بأمره، ويدينهم بطاعته؟ " ("في ظلال القرآن" (4/ 1852)).
ويقول في سورة إبراهيم: "ولا يفوتنا أن نلمح تكرار إبراهيم عليه السلام في كل فقرة من فقرات دعائه الخاشع المنيب لكلمة (ربنا) أو (رب)؛ فإن لهجان لسانه بذكر ربوبية الله له ولبنيه من بعده ذات مغزى ... إنه لا يذكر الله سبحانه بصفة الألوهية، إنما يذكره بصفة الربوبية؛ فالألوهية قلّما كانت موضع جدال في معظم الجاهليات، وبخاصة في الجاهلية العربية، إنما الذي كان موضع جدل هو قضية الربوبية، قضية الدينونة في واقع الحياة الأرضية، وهي القضية العملية والواقعية المؤثرة في حياة الإنسان، والتي هي مفرق الطريق بين الإسلام والجاهلية، وبين التوحيد والشرك في عالم الواقع ... فإما أن يدين الناس لله، فيكون ربهم، وإما أن يدينوا لغير الله، فيكون غيره ربهم ... وهذا هو مفرق الطريق بين التوحيد والشرك وبين الإسلام والجاهلية في واقع الحياة، والقرآن وهو يعرض على مشركي العرب دعاء أبيهم إبراهيم، والتركيز فيه على قضية الربوبية؛ كان يلفتهم إلى ماهم فيه من مخالفة واضحة لمدلول هذا الدعاء! " ("في ظلال القرآن" (4/ 2111)).
وهذا واضح في أن سيداً يجهل الفرق بين الربوبية والألوهية، ويجهل كذلك أن توحيد الألوهية هو موضع الصراع والخصومة والجدال بين الأنبياء وأممهم ، ويجهل أن الأمم كلها تعرف وتعترف بتوحيد الربوبية!
ويقول سيد:"وما كان لدين أن يقوم في الأرض، وأن يقوم نظاماً للبشر؛ قبل أن يقرِّر هذه القواعد.
فتوحيد الدينوية لله وحده هو مفرق الطريق بين الفوضى والنظام في عالم العقيدة، وبين تحرير البشرية من عقال الوهم والخرافة والسلطان الزائف، أو استعبادها للأرباب المتفرقة ونزواتهم، وللوسطاء عند الله من خلقه! وللملوك والرؤساء والحكام الذين يغتصبون (يجب تنزيه الله عن مثل هذا الأسلوب؛ فإن الله هو العزيز القاهر الغالب، فلا يقال في العباد الضعفاء إنهم اغتصبوا سلطان الله وأخص خصائصه، تعالى الله عن ذلك، إذ كل شيء في الكون لا يكون إلا بمشيئته وإرادته الكونية القدرية، وإن كان لا يريده ولا يرضاه من الناحية الشرعية، والظاهر أن سيداً مثل سائر أهل البدع لا يفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، فتصدر منه مثل هذه العبارات القبيحة التي تتنافى مع جلال الله وعظمته وقهره لكل شيء.) أخص خصائص الألوهية - وهي الربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية -، فيعبدون الناس لربوبيتهم الزائفة المغتصبة" ("في ظلال القرآن" (4/ 1852)).
ويقول في تفسير قوله الله تبارك وتعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} .
"هذا التعقيب يجيء بعد مشهد القيامة السابق، وبعد ما حوته السورة قبل هذا المشهد من جدل وحجج ودلائل وبينات ... يجيء نتيجة طبيعية منطقية لكل محتويات السورة، وهو يشهد بتنزيه الله سبحانه عما يقولون ويصفون، ويشهد بأنه الملك الحق، والمسيطر الحق، الذي لا إله إلا هو، صاحب السلطان والسيطرة والاستعلاء، {رب العرش الكريم} ("في ظلال القرآن" (4/ 2482)) ".
ويقول:"ونقف لحظة أمام قوله تعالى بعد عرض دلائل الألوهية في السماوات والأرض: {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} ".
وقد قلنا: إن قضية الألوهية لم تكن محل إنكار جدي من المشركين؛ فقد كانوا يعترفون بأن الله سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر المتصرف القادر على كل شيء، ولكن هذا الاعتراف لم تكن تتبعه مقتضياته؛ فلقد كان من مقتضى هذا الاعتراف بالألوهية على هذا المستوى أن تكون الربوبية له وحده في حياتهم، فلا يتقدمون بالشعائر التعبدية إلا له، ولا يحكمون في أمرهم كله غيره ... وهذا معنى قوله تعالى: {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} " ("في ظلال القرآن" (3/ 1763)). ألا ترى أن في هذا الكلام اضطراباً وخلطاً نتيجة لعدم الوضوح والغبش في الرؤية؟!.
· يستدل على وجود الله بطريقة الجهمية
قال الشيخ ربيع في " من أصول سيد قطب الباطلة المخالفة لأصول السلف" (ص: 1)
1 - الأصل الجهمي الخطير الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه ينبوع البدع وهو الاستدلال بحدوث الأعراض على حدوث الأجسام وبحدوث الأجسام على حدوث العالم وبحدوث العالم على وجود الله.
فجرهم هذا إلى تعطيل صفات الله لأن الصفات في نظرهم أعراض والأعراض لا تقوم إلا بجسم والله يتنزه عن ذلك. فعطل الجهمية الأساسية أسماء الله وصفاته، وتأثر بهذا الأصل المعتزلة فعطلوا به صفات الله. وتأثر به الأشاعرة فعطلوا كثيرا من صفات الله، ومنها العلو على الكون والاستواء على العرش والوجه واليدين والرضى والغضب والحكمة فلم يثبتوا من صفات الله إلا الصفات السبع التي أثبتوها ومنها العلم والإرادة ... .الخ
· العبادة ليست وظيفة حياة عند سيد قطب
ويقول سيد: (والإسلام عدو التبطل باسم العبادة والتدين، فالعبادة ليست وظيفة حياة، وليس لها إلا وقتها المعلوم، (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله).
وتمضية الوقت في التراتيل والدعوات بلا عمل منتج ينمي الحياة أمر لا يعرفه الإسلام، ولا يقر عليه الألوف المؤلفة في مصر التي لا عمل لها إلا إقامة الصلوات في المساجد أو تلاوة الأدعية والأذكار في الموالد) (معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 52)).
· غلو سيد في تعطيل صفات الله كما هو شأن الجهمية
قال سيد قطب في تفسير استواء الله على عرشه في تفسير سورة يونس: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} :"والاستواء على العرش كناية عن مقام السيطرة العلوية الثابتة الراسخة باللغة التي يفهمها البشر ويتمثلون بها المعاني على طريقة القرآن في التصوير كما فصلنا هذا في فصل التخييل الحسي والتجسيم في كتاب "التصوير الفني في القرآن". و {ثم} هنا ليست للتراخي الزماني، إنما هي للبعد المعنوي؛ فالزمان في هذا المقام لا ظل له، وليست هناك حالة ولا هيئة لم تكن لله سبحانه ثم كانت، فهو سبحانه منزه عن الحدوث، وما يتعلق به من الزمان والمكان، لذلك نجزم بأن {ثم} هنا للبعد المعنوي، ونحن آمنون من أننا لم نتجاوز المنطقة المأمونة التي يحق فيها للعقل البشري أن يحكم ويجزم؛ لأننا نستند إلى قاعدة كلية في تنزيه الله سبحانه عن تعاقب الهيئات والحالات وعن مقتضيات الزمان والمكان" ("في ظلال القرآن" (3/ 1762 - 1763)).
وقال في كتابه "التصوير الفني في القرآن" ((ص 85 - 86)): "بهذه الطريقة المفضلة في التعبير عن المعاني المجردة سار الأسلوب القرآني في أخص شأن يوجب فيه التجريد المطلق والتنزيه الكامل، فقال: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ}، {وكانَ عَرْشُهُ على الماءِ}،{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ والأرْض}،{ثمَّ اسْتَوى على العَرْشِ}،{ثمَّ اسْتَوى إلى السَّماءِ وهِيَ دُخانُ} ،{والأرْضُ جَميعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمينهِ}،{وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ اللهَ رَمى}،{والله يَقْبِض] ويَبْسُطُ}،{وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفّاً صَفّا}،{وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}،{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ... إلخ، وثار ما ثار من الجدل حول هذه الكلمات، حينما أصبح الجدل صناعة والكلام زينة، وإن هي إلا جارية على نسق متبع في التعبير، يرمي إلى توضيح المعاني المجردة وتثبيتها، ويجري على سنن مطرد، لا تخلف فيه ولا عوج، سنن التخييل الحسي والتجسيم في كل عمل من أعمال التصوير.
ولكن أتباع هذا السنن في هذا الموضوع بالذات قاطع في الدلالة - كما قلنا - على أن هذه الطريقة في القرآن أساسية في التصوير، كما أن التصوير هو القاعدة الأولى في التعبير".
أقول: وفي هذين النصين دلالات خطيرة:
أولاها: أن سيداً لم يرجع عمّا دونه في كتابه التصوير الفني في القرآن، وقد كتبه في مراحله الأولى؛ كما يقال.
وثانيتهما: أنه لم يرجع عن تعطيل الصفات الذي دوَّنه في التصوير الفني، ولم يرجع عن تعطيله في "الظلال" بعد التنقيح المدَّعى.
وثالثتهما: في "الظلال" و"التصوير" تعطيل لصفة الاستواء.
ورابعتها: اعتقاده الخطير أن هذه الصفات معان مجردة؛ أي: هي أمور ذهنية لا وجود لها، وهذا هو غاية التعطيل والضلال.
وخامستها: تعطيله لعدد من الصفات؛ كالاستواء، والنزول، واليد، ولا يستبعد أنه يجري على هذا المنوال في كل الصفات.
سادسيتها:" إنكاره لرفع عيسى إلى السماء.
سابعيتها: معرفته بالخلاف بين أهل السنة والجهمية والمعتزلة، ثم انحيازه إلى أهل البدع، واعتماده على قواعدهم الباطلة في تعطيل صفات الله؛ فمن المغالطات أن يقال: إن سيد قطب يجهل مثل هذه الأمور، أو إنه قد رجع عنها إلى عقيدة السلف ومنهجهم.
وله مواقف في "الظلال" تدل على معرفته بالخلاف بين أهل السنة وأهل البدع، ومع ذلك؛ فهو ينحاز إلى أهل البدع، ثم يُتبع ذلك بالتهوين من قيمة الخلاف؛ ليسهل على السني اللحاق بأهل البدع أو الاستخفاف بالخلاف في العقيدة واحترام أهل البدع الذين يبجلهم سيد وأمثاله.
سيد يرى أن عرش الله العظيم رمز وليس بحقيقة:
قال سيد قطب في تفسيره لسورة الأنبياء عند تفسيره آية: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}؛ قال:"وهم يصفونه بأنه له شركاء، تنزه الله المتعالي المسيطر رب العرش، والعرش رمز الملك والسيطرة والاستعلاء" ("في ظلال القرآن" (4/ 2374)).
وقال أيضاً في سورة المؤمنون عند قول الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}؛ قال: " ... ويشهد بأنه الملك الحق، المسيطر الحق، الذي لا إله إلا هو، صاحب السلطان والسيطرة والاستعلاء، {ربُّ العَرْشِ الكَريمِ} "في ظلال القرآن" (4/ 2482).
وهذا بخلاف ما دل عليه الكتاب والسنة، وآمن به المسلمون، من أن العرش أعظم مخلوقات الله العلوية، وأنه فوق السماوات وفوق الفردوس الذي هو أعلى الجنان، وأن الله استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، وسيد لا يعترف به، ولا يرى إلا أنه رمز الملك والسيطرة ... إلخ.
فتوى شيخ الإسلام العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله
قال سيد قطب - عفا الله عنه - في "ظلال القرآن" في قوله تعالى: ((الرحمن على العرش استوى)):(أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول: إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق)الظلال 4/ 2328، 6/ 3408 ط 12/ 1406 هـ دار العلم.
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:(هذا كله كلام فاسدٌ، هذا معناه الهيمنة، ما أثبت الاستواء: معناه إنكار الاستواء المعروف، وهو العلو على العرش، وهذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير)
ولما قال لسماحته أحد الحاضرين بأن البعض يوصي بقراءة هذا الكتاب دائماً
قال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله:(الذي يقوله غلط - لا .. غلط - الذي يقوله غلط، سوف نكتب عليه إن شاء الله). المرجع: درس لسماحته في منزله بالرياض سنة 1413 - تسجيلات منهاج السنة بالرياض.
· يصف كلام الله باوصاف لا تليق بكلامه سبحانه
كقوله الريشة المبدعة ، ايقاع الايات ، موسيقي الايات ، وجرس الكلمات ، والنغمة ، والسينما والمسرح والبطل واسدال الستار .....
· تشكيك سيد قطب في رؤية الله بل إنكاره لها:
5 - ويقول متشككاً ومشككاً في رؤية الله في الدار الآخرة في تفسير قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} : "إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها كما يعجز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها، ذلك حين يعد الموعودين من السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة، حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل مافيها من ألوان النعيم ... "، إلى أن يقول: "فأما كيف تنظر، وبأي جارحة تنظر، وبأي وسيلة تنظر؛ فذلك حديث لا يخطر على قلب يمسه طائف من الفرح الذي يطلقه النص القرآني في القلب المؤمن.
فما بال الناس يحرمون أرواحهم أن تعانق هذا النور الفائض بالفرح والسعادة؟! ويشغلونها بالجدل حول مطلق لا تدركه العقول المقيدة بمألوفات العقل ومقرراته.
إن ارتقاء الكينونة الإنسانية وانطلاقها من قيود هذه الكينونة الأرضية المحدودة هو فقط محط الرجاء في التقائها بالحقيقة المطلقة يوم ذاك، وقبل هذا الانطلاق سيعز عليها أن تتصور مجرد تصور كيف يكون ذلك اللقاء ... وإذن؛ فقد كان جدلاً ضائعاً ذلك الجدل الطويل المديد الذي شغل المعتزلة أنفسهم ومعارضيهم من أهل السنة والمتكلمين حول حقيقة النظر والرؤية في ذلك المقام"في ظلال القرآن (6/ 3771)
وهكذا!! وبمثل هذه السفسطة والتهاويل!! يظن سيد قطب أنه قد حل مشكلة الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة!!
ولا يدري أنه قد انحاز إلى المعتزلة في إنكار رؤية الله تعالى؛ فما هي تلك الحالة من السعادة التي لا يدري القارئ ماهي؟! والقرآن قد حددها بالنظر إلى الله، والسنة المتواترة أكدتها، وآمن بها السلف الصالح.
· قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة
يقول في "الظلال" ((1/ 106)) في تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}:"هنا نصل إلى فكرة الإسلام التجريدية الكاملة عن الله سبحانه، وعن نوع العلاقة بين الخالق وخلقه، وعن طريقة صدور الخلق عن الخالق، وهي أرفع وأوضح تصور عن هذه الحقائق جميعاً ... لقد صدر الكون عن خالقه عن طريق توجه الإرادة المطلقة القادرة: (كن)، فتوجه الإرادة إلى خلق كائن ما كفيل وحده بوجود هذا الكائن، على هذه الصورة المقدرة له، بدون وسيط من قوة أو مادة، أما كيف تتصل هذه الإرادة التي لا نعرف كنهها بذلك الكائن المراد صدوره عنها؛ فذلك هو السر الذي لم يكشف للإدراك البشري عنه؛ لأن الطاقة البشرية غير مهيأة لإدراكه".
ويقول في كتابه "السلام العالمي والإسلام" ((ص 15)):"عن إرادة هذا الإله الواحد يصدر الكون بطريق واحد، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}؛ فلا واسطة بين الإرادة الموجدة والكون المخلوق، ولا تعدد في الطريقة التي يصدر بها هذا الكون كله عن الخالق الواحد، إنها مجرد الإرادة التي يعبر عنها القرآن بكلمة (كن)، وتوجه هذه الإرادة كافٍ وحده لصدور الكون عنها" .
ويقول في الظلال ((14/ 22)):"فقوله تعالى إرادة، وتوجه الإرادة ينشئ الخلق المراد".
ويقول عن القرآن في كتابه "الظلال" ("في ظلال القرآن" (1/ 38)): "والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعاً، وهو مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس ... إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات، فإذا أخذ الناس هذه الذرات؛ فقصارى ما يصوغون منها لبنة أو آجرة أو آنية أو أسطوانة أو هيكل أو جهاز، كائناً في دقته ما يكون ... ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة، حياة نابضة خافقة، تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز ... سر الحياة، ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر ولا يعرف سره بشر".
ويقول بعد أن تكلم عن الحروف المقطعة:"ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها مثل هذا الكتاب؛ لأنه من صنع الله، لا من صنع الإنسان" ("في ظلال القرآن" (5/ 2719)).
ويقول في تقرير أن القرآن مصنوع (أي: مخلوق):"وكما أن الروح من الأسرار التي اختص الله بها؛ فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته، ولا يملك الجن والإنس - وهما يمثلان الخلق الظاهر والخفي - أن يأتوا بمثله، ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه المحاولة، {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (2)؛ فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات (قوله على القرآن: "ليس ألفاظاً وعبارات": هو كقول الأشعرية: "إن القرآن ليس بحرف ولا صوت"، والأشعرية تعترف بالكلام النفسي لله، وسيد لا يقول بذلك، بل يقول: "إن كلام الله هو الإرادة") يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، إنما هو كسائر مايبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصفوه، فهو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره" ("في ظلال القرآن" (4/ 2249 - 2250)).
ويقول في تفسير سورة (ص):"هذا الحرف ... (صاد) ... يقسم به الله سبحانه كما يقسم بالقرآن ذي الذكر، وهذا الحرف من صنعة الله تعالى، فهو موجده صوتاً في حناجر البشر، وموجده حرفاً من حروف الهجاء التي يتألف من جنسها التعبير القرآني، وهي في متناول البشر، ولكن القرآن ليس في متناولهم؛ لأنه من عند الله، وهو يتضمن صنعة الله التي لا يملك البشر الإتيان بمثلها لا في القرآن ولا في غير القرآن.
وهذا الصوت ... (صاد) ... الذي تخرجه حنجرة الإنسان، إنما يخرج هكذا من هذه الحنجرة بقدرة الخالق المبدع الذي صنع الحنجرة، وما تخرجه من أصوات، وما يملك البشر أن يصنعوا مثل هذه الحنجرة الحية التي تخرج هذه الأصوات، وإنها لمعجزة خارقة لو كان الناس يتدبرون الخوارق المعجزة في كل جزئية من جزئيات كيانهم القريب" (في ظلال القرآن (5/ 3006 - 3007)).
فصرح بأن هذا الحرف من صنعة الله، فالله موجده صوتاً وموجده حرفاً، مع أن التحدي ليس بخلق الحروف ولا بصناعتها، وصرح بأن القرآن صنعة الله المعجزة، وشبهه بالمخلوقات كلها، إذ هي تشارك القرآن في كونه وإياها جميعاً خوارق معجزة!!.
ويؤكد ما سبق إنكاره أن الله يتكلم، حيث قال في تفسير قول الله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَامُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}.
"نودي بهذا البناء للمجهول، فما يمكن تحديد مصدر النداء، ولا اتجاهه، ولا تعيين صورته، ولا كيفيته، ولا كيف سمعه موسى أو تلقاه؛ نودي بطريقة ما، فتلقى بطريقة ما، فذلك من أمر الله، نؤمن بوقوعه، ولا نسأل عن كيفيته؛ لأن كيفيته وراء مدارك البشر" ("في ظلال القرآن" (4/ 2330 - 2331)).
هكذا يقول: "بالبناء للمجهول، فما يمكن تحديد مصدر النداء"!! وهذا قول من لا يؤمن ولا يتصور أن الله كلم موسى تكليماً؛ لأنه لا يؤمن بأن هذا النداء من الله.
ويقول إنكاراً لتكليم الله موسى عليه السلام، وإنكاراً لسماع موسى لكلام الله حقيقة: "ولا ندري نحن كيف ... ولا ندري كيف كان كلام الله سبحانه لعبده موسى ... ولا ندري بأي حاسة أو جارحة أو أداة تلقى موسى كلمات الله ... فتصوير هذا على وجه الحقيقة متعذر علينا نحن البشر"في ظلال القرآن (3/ 1368)
وهذا تشكك وتشكيك بالغ النهاية، وفيه تأييد لمذاهب أهل الضلال من الجهمية والمعتزلة والخوارج، وخذلان لمذهب أهل الحق، أهل السنة والجماعة
· قول سيد قطب بعقيدة وحدة الوجود والحلول والجبر
يقول سيد قطب في تفسير قول الله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}"وما يكاد يفيق من تصور هذه الحقيقة الضخمة، التي تملأ الكيان البشري وتفيض، حتى تطالعه حقيقة أخرى لعلها أضخم وأقوى، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة، فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه، ومن ثم فهي محيطة بكل شيء، عليمة بكل شيء، فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في القلب؛ فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه؟! وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود، حتى ذلك القلب ذاته، إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى، وكل شيء وهم ذاهب، حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء، وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه الحقيقة، فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار؛ فإن هذه الآية القرآنية حسبه ليعيش تدبرها وتصور مدلولها، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد وكفى.
ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى، بعضهم قال: إنه يرى الله في كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: إنه رأى الله فلم ير شيئاً غيره في الوجود، وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة، إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال؛ إلا أن ما يؤخذ عليهم على وجه الإجمال هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور.
والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها، بينما هو يقوم بالخلافة في الأرض بكل مقتضيات الخلافة من احتفال وعناية وجهاد وجهد؛ لتحقيق منهج الله في الأرض، باعتبار هذا كله ثمرة لتصور تلك الحقيقة تصوراً متزناً، متناسقاً مع فطرة الإنسان وفطرة الكون كما خلقهما الله" ("في ظلال القرآن" (6/ 3479 - 3480)).
وهكذا يقرر سيد قطب وحدة الوجود والحلول، وينسبهما إلى أهلهما الصوفية الضالة في سياق المدح، ويدعو إلى ذلك بقوله: "والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها"!!.
إنه يرى أن وحدة الوجود والحلول كمال لا يدركه كثير من الناس، ومن لا يصل إلى هذه المرتبة من الكمال؛ فحسبه أن يعيش في تدبُّر هذه الآية التي تدل على عظمة الله، فحولها سيد قطب إلى وحدة الوجود والحلول، أعظم أنواع الكفر بالله.
ولقد قال في تفسير سورة البقرة بإبطال وحدة الوجود (راجع "في ظلال القرآن" (1/ 75/ الطبعة الأولى)، ولا تخدعك المغالطات التي تقول: إنه أبطل وحدة الوجود في الطبعة الثانية)، ونفاها نفياً قاطعاً، وبيَّن أنها عقيدة غير المسلم؛ فما باله يقررها هاهنا وفي تفسير سورة الإخلاص؟! هل تسلل إليه غلاة التصوف أهل وحدة الوجود والحلول والجبر فأقنعوه بعقيدتهم فآمن بها وقررها؟! أو أنه أمعن في دراسة كتب التصوف، فاقتنع بهذه العقيدة بنفسه، فصدع بها؟!.
ويقول سيد قطب في تفسير سورة الإخلاص:
"إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر؛ فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية، وهي من ثم أحدية الفاعلية، فليس سواه فاعلاً لشيء أو فاعلاً في شيء في هذا الوجود أصلاً، وهذه عقيدة في الضمير، وتفسير للوجود أيضاً.
فإذا استقر هذا التفسير، ووضح هذا التصور؛ خلص القلب في كل غاشية ومن كل شائبة ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة الوجود وحقيقة الفاعلية، خلص من التعلق بشيء من اشياء هذا الوجود، إن لم يخلص من الشعور بوجود شيء من الأشياء أصلاً؛ فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية؛ فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة لوجوده ولا لفاعليته؟!.
ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله؛ فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله؛ لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله.
كذلك ستصحبه نفي فاعلية الأسباب، ورد كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت، وبه تأثرت، وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني، ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائماً، ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، وغيرها كثير.
وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها، ورد الأمر إلى مشيئة الله وحدها، تنسكب في القلب الطمأنينة، ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده ما يرغب، ويتقي عنده مايرهب، ويسكن تجاه الفواعل والمؤثرات والأسباب الظاهرة التي لا حقيقة لها ولا وجود" ("في ظلال القرآن" (6/ 4002 - 4003)).
ويقول:"وهذه هي مدارج الطريق التي حاولها المتصوفة، فجذبتهم إلى بعيد! ذلك أن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا الطريق إلى هذه الحقيقة وهم يكابدون الحقيقة الواقعية بكل خصائصها ويزاولون الحياة البشرية والخلافة الأرضية بكل مقوماتها، شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله، وأن لا وجود إلا وجوده، وأن لا فاعلية إلا فاعليته ... ولا يريد طريقاً غير هذا الطريق" ("في ظلال القرآن" (6/ 4003)).
ويقول: "فالخير إذن يستند إلى القوة التي لا قوة سواها، وإلى الحقيقة التي لا حقيقة غيرها، يستند إلى الرب الملك الإله، والشر يستند إلى وسواس خناس، يضعف عن المواجهة، ويخنس عند اللقاء، وينهزم أمام العياذ بالله ... " ("في ظلال القرآن" (6/ 4012)).
وفي هذا تأكيد قوي لما قرره من وحدة الوجود في تفسير سورة الحديد: فهل هناك أصرح في وحدة الوجود من قوله: "إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده"؟!
وهل هناك أصرح في وحده الوجود والدعوة إليها من قوله: "إن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا الطريق إلى هذه الحقيقة وهم يكابدون الحياة الواقعية بكل خصائصها، شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله، وأن لا وجود إلا وجوده"؟!
وكذلك قوله: "الحقيقة التي لا حقيقة غيرها".
فنسبته هذا المذهب إلى أهله، واستخدامه تعبيراتهم نفسها، ألا يدل على دراسة متعمقة ثم قناعة بهذا المذهب بعد أن نفاه وأبطله في أول "تفسيره"؟!
ماذا يقول المدافعون عن سيد قطب؟
وحقق الشيخ ربيع ان هذا الكلام هو اخر كلام لقطب
وذكر الشيخ ربيع انه مدح النرفانا ديانة هندية قائمة على قدم الروح وازليتها وينتهىى بها الامر الى الفناء بخالقها ...
حكم الالباني في حوار دار بينه وبين بعضهم
" قال: أنت كفَّرتَ سيد قطب (وهذا الشاهد).
قلت له: أيش كفَّرت؟!
قال: أنت بتقول إنه هو يقرر عقيدة وحدة الوجود في تفسير أولاً: "سورة الحديد" - أظن - وثانياً: بـ"قل هو الله أحد".
قلت: نعم، نقل كلام الصوفية ولا يمكن أن يفهم منه إلا أنه يقول بوحدة الوجود، لكن نحن من قاعدتنا - وأنت من أعرف الناس بذلك لأنك تتابع جلساتي - لا نكفر إنساناً ولو وقع في الكفر إلا بعد إقامة الحجة، فكيف أنتم تعلنون المقاطعة هذه وأنا موجود بين ظهرانيكم ... أنت إذا ما جئت تبعثوا شخص يتحقق من أنه صحيح أنا أكفر سيد قطب.
كان معه يومئذٍ لما جاء لنظام أخونا علي السطري،
قلت له: سيد قطب هكذا يقول في سورة كذا.
قام فتح في مكان آخر فيه بأن الرجل يؤمن بالله ورسوله والتوحيد ... إلخ،
قلنا له: يا أخي نحن ما أنكرنا هذا الحق الذي يقوله، لكننا أنكرنا هذا الباطل الذي قاله..... " المرجع شريط للشيخ بعنوان "مفاهيم يجب أن تصحح".
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين:
فقال: (أنه كثر الحديث حول هذا الرجل وكتابه، وفي كتب التفسير الأخرى كتفسير ابن كثير، وتفسير ابن سعدي، وتفسير القرطبي -على ما فيه من التساهل في الحديث-، الغنى والكفاية ألف مرة عن هذا الكتاب.
وقد ذكر بعض أهل العلم كالدويش والألباني الملاحظات على هذا الكتاب، وهي مدونة وموجودة.
ولم أطلع على هذا الكتاب بكامله، وإنما قرأتُ تفسيره لسورة الإخلاص، وقد قال قولاً عظيماً فيها مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة؛ حيث أن تفسيره لها يدل على أنه يقول بـ ((وحدة الوجود)).
وكذلك تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة والسيطرة.
علماً بأن هذا الكتاب ليس كتاب تفسير، وقد ذكر ذلك صاحبه فقال: "ظلال القرآن".
ويجب على طلاب العلم ألا يجعلوا هذا الرجل أو غيره سببا للخلاف والشقاق بينهم، وألا يكون الولاء والبراء له أو عليه. المرجع: مجلة الدعوة - عدد1591 - 9 محرم 1418، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/ 2/1421.
وسئل (ما هو قول سماحتكم في رجل ينصحُ الشباب السُّنِّيّ بقراءة كتب سيد قطب، ويخص منها: "في ظلال القرآن" و "معالم على الطريق" و "لماذا أعدموني" دون أن ينبه على الأخطاء والضلالات الموجودة في هذه الكتب؟
فقال -رحمه الله-: (أنا قولي بارك الله فيك أن من كان ناصحاً لله ورسوله ولإخوانه المسلمين، أن يحث الناس على قراءة كتب الأقدمين في التفسير وغير التفسير، فهي أبرك وأنفع وأحسن من كتب المتأخرين، أما تفسير سيد قطب -رحمه الله- ففيه طوام -لكن نرجو الله أن يعفو عنه- فيه طوام: كتفسيره للاستواء، وتفسيره سورة "قل هو الله أحد"، وكذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به.
المرجع: من شريط أقوال العلماء في إبطال قواعد ومقالات عدنان عرعور، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/ 2/1421
سيد قطب والايمان بالرسل
- سيد قطب يسئ الادب مع الانبياء
- المثال الأول مع نبي الله موسى قال في كتابه "التصوير الفني في القرآن"( ص 200 – 204).لقد عرضنا من قبل قصة صاحب الجنتين وصاحبه، وقصة موسى وأستاذه، وفي كل منهما نموذجان بارزان، والأمثلة على هذا اللون من التصوير هي القصص القرآني كله؛ فتلك سمة بارزة في هذا القصص، وهي سمة فنية محضة، وهي بذاتها غرض للقصص الفني الطليق، وهاهو ذا القصص القرآن، ووجهته الأولى هي الدعوة الدينية، يلم في الطريق بهذه السمة أيضاً، فتبرز في قصصه جميعاً، ويرسم بضع نماذج إنسانية من هذه الشخصيات، تتجاوز حدود الشخصية المعنية إلى الشخصية النموذجية؛ فلنستعرض بعض القصص على وجه الإجمال، ولنعرض بعضها على وجه التفصيل.
- 1 – لنأخذ موسى؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج.
- فها هو ذا قد رُبي في قصر فرعون، وتحت سمعه وبصره، وأصبح فتىً قوياً.
- ]وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ[.وهنا يبدو التعصب القومي، كما يبدو الانفعال العصبي. وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية، فيثوب إلى نفسه؛ شأن العصبيين:
- ]قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ[.]فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ[. وهو تعبير مصور لهيئة معروفة: هيئة المتفزغ المتلفت المتوقع للشر في كل حركة، وتلك سمة العصبيين أيضاً.
- ومع هذا، ومع أنه قد وعد بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين؛ فلننظر ما يصنع... إنه ينظر:]فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ[ مرة أخرى على رجل آخر! ]قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ[. ولكنه يهم بالرجل الآخر كما هم بالأمس، وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه وخوفه وترقُّبه، لولا أن يذكره من يهم به بفعلته، فيتذكر ويخشى:]فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ[.وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة يسعى، فيرحل عنها كما علمنا. فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات؛ فلعله قد هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع حليم النفس. كلا! فها هو ذا يُنادي من جانب الطور الأيمن: أن ألق عصاك. فألقاها؛ فإذا هي حيةٌ تسعى، وما يكاد يراها حتى يثب جرياً لا يعقبُ ولا يلوى... إنه الفتى العصبي نفسه، ولو أنه قد صار رجلاً؛ فغيره كان يخاف نعم، ولكن لعله كان يبتعد منها، ويقف ليتأمل هذه العجيبة الكبرى. ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه.لقد انتصر على السحرة، وقد استخلص بني إسرائيل، وعَبَرَ بهم البحر، ثم ذهب إلى ميعاد ربه على الطور، وإنه لنبي، ولكن ها هو ذا يسأل ربه سؤالاً عجيباً: ]قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي[.ثم حدث مالا تحتمله أية أعصاب إنسانية، بله أعصاب موسى: ]فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ[. عودة العصبي في سرعة واندفاع! ثم ها هو ذا يعود، فيجد قومه قد اتخذوا لهم عجلاً إلهاً، وفي يديه الألواح التي أوحاها الله إليه، فما يتريَّث وما يني، ]وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ[. وإنه ليمضي منفعلاً يشدُّ رأس أخيه ولحيته ولا يسمع له قولاً: ]قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي[. وحين يعلم أن السامري هو الذي فعل الفعلة؛ يلتفت إليه مغضباً، ويسأله مستنكراً، حتى إذا علم سر العجل:]قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا[. هكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة. فلندعه سنوات أخرى.لقد ذهب قومه في التيه، ونحسبه قد صار كهلاً حينما افترق عنهم، ولقي الرجل الذي طلب إليه أن يصحبه ليعلمه مما آتاه الله علماً، ونحن نعلم أنه لم يستطع أن يصبر حتى ينبئه بسرِّ ما يصنع مرة ومرة ومرة، فافترقا... تلك شخصية موحدة بارزة، ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة من مراحل القصة جميعاً.
- 2 – تقابل شخصية موسى شخصية إبراهيم.. إنه نموذج الهدوء والتسامح والحلم: ] إن ابراهيم لحليم أواه منيب [.
- (قال الشيخ ربيع ) والظاهر أن سيداً ساق قصة إبراهيم عليه السلام في مقابل ما صوَّر فيه موسى من باب: (وبضدها تتبين الأشياء)!.
- الحكم على هذا الكلام
- قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقاً على هذا الكلام: (( الاستهزاء بالأنبياء ردَّة مستقلة )). ( من شريط أقوال العلماء في مؤلفات سيد قطب: تسجيلات منهاج السنة السمعية بالرياض).
- وقال الشيخ ربيع في نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن لسيد قطب (ص: 25) "حكم هذا العمل الخطير عند العلماء غليظ جداً وكبير. راجع: كتاب ((الشفاء)) للقاضي عياض، وكتاب ((الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -)) لشيخ الإسلام ابن تيمية."
- المثال الثاني :- في نبيين كريمين داود وسليمان
- يقول في كتابه التصوير الفني (صـ 208- 215) {إنها قصة سليمان مع بلقيس . وكلاهما شخصية واضحة فيها :شخصية "الرجل" وشخصية "المرأة" ثم شخصية "الملك النبي" وشخصية "الملكة" . فلننظر كيف يبرز أولئك جميعا . {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ،فَقَالَ : مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ؟ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ؟ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا ، أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ ، أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} . فهذا هو المشهد الأول . فيه "الملك الحازم" و "النبي العادل" و"الرجل الحكيم" . إنه الملك يتفقد رعيته ، وإنه ليغضب لمخالفة النظام ، والتغيب بلا إذن . ولكنه ليس سلطاناً جائراً ، فقد يكون للغائب عذره ، فإن كان فبها ، وإلا فالفرصة لم تفت ، وليعذِّبنَّه عذاباً شديداً أو ليذبحنَّه . {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، فَقَالَ : أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ، وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ، وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ . وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ، فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ . أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} فهذا هو المشهد الثاني – عودة الغائب – وهو يعلم حزم الملك وشدة بطشه فه يبدأ حديثه بمفاجأة يعدها للملك تبرر غيبته ، وافتتحها يضمن إصغاء الملك إليه "أحطت بما لم تحطْ به ، وجئتك من سبأ بنبأ يقين " فأي ملك لا يستمع ، وأحد رعيته الصغار يقول له : " أحطت بما لم تحط به !" ثم ها هو ذا الغائب يعرض النبأ مفصلا ؛ وإنه ليحس إصغاء الملك له ، واهتمامه بنبئه ، فهو يطنب فيه ، وهو يتفلسف ، فينكر على القوم : "ألاَّ يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض " . وإنه حتى هذه اللحظة لفي موقف المذنب ، فالملك لم يرد عليه بعد . فهو يلمّح بأن هناك إلها "هو ربّ العرش العظيم " ليطامن الملك من عظمته الإنسانية ، أمام هذه العظمة الإلهية ! { قَالَ :سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ . اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } فهذا هو المشهد الثاني في شطره الأخير فيه الملك الحازم العادل . فالنبأ العظيم لم يستخف "الملك" وهذا العذر لم ينه قضية الجندي المخالف للنظام ، والفرصة مهيأة للتحقيق ، كما يصنع "النبي" العادل ، والرجل "الحكيم" . ثم ها نحن اولاء – النظارة- لا نعلم شيئاً مما في الكتاب ، إن شيئاً منه لم يذع قبل وصوله إلى الملكة ! فإذا وصل فهي التي تذيعه . ويبدأ المشد الثالث. {قَالَتْ : يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }. وها هي ذي "الملكة" تطوي الكتاب وتوجه إلى مستشاريها الحديث : {قَالَتْ : يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي . مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ }. وكعادة العسكريين في كل زمان ومكان ، لابد أن يظهروا استعدادهم العسكري في كل لحظة . وإلاّ أبطلوا وظيفتهم . مع تفويض الأمر للرياسة العليا كما يقتضي النظام والطاعة : {قَالُوا : نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ ، وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ، وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}. وهنا تظهرُ " المرأة" من خلف " الملكة" ، المرأة التي تكره الحرب والتدمير ، والتي تنضي سلاح الحيلة والملاينة قبل سلاح القوة والمخاشنة ، والتي تتهيّأ في صميمها لمواجهة "الرجل" بغير العداء والخصام ! {قَالَتْ : إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ،وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ ، فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}! ويسدل الستار هنا ،ليرفع هناك عند سليمان : {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ؟ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ . بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ، ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }.والآن لقد ردّ الرسل بهديتهم ، فلندعهم في الطريق قافلين . إن سليمان النبي الملك ، وإنه كذلك لرجُل .وإن "الملك" ليدرك من تجاربه أن هذا الرد العنيف سينهي الأمر مع ملكة لا تريد العداء – كما يبدو من هديتها له – وأنها ستجيب دعوته على وجه الترجيح ، بل التحقيق ، وهنا يستيقظ "الرجل" الذي يريد أن يبهر "المرأة" بقوته وبسلطانه ( وسليمان هو ابن داود صاحب التسع والتسعين نغجة الذي فتن في نعجة واحدة ) [كتب في الحاشية (في قصة داود في القرآن إشارة إلى فتنته بامرأة – مع كثرة نسائه – فأرسل الله إليه ملكين يتخاصمان عنده " إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا : لا تخف . خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط . إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال : أكفلنيها وعزني في الخطاب . قال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ....!" ... وعرف داود أنها الفتنة " فاستغفر ربه وخَرَّ راكعاً وأناب ". ] فها هو ذا يريد أن يأتي بعرش الملكة قبل أن تجيء . وأن يمهد لها الصرح من قوارير( وإن كانت القصة تبقي الصرح سرّاً –حتى عنا نحن النظارة – لتفاجئنا به مع بلقيس في المشهد الأخير) : {قَالَ : يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ . أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ، قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ؛ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ : أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ؛ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} . ولكن الأهداف الدينية لا تريد أن يكون للجن قوّة ، ولو كانوا من جن سليمان .فها هو ذا رجل من المؤمنين – عنده علمٌ من الكتاب – تفوق قوته قوة ذلك العفريت ! { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ : أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}.. وهنا فجوة كما تغمض العين ، ثم تفتح : {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ، لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ . وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}لقد استيقظ "النبي" في نفس سليمان ، أمام نعمة الله التي تتحقق على يديّ عبد من عباد الله ؛وهنا يستطرد سليمان في الشكر على النعمة بما يحقق الغرض الديني للقصة . ثم ها هو ذا "الرجل" يستيقظ في سليمان مرة أخرى : {قَالَ : نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا . نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُون} وهنا يتهيّأ المسرح لا ستقبال الملكة ، ونمسك نحن أنفاسنا في ارتقاب مقدمها : {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ : أَهَكَذَا عَرْشُكِ ؟ قَالَتْ :كَأَنَّهُ هُوَ}... ثم ماذا ؟ إن الملكة لم تسلم بعد من هذه المفاجأة – فيما يبدو - : {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ . إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ }. وهنا تتم المفاجأة الثانية للملكة ولنا معها : و{ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ .فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا . قَالَ : إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ! قَالَتْ ر: َبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي . وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.وهكذا كانت بلقيس "امرأة" كاملة : تتقي الحرب والتدمير ؛ وتستخدم الحيلة والملاطفة ، بدل المجاهرة والمخاشنة ؛ ثم لا تسلّم لأول وهلة . فالمفاجأة الأولى تمر فلا تُسْلم ؛ فإذا بهرتها المفاجأة الثانية ، وأحست بغريزتها أن إعداد المفاجأة لها دليل على عناية "الرجل" بها ، وألقت السلاح ، وألقت بنفسها إلى الرجل الذي بهرها ، وأبدى اهتمامه بها ، بعد الحذر الأصيل في طبيعة المرأة ، والتردد الخالد في نفس حواء ! .. }
- وفي حاشية (208) على قصة يوسف بعد الفتنة التي تعرض لها نبي الله داود كذلك في قصة النعجة الواحدة والتسع والتسعين نعجة .
- المثال الثالث : نبي الله نوح
- قال في التصوير الفني (صـ 58) ثم لنعرض مشهداً من قصة الطوفان : " وهي تجري بهم في موج كالجبال ". وفي هذه اللحظة الرهيبة ، تتنبَّه في نوح عاطفة الأبّوة ،فإن هناك ابناً له لم يؤمن ، وإنه ليعلم أنه مغرق مع المغرقين. ولكن ها هو ذا الموج يطغى ، فيتغلب "الإنسان" في نفس نوح على "النبي" ويروح في لهفة وضراعة ينادي إبنه جاهراً " ونادى نوح ابنه – وكان في معزل – يابنيّ اركب معنا ، ولا تكن مع الكافرين " . ولكن النبوَّة العاقة لا تحفل هذه الضراعة ؛ والفتوَّة العاتية لا ترى الخلاص في فتوّتها : " قال : سآوي إلى جبل ...." ّ
- المثال الرابع نبي الله آدم
- يقول في التصوير الفني (176) " وترك القصة مفتوحة بعد هذا للخيال يتبع آدم المسكين وزوجه في الأرض غريبين لم يعرفا أقطارها ، ولم يتعودا حياتها .."
- قلت (المنصوري) والمتبع لكتبه يرى اكثر من هذا من كاتبنا المتجرأ الذي ظلم القلم الذي يكتب به وكذا ظلم الادب الذي يزعم الكثير انه اديب ان لم يكن اول الادب مع ربه واياته ورسله ودينه وشرعه فلا ادب البتة وليشتد عجبك ايها القارئ اذا علمت بان كثير من الحزبييين المعروفين يتأسف أشد الأسف من شدة ابن حزم في كتابه المحلى على كثير من الأئمة ويزهد فيه لما فيه من عبارات واذا جاء الى كتب قطب وما فيها تتغير النبرة وتتوارى الغيرة الى غير رجعه واذا وجهت الدفة لمن يطعنون في المشايخ بالتبديع والخروج من السلفية رأيت اسودا خرجت من عرينها جائعة تزأر حتى تبح اصواتها فلا حول ولا قوة الا بالله لماذا لا ينزل هؤلاء منزلة قطب ؟ ولم يعلم عنهم سب للصحابة ولا يعلم عنهم تكفير للمسلمين ولا يعلم عنهم سب للرسل والانبياء ... ما لكم كيف تحكمون ؟ فالحمد لله على البصيرة من العمى
- لنعد لتلخيص كلام الربيع حفظه الله
- يقلل من شأن المعجزات، ويرى أن معجزة الرسول الوحيدة هي القرآن فقط
- يقول:"إن الإسلام لم يشأ أن تكون وسيلته إلى حمل الناس على اعتناقه هي القهر والإكراه، في أي صورة من الصور، حتى القهر العقلي عن طريق المعجزة، لم يكن وسيلة من وسائل الإسلام، كما كان في الديانات قبله، من نحو الآيات التسع لموسى، والكلام في المهد، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص لعيسى ... لقد شاء الإسلام أن يخاطب القوى المدركة في الإنسان، ويعتمد عليها في الإقناع بالشريعة والعقيدة، وذلك جرياً على نظرته الكلية في احترام هذا الإنسان وتكريمه".
- أقول: إن المعجزات التي يجريها الله على أيدي رسله ليس فيها قهرٌ ولا إكراه، وليس فيها ما ينافي نظرية الإسلام الكلية في احترام الإنسان، بل فيها إكرام لأنبياء الله ورسله، وتأييد لهم، وبراهين على صدقهم، وإكرام لأتباعهم، وتقوية وتثبيت لإيمانهم.
- ثم قال عن الاسراء : "على أننا لا نرى محلاً لذلك الجدال الطويل الذي ثار قديماً ويثور حديثاً حول طبيعة هذه الواقعة المؤكدة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمسافة بين الإسراح والمعراج بالروح أو بالجسم وبين أن تكون رؤية في المنام أو رؤية في اليقظة ... المسافة بين هذه الحالات كلها ليست بعيدة، ولا تغير من طبيعة هذه الواقعة شيئاً، وكونها كشفاً وتجلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أمكنة بعيدة وعوالم بعيدة في لحظة خاطفة قصيرة ... والذين يدركون شيئاً من طبيعة القدرة الإلهية ومن طبيعة النبوة، لا يستغربون في الواقعة شيئاً، فأمام القدرة الإلهية تتساوى جميع الأعمال التي تبدو في نظر الإنسان وبالقياس إلى قدرته والى تصوره متفاوتة السهولة والصعوبة حسب ما اعتاده وما رآه، والمعتاد المرئي في عالم البشر ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس إلى قدرة الله، أما طبيعة النبوة؛ فهي اتصال بالملأ الأعلى، على غير قياس أو عادة لبقية البشر، وهذه التجلية لمكان بعيد أو عالم بعيد، والوصول إليه بوسيلة معلومة أو مجهولة، ليست أغرب من الاتصال بالملأ الأعلى والتلقي عنه، وقد صدق أبوبكر الصديق رضي الله عنه وهو يرد المسألة المستغربة المستهولة عند القوم إلى بساطتها وطبيعتها، فيقول: إني لأصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء" ("في ظلال القرآن" (4/ 2210 - 2211)).
- قال سيد قطب عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} ."إن معجزة الإسلام هي القرآن، وهو كتاب يرسم منهجاً كاملاً للحياة، ويخاطب الفكر والقلب، ويلين الفطرة القويمة، ويبقى مفتوحاً للأجيال المتتابعة تقرؤه وتؤمن به إلى يوم القيامة، أما الخارقة المادية؛ فهي تخاطب جيلاً واحداً من الناس، وتقتصر على من يشاهدها من هذا الجيل، على أن كثرة من كانوا يشاهدون الآيات لم يؤمنوا.
- وقد ضرب السياق المثل بثمود، الذين جاءتهم الناقة وفق ما طلبوا واقترحوا آية واضحة، فظلموا أنفسهم وأوردوها موارد الهلكة؛ تصديقاً لوعد الله بإهلاك المكذبين بالآية الخارقة، وما كانت الآيات إلا إنذاراً وتخويفاً بحتمية الهلاك بعد مجيء الآية. هذه التجارب البشرية اقتضت ان تجيء الرسالة الأخيرة غير مصحوبة بالخوارق؛ لأنها رسالة الأجيال المقبلة جميعها، لا رسالة جيل واحد يراها، ولأنها رسالة الرشد البشري، تخاطب مدارك الإنسان جيلاً بعد جيل، وتحترم إدراكه الذي تتميز به بشريته، والذي من أجله كرمه الله على كثير من خلقه.
- أما الخوارق التي وقعت للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأولها خارقة الإسراء والمعراج؛ فلم تتخذ معجزة مصدقة للرسالة، إنما جعلت فتنة للناس وابتلاء" ("في ظلال القرآن" (4/ 2237)).
- أثبت سيد قطب معجزة انشقاق القمر؛ لأنه ثبت بالقرآن والروايات المتواترة، ثم قال:"بقيت لنا كلمة في الرواية التي تقول: إن المشركين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - آية، فانشق القمر؛ فإن هذه الرواية تصطدم مع مفهوم نص قرآني مدلوله أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق التي جاءت مع الرسل قبله، لسبب معين: {وما منعنا أن نرسل بالأيات إلا أن كذب بها الأولون} ؛ فمفهوم هذه الآية أن حكمة الله اقتضت منع الآيات - أي: الخوارق - لما كان من تكذيب الأولين بها.
- وفي كل مناسبة طلب المشركون آية من الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ كان الرد يفيد أن هذه الأمر خارج عن حدود وظيفته، وأنه ليس إلا بشراً رسولاً، وكان يردهم إلى القرآن، يتحداهم به، بوصفه معجزة هذا الدين الوحيدة: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا أو يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا}
- فالقول بأن انشقاق القمر كان استجابة لطلب المشركين آية - أي: خارقة - يبدو بعيداً عن مفهوم النصوص القرآنية، وعن اتجاه هذه الرسالة الأخيرة إلى مخاطبة القلب البشري بالقرآن وحده وما فيه من إعجاز ظاهر، ثم توجيه هذا القلب - عن طريق القرآن - إلى آيات الله القائمة في الأنفس والآفاق، وفي أحداث التاريخ سواء ...فأما ما وقع فعلاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - من خوارق شهدت بها روايات صحيحة؛ فكان إكراماً من الله لعبده، لا دليلاً لإثبات رسالته ...
- ومن ثم نثبت الحادث - حادث انشقاق القمر - بالنص القرآني وبالروايات المتواترة التي تحدد مكان الحادث وزمانه وهيئته، ونتوقف في تعليله الذي ذكرته بعض الروايات، ونكتفي بإشارة القرآن إليه مع الإشارة إلى اقتراب الساعة، باعتبار هذه الإشارة لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب ...
- وانشقاق القمر إذن كان آية كونية يوجه القرآن القلوب والأنظار إليها، كما يوجهها دائماً إلى الآيات الكونية الأخرى، ويعجب من أمرهم وموقفهم إزاءها، كما يعجب من موقفهم تجاه آيات الله الكونية الأخرى.
- إن الخوارق الحسية قد تدهش القلب البشري في طفولته، قبل أن يتهيأ لإدراك الآيات الكونية الدائمة والتأثر الثابت الهادئ، وكل الخوارق التي ظهرت على أيدي الرسل صلوات الله عليهم قبل أن تبلغ البشرية الرشد والنضوج يوجد في الكون ماهو أكبر منها وأضخم، وإن كان لا يستثير الحس البدائي كما تستثيره تلك الخوارق" ("في ظلال القرآن" (6/ 3426 - 3427)).
- إنكاره للميزان على طريقة المعتزلة والجهمية
- وذلك من الضلالات التي احتدم فيها النزاع بين أهل السنة والمعتزلة، وسيد قطب لا يجهل ذلك.
- قال في كتابه "التصوير الفني" (ص 83). :"ثم لما كان هذا التجسيم خطة عامة؛ صوَّر الحساب في الآخرة كما لو كان وزناً مجسماً للحسنات والسيئات: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ... .. وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ}، وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا}، {ولا يُظْلَمونَ فَتيلاً} {ولا يُظْلَمون نَقيراً}.وكل ذلك تمشياً مع تجسيم الميزان.
- وكثيراً ما يجتمع التخييل والتجسيم في المثال الواحد من القرآن، فيصور المعنوي المجرد جسماً محسوساً، ويخيل حركة لهذا الجسم أو حوله من إشعاع التعبير.
- وفي الأمثلة السابقة نماذج من هذا، ولكنا نعرض هذه الظاهرة في أمثلة جديدة، فلدينا وفر من الأمثلة على كل قاعدة".
- وقال في تفسير قول الله تعالى في سورة الأعراف(3/ 1261): {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ... } ،"ولا ندخل هنا في طبيعة الوزن، وحقيقة الميزان، كما دخل المتجادلون بعقلية غير إسلامية في تاريخ الفكر الإسلامي؛ فكيفيات الله كلها خارجة عن الشبيه والمثيل، مذ كان الله سبحانه ليس كمثله شيء؛ فحسبنا تقرير الحقيقة التي يقصد إليها السياق من أن الحساب يومئذ بالحق، وأنه لا يظلم أحدٌ مثقال ذرة، وأن عملاً لا يبخس ولا يغفل ولا يضيع". وراجع تفسير سورة المؤمنون (4/ 2481)، حيث تأول الميزان مثل هذا التأويل، وأحال إلى كتابه "التصوير الفني في القرآن"..
- اعتقاد سيد قطب أن الروح أزلية منفصلة من ذات الله
- قال سيد قطب: لقد قال الله للملائكة: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} .
- وقد كان ما قاله الله، فقوله تعالى إرادة، وتوجه الإرادة ينشئ الخلق المراد، ولا نملك أن نسأل كيف تلبست نفخة الله الأزلي الباقي بالصلصال المخلوق الفاني، فالجدل على هذا النحو عبث عقلي، بل عبث بالعقل ذاته، وخروج به عن الدائرة التي يملك فيها أسباب التصور والإدراك والحكم، وكل ما ثار من الجدل حول هذا الموضوع، وكل مايثور، إن هو إلا جهل بطبيعة العقل البشري وخصائصه وحدوده، وإقحام له في غير ميدانه؛ ليقيس عمل الخالق إلى مدركات الإنسان، وهو سفه في إنفاق الطاقة العقلية، وخطأ في المنهج من الأساس، إنه يقول كيف يتلبس الخالد بالفاني، وكيف يتلبس الأزلي بالحادث، ثم ينكر أو يثبت ويعلل! بينما العقل الإنساني ليس مدعواً أصلاً للفصل في الموضوع؛ لأن الله يقول: إن هذا قد كان، ولا يقول: كيف كان؟ فالأمر إذن ثابت، ولا يملك العقل البشري أن ينفيه، وكذلك هو لا يملك أن يثبته بتفسير من عنده، غير التسليم بالنص؛ لأنه لا يملك وسائل الحكم، فهو حادث، والحادث لا يملك وسائل الحكم على الأزلي في ذاته، ولا على الأزلي في تلبسه بالحادث، وتسليم العقل ابتداء بهذه البديهية أو القضية، وهي أن الحادث لا يملك وسائل الحكم على الأزلي في أي صورة من صوره، يكفي ليكف العقل عن إنفاق طاقته سفهاً في غير مجاله المأمون" "في ظلال القرآن" (14/ 22 - 23).
- قال الشيخ ربيع في هذا النص أن كلام الله هو إرادته، وهذا تعطيل لصفة الكلام، تعالى الله عن ذلك، وفيه اعتقاد سيد أن الروح أزلية غير مخلوقة، أي أنها جزء من الله تعالى عن هذا القول علواً كبيراً.
الايمان والاسلام عند سيد
- سيد وزيادة الايمان ونقصانه
- علق هنا في حاشية سورة الانفال (3/ 1475) هنا تعرض قضية: «الإيمان يزيد وينقص» وهي قضية من قضايا الفرق وقضايا علم الكلام في فترة الترف العقلي والفراغ من الاهتمامات العملية الجادة.. فلا ندخل نحن الآن فيها!!!
- الحكم بغير ما انزل الله ما يسمونه بالحاكمية
- سيد قطب وتكفير المجتمعات الإسلامية
- يقول في كتابه "معالم في الطريق":"وأخيراً؛ يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة!.وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار؛ لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا أنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضاً ، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها؛ فهي - وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله - تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها، وقيمها، وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها ... وكل مقومات حياتها تقريباً!والله سبحانه يقول عن الحاكمين:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} .ويقول عن المحكومين {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .
- كما أنه سبحانه قد وصف اليهود والنصارى من قبل بالشرك والكفر والحيدة عن عبادة الله وحده واتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دونه لمجرد أن جعلوا للأحبار والرهبان ما يجعله الذين يقولون عن أنفسهم أنهم مسلمون لناس منهم! واعتبر الله سبحانه ذلك من اليهود والنصارى شركاً؛ كاتخاذهم عيسى ابن مريم رباً يؤلهونه ويعبدونه سواء؛ فهذه كتلك: خروج من العبودية لله وحده، فهي خروج من دين الله، ومن شهادة أن لا إله إلا الله .
- يقول الشيخ ربيع وهذا واضح في تكفيره المجتمعات الإسلامية.
- ثم يقول سيد وهذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة علمانيته وعدم علاقته بالدين أصلاً، وبعضها يعلن أنه يحترم الدين، ولكنه يخرج الدين من نظامه الاجتماعي أصلاً، ويقول: إنه ينكر الغيبية، ويقيم نظامه على العلمية؛ باعتبار أن العلمية تناقض الغيبية! وهو زعم جاهل، لا يقول به إلا الجهال (قال الشيخ ربيع وهذا في غاية الصراحة والوضوح في تكفير المجتمعات الإسلامية.)، وبعضها يجعل الحاكمية الفعلية لغير الله، ويشرع ما يشاء، ثم يقول عما يشرعه من عند نفسه: هذه شريعة الله! وكلها سواء في أنها لا تقوم على العبودية لله وحده ...وإذا تعين هذا؛ فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة:إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره"!! ..
- قال الشيخ ربيع قلت: يلاحظ أن سيد قطب في هذا الموضع، وفي جميع كتاباته في "الظلال" وغيره؛ أنه لا يعبأ بشرك القبور، والغلو في أهل البيت وفي الأولياء بالاعتقاد بأنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، وبتقديم القرابين لهم، وإراقة الدموع والخشوع عند عتباتهم، ودعائهم والاستغاثة بهم لكشف الكروب وإزالة الخطوب، وشد الرحال والحج إلى قبورهم، والطواف بها، والاعتكاف حولها، وإقامة الأضرحة والمشاهد، وتشييد القباب بالأموال الطائلة لها، وغير ذلك من التصرفات.
- ولا يحاسب الناس إلا على مخالفة الحاكمية، ولا يدور في تفسيره لـ (لا إله إلا الله) إلا على الحاكمية والسلطة والربوبية؛ مفرغاً لا إله إلا الله عن معناها الأساسي الذي جاءت به جميع الكتب وجميع الرسل، ودان به علماء الإسلام مفسرون ومحدثون وفقهاء، ولا يكفر الناس إلا بالعلمنة وما تفرع عنها، ويبالغ في هذا أشد المبالغة؛ لأنها ضد الحاكمية في نظره، ويرمي المجتمعات الإسلامية بالكفر من هذا المنطلق، فيكون كلامه حقاً في العلمانيين فعلاً، وهم قلة في المجتمع، ويكون كلامه باطلاً وظلماً بالنسبة للسواد الأعظم من الناس؛ فإن كثيراً منهم يعادون العلمنة، ويبغضون أهلها إذا عرفوهم بذلك، وكثير منهم لا يعرفون هذه العلمنة، فهم مسلمون في الجملة، وعندهم خرافات وبدع، فإذا عُرِّفوا بها؛ حاربوها وأهلها حاكمين أو محكومين، أحزاباً أو أفراداً.
- وبالجملة؛ فسيد سلك مسلكاً في تكفير الناس لا يقره عليه عالم مسلم (1)؛ يرسل الكلام على عواهنه في باب الحاكمية، ويكفر عامة الناس بدون ذنب وبدون إقامة حجة وبدون التفات إلى تفصيلات العلماء في هذا الباب، هذا من جهة. ولا يعبأ بشرك القبور الذي يرتكبه الروافض وغلاة الصوفية ومن تابعهم من جهة أخرى، ولا يرى - في هذا الموضوع وفي كثير من المواضع - هذه الشركيات منافية لمعنى لا إله إلا الله!.
- لذا ترى الخوارج والروافض وكثيراً من أهل البدع والأهواء يرحبون بمنهجه وبكتبه، ويفرحون ويعتزون بها، ويستشهدون بأقواله وتفسيراته، وإني لأرجو لكل مسلم صادق في دينه، خصوصاً الشباب الذين انخدعوا بمنهج سيد قطب أن يمن الله عليهم بجوده وفضله، فيدركوا ما وقعوا فيه من خطأ وبعد عن فقه الكتاب والسنة، وفقه سلف الأمة، فيعودوا إلى رحاب الحق والعلم والفهم الصحيح.
- __________
- (1) وقد أنكر ذلك عليه كثير من الناس؛ منهم أبوالحسن الندوي، وحسن الهضيبي، ويوسف القرضاوي؛ في مؤلفاتهم.
- اعتبار سيد قطب مساجد المسلمين معابد جاهلية إنطلاقاً من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهلية:
- قال سيد قطب في تفسير قول الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ قال "في ظلال القرآن" (3/ 1816):وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية، وهما ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات، ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية، ولكن التجارب ماتزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة، وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئاً كثيراً في ساعة الشدة.
- وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة، ليست خاصة ببني إسرائيل، فهي تجربة إيمانية خالصة، وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي، وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة، وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة، وهنا يرشدنا الله إلى أمور:
- 1 - اعتزال الجاهلية نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك، وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها، حتى يأتي وعد الله لها.
- 2 - اعتزال معابد الجاهلية، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم في جو العبادة الطهور".
- قال الشيخ ربيع فأي تكفير بعد هذا؟!
- قال سيد قطب "وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم، على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام، لا نرى لهذا الدين وجوداً ... إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله بالحاكمية في حياة البشر، وذلك يوم أن تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة.
- ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة، وأن نجهر بها، وأن لا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثير الذين يحبون أن يكونوا مسلمين؛ فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا؛ كيف يكونون مسلمين؟! إن أعداء هذا الدين بذلوا طوال قرون كثيرة ومايزالون يبذلون جهوداً ضخمة ماكرة خبيثة؛ ليستغلوا إشفاق الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين. من وقع هذه الحقيقة المريرة، ومن مواجهتها في النور، وتحرجهم كذلك من إعلان أن وجود هذا الدين قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة مسلمة في الارض عن تحكيم شريعة الله في أمرها كله، فتخلت بذلك عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية [أو بالألوهية]؛ فهذه مرادفة لتلك أو ملازمة لها، ولا تتخلف"
- يقول سيد " لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ (لا إله إلا الله)؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله؛ دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم، وهي مرادف الألوهية، سواء ادعوها كأفراد، أو كتشكيلات تشريعية، أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة، فليس لها إذن حق الحاكمية ... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء ...البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله؛ بلا مدلول ولا واقع ... وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله!
- فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلاً أمام هذه الآيات البينات" "في ظلال القرآن" (2/ 1057).
- قال الشيخ ربيع في هذا الكلام تكفير واضح للأمة الإسلامية كلها، وحكم عليها بالردة، وأنهم أشد الكفار عذاباً؛ لأنهم ارتدوا بعدما تبين لهم الهدى.
- ويقول سيد:"إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي" "في ظلال القرآن" (4/ 2122).
- ويقول سيد:"فأما اليوم؛ فماذا؟! أين هو المجتمع المسلم الذي قرر أن تكون دينونته لله وحده، والذي رفض بالفعل الدينونة لأحد من العبيد، والذي قرر أن تكون شريعة الله شريعته، والذي رفض بالفعل شريعة أي تشريع لا يجيء من هذا المصدر الشرعي الوحيد؟ لا أحد يملك أن يزعم أن هذا المجتمع المسلم قائم موجود! " "في ظلال القرآن" (3/ 1735).
- قال الشيخ ربيع نقول: ليس بعد هذا التكفير العنيف شيء مع معاصرته لجهاد السلفيين في الجزيرة، وإقامتهم دولة إسلامية على التوحيد والكتاب والسنة ....
- قلت (المنصوري) الخ كلام قطب في تكفير المجتمعات بالحكم باطلاق وهو قول الخوارج كما نقلنا في حلقة الحاكمية تعالوا معا لنري قاصمة الظهر التي تخفى على الكثير فما هو الإسلام المراد عن قطب واعوانه ومتابعيه حتى يعلم ما عند هؤلاء من حقائق ولا يخدع البعض بمجرد الدعوى الظاهرة ويكفي ان تعرف ان له كتاب باسم " جاهلية القرن العشرين "
- الإسلام عند قطب
- (ولا بد للإسلام أن يحكم، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال) معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 61).
- قال الشيخ ربيع أهذه هي الحاكمية التي تدعو إليها: المزج الكامل بين الشيوعية والنصرانية ثم تطبيقها على المسلمين.
- وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين –رحمه الله -:
- ما رأيكم فيمن يقول:لا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجاً كاملا يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال والتوازن)؟!
- فقال – رحمه الله - مجيبا:
- نقول له: إن المسيحية دين مبدل مغير من جهة أحبارهم ورهبانهم، والشيوعية دين باطل لا أصل له في الأديان السماوية، والدين الإسلامي دين من الله عز وجل منزل من عنده لم يبدل ولله الحمد، قال الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
- ومن قال: إن الإسلام مزيج من هذا وهذا فهو إما جاهل بالإسلام، وإما مغرور بما عليه الأمم الكافرة من النصارى والشيوعيين).
- وكذلك سئل العلامة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري عن هذه المقالة فاعتبرها دعوة إلى وحدة الأديان، وهذا نص السؤال والجواب وعليه ختمه وتوقيعه:
- بسم الله الرحمن الرحيم.
- فضيلة الشيخ المحدث إسماعيل بن محمد الأنصاري حفظكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- ما رأيكم في رجل يدعي العلم ودرس في الغرب يقول:
- "إن الإسلام هو العقيدة التي تصوغ من الشيوعية والمسيحية مزيجا كاملا يحقق أهدافهما ويزيد عليهما بالتوازن والاعتدال "؟
- ما حكم هذا القول؟
- "بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
- فإن كلمة ذلك المدعي المذكور كلمة تدعو إلى وحدة الأديان وإلى التقريب بينها، وقد رد أئمة العلماء على القائل بها في كتبهم المعتبرة ومن ضمن تلك الكتب ما يلي:
- (1) كتاب "الرد على المنطقيين " لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 282).
- (2) الجزء الأول من "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص4،5) في الرد على من قال: (كل يعمل في دينه الذي يشتهي).
- (3) الاقتضاء" في (كذا) الرد على البكري (ص 215) من قال: (المعبود واحد وإن اختلفت الطرق)
- (4) مدارج السالكين " لابن القيم (ج 3 ص 48 4).
- (5) منهاج السنة" لابن تيمية.
- (6) رسالة الحميدية في زمن السلطان عبد الحميد"
- (7) رد العراقي على الدعوة إلى وحدة الأديان " (ص 111) من مصرع التصوف.
- إسماعيل بن محمد الأنصاري الأحد 12/ 11/ 1414 أهـ
- وسئل الشيخ حماد بن محمد الأنصاري عن هذه المقالة فأجاب:
- (إن كان قائل هذا الكلام حيا فيجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدا، وإن كان قد مات فيجب أن يبين أن هذا كلام باطل ولا نكفره لأننا لم نقم عليه الحجة) ( في ليلة الأحد الموافق 3 من شهر محرم عام 1415 هـ قرأت على الشيخ / حماد بن محمد الأنصاري هذا الكلام هاتفيا.قاله الشيخ ربيع).
- وسئل علماء آخرون عنها وكانت لهم إجابات قوية.
- في مدح الإسلام في زعمه: (فكرة الإسلام عن وحدة البشرية، ونفيه لعصبية الجنس واللون والوطن، واعتقاده في وحدة الدين في الرسالات كافة، واستعداده للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء، وحصره لأسباب الخصومة والحرب في الدفاع عن حرية الدعوة، وحرية العقيدة والعبادة) "نحو مجتمع إسلامي (ص 132)
- مع أن سيدا يكفر من لم يحكم بما أنزل الله مطلقا، ويتشدد في ذلك، فإنه يرى أنه يجوز لغير الله أن يشرع قوانين لتحقيق حياة إسلامية صحيحة، قال:(فإذا انتهينا من وسيلة التوجيه الفكري، بقيت أمامنا وسيلة التشريع القانوني لتحقيق حياة إسلامية صحيحة تكفل فيها العدالة الاجتماعية للجميع.
- وفي هذا المجال لا يجوز أن نقف عند مجرد ما تم في الحياة الإسلامية الأولى، بل يجب الانتفاع بكافة الممكنات التي تتيحها مبادئ الإسلام العامة وقواعده المجملة.
- فكل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية ولا تخالف أصوله أصول الإسلام، ولا تصطدم بفكرته عن الحياة والناس، يجب أن لا نحجم عن الانتفاع به عند وضع تشريعاتنا، ما دام يحقق مصلحة شرعية للمجتمع أو يدفع مضرة متوقعة. ولنا في مبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع، وهما مبدآن إسلاميان صريحان ما يمنح ولي الأمر سلطة واسعة لتحقيق المصالح العامة في كل زمان ومكان) ( العدالة الاجتماعية" (ص 261، الطبعة الخامسة).
- قال الشيخ ربيع وعلى هذا مآخذ:
- 1 - كأن سيدا يرى أن الإسلام غير كامل ولا واف بمتطلبات الأمة الإسلامية.
- 2 - يمكن لأي دولة تنتمي للإسلام أن تأخذ كل ما تهواه من القوانين الوضعية بحجة تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وبحجة أنها لا تتنافى مع أصول الإسلام، ولو كانت مصادمة لأصوله ونصوصه.
- 3 - يرى سيد أخذ كل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية إذا لم تخالف أصول تلك التشريعات وأصول تلك التنظيمات أصول الإسلام ولا تصطدم بفكرته عن الحياة، أي لا تحرم التشريعات والنظم الكافرة على المسلمين إلا في حالة مصادمة أصولها أصول الإسلام، فإذا خالفت أصول التشريعات الكافرة والتنظيمات الكافرة نصوص الإسلام من الكتاب والسنة والأمور الفرعية التي دلت عليها تلك النصوص، فلا حرج فيها، ولا تحريم، بل يجب الأخذ والحال هذه بتلك التشريعات والتنظيمات الكافرة.
- وكذلك، إذا خالفت تفريعات تلك القوانين والنظم أصول الإسلام، فلا حرج فيها، بل يجب الأخذ بها، لأنها فروع صادمت أصول الإسلام، وذلك لا يضر، وإنما الضرر فقط في مصادمة الأصول الكافرة للأصول الإسلامية.
- وبهذا التأصيل والتقعيد الذي يضعه سيد تنفتح أبواب التلاعب بدين الله لكل طاغية يريد التلاعب بالإسلام وبالأمة الإسلامية، فيمكنه جلب قوانين أوروبا وأمريكا تحت ستار هذه التأصيلات التي وضعها سيد قطب.
- وانطلاقا من هذه القواعد التي وضعها سيد:
- 1 - أخذ بالاشتراكية الغالية، فتوصل إلى أنه بيد الدولة أن تنتزع كل الممتلكات والثروات من أهلها، وتعيد توزيعها من جديد، ولو قامت على أسس إسلامية.
- 2 - ومن هذا المنطلق يرى أنه لا مانع من وضع نظام دولي يلغي الرق الذي شرعه الاسلام، فيقول في تفسير سورة التوبة:{وفى الرقاب} (في ظلال القرآن " (3/ 1669)، وقد قرر هذا في تفسير سورة البقرة في "الظلال " 23، وفي تفسير سورة المؤمنون (4/ 2455)، وفي تفسير سورة محمد (6/ 3285).)، وذلك حين كان الرق نظاما عالميا تجري المعاملة فيه على المثل في استرقاق الأسرى بين المسلمين وأعدائهم، ولم يكن للإسلام بد من المعاملة بالمثل، حتى يتعارف العالم على نظام آخر غير الاسترقاق.
- وهكذا يرى سيد أنه يجوز قيام نظام عالمي ينسخ ما قرره الإسلام في الكتاب والسنة، وأجمع على مشروعيته المسلمون في أبواب الجهاد والزكاة والكفارات والفضائل وغيرها في الرق وعتق الرقاب!
- لماذا؟! لأن هذا كله لم يصطدم بأصل من أصول الإسلام في زعمه.
- أما مصادمتها لنصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على حرمة أموال المسلمين فهذا أمر هين عند سيد قطب، فلا يلتفت إليه.
- وكل هذا مجاراة لأهواء الغربيين، وما أكثر وأشد ما يقع في هذا الميدان (أي مجاراة الغربيين).
- ولو قامت له ولأمثاله دولة، لرأيت العجب العجاب من القوانين والتشريعات التي تحل الحرام، وتحرم الحلال، انطلاقا من هذه القواعد التي تؤدي إلى هدم الإسلام باسم الإسلام، وبرأ الله الإسلام من ذلك.
- فأين التركيز على أنه لا حاكم إلا الله؟! ولا مشرع إلا الله؟!.
- وأين ما قام على هذا من تكفير المجتمعات الإسلامية كلها لأنها تخضع لغير حاكمية الله وتشريعاته في نظره؟!
- فاعتبروا يا أولي الألباب!!
- فتاوى الفوزان في الرق
- قال سائل: فضيلة الشيخ، يرى بعض الكتاب العصريين أن هذا الدين قد أُجبر على قبول نظام الرق الجاهلي في بادئ الأمر.
- قال فضيلة الشيخ صالح: أعوذ بالله.
- أكمل السائل سؤاله بقوله: بيد أنه جاء بتخفيفه عن طريق فتح أبواب الكفارات وغيرها من الإعتاق الواجب في الموالى بالتدريج حتى ينتهي، وبالتالي يكون مقصود الشارع هو إزالة هذا النظام بالتدريج. فما توجيهكم؟
- قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
- (هذا كلام باطل -والعياذ بالله- رغم أنه يردده كثير من الكتاب والمفكرين ولا نقول العلماء، بل نقول المفكرين كما يسمونهم.
- ومع الأسف يقولون عنهم الدعاة أيضاً، وهو موجود في تفسير سيد قطب في "ظلال القرآن"، يقول هذا القول: إن الإسلام لا يقر الرق، وإنما أبقاه خوفاً من صولة الناس واستنكار الناس لأنهم ألفوا الرق، فهو أبقاه من باب المجاملة -يعني كأن الله يجامل الناس-، وأشار إلى رفعه بالتدريج حتى ينتهي.
- هذا كلام باطل وإلحاد -والعياذ بالله- هذا إلحاد واتهام للإسلام.
- ولولا العذر بالجهل، لأن هؤلاء نعذرهم بالجهل لا نقول إنهم كفارٌ؛ لأنهم جهال أو مقلدون نقلوا هذا القول من غير تفكير فنعذرهم بالجهل، وإلا الكلام هذا خطير لو قاله إنسان متعمد ارتد عن دين الإسلام، ولكن نقول هؤلاء ((جهال)) لأنهم مجرد أدباء أو كتاب ما تعلموا، ووجدوا هذه المقالة ففرحوا بها يردون بها على الكفار بزعمهم.
- لأن الكفار يقولون: إن الإسلام يُمَلِّكَ الناس، وأنه يسترق الناس، وأنه وأنه، فأرادوا أن يردوا عليهم بالجهل، والجاهل إذا رد على العدو [فإنه] يزيد العدو شراً، ويزيد العدو تمسكا بباطله.
- الرد يكون بالعلم ما يكون بالعاطفة، أو يكون بالجهل، [بل] يكون الرد بالعلم والبرهان، وإلا فالواجب أن الإنسان يسكت ولا يتكلم في أمور خطيرة وهو لا يعرفها.
- فهذا الكلام باطل، ومن قاله متعمدا فإنه يكفر، أما من قاله جاهلاً أو مقلداً فهذا يعذر بالجهل، والجهل آفةٌ قاتلة -والعياذ بالله- فالإسلام أقر الرق، والرق قديم قبل الإسلام موجود في الديانات السماوية [ومستمر] ما وجد الجهاد في سبيل الله، فإن الرق يكون موجوداً لأنه تابع للجهاد في سبيل الله -عز وجل- وذلك حكم الله -جل وعلا- ما فيه محاباة لأحد ولا فيه مجاملة لأحد، والإسلام ليس عاجزاً أن يصرح ويقول: هذا باطل؛ كما قال في عبادة الأصنام، وكما قال في الربا، وكما قال في الزنا، وكما قال في جرائم الجاهلية، الإسلام شجاع ما يتوقف ويجامل الناس؛ [بل] يصرح [برد] الباطل، [و] يبطل الباطل.
- هذا حكم الله -سبحانه وتعالى- فلو كان الرق باطلاً ما جامل الناس فيه؛ بل قال هذا باطل، ولا يجوز فالرق حكم شرعي باق ما بقي الجهاد في سبيل الله شاءوا أم أبوا.
- نعم، وسبب الرق هو الكفر بالله، فهو عقوبة لمن أصر على الكفر واستكبر عن عبادة الله عز وجل ولا يرتفع إلا بالعتق.
- قال العلماء في تعريف الرق: (هو عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر)، وليس سببه كما يقولون استرقاق الكفار لأسرى المسلمين فهو في مقابلة ذلك، راجع كتب الفرائض في باب موانع الإرث.
- وسمى الله الرق ملك اليمين، وأباح التسري به، وقد تسرى النبي (صلى الله عليه وسلم) مما يدل على أنه حق.
- المرجع: من شريط بتاريخ الثلاثاء 4/ 8/1416 ثم صححه الشيخ.
- سيد يقول بحرية الاعتقاد
- يقول سيد " إننا ندعو إلى نظام تستطيع جميع العقائد الدينية أن تعيش في ظله بحرية وعلى قدم المساواة ويتحتم فيه على الدولة وعلى جماعة المسلمين القيام بحماية حرية العقيدة وحرية العبادة للجميع " دراسات إسلامية" (ص 80 - 81).
- ويقول سيد قطب: (وكانت (يعني رسالة الإسلام) ثورة على طاغوت التعصب الديني، وذلك منذ إعلان حرية الاعتقاد في صورتها الكبرى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا}، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
- لقد تحطم طاغوت التعصب الديني، لتحل محله السماحة المطلقة، بل لتصبح حماية حرية العقيدة وحرية العبادة واجبا مفروضا على المسلم لأصحاب الديانات الأخرى في الوطن الإسلامي. دراسات إسلامية" (ص 13 - 14)
- ففي تفسير قول الله تعالى: {لا إكراه في الدين} الآية يقول: (وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره، وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد، وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه.
- وهذه أخص خصائص التحرر الإنساني، التحرر الذي تنكره على الإنسان في القرن العشرين مذاهب متعسفة ونظم مذلة، لا يسمح لهذا الكائن الذي كرمه الله باختياره لعقيدته أن ينطوي ضميره على تصور للحياة ونظمها غير ما عليه الدولة بشتى أجهزتها التوجيهية وما تمليه عليه بعد ذلك بقوانينها وأوضاعها ، فإما أن يعتنق مذهب الدولة هذا - وهو يحرمه من الإيمان بإله للكون يصرف هذا الكون -، وإما أن يتعرض للموت بشتى الوسائل والأسباب.
- إن حرية الاعتقاد: هي أول حقوق الإنسان التي يثبت له بها وصف الإنسان.
- فالذي يسلب إنسانا حرية الاعتقاد إنما يسلبه إنسانيته ابتداء ... ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة ، والأمن من الأذى والفتنة، وإلا فهي حرية بالاسم، لا مدلول لها في واقع الحياة.
- والإسلام وهو أرقى تصور للوجود وللحياة وأقوم منهج للمجتمع الإنساني بلا مراء - هو الذي ينادي بأن {لا إكراه في الدين} وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين، فكيف بالمذاهب والنظم الأرضية القاصرة المتعسفة وهي تفرض فرضا بسلطان الدولة ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة؟ (في ظلال القرآن " (1/ 291).
تم تحرير الموضوع بواسطة : عمرو المنصوري
بتاريخ: 25-03-2017 11:37 مساء
هذا الجزء بقية الموضوع سقط عند رفعه
- وهذه فتوى للشيخ محمد بن عثيمين فيمن يجيز حرية الاعتقاد والتدين بما شاء من الأديان.
- وسئل فضيلة الشيخ: نسمع ونقرأ كلمة (حرية الفكر) وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد، فما تعليقكم على ذلك؟
- فأجاب بقوله: (تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر، لأن كل من اعتقد أن أحدا يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كافر بالله عز وجل، يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله.
- والأديان ليست أفكارا، ولكنها وحي من الله عز وجل، ينزله على رسله، يسير عباده عليه، وهذه الكلمة - أعني كلمة فكر - التي يقصد بها الدين، يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد. . .
- وخلاصة الجواب: أن من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء، وأنه حر فيما يتدين به، فإنه كافر بالله عز وجل، لأن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} ويقول: {إن الدين عند الله الإسلام}، فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن دينا سوى الإسلام جائز، يجوز للإنسان أن يتعبد به، بل إذا اعتقد هذا، فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفرا مخرجا عن الملة) ("مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (3/ 99 رقم 459)
- وهذا سؤال أيضا وجه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
- يا شيخ! ما رأيكم فيمن يقول: (الإسلام لا يقرر حرية العبادة لأتباعه وحدهم إنما يقرر هذا الحق لأصحاب ديانات مخالفة ويكلف المسلمين أن يدافعوا عن هذا الحق للجميع، ويأذن لهم في القتال تحت هذه الراية - راية ضمان الحرية لجميع المتدينين -، وبذلك يحقق أنه نظام عالمي حر يستطيع الجميع أن يعيش في ظله آمنين مستمتعين بحرياتهم الدينية على قدم المساواة مع المسلمين وفي حماية المسلمين)؟
- فأجاب فضيلته قائلا:
- (الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
- هناك قاعدة شرعية وعقلية تقول: من ادعى شيئا فعليه الدليل.
- فهذا الرجل الذي يدعي أن الناس أحرار في أديانهم وأنهم يختارون من الأديان ما يريدون، وأنهم إذا اختاروا دينا غير الإسلام فهم كأهل الإسلام، لأن كلا له حريته، نقول له: هذه دعوى فأت لها بدليل، فإن لم تأت بدليل فإنها باطلة بالنص والإجماع.
- قال الله تبارك وتعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} وقال تعالى: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقأ لا يستتون. . .}، وقال تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}، وقال الله تبارك وتعالى في المؤمنين أنفسهم: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
- فهذا القائل لهذه المقالة نقول: إنه مدع، والمدعي عليه البينة، وهذه الدعوى مردودة بالقرآن وبإجماع المسلمين على ذلك، صحيح أن الإنسان لا يجبر على الدين الإسلامي إذا بذل الجزية واستكان للدين الإسلامي وذل أمامه، فإننا لا نلزمه أن يتدين، ولكننا نعلم أن مأواه جهنم وبئس المصير، أما إذا نابذ ولم يخضع لحكم الإسلام في بذل الجزية وعدم العدوان على الإسلام وأهله، فإننا نقاتله حتى تكون كلمة الله هي العليا، نقاتله بأمر ربنا الذي خلقنا والذي خلقهم، والله عز وجل يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإسلام دِينًا} وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} وكل من دان بغير دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم فهو خاسر، ولا ينفعه تدينه هذا، بل هو من أصحاب النار، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن اليهود والنصارى مع أنهم أهل كتاب: إذا سمعوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمنوا ويتبعوه فإنهم يكونون من أصحاب النار، فعلى هذا القائل أن يراجع نفسه، وأن يحكم عقله، وأن يتقي ربه، وألا يكون جمادا لا يفرق بين الخبيث والطيب، وبين المؤمن التقي والكافر الشقي).
- يا شيخ! ما حكم من يقول هذا؟
- ) حكمه أن يبلغ ويبين له الحق، فإن اهتدى، فذلك المطلوب، وإن لم يهتد، فلولاة الأمور أن يجروا عليه ما يقتضيه الشرع الإسلامي، ما يقتضيه الدين الإسلامي) اهـ.
- اجتياح أموال الناس بفرض الضرائب
- يقول سيد قطب في كتابه "معركة الإسلام والرأسمالية" ("معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 41 - 42))
- (أئذا فرضت الدولة اليوم ضريبة للتعليم، جعلت حصيلتها خاصة بالأغراض التعليمية البحتة، من بناء للدور، وأداء للأجور، وإنفاق على أدوات الطلاب، وكتبهم وغذائهم كذلك. . . قيل: إن هذا النظام للتسول والشحاذة، يهين كرامة المعلمين والطلاب، لأن هذه الأموال مأخوذة من أموال الأثرياء، منفقة في شؤون الفقراء.
- أئذا سنت الدولة قانونا يجبي 5ر 2 % من كل ثروة كثرت أو قلت لتكوين الجيش وتسليحه، وجعلت هذه الضريبة وقفا على هذا الباب من أبواب النفقات العامة، قيل:إن الجيش يتسول، وإن كرامته تستذل لأن الدولة أخذت نفقته من أموال الأثرياء والثري والفقير في أدائها سواء.
- إن الزكاة ضريبة كهذه الضرائب تجبيها الدولة، ثم تنفقها في وجوه معينة، تجبيها كلا، ثم تنفقها أجزاء ... وليست إحسانا فرديا يخرج بعينه من يد ليعطى بعينه إلى يد)
- ثم استمر سيد يتحدث عن الزكاة باعتبارها ضريبة من الضرائب إلى أن قال:ولكن هذا ليس كل حقوق الإسلام في المال، إن هذا إنما يجري حين يكون المجتمع متوازنا لا اضطراب فيه ولا اختلال، وعندما لا تكون هناك حاجات استثنائية للمجتمع لمواجهة الطوارئ الداخلية أو الخارجية، فأما حين تتغير الأحوال وتبرز الحاجات، فحق المجتمع مطلق في المال، وحق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام.
- والإسلام يعطي هذه السلطات للدولة - ممثلة المجتمع - لا لمواجهة الحاجات العاجلة فحسب، بل لدفع الأضرار المتوقعة، وحماية المجتمع من الاعتداء الخارجي، كحمايته من التخلخل الداخلي سواء، في منح هذا الحق للدولة لتتصرف في الملكيات الفردية بلا حدود ولا قيود إلا حدود الحاجات الاجتماعية والصالح العام.
- في يد الدولة أن تفرض أولا ضرائب خاصة غير الضرائب العامة - كما تشاء -، فتخصص ضريبة للجيش، وضريبة للتعليم، وضريبة للمستشفيات، وضريبة للضمان الاجتماعي. . .، وضريبة لكل وجه طارىء من أوجه الإنفاق لم يحسب حسابه في المصروفات العامة أو تعجز الميزانية العادية عن الإنفاق عليه عند الاقتضاء .
- وفي يد الدولة أن تنزع الملكيات وأن تأخذ من الثروات - بنسب معينة - كل ما تجده ضروريا لتعديل أوضاع المجتمع أو لمواجهة نفقات إضافية ضرورية لحماية المجتمع من الآفات:آفات الجهل، وآفات المرض، وآفات الحرمان، وآفات الترف، وآفات الأحقاد بين الأفراد والجماعات، وسائر ما تتعرض له المجتمعات من آفات .بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعا وتعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبررها، لأن دفع الضرر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد.
- فنظرية الإسلام في التكافل الاجتماعي لا تجعل هناك تعارضا بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع، وكل ضرر يصيب المجتمع يعده الإسلام ضررا يقع على كل أفراده، ويحتم على الدولة أن تقي هؤلاء الأفراد من أنفسهم عند الاقتضاء ((معركة الإسلام والرأسمالية) (ص 43 - 44).
- ويقول: (أما المجتمع الإسلامي هو مجتمع آخر، كل فرد فيه مضمون الرزق عاملا أو متعطلا، قادرا أو عاجزا، صحيحا أو مريضا، ويأخذ ما متوسطه نصف العشر كل عام من رؤوس الأموال لا من أرباحها لبيت المال، ثم يأخذ بعد ذلك بلا قيد ولا شرط من المال كل ما تحتاجه الدولة لحماية المجتمع من الآفات) (دراسات إسلامية" (ص 90)، وهذه الضرائب على هذا الوجه تطبق حرفيا اليوم في حكومة السودان الإخوانية.).
- ويقول: (والإسلام عدو التبطل الناشئ عن تكدس الثراء، فلا جزاء إلا على الجهد ولا أجر إلا على العمل، فأما القاعدون الذين لا يعملون، فثراؤهم حرام وأموالهم حرام، وعلى الدولة أن تنتفع بذلك الثراء لحساب المجتمع، ولا تدعه لذلك المتبطل الكسلان) (معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 52)).
- وهكذا يحلل ويحرم هذا الرجل بهواه ولا دليل له ولا برهان في هذا التحليل والتحريم، إلا ما خدع به من أساليب كتاب ودعاة الاشتراكية والماركسية الحاقدة على كل من آتاهم الله من فضله .
- وإن الإسلام لبريء مما ينسبه إليه سيد قطب من هذه الحلول والمعالجات البغيضة القائمة على الحقد والحسد....
- ويقول الشيخ ربيع إن العاقل ليعجب من سيد قطب الذي يحارب الربا أشد الحرب ويكفر به! كيف يشرع مثل هذه الضرائب المهلكة؟! وكيف يشرع للدولة التي يسميها مسلمة أن تنتزع الملكيات والثروات جميعا وتعيد توزيعها على أساس جديد؟! وذلك من أشد أنواع الظلم وأفظعه
- عالمية الإسلام كيف يقررها سيد قطب
- ويقول: (المجتمع الإسلامي مجتمع عالمي، بمعنى أنه مجتمع غير عنصري ولا قومي ولا قائم على الحدود الجغرافية، فهو مجتمع مفتوح لجميع بني الإنسان دون النظر إلى جنس أو لون أو لغة، بل دون نظر إلى دين أو عقيدة. . . ومن ثم تملك جميع الأجناس البشرية وجميع الألوان وجميع اللغات أن تجتمع في حمى الإسلام وفي ظل نظامه الاجتماعي، وهي تحس آصرة واحدة تربط بينها جميعا آصرة الإنسانية التي لا تفرق بين أسود وأبيض ولا بين شمالي وجنوبي، ولا بين شرقي وغربي؟ لأنهم جميعا يلتقون عند الرابطة الإنسانية الكبرى) "نحو مجتمع إسلامي " (ص 92 - 93)
- قال الشيخ ربيع أقول: أولا: أن هذه هي الدعوة الماسونية العالمية، الدعوة في الظاهر إلى الإنسانية العالمية، وفي الباطن لتحقيق غايات صهيونية.
- ثانيا: يحتج سيد لهذه الدعوة التي تقضي على مبدأ الولاء والبراء والبغض في الله والحب فيه الذي وردت فيه نصوص قرآنية ونبوية كثيرة، ويغرس في نفوس المسلمين الميوعة والسماجة السياسية المنافقة، فيصبح لا فرق عند المسلم الضائع بين اليهودي والنصراني والمجوسي وبين المسلم الموحد، يجمع الجميع آصرة الإنسانية، وتربط الجميع الرابطة الإنسانية الكبرى.
- يؤكد هذا قوله: (نحن ندعو إلى نظام إنساني يقيم علاقاته الدولية على أساس المسالمة والمودة بينه وبين كل من لا يحاربونه ولا يحادونه ولا يؤذون معتنقيه ولا يفسدون في الأرض ولا يظلمون الناس، فهو لا يحارب إلا المعتدين المفسدين الظالمين، نحن ندعو إلى هذا النظام، فما الذي يخيف فردا أو طائفة أو دولة من أن يقوم مثل هذا النظام في أي بقعة من بقاع الأرض) "دراسات إسلامية" (ص 82)
- الجزية عند سيد قطب
- قال الشيخ ربيع ويقول سيد قطب مؤكدا هذا المنهج الذي لا يحيد عنه:(فإذا استسلم من يطلب السلام، فهؤلاء هم (الذميون)، أي الذين أعطاهم الإسلام ذمته وعهده لحمايتهم ورعايتهم، وهؤلاء لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين بنص الإسلام الصريح، فأما ما يؤخذ منهم من الجزية، فهو مقابل ما يؤديه المسلمون من الزكاة، مساهمة في نفقات الدولة التي تحميهم كما تحمى رعاياها المسلمين سواء، والتي توفر لهم العدل المطلق بلا تفرقة ولا تمييز، وتحقق لهم ضماناتهم وتأميناتهم في حالة المرض والعجز والشيخوخة.
- ولم يشأ الإسلام أن يجبرهم على أداء الزكاة، لأن الزكاة عبادة إسلامية خاصة وحرية الاعتقاد التي يكلفها الإسلام للأفراد تمنعه أن يكره الذميين على أداء عبادة إسلامية.
- ولم يشأ كذلك أن يجبرهم على الجندية في الصف المسلم، لأن المسلم إنما يجاهد في سبيل الله عبادة لله، لهذا يأخذ منهم الضريبة تحت عنوان الجزية لا تحت عنوان الزكاة، مراعاة لهذا المبدأ العام (لا إكراه في الدين)، فإذا شاءوا برضاهم واختيارهم أن يؤدوا ضريبة الزكاة كالمسلمين بدل الجزية كان لهم ذلك عن رضاء واختيار، وقد اختارت قبيلة بني تغلب على عهد عمر أن تؤدي الزكاة لا الجزية فأدتها على هذا الأساس). "السلام العالمي " (ص 175 - 176)
- الجزية عند سيد قطب فرضت على أهل الذمة في مقابل الخدمة العسكرية تقليدا لسيرت وليست عنده للصغار كما يقول القرآن والمسلمون: ينقل سيد قطب عن النصراني سيرت وأرنولد قوله: (وقد فرضت الجزية كما ذكرنا على القادرين من الذكور في مقابل الخدمة العسكرية التي كانوا يطالبون بأدائها لو كانوا مسلمين) نحو مجتمع إسلامي (ص 123)
- ويفرح بهذا القول الضال، وفي الوقت نفسه لا يأنف من ضرب الجزية على المسلمين ولا يستنكره ولا يرى في ذلك إهانة للمسلمين ولا ينكر ذلك على من يفعله من الحكام الجائرين.
- ينقل هذه المهزلة التشريعية عن نصراني أفاك، ويطير بها فرحا، ليرد بها على المغرضين كما يدعي، قال فيما نقله عن كتاب "الدعوة إلى الإسلام " تأليف سيرت وأرنولد:
- (ومن جهة أخرى أعفي الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية على الرغم أنهم كانوا على الإسلام وفرضت عليهم الجزية في نظير ذلك كما فرضت على المسيحيين) نحو مجتمع إسلامي (ص 123)
- فطار سيد قطب فرحا بهذا الإفك والتحريف المتعمد من هذا النصراني، واتخذ منه برهانا قاطعا على أن صفة الجزية على النحو الذي يقرره.
- وقال عقب الكلام السابق الذي نقله عن سيرت:
- (مما يثبت بصفة قاطعة صفة الجزية على النحو الذي قررناه من قبل، ويبطل كافة الترهات الباطلة التي يثيرها المغرضون حول هذه المسألة، وحول علاقات الإسلام بمخالفيه في العقيدة ممن يعيشون في كنفه وتظللهم رايته).
- والذي قرره سيد في هذا الكتاب وغيره أن الجزية لا تعني الصغار والذلة على قوم رفضوا الإسلام، بل سياقاته تفيد أنها تدليل لهم.
- قال: (إنني أحسب مجرد التخوف من حكم الإسلام على الأقليات القومية في بلاده نوعا من التجني الذي لا يليق، فما من دين في العالم، وما من حكم في الدنيا، ضمن لهذه الأقليات حرياتها وكراماتها وحقوقها كما صنع الإسلام في تأريخه الطويل، بل ما من حكم دلل الأقليات فيه كما دلل الإسلام من تقلهم أرضه من أقليات، لا الأقليات القومية التي تشارك شعوبه في الجنس واللغة والوطن، بل الأقليات الأجنبية عنه، وعن قومه) "معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 89).
- بل إن الإسلام - في زعمه - بلغ من تدليله لهم أنه يحرم على المسلمين أشياء قد أباحها لأهل ذمته كالخنزير والخمر ويوجب " على المسلمين تكاليف يعفى أهل الذمة منها كالجهاد والزكاة "نحو مجتمع إسلامي " (119).
سيد قطب والصحابة
- موقف سيد من عثمان ومعظم الصحابة
- قال الشيخ ربيع " لقد طعن سيد قطب في الخليفة الراشد الشهيد المظلوم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأقذع في طعنه:
- 1 - أسقط خلافته فقال: "ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما" ["العدالة الاجتماعية" ص (206/ الطبعة الخامسة)].
- 2 - ثم قال:"ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير، ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد أمية من ورائه" ["العدالة الاجتماعية" ص (186/ الطبعة الخامسة)]
- 3 - وقال في سياق نقده لعثمان رضي الله عنه: "فهم عثمان - يرحمه الله - أن كونه إماماً يمنحه حرية التصرف في مال المسلمين بالهبة والعطية، فكان رده في كثير من الأحيان على منتقديه في هذه السياسة: "وإلا؛ ففيم كنت إماماً؟ "، كما يمنحه حرية أن يحمل بني معيط وبني أمية من قرابته على رقاب الناس وفيهم الحكم طريد رسول الله، لمجرد أن من حقه أن يكرم أهله ويبرهم ويرعاهم" ["العدالة الاجتماعية" ص (186/ الطبعة الخامسة)]
- ففي هذه المقاطع طعن شديد في عثمان رضي الله عنه.
- 4 - وقال: "منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم، فلما أصبح الصباح؛ جاءه زيد بن أرقم خازان مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن، وترقرت في عينه الدموع، فسأله أن يعفيه من عمله، ولما علم منه السبب، وعرف أنه عطيته لصهره من مال المسلمين؛ قال مستغرباً: "أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحمي؟!. فرد الرجل الذي يستشغر روح الإسلام المرهف: "لا يا أمير المؤمنين! ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضاً عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله؛ لو أعطيته مئة درهم لكان كثيراً! ". فغضب عثمان على الرجل الذي لا يطيق ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين، وقال له: "ألق بالمفاتيح يا ابن أرقم! فإنا سنجد غيرك.
- والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان على هذه التوسعات (ثم ضرب بعض الأمثلة عليها) " ["العدالة الاجتماعية" ص (186 - 187/ الطبعة الخامسة)] وفي هذا المقطع افتراء على عثمان وطعن فيه وتعريض به بأنه لا يستشعر روح الإسلام، وبأنه يصر على الباطل، ولا تجدي فيه النصيحة!!.
- 5 - واتهمه بإغداق الولايات على قرابته، فقال: "وغير المال! كانت الولايات تغدق على الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الذي وسع عليه عثمان في الملك فضم إليه فلسطين وحمص، وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السرح أخوه من الرضاعة ... إلخ"["العدالة الاجتماعية" ص (187/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 159/ الطبعة الثانية عشر)]
- وهذه تهم فظيعة ظالمة لا تخفى على الفطن.
- 6 - واتهمه بالانحراف عن روح الإسلام، فقال: "ولقد كان الصحابة يرون هذا الانحراف عن روح الإسلام، فيتداعون إلى المدينة لإنقاذ الإسلام وإنقاذ الخليفة من المحنة، والخليفة في كبرته وهرمه لا يملك أمره من مروان، وأنه لمن الصعب أن نتهم روح الإسلام في نفس عثمان، ولكن من الصعب كذلك أن نعفيه من الخطأ الذي هو خطأ المصادفة السيئة في ولايته الخلافة وهو شيخ موهون تحيط به حاشية سوء من أمية"["العدالة الاجتماعية" ص (187/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 159/ الطبعة الثانية عشرة)]
- 7 - ويمدح الثورة على عثمان، ويرى أنها أقرب إلى روح الإسلام من موقف عثمان أو من موقف عثمان ومن ورائه أمية ["العدالة الاجتماعية" ص (189/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 160 - 161/ الطبعة الثانية عشرة)]
- 8 - ويدعي أن المصادفات السيئة قد ساقت إليه الخلافة متأخرة، فيقول: "واعتذارنا لعثمان رحمه الله أن المصادفات السيئة قد ساقت إليه الخلافة متأخرة، فكانت العصبة الأموية حوله، وهو يدلف إلى الثمانين، واهن القوة، ضعيف الشيخوخة، فكان موقفه كما وصفه صاحبه علي بن أبي طالب: "إني إن قعدت في بيتي؛ قال: تركتني وقرابتي وحُقي، وإن تكلمت فجاء ما يريد به مروان، فصار سيقة (في الحاشية (السيقة): ما استاقه العدو من الدواب. قال الأزهري. انظر: "لسان العرب" (10/ 166)) له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " [ "العدالة الاجتماعية" ص (189/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 161/ الطبعة الثانية عشرة)] وفي هذا الكلام سوء معتقد سيد، واعتذار أقبح من فعل لحطه الشنيع على عثمان، واعتباره سيقه لمروان.
- 9 - اتهامه لعثمان بأنه ممكن للدولة الأموية في حياته:يقول: "ولقد كان من جراء مباكرة الدين الناشئ بالتمكين منه للعصبة الأموية على يدي الخليفة الثالث في كبرته أن تقاليده العملية لم تتأصل على أسس من تعاليمه النظرية لفترة أطول وقد نشأ في عهد عثمان الطويل في الخلافة أن تنموا السلطة الأموية، ويستفحل أمرها في الشام وفي غير الشام، وأن تتضخم الثروات نتيجة لسياسة عثمان (كما سيجيء)، وأن تخلخل الثورة على عثمان بناء الأمة الإسلامية في وقت مبكر شديد التبكير. ومع كل ما يحمله تاريخ هذه الفترة وأحداثها من أمجاد لهذا الدين تكشف عن نقلة بعيدة جداً في تصور الناس للحياة والحكم وحقوق الأمراء وحقوق الرعية؛ إلا أن الفتنة التي وقعت لا يمكن التقليل من خطرها وآثارها البعيدة المدى" ["العدالة الاجتماعية" ص (161/ الطبعة الثانية عشر)] ألا ترى هذه الطعون الظالمة:
- 1) تضخيم الثروات نتيجة لسياسة عثمان، وهذه جريمة كبرى في نظر الاشتراكيين، برأ الله عثمان منها.
- 2) تخلخل بناء الأمة في وقت مبكر بسبب عثمان، وهذا إنما سببه بغي وبطر الثوار، ولقد أعيد بناء الأمة في عهد بني أمية على أروع ما يكون، رغم أنوف الحاقدين من الروافض وغيرهم.
- 10 - اتهام سيد قطب لعثمان رضي الله عنه بأنه مكَّن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام وطعون شديدة أخرى ... يقول:"مضى عثمان إلى رحمة ربه:
- 1) وقد خلف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكن لها في الأرض، وبخاصة في الشام.
- 2) وبفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام من إقامة الملك الوراثي.
- 3) والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع.
- 4) مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام، وليس بالقليل ما يشيع في نفس الرعية، إن حقاً وإن باطلاً.
- 5) أن الخليفة يؤثر أهله ويمنحهم مئات الألوف.
- 6) ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله.
- 7) ويبعد مثل أبي ذر:
- أ - لأنه أنكر كنز الأموال.
- ب - وأنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء.
- ج - ودعا إلى مثل ما كان يدعو إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإنفاق في البر والتعفف.
- فإن النتيجة الطبيعية لشيوع مثل هذه الأفكار، إن حقاً وإن باطلاً أن تثور نفوس، وأن تنحل نفوس.
- 8) تثور نفوس الذين أشربت أنفسهم روح الدين إنكاراً وتأثماً.
- 9) وتنحل نفوس الذين لبسوا الإسلام رداء، ولم تخالط بشاشته قلوبهم، والذين تجرفهم مطامع الدنيا، ويرون الإنحدار مع التيار.وهذا كله في أواخر عهد عثمان ... " ["العدالة الاجتماعية" ص (161/ الطبعة الثانية عشر)، وأصله في (ص 190/ الطبعة الخامسة)]
- 11 - طعون في عثمان والصحابة وبني أمية بأنهم نفعيون وأن المصالح هي التي دفعتهم إلى الانحياز إلى معاوية.
- ويقول: "فلما أن جاء علي؛ لم يكن من اليسير أن يرد الأمر إلى نصابه في هوادة، وقد علم المستنفعون على عهد عثمان، وبخاصة من أمية، أن علياً لن يسكت عليهم، فانحازوا بطبيعتهم وبمصالحهم إلى معاوية، ولو قد جاء عليٌّ عقب عمر؛ ما كان لهم إلى هذا الانحياز من سبيل، فقوة معاوية يوم ذاك لم تكن تصمد لقوة الخلافة، ولا لقوة الروح الدينية في النفوس، وما كان معاوية ليخاطر بالخروج على الخليفة كما خرج؛ فإن ثلاثة عشر عاماً من حكم عثمان هي التي جعلت من معاوية معاوية، إذ جمعت له قوة المال وقوة الجند وقوة الدولة في الأقطار الأربعة بالشام" ["العدالة الاجتماعية" ص (190 - 191/ الطبعة الثانية عشر)، وملخصه في (ص 161/ الطبعة الثانية عشر)]
- وفي هذا الكلام أن الأمر قد خرج عن نصابه في عهد عثمان، وأن هناك في مجتمعه مستنفعون من الصحابة وغيرهم ومن بني أمية.
- إنها المحنة الحقة:
- 12 - ويقول: "إنها المحنة الحقة أن علياً لم يكن ثالث الخلفاء! جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلى نفوس الحكام ونفوس الناس، جاء ليأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها، ويختم هو على جراب الشعير، ويقول: "لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم"[ "العدالة الاجتماعية" ص (191/ الطبعة الخامسة)، و (ص 162/ الطبعة الثانية عشرة)].وفي هذا المقطع إسقاط لخلافة عثمان، واعتبارها محنة حقة، وأن التصور الإسلامي للحكم قد فسد أو فقد، وجاء علي رضي الله عنه ليصلح ذلك التصور الذي فسد، أو ليرد ذلك التصور المفقود.
- 13 - ويروي سيد إفك الروافض على الخليفة الراشد علي رضي الله عنه وبرأه الله من إفكهم؛ ليطعن به في عثمان رضي الله عنه، فيقول:
- "ولقد كان منهاجه (أي: عليّ رضي الله عنه) الذي شرعه هو ما قاله في خطبته عقب البيعة له:"أيها الناس! إنما أنا رجل منكم، لي ما لكم، وعليَّ ما عليكم، وإني حاملكم على منهج نبيكم، ومنفذ فيكم ما أمرت به؛ ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال؛ فإن الحق لا يبطله شيء، ولو وجدته قد تزوج به النساء، وملك الإماء، وفرق في البلدان؛ لرددته؛ فإن في العدل لسعة، ومن ضاق عليه الحق؛ فالجور عليه أضيق"""العدالة الاجتماعية" ص (193/ الطبعة الخامسة). وفي هذا الكلام المفترى طعن في عثمان بأنه قد خرج عن منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإسقاط لخلافته، وأن تصرفاته باطلة تبعاً لخروجه عن منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسقوط خلافته، وبرأ الله علياً من هذا الباطل والإفك.
- 14 - الطعن في المهاجرين والأنصار من أهل بدر وبيعة الرضوان وأهل الشورى؛ لأنهم هم الذين كان يفضلهم عمر وعثمان في العطاء لفضلهم وسابقتهم؛ فهم الذين اعتادوا التفضيل.
- قال سيد قطب: "ولقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستنفعون عن علي رضي الله عنه، وألا يقنع بشرعة المساواة من اعتادوا التفضيل ومن مردوا على الاستئثار، فانحاز هؤلاء في النهاية إلى المعسكر الآخر، معسكر أمية، حيث يجدون فيه تمليقاً لأطماعهم، وتواطؤا على عناصر العدل والحق والضمير في السيرة وفي الحكم سواء" "العدالة الاجتماعية" ص (193/ الطبعة الخامسة)
- إن هؤلاء الشرفاء الذين تسميهم بالمستنفعين وتصفهم بأنه لا يقنعون بشرعة المساواة واعتادوا التفضيل ومردوا على الاستئثار ... إلخ؛ هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار، الذين كان يفضلهم عمر على غيرهم لسابقتهم وحسن بلائهم وجهادهم (في الحاشية "وقد ذكر سيد قطب نفسه هذا التفضيل من عمر (ص 204) من هذا الكتاب، ولام عليه عثمان".)، وأنت لا تجهل هذا، ولكن أهل الحق والإنصاف والصدق لا يصدقون هذه الافتراءات على ذلك الجيل النزيه البرئ الذي تلطخه بهذه التهم، والتاريخ الواقعي لهذا الجيل النبيل يشهد بنزاهته وبراءته وبعده كل البعد عما تلصقه به من التهم.
- 15 - طعون في عثمان رضي الله عنه ترميه بأنه قد ذهبت روح الإسلام في عهده، وضعفت التقاليد الإسلامية، فجاء عليٌّ ليرد هذه الروح الذاهبة، وليعيد إلى التقاليد قوتها، ويجلو عن روح الإسلام الغاشية ثم يتناول معاوية، فيقول سيد قطب:"والذين يرون في معاوية دهاء وبراعة لا يرونها في علي رضي الله عنه، ويعزون إليهما غلبة معاوية في النهاية، إنما يخطئون تقدير الظروف كما يخطئون فهم علي وواجبه، لقد كان واجب علي الأول والأخير: أن يرد للتقاليد الإسلامية قوتها، وأن يرد إلى الدين روحه، وأن يجلوا الغاشية التي غشت هذا الروح على أيدي أمية في كبرة عثمان ووهنه، ولو جارى معاوية في إقصاء العنصر الأخلاقي من حسابه؛ لسقطت مهمته، ولما كان لظفره بالخلافة خالصة من قيمة في حياة هذا الدين؛ فما جدوى استبدال معاوية بمعاوية؟! إن علياً إما أن يكون علياً، أو فلتذهب الخلافة عنه، بل فلتذهب حياته معها، وهذا هو الفهم الصحيح الذي لم يغب عنه كرم الله وجهه وهو يقول: "والله مامعاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر؛ لكنت من أدهى الناس""العدالة الاجتماعية" ص (193 - 194/ الطبعة الخامسة). " برأ الله علياً ومعاوية من هذا الباطل، ومتى كان الغدر والفجور إلا في عقول الروافض.
- 16 - إسقاط خلافة عثمان رضي الله عنه، واعتبارها فجوة بين عهد الشيخين وعهد علي.
- ذكر سيد قطب مذهب أبي بكر وعمر في قسمة الفيء، وأن أبا بكر كان يسوي في العطاء، وزعم أن عمر كان يفضل في العطاء، ثم ندم وعزم على المساواة، ثم قال بعد ذلك:
- "وا أسفاه! لقد فات الأوان، وسبقت الأيام عمر، ووقعت النتائج المؤلمة التي أودت بالتوازن في المجتمع الإسلامي، كما أدت فيما بعد إلى الفتنة، بما أضيف إليها من تصرف أمية وإقرار عثمان!
- رجع عمر إذن عن رأيه في التفرقة بين المسلمين في العطاء حينما رأى نتائجه السيئة إلى رأي أبي بكر، وكذلك جاء رأي علي مطابقاً لرأي الخليفة الأول، ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما".
- أقول: في هذا الكلام طعن من منطلق اشتراكي يتباكى فيه على التوازن الذي خيل إليه الشيطان أن تصرف عثمان قد أودى به، ومن منطلق شيعي دفعه إلى إسقاط خلافة عثمان.
- 17 - طعن سيد قطب في عثمان رضي الله عنه عدة طعنات لا يحتملها مسلم، ثم طعنه في قريش في ذلك العهد، ووصفه للمجتمع الإسلامي في عهد عثمان بأنه قد ساده الإقطاع؛ قال:
- "وجاء عثمان، فلم ير أن يأخذ بالعزيمتين أو إحداهما:
- 1) ترك الفضول لأصحابها فلم يردها.
- 2) وترك الأعطيات كذلك على تفاوتها.
- ولكن هذا لم يكن كل ما كان.
- 3) بل وسع أولاً على الناس في العطاء، فازداد الغنى غنىً، وربما تبحبح الفقير قليلاً.
- 4) ثم جعل يمنح المنح الضخمة لمن لا تنقصهم الثروة.
- 5) ثم أباح لقريش أن تضرب في الأرض تتاجر بأموالهم المكدسة فتزيدها أضعافاً مضاعفة.
- 6) ثم أباح للأثرياء أن يقتنوا الضياع والدور في السواد وغير السواد.
- فإذا عهد من عهود الإقطاع يسود المجتمع الإسلامي في نهاية عهده يرحمه الله" ("العدالة الاجتماعية" ص (207/ الطبعة الخامسة)، و (ص 173/ الطبعة الثانية عشرة)، وفيها: "فإذا نوع من الفوارق المالية الضخمة يسود المجتمع الإسلامي ... " إلخ. وماهو إلا تغيير للفظ مع الحفاظ على المعنى.).وهكذا يوجه سيد قطب الطعنات النجلاء لعثمان وقريش ولسادة المهاجرين والأنصار وعهد خير القرون، فيشبه مجتمعهم - بعد تلك الطعنات - بأشد مجتمعات أوربا النصرانية ظلمة وظلاماً، ويطلق على ذلك المجتمع الذي لم يعرف التاريخ له نظيراً في العفة والطهارة والنقاء والتضحيات بالمال والنفس عبارات الشيوعيين والاشتراكيين الضالين.
- 18 - طعنه في عثمان وفي رؤوس قريش من الصحابة رضي الله عنهم وبرأهم.
- ادعى سيد قطب أن أبا بكر وعمر كانا يتشددان في إمساك الجماعة من رؤوس قريش بالمدينة، لا يدعونهم يضربون في الأرض المفتوحة؛ احتياطاً أن تمتد أبصار هؤلاء الرؤوس إلى المال والسلطان حين يجتمع إليهم الأنصار بحكم قرابتهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بحكم بلائهم وسابقتهم في الجهاد.
- "1) ... فلما جاء عثمان؛ أباح لهم أن يضربوا في الأرض.
- 2) ولم يبح لهم هذا وحده، بل يسر لهم وحضهم على توظيف أموالهم في الدور والضياع في الأقاليم.
- 3) بعدما آتى بعضهم من الهبات مئات الآلاف.
- 4) لقد كان ذلك كله براً ورحمة للمسلمين، وبكبارهم خاصة، ولكنه أنشأ شراً عظيماً لم يكن خافياً على فطنة أبي بكر وفطنة عمر بعده، أنشأ الفوارق المالية والاجتماعية الضخمة في الجماعة الإسلامية.
- 5) كما أنشأ طبقة أرستقراطية فارغة، تأتيها أرزاقها من كل مكان، دون كد ولا تعب.
- 6) فكان الترف الذي حاربه الإسلام بنصوصه وتوجيهاته كما حاربه الخليفتان قبل عثمان" ("العدالة الاجتماعية" ص (209/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 173/ الطبعة الثانية عشرة)، وقد حذف بعض ألفاظ هذا المقطع، مع الحفاظ على جوهره.).
- أقول: هكذا يوجه سيد قطب هذه الطعنات الظالمة والاتهامات الآثمة إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير حجة ولا برهان ولا هدى ولا علم، ولا مصدر لهذه الاتهامات والطعون إلا خيالاته الناشئة عن عقيدته الاشتراكية الغالية، وإلا السموم التي ارتواها من مصادر الرفض وتعاليم الاشتراكيين.
- 19 - إشادته بالثورة على عثمان رضي الله عنه.قال سيد قطب: "عندئذ سار الروح الإسلامي في نفوس بعض الناس، يمثلهم أشدهم حرارة وثورة، أبوذر، ذلك الصحابي الجليل، الذي لم تجد هيئة الفتوى المصرية في الزمن الأخير إلا أن تخطئه في اتجاهه، وإلا أن تزعم لنفسها بصراً بالدين أكثر من بصره بدينه" ("العدالة الاجتماعية" (ص208/ الطبعة الخامسة)، و (ص 174/ الطبعة الثانية عشرة)، وفيها: "ثم عادت في مناسبة أخرى، فأصدرت فتوى بصواب اتجاهه عندما تغيرت الظروف الأولى، كأن دين الله سلعة تتجر بها الهيئة في سوق الرغبات"، ونحن نستنكر هذا التصرف إن كان تابعاً للأهواء، ونبرأ إلى الله منه ومن نظائره.). أقول: في هذا الكلام مدح للثوار على الخليفة الراشد رضي الله عنه، وطعن في أبي ذر رضي الله عنه من حيث يظن أن يمدحه؛ فإن أبا ذر رضي الله عنه كان من ألزم الناس للطاعة والجماعة، وأبعد الناس عن الخوارج وثورتهم، لكن سيد قطب يحاول أن يربط بينه وبين الثورة والثوار، مع أنه قد ربط بين الثورة وبين ابن سبأ اليهودي، حيث قال بعد مدح الثورة:"وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ عليه لعنة الله" ("العدالة الاجتماعية" (ص 161/ الطبعة الثانية عشرة)).
- فثورة هذا حالها؛ كيف تمدح؟! وكيف يكون ممثلها أبوذر الصحابي الجليل رضي الله عنه وبرأه؟! وقد بينت براءته في بحث فيه دفاع عن الصحابة رضي الله عنهم كما بينه غيري.
- 20 - سياقه للثورات، ومنها ثورة القرامطة، مساق الاعتزاز والتباهي؛ يقول:
- "والواقع أن اتهام النظام الإسلامي بأن لا يحمل ضماناته إغفال للممكنات الواقعة في كل نظام، كما أن فيه إغفالاً لحقائق التاريخ الإسلامي الذي شهد الثورة الكبرى على عثمان، وشهد ثورة الحجاز على يزيد، كما شهد ثورة القرامطة وسواها ضد الاستغلال والسلطة الجائرة وفوارق الطبقات، ومايزال الروح الإسلامي يصارع ضد هذه الاعتبارات جميعاً على الرغم من الضربات القاصمة التي وجهت إليه من ثلاث مئة وألف عام" ("العدالة الاجتماعية" (ص 223/ الطبعة الخامسة)).
- وإذا كان سيد يرى ثورة القرامطة من الثورات التي تمثل في صراعها الروح الإسلامي؛ فلا يستغرب منه أن يتباهى بثورات الخوارج والروافض والزنج وأمثالها، ويعتبرها ثورات تنطلق من الروح الإسلامي، ثائرة ضد الاستغلال وفوارق الطبقات، وهذا والله يثير استفهامات كثيرة.
- 21 - وصفه الصحابة والمجتمع الإسلامي المجاهد في عهد عثمان الزاهر بالترف الذي لا يعرفه الإسلام، مع الطعن في عثمان رضي الله عنه؛ قال: "قام أبوذر ينكر على المترفين ترفهم الذي لا يعرفه الإسلام، وينكر على معاوية وأمية خاصة سياستهم التي تقر هذا الترف وتستزيد منه وتتمرغ فيه، وينكر على عثمان نفسه أن يهب من بيت المال المئات والألوف، فيزيد في ثراء المثرين وترف المترفين، علم أن عثمان أعطى مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية والحارث بن الحكم مئتي ألف درهم وزيد بن ثابت مئة ألف ... وما كان ضمير أبي ذر ليطيق شيئاً من هذا كله، فانطلق يخطب في الناس: "لقد حدثت أعمال ما أعرفها والله، ماهي في كتاب الله ولا سنة نبيه، والله؛ إني لا أرى حقاً يطفأ، وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذباً، وأثرة بغير تقى ... اتخذتم ستور الحرير، ونضائد الديباج، وتألمتم الأضطجاع على الصوف الأذربي، وكان رسول الله ينام على الحصير، واختلف عليكم بألوان الطعام، وكان رسول الله لايشبع من خبز الشعير" ("العدالة الاجتماعية" (ص 208/ الطبعة الخامسة)، و (ص 174/ الطبعة الثانية عشرة).). وفي هذا المقطع تهم ظالمة يوجهها سيد قطب إلى عثمان رضي الله عنه وبرأه الله، وطعن وتشويه لخير أمة أخرجت للناس، ونقل للأكاذيب والافتراءات التي يسندها الروافض إلى أبي ذر رضي الله عنه بدافع الأغراض والأهواء والأحقاد على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
- 22 - طعون في عثمان رضي الله عنه؛ منها: تحطم الأسس التي جاء بها الإسلام في عهده.
- قال سيد قطب:"وما كانت مثل هذه الدعوة (أي: دعوة أبي ذر في زعم سيد) ليطيقها معاوية، ولا ليطيقها مروان بن الحكم؛ فمازالا به عند عثمان يحرضانه عليه، حتى كان مصيره إلى الربذة، منفياً من الأرض في غير حرب لله ولرسوله، وفي غير سعي في الأرض بالفساد؛ كما تقول شريعة الإسلام، ولقد كانت هذه الصيحة يقظة ضمير لم تخدره الأطماع أمام تضخم فاحش في الثروات يفرق الجماعة الإسلامية طبقات، ويحطم الأسس التي جاء بها هذا الدين ليقيمها بين الناس" ("العدالة الاجتماعية" (ص 209/ الطبعة الخامسة)، و (ص 175/ الطبعة الثانية عشرة).).
- أقول: هل يطيق مسلم سماع هذا البهت والإفتراء على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! وهل يجرؤ على هذا مسلم في قلبه ذرة من الاحترام لمن أثنى الله عليهم ورسوله في القرآن والسنة، ووصفوا بأنهم خير أمة أخرجت للناس، والذين فتحوا الدنيا، وأخرج الله بهم الأمم من الظلمات إلى النور؟!.
- وهكذا يطعن سيد قطب في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويشوه سمعتهم، ويدعي ظلماً وزوراً أن أسس الإسلام قد تحطمت في عهدهم.أأئمة الرفض والزندقة هم الذين يقيمون أسس هذا الدين وينافحون عنه؟!. ألا ساء ما يحكمون.
- 23 - نقل سيد قطب لطعن المسعودي الشيعي الحاقد في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
- قال سيد قطب محتجاً به:"وبحسبنا أن نعرض نموذجاً للثروات الضخام أورده المسعودي؛ قال: "في أيام عثمان اقتنى الصحابة الضياع والمال: فكان لعثمان يوم قتل عند خازنه خمسون ومئة ألف دينار وألف ألف درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مئة ألف دينار، وخلف إبلاً وخيلاً كثيرة.
- وبلغ الثمن الواحد من متروك الزبير بعد وفاته خمسين الف دينار، وخلف ألف فرس وألف أمة.
- وكانت غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم، ومن ناحية السراة أكثر من ذلك.
- وكان في مربط عبد الرحمن بن عوف ألف فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف من الغنم، وبلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة وثمانين ألفا. وخلف زيد بن ثابت من الذهب والفضة ماكان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع.وبنى الزبير داره بالبصرة، وبنى أيضاً بمصر والكوفة والإسكندرية.وكذلك بنى طلحة داره بالكوفة، وشيد داره بالمدينة، وبناها بالجص والآجر والساج.وبنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق، ورفع سمكها، وأوسع فضاءها، وجعل على أعلاها شرفات.وبنى المقداد داره بالمدينة، وجعلها مجصصة الظاهر والباطن.وخلف يعلى بن منبه خمسين ألف دينار وعقاراً وغير ذلك ما قيمته ثلاث مئة ألف درهم"" ("العدالة الاجتماعية" (ص 209 - 210/ الطبعة الخامسة)، و (ص 175/ الطبعة الثانية عشرة)). أقول: برجوع القارئ إلى كتاب المسعودي يدرك أنه ساق هذا الهراء للطعن في هؤلاء الصحابة الكبار.وقد فندت هذا بحق والحمد لله في بحث موسع فيه رد على سيد قطب (انظره في كتابي "مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".).ويدرك القارئ مرة ثانية أن مراد سيد بالإقطاعيين والمترفين الذين يخبون في الترف وبالأرستقراطيين هم هؤلاء الصحابة النجباء، الذين جعلهم نموذجاً لفساد الأوضاع وترديها في عهد عثمان؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار!.
- قال سيد قطب معلقاً على كلام المسعودي:"هذا هو الثراء الذي بدأ صغيراً بإيثار بعض المسلمين على بعض في العطاء في أيام عمر، ذلك الإيثار الذي كان معتزماً إبطاله وتلافي آثاره، لولا أن عاجلته الطعنة التي لم تصب قلب عمر وحده، وإنما أصابت قلب الإسلام.
- ثم ازداد:
- 1) بإبقاء عثمان عليه، فضلاً عن العطايا والهبات والقطائع.
- 2) ثم فشا فشواً ذريعاً بتجميع الأملاك والضياع وموارد الاستغلال.
- 3) بما أباحه عثمان من شراء الأرضين في الأقاليم وتضخيم الملكيات في رقعة واسعة.
- 4) وبمقاومة الصيحة الخالصة العميقة التي انبعثت من قلب أبي ذر، وكانت جديرة لو بلغت غايتها، ولو وجدت من الإمام استماعاً لها؛ أن تعدل الأوضاع، وأن تحقق ما أراده عمر في أواخر أيامه من رد فضول الأغنياء على الفقراء بما يبيحه له سلطان الإمامة لدفع الضرر عن الأمة، بل بما يحتمه عليه تحقيقاً لمصلحة الجماعة.
- 5) وبقدر ما تكدست الثروات وتضخمت في جانب؛ كان الفقر والبؤس في الجانب الآخر حتماً، وكانت النقمة والسخط كذلك.
- 6) وما لبث هذا كله أن تجمع وتضخم لينبعث فتنة هائجة يستغلها أعداء الإسلام، فتودي في النهاية بعثمان وتودي معه بأمن الأمة الإسلامية وسلامتها وتسلمها إلى اضطراب وفوران لم يخبُ أواره حتى كان قد غشي بدخانه روح الإسلام وأسلم الأمة إلى ملك عضوض" ("العدالة الاجتماعية" (ص 210/ الطبعة الخامسة)، و (ص 175/ الطبعة الثانية عشرة)).
- 7) لذلك لم يكن غريباً أن يغضب أصحاب رؤوس الأموال والمستنفعون من تفاوت الحظوظ في العطاء على سياسة المساواة والعدالة التي اعتزمها عليٌّ بعد عثمان، وأن يتظاهروا بأنهم إنما ينصحون بالعدول عن هذه السياسة خوفاً من الانتقاض، فما كان جوابه إلا أن يستلهم روح الإسلام في ضميره القوي، فيقول: أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟ لو كان هذا المال لي؛ لسويت بينهم؛ فكيف وإنما المال مال الله؟! ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة" ("العدالة الاجتماعية" (ص 210/ الطبعة الخامسة)، و (ص 176/ الطبعة الثانية عشرة)).
- هكذا يصور سيد قطب الأوضاع في عهد عثمان رضي الله عنه، مثل أحلك عصور أوروبا المظلمة التي ساد فيها الإقطاع والظلم والاستبداد من جهة، واشتد الفقر والذل والضياع من جهة أخرى؛ فهناك طبقة إقطاعية تستأثر بالأموال والأرضين، وطبقة فقيرة تعاني من البؤس والشقاء ما يندى له جبين الإنسانية، فكانت النتيجة في عهد عثمان أن ثار المحرومون والكادحون على عثمان والإقطاعيين، مثل ما حصل في أوروبا من الثورات التي قام بها الفقراء والكادحون والمحرومون من تلاميذ ماركس وأمثاله من الشيوعيين.
- والذي يعرف التاريخ الإسلامي وتاريخ الذين ثاروا على عثمان يدرك تماماً أن ما يقوله سيد من نسج خياله وأوهامه الاشتراكية، ويدرك أن الذين ثاروا عليه ليسوا من الفقراء والمحرومين، فليس هناك في ذلك العهد الذي كان يتمتع المسلمون جميعاً بنوع من الرخاء الشامل والحمد لله فقراء وبؤساء، وليس فيه إقطاعيون، وإنما كان الثائرون من أهل البطر والأشر والبغي والحسد، ومن طلاب الفتن والطموح إلى الملك.
- والذي يدقق النظر في تصرفات سيد قطب وأساليبه ويعرف مذهبه؛ يدرك أنه ناقم حتى على عمر؛ لأنه كان يفضل في العطاء طول حياته، وهذا التفضيل جور في نظر سيد سنه عمر، وإنما يترك الطعن في عمر تقية من جهة، وتمشية لمذهبه الاشتراكي من جهة أخرى.
- والذي يمعن في فهم كلام سيد قطب يدرك أنه يوجب على الحكام ابتزاز أموال الأمة وتوزيعها على الطريقة الاشتراكية الماركسية.
- 23 - حكم بني أمية كارثة قصمت ظهر الإسلام عند سيد قطب.يقول: "لقد اتسعت رقعة الإسلام في عهدهم، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، وما قيمة الرقعة إذا انحسرت الروح، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية؛ لكانت أيام أمية كفيلة بالقضاء عليه القضاء الأخير، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيه الطاقة الكامنة للغلب والانتصار" (العدالة الاجتماعية" (ص 194/ الطبعة الخامسة)).
- لعل هذه القوة الكامنة والفيض العارم والطاقة الروحية كانت تكمن وتتفاعل في نفوس الروافض والخوارج أشد الناس عداء لبني أمية وأشدهم تنكُّراً وجحوداً لجهود بني أمية في الفتوحات ونشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، التي يصدق عليها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ... " ("صحيح مسلم" (52 - الفتن، حديث 2889)، وأحمد (5/ 278، 14/ 123)) الحديث.
- فهذه الفتوحات في عهد بني أمية يعتبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعظم نعم الله عليه وعلى أمته.
- لكن سيد قطب لا يرى أي قيمة لهذه النعمة العظيمة التي أشاد بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكفى بذلك مصادمةً!!.
- ثم إن هذا العهد هو عهد خير القرون، التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهد لها الواقع التاريخي، وشهد لها علماء الإسلام.
- وقال سيد قطب:"وإذا كنا لا نؤرخ هنا للدولة الإسلامية، ولكن للروح الإسلامي في الحكم؛ نكتفي في إبراز مظاهر التحول والانحسار في هذا الروح بإثبات ثلاث خطب".
- فساق خطبتين يزعم أنهما لمعاوية، وخطبة واحدة يزعم أنها للمنصور العباسي، ثم علق عليها بقوله:
- "وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائياً عن دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام، فأما سياسة المال؛ فكانت تبعاً لسياسة الحكم" ("العدالة الاجتماعية" (ص 200 ط الخامسة، ص 168 ط الثانية عشر)).
- ثم دندن حول سياسة المال، ثم قال في النهاية:"وخرج الحكام بذلك نهائياً من كل حدود الإسلام في المال" (العدالة الاجتماعية" (ص 199 - 200/ الطبعة الخامسة). ص 168 الطبعة الثانية عشر).
- ومن يعرف منهج سيد قطب في التكفير: لا يستعبد أنه يكفر الدولة الأموية والعباسية ويبغضهما أشد البغض، على غرار الروافض والخوارج، وعلى خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.
- ثم إنا لا نراه يتحدث عن أبي مسلم الخراساني، ولا عن دولة الفاطميين ولا غيرها من دول الرفض والباطنية!.
- فما هو السر ياترى؟!
- طعونه في معاوية وعمرو ومن في عهدهما وغلوه في علي رضي الله عنه: قال سيد قطب في كتابه: [كتب وشخصيات] ص [242 - 243]:"إن معاوية وزميله عمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب. ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع. وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك على أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل. فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح.
- قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لما سئل عن هذا الكلام وقرىء عليه:
- (كلام قبيح!! هذا كلام قبيح سب لمعاوية وسب لعمرو بن العاص؛ كل هذا كلام قبيح، وكلام منكر. معاوية وعمرو ومن معهما مجتهدون أخطأوا. والمجتهدون إذا أخطأوا فالله يعفوا عنا وعنهم).
- قال السائل: قوله: (إن فيهما نفاقاً) أليس تكفيراً؟
- قال الشيخ عبد العزيز رحمه الله: (هذا خطأ وغلط لا يكون كفرا؛ فإن سبه لبعض الصحابة، أو واحد من الصحابة منكرٌ وفسق يستحق أن يؤدب عليه - نسأل الله العافية - ولكن إذا سب الأكثر أو فسقهم يرتد لأنهم حملة الشرع. إذا سبهم معناه قدح في الشرع).
- قال السائل: ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا الكلام؟
- قال سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله: (ينبغي أن تمزق).
- ثم قال الشيخ: هذا في جريدة؟
- قال السائل: في كتاب أحسن الله إليك.
- قال الشيخ عبد العزيز: لمن؟
- قال السائل: لسيد قطب.
- قال الشيخ عبد العزيز: هذا كلام قبيح.
- قال السائل: في "كتب وشخصيات".المرجع: شرح رياض الصالحين لسماحته بتاريخ يوم الأحد 18/ 7/1416
- في شرح سنن أبي داود - عبدالمحسن العباد (ص: 1/2 (170)) [ عن عمرو بن العاص ]. عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل المشهور، وهو من دهاة العرب، وهو الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل، وعند ذلك سأل الرسول صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك، فذكر أشخاصاً ولم يذكره، فسكت بعد ذلك رضي الله عنه، وكأنه فهم أن هذا التأمير يدل على تقديم وتفضيل، ولكن يكفيه شرفاً وفضلاً أنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وأما من يقول: إنه من المنافقين فقد آذى نفسه بمثل هذا الكلام لما تكلم في عمرو بن العاص وفي غيره من الصحابة، وهذا من الكلام الساقط الذي لا يليق لا ينبغي أن يتفوه به وأن يتكلم به، ومع الأسف الشديد أن سيد قطب هو الذي قال: إن عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان من المنافقين. اهـ
- وقال سيد " على أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين: كانت غلبة جيل على جيل، وعصر على عصر، واتجاه على اتجاه. كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذ ينحسر. وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقي علي في القمة لا يتبع هذا الانحسار، ولا يرضى بأن يجرفه التيار. من هنا كانت هزيمته، وهي هزيمة أشرف من كل انتصار.
- وهنا نصل إلى الملاحظة الرابعة. إذ نرى المؤلف يهش لروح النفعية في السياسة، ويشيد بأصحابها، ولا يعترف بغير النجاح العملي، ولو على أشلاء المثل العليا والأخلاق".
- ثم واصل كلامه إلى أن قال:"لقد كان انتصار معاوية هو أكبر كارثة دهمت روح الإسلام التي لم تتمكن بعد من النفوس. ولو قد قدر لعلي أن ينتصر لكان انتصاره فوزاً لروح الإسلام الحقيقية: الروح الخلقية العادلة المترفعة التي لاتستخدم الأسلحة القذرة في النضال. ولكن انهزام هذه الروح ولما يمض عليها نصف قرن كامل، وقد قضى عليها فلم تقم لها قائمة بعد - إلا سنوات على يد عمر بن عبد العزيز - ثم انطفأ ذلك السراج، وبقيت الشكليات الظاهرية من روح الإسلام الحقيقية.
- لقد تكون رقعة الإسلام قد امتدت على يدي معاوية ومن جاء بعده. ولكن روح الإسلام قد تقلصت، وهزمت، بل انطفأت.
- فأن يهش إنسان لهزيمة الروح الإسلامية الحقيقية في مهدها، وانطفاء شعلتها بقيام ذلك الملك العضوض ... فتلك غلطة نفسية وخلقية لا شك فيها.
- على أننا لسنا في حاجة يوماً من الأيام أن ندعو الناس إلى خطة معاوية. فهي جزء من طبائع الناس عامة. إنما نحن في حاجة لأن ندعوهم إلى خطة علي، فهي التي تحتاج إلى ارتفاع نفسي يجهد الكثيرين أن ينالوه.
- وإذا احتاج جيل لأن يدعى إلى خطة معاوية، فلن يكون هذا الجيل الحاضر على وجه العموم. فروح "مكيافيلي" التي سيطرت على معاوية قبل مكيافيلي بقرون، هي التي تسيطر على أهل هذا الجيل، وهم أخبر بها من أن يدعوهم أحد إليها! لأنها روح "النفعية" التي تظلل الأفراد والجماعات والأمم والحكومات!.
- وبعد فلست شيعياً لأقرر هذا الذي أقول. إنما أنا أنظر إلى المسألة من جانبها الروحي والخلقي، ولن يحتاج الإنسان أن يكون شيعياً لينتصر للخلق الفاضل المترفع عن "الوصولية" الهابطة المتدنية، ولينتصر لعلي على معاوية وعمرو. إنما ذلك انتصار للترفع والنظافة والاستقامة".
- قال الشيخ ربيع يريد الرجل بعد هذه الطعون التي يخجل منها بل ويحرمها كثير من الشيعة أن يتخلص من تهمة التشيع ولكن من يحترم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يحكم بالرفض الخبيث على من انتقص واحداً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فكيف وهو يحكم على الكثير من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - والتابعين بأنهم قد ارتدوا إلى المنحدر الذي انتشلهم منه الإسلام.
- طعنه في أبي سفيان وزوجه رضى الله عنهما
- قال العلامة محمود شاكر في مقاله "لا تسبوا أصحابي " ولن أضرب المثل بما يكتبُه المستشرقون ومن لفّ لفّهم فهم كما نعلم. ولا بأهل الزيغ والضلال والضغينة على أهل الإسلام، كصاحب كتاب الفتنة الكبرى وأشباهه من المؤلّفين. بل سآتيك بالمثل من كلام بعض المتحمِّسين لدينِ ربهم، المعلنين بالذب عنه والجهاد في سبيله. لتعلمَ أنّ أخلاقَ المسلم هي الأصل في تفكيره وفي مناهجه وفي علمه، وأن سمةَ الحضارة الوثنية الأوروبية، تنفجر أحيانا في قلب من لم يحذر ولم يتق، بكل ضغائنِ القرن العشرين، و بأسوأ سخائم هذه الحضارة المتعدّية لحدود الله التي كتب على عباده - مسلمهم وكفارهم - أن لا يتعداها. أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم: أبو سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، و هند بنت عتبة بن ربيعة-أم معاوية. رضي الله عنهم كيف يتكلّم أحدُ الناس عنهم؟.
- 1 - "فلما جاء معاوية، وصَيَّرَ الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً؛ في بني أمية؛ لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما من وَحْي الجاهلية" ولم يكتفِ بهذا بل شملَ بني أميّة جميعاً فقال:" فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمانُ قلوبَها، وما كان الإسلام لها إلا رداء تخلعه وتلبَسُه حسب المصالح والملابسات".
- 2 - ثم يذكر يزيد بن معاوية بأسوأ الذّكر، ثم يقول: "و هذا هو "الخليفة" الذي يفرضُه معاوية على الناس، مدفوعًا إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام، دافع العصبية العائلية القبلية. وما هي بكثيرة على معاوية ولا بغريبة عليه. فمعاوية هو ابنُ أبي سفيان، وابنُ هند بنت عتبة، و هو وريث قومِهم جميعا و أشبهُ شيءٍ بهم في بُعدِ روحه عن حقيقة الإسلام. فلا يأخذ أحدٌ الإسلامَ بمعاوية أو بني أمية؛ فهو منه و منهم برئ ".
- 3 - " ولسنا نُنكِر على معاوية في سياسة الحكم ابتداعَه نظام الوراثة وقهر الناس عليها فحسب، إنما ننكر عليه أولاً وقبل كل شئ إقصاءَه العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي، و في سيرتِه في الحكم بعد ذلك، إقصاءه كاملاً لأول مرة في تاريخ الإسلام ... فكانت جريمة معاوية الأولى، التي حطّمَتْ روحَ الإسلام في أوائل عهدِه هي نفي العنصر الأخلاقي من سياسته نفياً باتّاً. ومما ضاعفَ الجريمة أنّ هذه الكارثة باكرت الإسلامَ ولم تنقض إلا ثلاثون سنة على سُنَنِه الرفيعة ... و لكي نُدرك عمقَ هذه الحقيقة يجب أن نستعرِضَ صُوَرًا من سياسة الحكم في العهود المختلفة على أيدي أبي بكر و عمر، و على أيدي عثمان و مروان ... ثم على أيدي الملوك من أمية ... ومن بعدهم من بني العباس، بعد أن خُنقت روحُ الإسلام خنقا على أيدي معاوية وبني أبيه".
- 4 " و مضى عليٌّ رضي الله عنه إلى رحمة ربه، و جاءَ معاوية ابن هند وابن أبي سفيان! " (وأنا أستغفر الله من نقل هذا الكلام، بمثل هذه العبارة النابية، فإنه أبشع ما رأيتُه) ثم يقول: " فلئنْ كان إيمان عثمان وورعُه ورقّته، كانت تقف حاجزاً أمام أميّة .. لقد انهار هذا الحاجز، و انساح ذلك السّدّ، و ارتدت أمية طليقةً حرّة إلى وراثاتها في الجاهلية والإسلام. وجاء معاوية، تُعاونه العصبةُ التي على شاكلتِه، و على رأسِها عمرو بن العاص. قومٌ تجمعُهم المطامعُ والمآرب، و تدفعُهم المطامِحُ والرغائب، و لا يُمسِكُهم خُلُق ولا دين ولا ضمير" (و أنا أستغفر الله وأبرأ إليه). ثمّ قالَ: "و لا حاجة بنا للحديث عن معاوية؛ فنحن لا نؤرّخ له هنا، وبحسبنا تصرّفه في توريث يزيد الملك، لِنعلمَ أيّ رجل هو. ثم بحسبنا سيرة يزيد لنقدّر أيّة جريمة كانت تعيش في أسلاخ أمية على الإسلام والمسلمين".
- 5 - ثم ينقل خطبةً يزعم أنها لمعاوية في أهل الكوفة بعد الصّلح يجئ فيها قول معاوية:" وكلّ شرطٍ شرطتُه، فتحت قدميّ هاتين "، ثم يعقّب عليه مستدركا: "و الله تعالى يقول: "وأوفُوا بالعهدِ إنّ العهدَ كان مسئولاً". والله يقول:" و إن استنصَرُوكم في الدّين فعليكم النّصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق". فيؤثر الوفاء بالميثاق للمشركين المعاهدين، على نصرة المسلمين لإخوانهم في الدين. أما معاوية؛ فيخيس بعهدِه للمسلمين، و يجهر بهذه الكبيرة جهرة المتبجِّحِين! .. إنه من أمية، التي أبت نحيزتها أن تدخل في حلف الفضول! ".
- 6 - ثم يذكر خطبةً أخرى لمعاوية في أهل المدينة: " أما بعد؛ فإني و الله ما وليتُها بمحبةٍ علمتُها منكم " ثم يعلق عليها فيقول:" أجل، ما وليها بمحبة منهم. و إنه ليعلم أن الخلافة بيعة الرضى في دين الإسلام. و لكن ما لمعاوية وهذا الإسلام .. وهو ابنُ هند و ابن أبي سفيان! ".
- 7 - " وأما معاوية بعد علي، فقد سارَ في سياسة المال سيرته التي ينتفي منها العنصر الأخلاقي، فجعله للرُّشى و اللهى وشراء الأمم في البيعة ليزيد، و ما أشبه هذه الأغراض، بجانب مطالب الدولة والأجناد والفتوح بطبيعة الحال ".
- 8 - ثم قال شاملا لبني أمية: "هذا هو الإسلام، على الرغم مما اعترضَ خطواته العملية الأولى، من غلبة أسرة لم تعمرْ روحُ الإسلام نفوسَها. فآمنَتْ على حرف حين غلب الإسلام، وظلت تحلم بالملك الموروث العضوض حتانالته، فسارت بالأمر سيرةً لا يعرفها الإسلام."
- هذا ما جاء في ذكر معاوية، و ما أضفى الكاتبُ من ذيوله على بني أمية، و على عمرو بن العاص. وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب؛ فانظر ماذا يقول:
- 9 - " أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحاتُ التاريخ، والذي لم يُسْلِمْ إلا وقد تقرّرت غلبةُ الإسلام. فهو إسلام الشفة واللسان، و لا إيمان القلب والوجدان. وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل قطّ؛ فلقد ظل يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد، بينما يتظاهر بالإسلام. ولقد ظلّت العصبية الجاهلية تسيطر على فؤاده ... وقد كان أبو سفيان يحقد على الإسلام والمسلمين، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها ".
- 10 - "ولقد كان أبو سفيان يحلمُ بملك وراثي في بني أمية منذ تولي الخلافة عثمان؛ فهو يقول:" يا بني أمية ... تلقفوها تلقف الكرة؛ فو الذي يحلف به أبو سفيان؛ ما زلت أرجوها لكم، ولتصيرنَّ إلى صبيانكم وراثة! ". وما كان يتصوّر حكمَ المسلمين إلا ملكًا حتى في أيام محمد، (وأظنُّ أنا أنه من الأدب أن أقول: صلى الله عليه وسلم)؛ فقد وقفَ ينظر إلى جيوش الإسلام يوم فتح مكة، ويقول للعباس بن عبد المطلب:" والله يا أبا الفضل؛ لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما". "فلما قال له العباس: إنها النبوة! قال: "نعم إذن! ... " نعم إذن! و إنها لكلمةٌ يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبُه؛ فما كان مثل هذا القلب ليفقَهَ إلا معنى الملك والسلطان ".
- ثم يقول عن هند بنت عتبة أم معاوية:
- 11 - " ذلك أبو معاوية. فأمّا أمّه هند بنت عتبة؛ فهي تلك التي وقفَتْ يومَ أحد تلغ في الدم، إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة؛ فقد كان قد مات. وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرهًا بعد إذْ تقرّرت غلبةُ الإسلام تصيح:" اقتلوا الخبيثَ الدنس الذي لا خير فيه. قُبِّح من طليعة قوم! هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟ ".
- هؤلاء أربعةٌ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكُرُهم كاتبٌ مسلم بمثلِ هذه العبارات الغربية النابية! بل زاد، فلم يعصم كثرةَ بني أمية من قلمه، فطرح عليهم كلَّ ما استطاع من صفاتٍ تجعلهم جملة واحدة برآءً من دين الله، ينافقون في إسلامهم، و ينفون من حياتهم كل عنصر أخلاقي! كما سمّاه .. و أنا لن أناقش الآن هذا المنهجَ التاريخي، فإنّ كلّ مُدّعٍ يستطيع أن يقول: هذا منهجي، و هذه دراستي. بل غاية ما أنا فاعل أنْ أنظُرَ كيف كان أهل هذا الدين ينظرون إلى هؤلاء الأربعة بأعيانهم، وكيف كانوا - هؤلاء الأربعة - عند من عاصرهم ومن جاءَ بعدهم من أئمة المسلمين وعلمائهم. وأيضا فإني لن أحقّقَ في هذه الكلمة فسادَ ما بُني عليه الحكم التاريخي العجيبُ، الذي استحدثه لنا هذا الكاتب، بل أدعه إلى حينه........
- وفي ختام المقال قال " ولست أتصدى هنا لتزييف ما كتبه الكاتب من جهة التاريخ، ولا من جهة المنهاج، ولكني أردت - كما قلت - أن أبين أن الأصل في ديننا هو تقوى الله وتصديق خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ليسوا لعانين ولا طعانين ولا أهل إفحاش ولا أصحاب جرأة وتهجم على غيب الضمائر، وأن هذا الذي كانوا عليه أصل لا يمكن الخروج منه؛ لا بحجة التاريخ، ولا بحجة النظر في أعمال السابقين للعبرة واتقاء ما وقعوا فيه من الخطأ.
- ولو صح كل ما يذكر مما اعتمد عليه الكاتب في تمييز صفات هؤلاء الأربعة وصفة بني أمية عامة؛ لكان طريق أهل الإسلام أن يحملوه على الخطأ في الاجتهاد من الصحابي المخطيء، ولا يدفعهم داء العصر أن يوغلوا من أجل خبر أو خبرين في نفي الدين والخلق والضمير عن قوم هم لقرب زمانهم وصحبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أهل الإسلام بأن يعرفوا حق الله وحق رسوله، وأن يعلموا من دين الله ما لم يعلمه مجترئ عليهم طعان فيهم. وأختم كلمتي هذه بقول النووي في شرح مسلم (16/ 93): ((اعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون، وقال القاضي: سب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن يعزر ولا يقتل، وقال بعض المالكية يقتل)). وأسدي النصحية لمن كتب هذا وشبهه أن يبرأ إلى الله علانية مما كتب، وأن يتوب توبة المؤمنين مما فرط منه، وأن ينزه لسانه ويعصم نفسه ويطهر قلبه، وأن يدعو بدعاء أهل الإيمان: {رَبَّنا اغفِرْ لَنا ولإخوانِنا الَذينَ سَبَقُونا بالإيمانِ ولا تَجعَل في قُلوبِنا غِلا للذينَ آمَنُوا رَبّنا إنَكَ رَؤوفٌ رحِيمٌ}
- من أجل هذا أقول: إن خلق الإسلام هو أصل كل منهاج في العلم والفهم، سواء كان العلم تاريخاً أو أدباً أو اجتماعاً أو سياسة، وإلا؛ فنحن صائرون إلى الخروج عن هذا الدين، وصائرون إلى تهديم ما بناه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى جعل تاريخ الإسلام حشداً من الأكاذيب الملفقة والأهواء المتناقضة، والعبث بكل شيء شريف ورثتنا إياه رحمة الله لهم، وفتح الله عليهم، ورضاه عن أعمالهم الصالحة، ومغفرته لهم ما أساءوا رضي الله عنهم، وغفر لهم وأثابهم بما جاهدوا وصبروا وعَلِموا وعلّموا، وأستغفر الله وأتوب إليه.أهـ
- هذه نصيحته يرحمه الله باختصار فقام كاتب يدعى محمد رجب بيومي بالرد عن سيد قطب ورد عليه الشيخ شاكر وفي النهاية نطق قطب شاكرا لبيومي متفوها بكل قبيح في برود تام وسجية باهته ليقرر ما كتب وما اعتقد وما لهج ليعلم من يخدع الناس بأن الرجل تاب واناب أو كان كلامه مجمل أو هو رجل أديب لا علم له بالشرع أو لم يصله العلم والبينات .....الخ هذه التبريرات الفارغة من محتواها ومبناها واسمع لقطع من مقاله الماكر الذي لا يدع مجال لحائر أو مدافع يقول " إلى أخي الاستاذ: رجب البيومي ... السلام عليكم ورحمة الله، وبعد :فإنني لم أرد أن أدخل بينك وبين الأستاذ شاكر فيما شجر بينكما من خلاف حتى ينتهي إلى نهاية كما انتهى، ذلك أنني كنت حريصاً على أن أدعك ورأيك، وألا أبدأ تعارفي بك في زحمة الجدل، وإن ظن أخونا شاكر أن بيننا صحبة وثيقة، وهي التي تدفعك إلى رد تهجمه أو تقحمه، حتى لقد أنذرنا معاً عداوة يوم القيامة: {الأخِلاءُ يَوْمئَذٍ بعْضُهُم لِبَعضٍ عَدوُّ}؛ لأن مألوف الناس قد جرى في هذا الزمن الصغير على أن الحق وحده أو الرأي وحده لا يكفي لأن يدفع كاتباً فيكتب دون هوى من صداقة أو علاقة ولو كانت بيننا معرفة سابقة، ولو استشرتني قبل أن تدخل مع صاحبنا في جدل حول ما أثاره من صخب وما نفضه من غبار؛ لأشرت عليك ألا تدخل، ولآثرت لك ما آثرته لنفسي من إغضاء وإغفال ... ذلك أنني لم استشعر في هذا الصخب الصاخب أثراً من صفاء نية، ولا رغبة في تجلية حقيقة ، ولو استشعرت شيئاً من هذا؛ ما تركت صاحبي دون أن أجيبه، على الأقل من باب الأدب واللياقة، ولكنني اطلعت على أشياء، ما كان يسرني والله أن أطلع عليها، في نفس رجل ربطتني به مودة، أصفيتها له في نفسي، بعدما كان بيننا من جدل قديم، يعرفه قراء ((الرسالة))) عام (1938م)، وما أزال أرجو أن أكون مخطئاً فيما أحسست به، وأن تبقى لي عقيدتي في ضمائر الناس وفي الخير الذي تحتويه فطرتهم.
- ولو كانت الحقائق هي المقصودة لما احتاج الكاتب الفاضل إلى اصطناع مثل هذا الأسلوب الصاخب المفرقع، ولما لجأ منذ مقاله الأول في ((المسلمون)) إلى الشتم، والسب والتهم بسوء النية، وسوء الخلق والنفاق والافتراء، والسفاهة، والرعونة ... إلى آخر ما خاضه - ويغفر الله له فيه - فبدون هذا تعالج أمور النقد العلمي، وبغير هذا الأسلوب يمكن تمحيص الحقائق إنه لا ((معاوية)) ولا ((يزيد))، ولا أحد من ملوك بني أمية قد اغتصب مال أبي أو جدي، أو قدّم إلى شخصي مساءة، ولا لأحد من عشيرتي الأقربين أو الأبعدين ... فإذا أنا سلكت في بيان خطة ((معاوية)) في سياسة الحكم وسياسة المال، وخطة الملوك من بعده - فيما عدا الخليفة الراشد: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه - مسلكاً غير الذي سلكته في بيان خطة ((أبي بكر)) و ((عمر)) و ((علي)) رضوان الله عليهم جميعاً، فليس أول ما يتبادر إلى الذهن المستقيم والنية السليمة أن ما بي هو سب صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لا عن خطأ، ولكن عن رغبة قاصدة في إفساد الإسلام، وسوء نية في تدنيس المسلمين !!
- وكتاب ((العدالة الاجتماعية)) مطبوع متداول منذ أربع سنوات، وطبعته الثالثة في المطبعة، والصخب حوله الآن فقط قد يشي بشيء لا أرضاه للصديق، وقد قرأه الناس في أنحاء العالم الإسلامي، فلم يستشعر أحد من موضوعه ولا من سياقه أن النية السيئة المبيتة لهذا الإسلام وأهله هي التي تعمر سطوره، إنما أحس الألوف الذين قرؤوه - أو على الأقل المئات الذين أبدوا رأيهم فيه - أن كل ما كان يعنيني هو أن أبرئ الإسلام من تهمة يلصقها به أعداؤه، وشبهة تحيك في نفوس أصدقائه ؛ إذا يحسبون أن سياسة بني أمية في الحكم وسياستهم في المال تحسب على الإسلام، والإسلام بريء من هذا الاتهام......وساق حديث سفينة ... ليثبت ما كتبه سابقا في بني أمية فهو محقق مستدل وليس بجاهل ثم قال "وما كان لي بعد هذا؛ وأنا مالك زمام أعصابي، مطمئن إلى الحق الذي أحاوله، أن ألقي بالاً إلى صخب مفتعل، وتشنج مصطنع ، وما كان لي إلا أن أدعو الله لصديقنا ((شاكر)) بالشفاء والعافية والراحة مما يعاني، والله لطيف بعباده الأشقياء.
- أما أنا؛ فما أحب أن يكون لي مع قوم خرجوا على خليفة رسول الله، وقتلوا ابن بنت رسول الله، وحرقوا بيت الله، وساروا في سياسة الحكم وسياسة المال على غير هدى من الله ... أدب رفيع من أدب مولى رسول الله الذي أدبه ورباه أهـ خبطه بخطه ولا حول ولا قوة الا بالله
- قلت (المنصوري) وقد حذف قطب من الطبعات التالية ذكر ابي سفيان وزوجه لا توبة منه فاحببت ان يقف القارئ على بذئ كلامه وطلاقته في الرد المتعنت الذي لا يعترف بخطأ ولو من بعيد فرحمة الله على اهل الإسلام
- سيد لا يقبل أخبار الآحاد الصحيحة في العقيدة
- بل لا يقبل الأحاديث المتواترة
- يقول في سياق رده للروايات التي تذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سحره رجل من اليهود: "وقد وردت روايات، بعضها صحيح ولكنه غير متواتر، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن، والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد" ("في ظلال القرآن" (6/ 4008).).
- قال الشيخ ربيع "والظاهر أنه يرى عدم صلاحيتها للاحتجاج بها في الاعتقاد.بل الأحاديث المتواترة لا يقبلها في قضايا العقيدة لا احتجاجاً ولا استئناساً؛ فلم يحتج بها، ولم يستأنس بها في صفة الاستواء على العرش والعلو عليه، ولا في صفة المجيء، ولا في رؤية المؤمنين ربهم، ولا في تكلم الله لرسله وعباده، ولا في نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، ولا في الإسراء والمعراج.بل هو يتأول الآيات القرآنية التي تجاوزت حد التواتر؛ فكيف يحتج أو يستشهد بالأحاديث المتواترة، بله الأحاد."
- والتقط من كلام الدويش في المورد الزلال عدة نقاط
- يقول الاله هو المستعلى المستولى المتسلط
- تفسير الكرسي بالدلالة على الملك
- والعرش رمز للاستعلاء والهيمنة على الوجود
- الاستواء كناية عن السيطرة والهيمنة
- يثبت علو القهر ولا يذكر علو الذات
- لا يدري اين تصعد الملائكة
- يستخدم الفاظ اهل البدع في وصف الله يقول الله سبحانه جل عن التحيز او بلا حيز ولا جهة ولا مكان
- يقول عن القران انما هو كسائر ما يبدعه الله ويعجز المخلوقون ان يصنعوه هو كالروح
- يقول وحيثما كان اثنان يتناجيان فالله هناك
- وصف الله بالالتفات الى البشرية
- التكفير بمطلق الموالاة وفي نقطة اخرى يذكر اهل الكتاب فقال انما يشملهم - يعنى الإسلام – بجو من المشاركة والمودة والمجاملة والخلطة
- يقول الايمان واحد لا يتجزأ كقول المرجئة والخوارج وغيرهم في الايمان
- يقرر وفاة عيسى وحياته عند الله كحياة الشهداء
- فسر هداية الدلالة بهداية التوفيق مخالفا للمفسرين في قول الله واما ثمود فهديناهم
- يحتمل ان في السماء غير الملائكة من عباد الله المقربين
- ينقل قولا ويؤسس له ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فاكون كالاجير السوء
- كلما تكلم عن عذاب قوم لوط قال لا يمتنع ان تكون حجارة بركان يقذف بالحميم الطيني
- حور مقصورات في الخيام قال وتلقى الخيام ظل البداوة فهو نعيم بدوي او يمثل مطالب اهل البداوة
- ينفي حديث سحر النبي مع اعترافه بصحته للعلل منها مخالفة العصمة والتبليغ وكذا من احاديث الاحاد ولا يؤخذ بها في أمر العقيدة .اهـ
- وهذا نقل لتبين شئ لعل الله يهدينا الى سواء السبيل يقول عبد الله إمام في كتابه "عبد الناصر والإخوان المسلمون" - ( ص/169) : (( كما كانت هناك خطط للنسف والتفجير، والتدمير لمحطات الكهرباء والكباري وغيرها من المرافق، وقد استُبعدت منها القناطر الخيرية بناء على اقتراحات بعض الشباب الذين عارضوا المرشد العام الجديد ـ سيد قطب ـ في أمر إغراق كل الدلتا )).
- ويقول سيد قطب في رسالة "لماذا أعدموني ؟": (( كنا قد اتّفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم، أو لإقامة النظام الإسلامي، وفي الوقت نفسه قرّرنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم، الذي سيسير على منهج تعليم العقيدة، وتربية الخلق، وإنشاء قاعدة للإسلام في المجتمع . وكان معنى ذلك: البحث في موضوع تدريب المجموعات التي تقوم بردّ الاعتداء، وحماية التنظيم منه. وموضوع الأسلحة اللازمة لهذا الغرض . وموضوع المال اللازم لذلك )). وانظر كتاب: "سيد قطب من القرية إلى المشنقة" عادل حمودة.
- وقال في الظلال (3/1451): (( وإقامة حكومةٍ مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها، واستبدالها بها.. وهذه المهمة..مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصر في قُطرٍ دون قطر، بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه، أن يَحدُث هذا الانقلاب الشامل في جميع المعمورة، هذه غايته العليا ومقصده الأسمى، الذي يطمح إليه ببصره، إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نُظُم الحكم في بلادهم التي يسكنونها )).
-
- كلام اهل العلم في سيد قطب
- لخصته من كتاب براءة علماء الامة من تزكية اهل البدعة والمذمة وقد ازيد قليلا
- العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - قال معلقاً على خاتمة كتاب "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم":(كل ما رددته على سيد قطب حقٌ صوابٌ، ومنه يتبين لكل قارئ على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه.فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ (الربيع) على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام). المرجع: من ورقة بخط الشيخ الألباني رحمه الله كتبها في آخر حياته.
- فتوى العلامة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله سئل : (أثابكم الله أرجو إجابتي على هذا السؤال: إننا نعلم الكثير من تجاوزات سيد قطب، لكن الشيء الوحيد الذي لم أسمعه عنه، وقد سمعته من أحد طلبة العلم مؤخراً ولم أقتنع بذلك؛ فقد قال: إن سيد قطب ممن يقولون بوحدة الوجود. وطبعاً هذا كفر صريح، فهل كان سيد قطب ممن يقولون بوحدة الوجود؟ أرجو الإجابة جزاكم الله خيراً).
- قال ابن عثيمين رحمه الله: (مطالعتي لكتب سيد قطب قليلة، ولا أعلم عن حال الرجل، لكن قد كتب العلماء فيما يتعلق بمؤلفه في التفسير "ظلال القرآن"، كتبوا ملاحظات عليه، مثل ما كتبه الشيخ عبد الله الدويش - رحمه الله - وكتب أخونا الشيخ ربيع المدخلي ملاحظات عليه؛ على سيد قطب في التفسير وفي غيره. فمن أحب أن يراجعها فليراجعها). المرجع: من شريط "اللقاء المفتوح الثاني بين الشيخين العثيمين والمدخلي بجده"، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/ 2/1421.
- سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن صاحب كتاب "في ظلال القرآن" ومنهجه في التفسير.
- فقال: (أنه كثر الحديث حول هذا الرجل وكتابه، وفي كتب التفسير الأخرى كتفسير ابن كثير، وتفسير ابن سعدي، وتفسير القرطبي -على ما فيه من التساهل في الحديث-، الغنى والكفاية ألف مرة عن هذا الكتاب.وقد ذكر بعض أهل العلم كالدويش والألباني الملاحظات على هذا الكتاب، وهي مدونة وموجودة.ولم أطلع على هذا الكتاب بكامله، وإنما قرأتُ تفسيره لسورة الإخلاص، وقد قال قولاً عظيماً فيها مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة؛ حيث أن تفسيره لها يدل على أنه يقول بـ ((وحدة الوجود)).وكذلك تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة والسيطرة.علماً بأن هذا الكتاب ليس كتاب تفسير، وقد ذكر ذلك صاحبه فقال: "ظلال القرآن".
- ويجب على طلاب العلم ألا يجعلوا هذا الرجل أو غيره سببا للخلاف والشقاق بينهم، وألا يكون الولاء والبراء له أو عليه.المرجع: مجلة الدعوة - عدد1591 - 9 محرم 1418، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/ 2/1421.
- سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله قال السائل:(ما هو قول سماحتكم في رجل ينصحُ الشباب السُّنِّيّ بقراءة كتب سيد قطب، ويخص منها: "في ظلال القرآن" و "معالم على الطريق" و "لماذا أعدموني" دون أن ينبه على الأخطاء والضلالات الموجودة في هذه الكتب؟
- فقال -رحمه الله-: (أنا قولي بارك الله فيك أن من كان ناصحاً لله ورسوله ولإخوانه المسلمين، أن يحث الناس على قراءة كتب الأقدمين في التفسير وغير التفسير، فهي أبرك وأنفع وأحسن من كتب المتأخرين، أما تفسير سيد قطب -رحمه الله- ففيه طوام -لكن نرجو الله أن يعفو عنه- فيه طوام: كتفسيره للاستواء، وتفسيره سورة "قل هو الله أحد"، وكذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به. المرجع: من شريط أقوال العلماء في إبطال قواعد ومقالات عدنان عرعور، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/ 2/1421.
- وقال صاحب كتاب براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة والمذمة (ص: 5) وبعد أن كتبت مقدمتها وزدت عليها زيادات قرأتُ على فضيلة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله أكثرها وأطلعته على تعليقات فضيلة شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله، فما كنت أسمع منه حفظه الله إلا التكبير أو التعوذ أو الترحم، فمن ذلك تكبيره عند قول الإمام أحمد: (إياك إياك وهذا الكرابيسي .. )، وتعوذه عند بعض الكلام على الحسن بن صالح بن حي، ولما قرأت عليه كلمة الألباني رحمه الله: (لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه - أي قطب -)، قال متعجباً من قوة عبارته: (رحمه الله! رحمه الله!)، وقال أشياء أخرى هي من أمانات المجالس، ثم طلب مني نسخة منها فأعطيته التي قرأت عليه بتاريخ (28/ 8/1420 هـ). فلما اكتملت هذه البراءة بصورتها الحالية وأردت تقديمها للنشر طلبت من فضيلته توثيق فتاواه فيها فأخذها مني، وبعد يومين هاتفني - حفظه الله - قائلا: (انتهيت منها، كلامك طيب، وكلام الشيخ صالح طيب طيب)، ثم استلمتها من يد فضيلته بتاريخ 25/ 2/1421)، وقد وقع على كل ورقة فيها فتاواه مع تعديلات يسيره في بعض عباراتها، وأراني ما علقه في الخاتمة من تقديم المنهج السلفي على المنهج القطبي في السياق، فأبنت له سبب تقديمي للمنهج القطبي فسكت، ثم عملت بما أشار به حفظه الله وجزاه الله عني وعن المسلمين افضل الأجر والمثوبة واستشرته في بعض التعديلات فأقرني عليها حفظه الله بطاعته ..
- الشيخ عبد السلام برجس رحمه الله كان يسمى معالم في الطريق لسيد قطب متاهات في الطريق وانه قنبلة التكفير ونقل كلام القرضاوي بان كتب قطب تنضح بالتكفير
- سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان عن قراءة كتاب "ظلال القرآن"؟
- فقال:(وقراءة الظلال فيها نظر، لأن الظلال يشتمل على أشياء فيها نظر كثير، وكوننا نربط الشباب بالظلال ويأخذون ما فيه من أفكار هي محل نظر. هذا قد يكون له مردود سيئ على أفكار الشباب. فيه تفسير ابن كثير، وفيه تفاسير علماء السلف الكثيرة، وفيها غنى عن مثل هذا التفسير. وهو في الحقيقة ليس تفسيراً، وإنما كتاب يبحث بالمعنى الإجمالي للسور، أو في القرآن بوجه عام. فهو ليس تفسيراً بالمعنى الذي يعرفه العلماء من قديم الزمان؛ أنه شرح معاني القرآن بالآثار، وبيان ما فيها من أسرار لغوية وبلاغية، وما فيها من أحكام شرعية. وقبل ذلك كله بيان مراد الله -سبحانه وتعالى- من الآيات والسور.
- أما "ظلال القرآن" فهو تفسير مجمل نستطيع أن نسميه تفسيراً موضوعياً فهو من التفسير الموضوعي المعروف في هذا العصر، لكنه لا يُعتَمد عليه لما فيه من الصوفيات، وما فيه من التعابير التي لا تليق بالقرآن، مثل وصف القرآن بالموسيقى والإيقاعات، وأيضاً هو لا يعنى بتوحيد الألوهية، وإنما يعنى في الغالب بتوحيد الربوبية وإن ذكر شيئاً من الألوهية فإنما يركز على توحيد الحاكمية، والحاكمية لاشك أنها نوع من الألوهية، لكن ليست [وحدها] هي الألوهية المطلوبة، [وهو يؤول الصفات على طريقة أهل الضلال]. والكتاب لا يجعل في صف ابن كثير وغيره من كتب التفسير. هذا الذي أراه، ولو اختير من كتب السلف، ومن الكتب المعنية بالعقيدة والمعنية بتفسير القرآن والمعنية بالأحكام الشرعية لكان هذا أنسب للشباب.
- المرجع: في شريط مجموع ما قاله ابن باز حول نصيحته العامة -لقاء مع فضيلته - مكة المكرمة- 9/ 8/1412 ثم صححه الشيخ.
- فتوى اخرى للشيخ الفوزان
- قال السائل نقلاً عن عدنان عرعور -هداه الله- أنه قال: (لماذا لا يلام الإمام أحمد في تكفيره لتارك الصلاة ويلام سيد قطب إذا صدر منه بعض العبارات، ونقول: هذا يكفر المجتمعات، ولا يلام الإمام أحمد -رحمه الله- وقد حكم على هذه الشعوب كلها بالكفر) [أي: لأن أغلبهم لا يصلون] فما هو تعليق سماحتكم؟
- قال حفظه الله: (الإمام أحمد عالم وحبر يعرف الأدلة وطرق الاستدلال، وسيد قطب جاهل ما عنده علم ولا عنده معرفة ولا عنده أدلة على ما يقول، فالتسوية بين الإمام أحمد وسيد قطب ظلم، لأن الإمام عنده أدلة كثيرة من الكتاب والسنة على كفر تارك الصلاة متعمداً، وسيد ليس عنده دليل واحد على ما يقول من تكفيره لعموم المسلمين بل الأدلة على خلاف ما يقول).
- كذلك قال أيضاً (يعني عرعور): (لا أعلم أحداً تكلم في قضايا المنهج بمثل ما تكلم به سيد قطب، ومعظم ما كتبه كان مصيباً فيه).فسئل العرعور عن قوله هذا فأجاب: (كلمة المنهاج هاهنا أقصد بها قضايا: التغيير، الانتخابات، الاغتيالات. وأقصد في زمانه: أي وقت الخمسينات).
- فأجاب العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: (هو لا يعرف لأنه جاهل، أما نحن نعرف -ولله الحمد- أن العلماء من قبل سيد قطب ومن بعده أنهم يخالفون سيد قطب. نعم).المرجع: من شريط "أقوال العلماء في إبطال قواعد ومقالات عدنان عرعور.
- وسئل أيضًا حفظه الله: هل يقال: إن سيد قطب إن كان مجتهداً فهو مأجور على ذلك؟
- قال :(ليس هو من أهل الاجتهاد حتى يقال فيه ذلك، لكن يقال: إنه جاهل يعذر بجهله. ثم إن مسائل العقيدة ليست مجالاً للاجتهاد لأنها توقيفية).
- سُئل فضيلة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء و عضو هيئة كبار العلماء ـ حفظه الله تعالى ـ السُـؤال الآتي :
- قد صَدَر في هذه الأيام كتَّاب بعنوان "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب و فكره "، وخلص مُؤلفه إلى القول : بأن سيد قطب قد وقعَ في أخطَاء جَسِيمَة في العَقِيدَة.نرجو يا فضيلة الشيخ أن تخبرنا برأيك في هذا الكتاب ؟
- فأجَـاب حفظه الله تعالى بما يلي :"هذا العمل طيِّب و صَاحِبه مُحْسِنٌ ؛ لأنَّه لَـم يَأتِ بشَيئ من عنده و لم يتقوَّل عَــلى سيد قطب ، و إنَّما ذكر أخطـاء واقعة في كتبه و نبَّه عَـليهاَ بذكر الصفحة و نص الكلمة، و مـا دام كذلك فإنه لا مُــؤاخذة عليه ، مَـادام أنه ذكَـر و اسـتندَ و وثق مِـن كتاب الرجل فقد أدى مَا عليه ، و كل يُخطئ ، سيد قطب يُخطئ، وغيره يُخطئ والحمد لله الحق ضَـالة المـؤمن .مَـادَام أنَّ المُـؤَلِف لم يـأت بشيء من عـنده و لم يتقوَّل علـى الرجل و لـم يكذب عـليه وإنَّمـا نَـقَلَ كلامه بنصه من كتبه وذكر الصفحة والكتـاب فقد برئت ذمته، ولابد مِـن بَـيَان هذا ؛ لأن هذه الكُتُب بــأيدي الشـباب و يَـعـتَبِرُونَ صَـاحِبَهاَ مِن قَادَة الفِكر." [رَاجِع : " مُحَاضَرَات فِي العَقِيدَةِ و الدعوة " 3/320 للشيخ صالح الفوزان]
- سئل الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله :
- هل يوجد في مجلد "ظلال القرآن" لسيد قطب شكٌ أو ريب بالنسبة للعقيدة، وهل تنصح باقتنائه أم لا؟
- فأجاب حفظه الله: (بل هو مليء بما يخالف العقيدة، فالرجل -رحمه الله، نسأل الله أن يرحم جميع أموات المسلمين- ليس من أهل العلم. هو من أهل الدراسات المدنية وأهل الأدب. وله كتبه السابقة قبل أن ينخرط في سلك الإخوان المسلمين، وكان من الأدباء، له كتاب: "حصاد أدبي"، و"الأطياف الأربعة"، وغيره .. و"طفل من القرية"، وأشياء كثيرة من هذا النوع. ثم شاء الله -جل وعلا- أن يتحول عما كان عليه. وكان في وقت نشط الناس في الكلام وإن قل العمل، وكان للكلام أثره فكان ما كان وكتب هذا الكتاب الذي أسماه "في ظلال القرآن". وإن شاء الله له حسنات، ولكن له أخطاء في العقيدة، وفي حق الصحابة؛ أخطاء خطيرة كبيرة. وقد أفضى إلى ما قدم، فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه. وأما كتبه فإنها لا تُعِّلمُ العقيدة ولا تقرر الأحكام، ولا يعتمد عليها في مثل ذلك، ولا ينبغي للشادي والناشئ في طريق العلم أن يتخذها من كتب العلم التي يعتمد عليها، فللعلم كتبه، وللعلم رجاله. أنصح أن يعتني طالب العلم بالقراءة للمتقدمين: الأئمة الأربعة، وللتابعين، وأهل الحق، وعلماء الإسلام المعروفين بسلامة المعتقد وغزارة العلم والتحقيق وبيان مقاصد الشريعة. وهم -ولله الحمد- كثيرون، وكتبهم محفوظة -بحمد الله- والمرجع في ذلك كله -عرض أقوال الناس- إنما يكون على كتاب الله وعلى سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) وعلى أقوال السلف (الصحابة) فهم أدرى وأعرف بمفاهيم كلام الله وكلام نبيه، وذلك كله -ولله الحمد- مدون في كتب العلماء من الصحاح والسنن، وكتب الآثار؛ كالمصنفات ونحوها. فلا عذر لطالب العلم بالتقصير، ولا يصح أن يجعل كتب المتأخرين حاكمة على كتب المتقدمين. نعم. المرجع: من شريط درس بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي بتاريخ 23/ 10/1418.
- فتوى الشيخ / عبد المحسن بن حمد العباد حفظه الله
- سئل عن كتاب: "ظلال القرآن"؟
- فقال حفظه الله: (كتاب "ظلال القرآن" أو "في ظلال القرآن" للشيخ سيد قطب -رحمه الله- هو من التفاسير الحديثة التي هي مبنية على الرأي، وليست على النقل، وليست على الأثر.
- ومن المعلوم أن أصحاب الرأي والذين يتكلمون بآرائهم ويتحدثون بأساليبهم يحصل فيهم الخطأ والصواب، ويصيبون ويخطئون، والإنسان الذي غير فاهم وغير متمكن من الأصلح له أن لا يرجع إليه وإنما يرجع إلى كتب العلماء المعتبرين مثل: تفسير ابن كثير، وتفسير ابن جرير، ومثل تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي في المتأخرين، فإن هذه تفسيرات العلماء.
- وأما الشيخ سيد قطب -رحمه الله- فهو من الكتّاب، من الأدباء، يعني يكتب بأسلوبه وبألفاظه ويتحدث. ليس كلامه مبنياً على [الأثر] ولهذا إذا قرأه الإنسان [لم يجده] يقول: قال فلان، وقال فلان، وقال رسول الله كذا وكذا ... إلخ، يعني من جمع الآثار والعناية بالآثار؛ لأنه ما كان مبنيا على الأثر، وإنما كان مبنياً على العقل والكلام بالرأي، ولهذا يأتي منه كلام ليس بصحيح وكلام غير صواب. ولهذا الاشتغال ... العمر قصير وليس متسع لكون الإنسان يقرأ كل شيء، وما دام أن الأمر كذلك، فالقراءة فيما ينفع والفائدة فيه محققه وكلام أهل العلم .. أهل العلم الذين هم علماء ما هم كتّاب: الكتاب غير العلماء، الكاتب غير العالم. الكاتب هو الأديب الذي عنده يعني قدرة على الكتابة والإنشاء فيتحدث فيأتي بالكلمات منها ما يصيب ومنها ما يخطيء وأحيانا يعبر ويخطيء في التعبير ويأتي بعبارة هي ليست جيدة وليست مناسبة جاءت لكونه استرسل بكلامه وعبر بعباراته ولهذا يأتي في كلام سيد قطب -رحمه الله- كلمات غير لائقة يأتي في كلام سيد قطب في مؤلفاته في التفسير وفي غيره كلمات غير لائقة وغير مناسبة ولا يليق بالمسلم أن يتفوه بها، وأن يتكلم بها.
- وأما القول بأنه ما شرح التوحيد مثل سيد قطب فهذا كلام غير صواب أبداً؛ التوحيد لا يؤخذ من كلام سيد قطب، وإنما يؤخذ من كلام العلماء المحققين مثل: البخاري وغير البخاري من الذين أتوا بالأسانيد والأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبينوا التوحيد وعرفوا التوحيد وعرفوا حقيقة التوحيد، وكذلك العلماء الذين علمهم في التوحيد ليس على الإنشاء وعلى الأساليب الإنشائية وعلى الكتابات الأدبية، وإنما بنوه على كلام العلماء وعلى الآثار وعلى كلام الله وكلام رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. هذا هو الحقيقة الذين هم كتبوا في التوحيد واشتغلوا في التوحيد). المرجع: سؤال له بعد درس سنن النسائي في المسجد النبوي بتاريخ 7/ 11/1414.
- وفي شرح سنن أبي داود -
- السؤال: يقول سيد قطب في كتب وشخصيات في صفحة (242) في السطر الرابع، يقول: (إن معاوية وزميله عمرو لم يغلبا علياً -رضي الله عنهم أجمعين- لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة، والنفاق والرشوة، وشراء الذمم، لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح) فما تعليقكم؟ الجواب: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة معروفة، ومن أصول أهل السنة الكف عما شجر بين الصحابة، حتى في العقائد المختصرة مثل مقدمة ابن أبي زيد وغيرها من الرسائل المختصرة جداً التي هي من أخصر المختصرات فيها هذه العبارة، ففي الطحاوية لما تكلم في هذا الموضوع قال: والفتن التي كانت في أيامه -يعني: أمير المؤمنين علي رضي الله عنه- قد صان الله منها أيدينا؛ فنسأله أن يصون عنها ألسنتنا. قد صان الله منها أيدينا لأننا ما كنا في زمانه حتى يحصل منا شيء باليد، بقي عندنا الألسنة فنسأل الله أن يصونها. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وأفئدتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول أبو المظفر السمعاني كما نقل عن الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله، وهو بدعة وضلالة. ويقول أبو زرعة الرازي كما ذكره الخطيب البغدادي في الكفاية: إذا رأيتم أحداً ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق، وذلك أن الكتاب والرسول حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. هذا هو كلام السلف، وهذه هي عقيدتهم، أما مثل هذا الكلام فمن قاله فقد آذى نفسه، وجلب لها الضرر، وكما يقول أهل اللغة: كم من كلمة قالت لصاحبها: دعني. ولكنها انفلتت منه ولم يسلم منها، بل يتحمل مغبتها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من يضمن لي ما بين رجليه ولحييه أضمن له الجنة)، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يذكروا بالجميل اللائق بهم، وأن يترضى عنهم، ويستغفر لهم، ويبحث عن المخارج الحسنة فيما جرى بينهم، وعلى الإنسان أن يتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة في أصحاب رسول الله، وهي الكف عما شجر بينهم. وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر العقيدة الواسطية الذي أشرت إلى مبتدئه وهو قوله: من أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما نقل عنهم من أخبار فيها الصحيح وفيها الكذب، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد. هو الكلام النزيه الجميل! أما غير ذلك -والعياذ بالله- فهو كلام تقشعر منه الأبدان، وتشمئز له النفوس، ولا يليق ولا ينبغي، ولو صدر من غير أهل السنة ومن المبتعدين ممن هو بعيد عن السنة من الرافضة وغير الرافضة لكان هذا يقال: هذا كلامهم، لكن كيف يقال هذا كلام من ينتمي إلى السنة، ومن هو من أهل السنة وليس من الرافضة؟! وفي كتاب: العدالة الاجتماعية في الإسلام يقول في صفحة (207) السطر السابع من أسفل: (فلما جاء الأمويون وصارت الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً في بني أمية لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما كان من وحي الجاهلية الذي أطفأ إشراقه الروح الإسلامية). في فضل معاوية بن أبي سفيان قال شارح الطحاوية: وأول ملوك المسلمين معاوية ، وهو خير ملوك المسلمين؛ لأنه صحابي، والصحابة أفضل من غيرهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فهو أول وخير ملوك المسلمين، ثم النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر خليفة)، وقد كان أمر الناس ماضياً في زمن معاوية وزمن الخلفاء من بعده في بني أمية، ووصلت الفتوحات الإسلامية إلى المحيط الأطلسي، عقبة بن نافع يصل إلى المحيط الأطلسي مرسل من بني أمية، والرسول قال: (لا يزال أمر الناس ماضياً ما ولي فيهم اثنا عشر خليفة)، وفيهم معاوية رضي الله عنه، ووصل محمد بن مسلم الثقفي إلى السند وإلى أماكن بعيدة من الشرق، واتسعت رقعة الإسلام وامتدت إلى الشرق والغرب. وقد قال شارح الطحاوية: أول ملوك المسلمين معاوية ، وهو خير ملوك المسلمين. وقال في صفحة (214): (هذا التصور لحقيقة الحكم قد تغير شيئاً ما دون شك على عهد عثمان وإن بقي في سياج الإسلام، لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير، ومن ورائه مروان بن الحكم يصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام، كما أن طبيعة عثمان الرخية، وحدبه الشديد على أهله قد ساهم كلاهما في صدور تصرفات أنكرها الكثيرون من الصحابة ممن حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها كثيراً، منح عثمان من بيت المال زوج بنته الحارث بن الحكم يوم عرفة مائتي ألف درهم، فلما أصبح الصباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين وقد بدا في وجهه الحزن، وترقرقت في عينه الدموع، فسأله أن يعفيه من عمله، ولما علم منه السبب وعرف أنه عطيته لصهره من مال المسلمين، قال مستغرباً: أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحمي؟ فرد الرجل الذي يستشعر روح الإسلام المرهف: لا يا أمير المؤمنين! ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضاً عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله لو أعطيته مائة درهم لكان كثيراً، فغضب عثمان على الرجل الذي لا يطيق ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين، وقال له: ألق بالمفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيرك). الشيخ: عثمان بن عفان رضي الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وفضائله جمة، ومناقبه كثيرة، وليس كل ما ينسب إليه يصح، وما صح فهو فيه معذور، وهو من الذين أمرنا باتباع سنتهم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)، فعثمان كونه يقول: أدركته الخلافة وهو شيخ كبير. معناه: أنه ما عنده قوة على القيام بأعباء الملك، وأنه حصلت منه تصرفات ليست طيبة، فهذا كلام لا يصلح ولا يليق أن يتكلم به إنسان ناصح لنفسه، وحريص على سلامتها. ويقول في صفحة (234) من نفس الكتاب: العدالة الاجتماعية في الإسلام: (ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً -هنا ترضى على علي ، وعثمان لا، لا حول ولا قوة إلا بالله- طبيعياً لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد عثمان الذي تحكم فيه مروان كان فجوة بينهما، لذلك نتابع الحديث عن عهد علي ، ثم نعود للحديث عن الحالة في أيام عثمان ). يقول بعض أهل العلم: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، ومعنى هذا: أن الصحابة رضي الله عنهم اختاروه وقدموه، وأن علياً معناه: أنه كان أولى منه بالخلافة، وأن عهده فجوة، وأن خلافة علي امتداد لأبي بكر و عمر ، ومعنى هذا: عثمان ليس كذلك، هذا كلام في غاية السوء والعياذ بالله. قال أحمد الخليلي الإباضي الخارجي مفتي سلطنة عمان في شريط له بعنوان: الفتنة: (لسنا نحن الذين فقط نتكلم في عثمان ، بل تكلم فيه أهل السنة، وذكر منهم سيد قطب و المودودي ). أقول: هذه حجة من غير أهل السنة على أهل السنة. على كلٍ أنا أقول: ما الفرق بين مثل هذا الكلام، وقراءة مثل هذا الكلام، وقراءة مثل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر العقيدة الواسطية، وكلام العلماء النزيه النظيف في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لاشك أن من يقرأ لأولئك يكون على الجادة، ويمتلئ قلبه بمحبة الصحابة، وأن الإنسان الذي يغتر بمثل سيد قطب إذا رأى مثل هذا الكلام يمكن أن يؤثر فيه، وأن يحصل له الانحراف مثل ما حصل لسيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا العاقل الناصح لنفسه لا يقرأ مثل هذا، وإنما يقرأ للعلماء الذين هم على الجادة، وكلامهم مستقيم، ونظيف، ونزيه في الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. عثمان بن عفان رضي الله عنه يتكلم فيه!! معاوية رضي الله عنه وأرضاه يتكلم فيه!! ويقال مثل هذا الكلام في هذين الصحابيين ... بل قاله في عمرو بن العاص رضي الله تعالى عن الجميع؟! إن الإنسان الناصح لنفسه لا يغتر بمثل هذا الكلام، ولا ينبغي أن يقرأ لمثل هذا الكاتب؛ لأنه يتأذى ويتضرر، ولكنه إذا قرأ لمثل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة وغيره، وقرأ لابن القيم وغيرهم من أهل السنة الذين يكتبون بأقلام سليمة، وألسنة نظيفة اهـ
- وفي شرح سنن أبي داود -
- السؤال: صاحب مكتبة عنده كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب وكتب أخرى، هل يجوز له أن يبيع هذا الكتاب؟ الجواب: هذا الكتاب فيه خلط، وفيه خير وفيه شر؛ ولهذا الإنسان الذي يحتاط لنفسه ويحتاط لدينه عليه ألا يبيع مثل هذه الكتب، وإن كان فيه كلام جميل، ولكن فيه خلط، فلا ينبغي للإنسان أن يطلع عليه، ولا أن يشتغل به، ولا يهتم به، والأولى له ألا يبيعه؛ لأن فيه أشياء سيئة في حق بعض الرسل مثل موسى عليه الصلاة والسلام، والإنسان الذي يقرؤه يتعجب منه، ومؤلفه من الكتَّاب وليس من العلماء، والكاتب يكتب وينشئ ويحرك قلمه، ويأتي بكل ما هب ودب.
- فتوى الشيخ / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله
- سئل : هل مما ينهى عنه قراءته من التفاسير تفسير سيد قطب -رحمه الله- "في ظلال القرآن"؟
- فأجاب حفظه الله: (أما تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب فهو من التفاسير التي اشتملت على مواضع كثيرة فيها بيان لبعض الآيات؛ بيان حسنٌ. يعني فيها أسلوب أدبي فيه شيء من التنميق مما يفهم المرء دلالة الآيات عموماً وصلتها بالواقع، هذا مما يدركه القارئ له من أول ما يقرأ. ولهذا اعتنى به كثيرون في هذا العصر من هذه الجهة، حيث إنه في بعض الآيات يعبر عن التفسير بتعبيرات صحيحة وبعبارات أدبية مناسبة.
- وأيضاً اشتمل كتابه على كثير من البدع والضلالات، فكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن" ما فيه من التحريفات أكثر مما في كتاب الصابوني.
- ومن أمثلة ذلك: أنه يؤول الاستواء.
- ومن أمثلته أنه يشعر في سورة الإخلاص بأن عنده ميل إلى بعض مذاهب المتصوفة من القائلين بوحدة الوجود أو نحو ذلك. يُفهم منه، ما نقول إنها ظاهرٌ بَيّن، لكن يفهم منه.
- ومن ضمن ذلك أنه يقول: إن بحث زيادة الإيمان ونقصانه أنه من البحوث الكلامية التي لا ندخل فيها، قالها في سورة الأنفال عند قوله تعالى: ((وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً)) في الحاشية.
- ومن أمثلة ذلك أنه يفسر الرب بالإله، والإله بالرب، يعني: توحيد الربوبية عنده هو توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية هو توحيد الربوبية، عنده عكس في فهمها، فالرب عنده هو المستحق للعبادة، والإله عنده هو الخالق الرازق، وهذا لا شك أنه يتبعه أشياء من مسائل الاعتقاد ينحرف بها من يلتزمها عن جادة أقوال السلف.
- من ضمن ذلك أنه في مسائل طاعة المشركين لا يَفْهم تفصيل أهل العلم فيها، فيُفهم من ظاهر كلامه ما يكون موافقاً فيه لبعض الغلاة في مسائل الطاعة: طاعة المشركين، أو طاعة الأحبار والرهبان.
- ومن أمثلة ذلك ما ذكره في سورة الأنعام عند قوله تعالى: ((وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)) فذكر فيها أشياء منها مما أدخله فيها -كما أذكر- مسألة لبس المرأة الأزياء والموديلات التي يصدرها أو تصدرها شركات الأزياء في باريس-على حد تعبيره-، فيقول: أولئك الذين يُشرِّعون للنساء عامة ألبسة تلبس في الصباح كذا، وفي المساء كذا، وفي السهرة كذا، وفي العمل كذا ... إلى آخره.
- يقول سيد قطب: إن هذه الفئة -يعني: مصممي الأزياء- إنهم آلهة، لأنهم أحلوا الحرام فأُطيعوا، وحرموا الحلال فأُطيعوا.
- فيقول: المرأة المسلمة التي تطيعهم في ذلك قد اتخذتهم آلهة لأنها أطاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال.
- وهذا لا شك أنه كلام باطل؛ لأن المرأة إذا لبست الملابس المحرمة التي جاءت من عند أولئك المصممين لا يعني أنها اعتقدت أنها حلال.
- فمسألة التكفير في اعتقاد أن هذا الذي حرمه الله -جل وعلا- حلال.
- أما إذا أطاعوهم مع عدم اعتقاد أن هذا حلال ... ؛ فمثلاً امرأة لبست ملابس أبرزت صدرها ورجليها عند الرجال الأجانب متابعة للمصممين، هذا إن كانت تعتقد أن هذا الفعل حرام ونحو ذلك، وغُلبت عليه؛ ضعف إيمانها ليس هذا بكفر ولم تؤله أولئك.
- فهو في هذه المسألة جعل الطاعة مكفرة، وقد أخذ بقوله بعض الجماعات التي غلت في مسألة الحكم بما أنزل الله؛ في مسألة الطاعة؛ طاعة المشرعين، المصممين، المنظمين ... إلى آخره.
- أيضاً من المسائل التي اشتمل عليها كتاب "في ظلال القرآن" أنه لا يظهر فيه اعتناء بما أثبته أهل السنة، يعني: يشبه أن يكون فكرياً غير مركز على مسألة معينة، يعني: على توجه معين هو أراد منه أن يكون كتاباً دعوياً كما يزعم يناسب الوقت، لكنه اشتمل على أشياء مما ذكرت وغيرها.
- وأيضاً من الأشياء التي تفرد بها أنه ذكر في سورة يوسف ذكر أن أولئك الذين يسألون عن أحكام الإسلام وهم في مجتمع جاهلي هؤلاء يقدحون في الإسلام، والذين يجيبونهم من العلماء هؤلاء يشاركونهم في القدح، هذا معنى كلامه، لِمَ؟ قال: لأن أحكام الإسلام والفقه الإسلامي ما أتى إلا لينزل على واقع مسلم، أما هذه المجتمعات الجاهلية -على حدِّ تعبيره- فإنها لا تقبل أحكام الله حتى يجتهد لها العالم في بيان الأحكام! وهذا لا شك أنه صورة من صور المخالفة لمنهج الحق في هذا، لأن أحكام الإسلام تُبَيّن في الدار التي فيها مسلمون ولو لم يكن فيها إلا مسلم واحد.
- إذا سأل عن دينه بُيِّنَ له وتُكلم في بيان الإسلام وبيان أحكامه ولو كان في دار جاهلية.
- وتعميمه أن بلاد المسلمين دور جاهلية هذا لا شك أن فيه تعدٍ. يعني: جميعاً -على حد تعبيره-.
- وأيضاً من المسائل التي تفرد بها، أنه قسم الفقه إلى قسمين في سورة يوسف:
- (القسم الأول): فقه الأوراق.
- و (القسم الثاني): فقه الواقع، وفقه الحركة أيضاً.
- يقصد بفقه الأوراق: الفقه الموجود بين أيدينا من فقه علماء الإسلام،
- ويقصد بفقه الواقع: يعني الواقع الذي تعيشه الحركة وما حول الحركة ونحو ذلك؛ يعني: ما حول الجماعة العاملة والتنظيم العامل، يقول: إن مهمتنا الآن العناية بفقه الحركة فقه الواقع.
- أما فقه الأوراق فهذا لم ينشأ إلا في مجتمع المدينة، لأنه لا بد فيه من مجتمع يطبقه، فإذا لم نوجد هذا المجتمع الذي يطبقه فإننا لا نحتاج إلى العناية به، كما تتوجه -يعني الدراسات ونحو ذلك- يعني العناية الكبيرة به.
- فالعناية الكبرى تنصب على فقه الواقع، لأنه هو الذي تحتاج إليه الأمة ونحو ذلك.
- له آراء كثيرة مخالفة إذا تأملت هذا الذي ذُكر، فطالب العلم الذي يحرص على العلم النافع إنما يطالع كتب السلف الصالح، يطالع الكتب التي تفيده العلم المنقى الصافي، أما الكتب المشتملة على الباطل، المشتملة على التحريفات، المشتملة على آراء شخصية ليس عليها أدلة ظاهرة من القرآن والسنة لا يوافق علماء أهل السنة والجماعة عليها، فإن قراءة طالب العلم -خاصة المبتدئ- فيها إنها قد تسبب وتوقع في قلبه شبهة، والحريص على دينه لا يوقع ولا يسعى في أن يوقع نفسه وقلبه في شبهة).
- المرجع: شرح كتاب مسائل الجاهلية لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - الشريط السابع - الوجه الثاني.
- الشيخ بكر بن عبد الله ابو زيد رحمه الله
- قال في معجم المناهي اللفظية (1/ 96)
- الْتفت : ( ( الْتفت : المورد الزلال . طبع دار العليان بالقصيم . عام 1411 هـ .
- لسيد قطب - المقتول ظلماً - رحمه الله تعالى - كتاب في تفسير القرآن العظيم ، باسم : (( في ظِلال القرآن )) ، وهو مع فائدته فيه مواضع تقتضي التنبيه، ومنها عبارات وألفاظ تسمَّح في إطلاقها - رحمه الله تعالى - . وقد ألَّف الشيخ / عبدالله بن محمد الدويش ، المتوفى سنة 1408 هـ - رحمه الله تعالى- كتاباً يتعقبه في ذلك باسم : (( المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال )) ، فتعقبه في جملة ألفاظ منها :
- 1- التفت : ( ( 1- التفت : المورد الزلال .3/308 . في تفسير سورة العلق 6/3936 ، قال : (( إن الله ... قد تكرم في عليائه فالتفت إلى هذه الخليقة )) ونحوه 3/ 3937 .
- والله سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ومنه لفظ النظر كما في حديث عياض - رضي الله عنه - : (( إن الله نظر إلى أهل الأرض .... )) الحديث ، رواه مسلم .
- فلا يُطلق الالتفات على الله إلاَّ حيث ورد النص ، ولا يعلم وروده ، فيترك . والله أعلم .
- 2- الحقيقة الكبرى : ( ( 2- الحقيقة الكبرى : المورد الزلال .3/66 . لا يجوز إطلاقه على الله تعالى ، ويأتي في حرف القاف بلفظ : قوة خفية .
- 3- قانون : ( ( 3- قانون : المورد الزلال .3/27 ، في ظلال القرآن 1/257 . إطلاقه على شريعة الإسلام . يأتي في حرف القاف .
- 4- ضريبة اجتماعية : ( ( 4- ضريبة اجتماعية : المورد الزلال .3/17 ، 90 . في ظلال القرآن 1/161 ، 3/166 . تسمية الزكاة بذلك .
- الأسماء الشرعية بنص القرآن والسنة لا يجوز تغييرها ولا العدول عنها ، وإن استبدالها باسم آخر فيه : هجر للاسم الشرعي ، واستدراك على الشرع ، ومنابذة ظاهرة لما ذكره الله ورسوله ، مع ما في ذلك من انفصام بين المسلم وكتب السلف .
- وإن لفظ الضريبة ، ومثله : المكس ، ونحوهما ، فيهما إجحاف وجور ، فلا يجوز أن يُطلق ما كان كذلك على الحقائق الشرعية .
- 5- العشق : ( ( 5- العشق : المورد الزلال .3/212 . في ظلال القرآن5 /3209 . يأتي في حرف العين
- 6- لغة موسيقية . إيقاع موسيقي . منظومة موسيقية . إيقاع فيه خشونة :( ( 6- لغة موسيقية ...... : المورد الزلال .3/223 ، 224 ، 295 ، 296 ، 307 ، 101 ،94 ، 309 . . في ظلال القرآن 3/1786 ، 4/ 2039 ، 6/ 3811 ، 3821 ، 3908 ، 3957 . وصف القرآن العظيم بهذه الألفاظ ، ونحوه ، وهي أوصاف مرفوضة لثلاثة أُمور :
- أن هذا تشبيه لآيات القرآن بآلات اللهو المحرمة .
- الموسيقى فن يدعو إلى الفسق والفجور ،فكيف يشبه به القرآن العظيم كلام رب العالمين ، الهادي إلى الإيمان والصراط المستقيم ؟
- أن الله سبحانه نفى كون القرآن قول شاعر ، ونزهه عنه ، فكيف يشبه بأصوات وموسيقات المُتفنِّنْيِن به ؟
- 7- الكوكب : ( ( 7- الكوكب : المورد الزلال 3/61 ،184، 190، 219 ، 225 . في ظلال القرآن 2/1072 ، 5/ 3027 ، 3090 ، 6/ 3378 ، 3447 . تسمية الأرض كوكباً . هذا إطلاق أجنبي عن نصوص الوحيين الشريفين ، فالكواكب في السماء ، والأرض في السفل ، ولم يطلق على الكواكب اسم : الأرض ، ومن لازم هذا الإطلاق أن تكون الأرض زينة للسماء الدنيا ، وجعلها رجوماً للشياطين ، وهذا باطل .
- 8- نعيم بدوي : ( ( 8- نعيم بدوي : المورد الزلال 3/320 ، 97، 98 في ظلال القرآن6/ 3458 ، 4/1911 ، 1914 . عبَّر عن بعض نعيم أهل الجنة بذلك عند قوله تعالى : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [ الرحمن:72 ] . وهذا التعبير يحتمل التنقيص ، وإن كان غير مراد من سيد قطب - رحمه الله تعالى - ، لكن البعد عن الألفاظ المحتملة هو الحق .
- 9- الأُمة البدوية : ( ( 9- الأُمة البدوية : المورد الزلال 3/245 . في ظلال القرآن 6/ 3566 . وللشيخ حمود التويجري رسالة مهمة باسم : منشور الصواب في الرد على من زعم أن الصحابة من الأعراب . إطلاقه على الجزيرة العربية ، واختيار الله لهم لحمل الدِّين . وهذا تعبير خاطئ ، فإن الله سبحانه لم يبعث نبيّاً : بدوياً ، ولا جِنِّيّاً ، ولا امرأة ، كما قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى }[ يوسف: من الآية109] .
- فالنبي - صلى الله عليه وسلم - وشيوخ الصحابة - رضي الله عنهم - من أهل القرى أي من المدن : مكة ، والمدينة... فهم حاضرة وليسوا بادية ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :(( إن زاهراً باديتنا ونحن حاضره )).
- 10- أناشيده : ( ( 10- أناشيده : المورد الزلال 3/183 ، في ظلال القرآن 5/3018 . أطلقها على ترتيل داود - عليه السلام - للزبور .
- وهذا إطلاق فاسد ، فالمتعين تنزيه كلام الله تعالى عن الأناشيد ، والشعر ، وقد قال الله تعالى عن القرآن العظيم : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} . هذا ما اقتضى التنبيه عليه . والله أعلم .
- محمد امان الجامي رحمه الله يقول كتاب الظلال .... ولكنه انشاء وخلط وخبط بين اراء الاشاعرة واراء وحدة الوجود واراء المتصوفة خذوها هكذا صريحة ....تفسير اشعري ... ننصح صغار الطلبة بعدم النظر في هذا التفسير كما ننصح كبار الطلبة بالاطلاع على هذا التفسير ومعرفة ما فيه من الشر لينصحوا صغار الطلبة فالدين النصيحة المصدر شريط اجابات على منهج اهل السنة والجماعة الشريط الاول
- الشيخ عبيد الجابري قال في ضمن تحذيره من الظلال سيد قطب رحمه الله مخطأ في هذا ولو كان حيا نقول يجب عليه أن يرجع وتقام عليه الحجة والا يكفر صراحة لانها كفريات هذه كلمات كفر .... من يروجون كتب هؤلاء وهو يعلمون ما فيها من البلاء والله وبالله وتالله انهم خونة للامة وغشاشون لها واخشى ان ينطبق عليهم هذا الحديث " لعن الله من اوى محدثا"
- الشيخ النجمي رحمه الله سئل هل سيد قطب من أهل السنة والجماعة ؟
- فقال سيد قطب ليس من أهل السنة والجماعة بل هم مخلط وعنده ضلالات ...كيف يكون هذا من الائمة او يكون من أهل السنة ....الذي يقول ان سيد قطب من أهل السنة والجماعة هذا جاهل مفتون مغرر به ضال .... وللشيخ النجمي رد على الجبرين في كشف اخطاء قطب
- الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله سئل عن ظلال القران لسيد قطب هل يقرأ فيه ؟
- اجاب قائلا أما كتاب الظلال وكتابات سيد قطب رحمه الله تعالى فإننا ننصح بعدم قراءة كتبه لان بعض جماعة التكفير وبعض الشباب صاروا من جماعة التكفير بسبب عبارات سيد قطب رحمه الله تعالى وسيد قطب يعتبر اديبا ولا يعتبر مفسرا فتفسيره تفسير شخص عاش في الالحاد باعترافه احدى عشرة سنة فكيف يكون ذلك التفسير ؟ ... فسيد قطب لا يعتبر من المفسرين ولا من المبرزين بل هو شخص به حماسة للاسلام على غير بصيرة اهـ من فضائح ونصائح 64-65 بواسطة ترجمة الشيخ للعديني277
- الشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله قال في الاجوبة الاثرية (21) فاعلم ان سيد قطب وحميع القطبيين المنتمين الى فكره ومحمد قطب وان حسن البنا وجميع البنائين المنتمين الى فكره كلهم اهل بدع وضلال ومن اراد مني برهانا على ذلك فتلك كتبهم وكتب من انتقدوهم في المكتبات فليقرأها من اراد بقصد فهم الحق والعمل به ومعرفة الباطل ورده وما اشكل عليه فليسأل اهل العلم لان فوق كل ذي علم عليم فاذا فعل ذلك حل العلم محل الجهل واليقين محل الشك ... وفي (86) سئل عن سبب التسمية بالقطبية وغيرها فكان من جوابه وهكذا القطبية اتباع سيد قطب في منهجه ومنهجه منهج تكفيري خطير على الامة وبالاخص الشباب .... وفي (188) ذكر من ضمن الردود كتاب الشيخ الدويش على الظلال
-
واخيرا وبعد كل هذا اسمع ماذا يقول اشباه العلماء وسيظهر لك من كلامهم انهم مطلعون على ما مضى بل واكثر
· الشيخ الحويني الخبير بالكتاب وتفاصيله الذي يردد بعض عباراته بلفظها كقوله " أخص خصائص توحيد الالوهية توحيد الحاكمية " يعتذر لقطب بانه أديب ويذكر من سبه للصحابة في العدالة ثم يقول كان يكتب بقلبه ويطنطط بقلمه ويعتذر عن قوله بخلق القران ووحدة الوجود ويقول واللى عايز يتلككله هيتلككله ويعتذر له بانه لم يقرأ وان كتب شيخ الإسلام كانت لسه مظهرتش وهو ملحأش يدوبك بد أ يقرأ خدوه سجنوه واعدموه ثم يقول بان كتاب لماذا اعدموني " رجع عن كثير جدا ان لم اقل عن تقريبا كل ما كان معروفا عنه "
· محمد اسماعيل المقدم علامة الاسكندرية في شريط باسم سيد قطب في الميزان مفرغ في سلسلة الإيمان والكفر - المقدم (21/ 3، بترقيم الشاملة آليا) إن هناك أعمالاً صدرت ممن تبوءوا مكاناً عظيماً في قلوب المسلمين المخلصين لدينهم في هذه الأعصار الأخيرة، كالإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، والأستاذ سيد قطب رحمه الله، ومنهم أيضاً الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمهم الله أجمعين. وثلاثتهم ممن كان له دور بصورة أو بأخرى في تجديد شباب هذه الدعوة، ودعوة الناس إلى تحقيق قوله تبارك وتعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63].لكن ثلاثتهم أيضاً ربما اجتمعوا في قاسم مشترك ترتب عليه: إما تأويل البعض لكلامهم بصورة غير صحيحة، أو تطبيقه بصورة غير صحيحة، أو ربما يكون فعلاً صدر من أئمة الدعوة بعض المواقف بصفتهم البشرية قد يكون فيها أخذ ورد من وجهة نظر كثير من العلماء. فأئمة الدعوة كتبوا كثيراً في قضايا التوحيد والدعوة، وربما أحياناً زلوا، حتى إمام الدعوة مجدد القرن الثاني عشر الهجري الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وله رسائل كثيرة في التوحيد ولكنها كانت مجملة ومقتضبة، وربما أدى هذا الإجمال إلى أن أساء البعض فهمها، أو أساء تطبيقها فيما بعد، فبالتالي اتخذ منها بعض دعاة التكفير معيناً لهم على بعض أفكارهم المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة. نفس الشيء بالنسبة للأستاذ المودودي رحمه الله تعالى، وربما يكون في كلام المودودي عبارات صريحة تؤخذ عليه رحمه الله في قضية تكفير المسلمين، وإن كان من خلال الواقع العملي ربما ينكشف شيء من التصحيح لهذه العبارات النظرية، كذلك أخذ الأستاذ سيد قطب رحمه الله من المودودي بعض هذه المفاهيم، ودندن حولها في كتبه، وبالذات الظلال ومعالم في الطريق، ولا شك أن الأستاذ سيد قطب رحمه الله باعتباره أكثر الناس تأثيراً وأثراً في قلوب الشباب الإسلامي، ومد هذه الصحوة الإسلامية بكثير من المدد والوقود والوعي، لاشك أن شأنه شأن كثير من العظماء، بل كل العظماء أن يختلف الناس عليهم ما بين قادح ومادح، وهو واحد من هؤلاء العظماء، بل هو نادرة زمانه وعصره الذي تبوأ قمة لم يقو الكثير على الصعود إليها، ونرجو أن يكون الله تبارك وتعالى قد بوأه هذا المنصب العظيم الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). وكان بإمكان سيد قطب رحمه الله أن يداهن أو يتنازل عن عقيدته ومبدئه، ولعله يصل إلى أرقى المناصب التي كان يغرى بها، ولكنه ثبت أمام هذه المغريات. وفي محاضرة خواطر حول السياسة ذكر انه ومن معه كانوا يحفظون مقدمة معالم في الطريق ويصف سيد بانه كانه يستشرف المستقبل وبعد الثورة نصح بقرأة كتب سيد لانه عاش هذه الفترة بقلبه وقال دعك ممن يذكر اخطائه ويتلكك له وفي شرحه لكتاب علو الهمة - المقدم (5/ 27، بترقيم الشاملة آليا) التاريخ الإسلامي حافل بمثل هذه النماذج وهذه الأمثلة التي تبرز لنا هذا المعنى العظيم الجليل، ونحن لا نقصد الاستيعاب، وإنما نقصد ضرب الأمثلة، ونختم الكلام في هذا الفصل بمثال فذ من عصرنا الحديث، لرجل بذل حياته لإعلاء كلمة الله، وهو الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى وأعلى درجته في الشهداء، فإن ذلك الرجل -وما أقل الرجال في هذا العصر- ارتضع منذ طفولته معاني العزة والكرامة والأنفة وشرف النفس حتى عاش حياته سيداً، وغادر الدنيا سيداً رافعاً رأسه، وعاش حياته قطباً، وغادرها أيضاً قطباً في الدعوة والجهاد، وحياته الطويلة حافلة بمواقف العزة والكرامة، لكن نتوقف عند ساعاته الأخيرة وهو يغادر هذه الدنيا الفانية، فقد طلب منه أن يعتذر للطاغية مقابل إطلاق سراحه، فقال: لن أعتذر عن العمل مع الله! وعندما طلب منه كتابة كلمات يسترحم بها عبد الناصر قال: إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يرفض أن يكتب حرفاً يقر به حكم طاغية. وقال أيضاً: لماذا أسترحم؟! إن سجنت بحق فأنا أقبل حكم الحق، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل. وفي إحدى الجلسات اقترب منه أحد الضباط وسأله عن معنى كلمة (شهيد)، إشارة له إلى أن مصيرك أن تقتل، فرد عليه رحمه الله تعالى قائلاً: كلمة (شهيد) تعني أنه شهد على أن شريعة الله أغلى عليه من حياته.
· سيد عفاني ذكره في كتاب صلاح الامة في علو الهمة وعندما سئل عنه
· في دروس الشيخ سيد حسين العفاني (18/ 34، بترقيم الشاملة آليا)
بيان حال سيد قطب
السؤال
هناك من يقول: إن الشيخ سيد قطب يقول بوحدة الوجود وأن عقيدته أشعرية، هل هذا صحيح؟
الجواب
بداية يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عن الشيخ سيد قطب: إن الشيخ سيد قطب لم يكن عالماً، وحرام على الناس أن يحاسبوه حساب العالم، يعني: الشيخ سيد قطب كان داعية عظيماً، ولكنه لم يكن عالماً كـ ابن تيمية أو الشوكاني أو الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو ابن باز أو غيره، فالرجل دخل مؤخراً في الحركة الإسلامية ولم يطلع على عقيدة أهل السنة والجماعة، ومن الإنصاف ألا تبخس الناس ما قدموه للإسلام من خدمات، ثم إن كانت عندهم آثار سيئة أو أخطاء فتذكر الأخطاء، ولكن من الإنصاف أن تذكر بداية الحسنات، وكما قالوا: إن الماء إذا بلغ القلتين لا يحمل الخبث، فلا تأتي إلى داعية مثل الشيخ سيد قطب وتنسفه نسفاً ولا تذكر له حسنة واحدة.وقال الشيخ محمد إسماعيل المقدم عنه: يكفيه أنه دفع حياته من أجل دينه، وأنه أشار بسبابته وقال: إن هذه السبابة التي نشير بها إلى الله عز وجل لا تسجد لغير الله عز وجل، وهذا من باب إنصاف الشيخ سيد قطب، ولا نقول عليه ما قاله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي كلامه عن الشيخ سيد قطب وإن كان فيه حقائق إلا أنه كلام جاف، وإن كان أغلبه كلام علمي ولكنه كلام جاف، وظاهر كلامه أنه ليس لـ سيد قطب حسنة واحدة، والشيخ الألباني يقول عن سيد قطب: إن بعض كتاباته عليها نور العلم، مثل كتاب (معالم في الطريق)، ففيه فصل عليه نور العلم، وهو فصل لا إله إلا الله منهج حياة، قال: وأما كتابه العدالة الاجتماعية فلا يساوي شيئاً. والشيخ سيد قطب له أخطاء جمعها الشيخ أحمد الدويش في كتابه (المورد الزلال في الرد على أخطاء الظلال)، ومن ضمن هذه الأخطاء: أن الشيخ سيد قطب عليه رحمة الله كان يقول: إن أحاديث الآحاد لا يحتج بها في مجال العقائد، وأخطأ في هذا.ومن ضمن أخطاء الشيخ سيد قطب عليه رحمة الله عليه: أنه أول بعض الصفات مثل صفة الاستواء في قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وأخطأ في هذا، ورد عليه الشيخ الدويش، وقد زل به قلمه في أوائل سورة الحديد وفي سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]، ورد عليه الشيخ الدويش، ولأنه لم يكن عالم حديث فقد رد بعض الأحاديث مثل حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم الموجود في البخاري، فللرجل أخطاء نتجنبها ونأخذ من حسناته فقط؛ حتى نكون في إنصاف والله أعلم، أما أن نحاسبه على أنه كان عالماً فالشيخ سيد قطب لم يكن عالماً.
· اما الشيخ محمد حسان فحدث ولا حرج فهو كثير النقل عنه في كتبه وحتى كتابه التوحيد وذكر انه قرأ الظلال مرات عديدة يقول فهو الرجل الذي قدم دمه وفكره وعقله لدين الله عز وجل .... وانا اشهد الله انى احب هذا الرجل في الله مع علمى يقينا انه له اخطاء .. لو عاملتم يا شباب شيوخ اهل الارض بما تريدون ان تعاملوا به الشيخ سيد قطب فلن تجدوا لكم شيخا على ظهر الارض لتتلقوا عنه العلم ..... لذا فانا احب هذا الرجل مع علمى ببعض اخطائه .... واعتزر له وحاد كما هى عادته ويذكر ان اصول الرجل سنيه فينبغى ذكر محاسنه وتبين اخطائه برفق اما صاحب الاصول المبتدعه فلا يذكر له محاسن ... وله شريط كامل سمى الى غلاة التجريح يصور فيه ان كل البدعةبتعتى انت ذكرت سيد قطب وقلت رحمه الله وبنى عليه الشريط
· ياسر برهامي القيم الحقيقي لحزب الاسكندرية سئل عن نقلهم عن سيد قطب فبرر بانها بعض عبارات صحيحة المعنى وايضا يتحامل البعض ويسئ الظن بهم مع ان الكلام يحتمل ... الى اخر كلامه الذي فقد فيه خطأه فضلا عن صوابه المرجع فتاوي واحكام المجلس 58 بتاريخ 6/6/2008
· الدكتور احمد فريد يقول في بعض دروسه المفرغة وهو كثير النقل من كتب سيد قطب دروس الشيخ أحمد فريد (52/ 11، بترقيم الشاملة آليا) وصف سيد قطب لخاتمة قصة مؤمن آل ياسين
قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله في وصف خاتمة القصة: يوحي سياق القصة بعد ذلك أنهم لم يمهلوه أن قتلوه، وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة، وإنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها، وعلى القوم وما هم فيه، ويرفع قدر هذا الشهيد الذي جهر بكلمة الحق متبعاً صوت الفطرة، وقذف بها في وجوه من يملكون التهديد والتنكيل، نراه في العالم الآخر يطلع على ما ادخر الله له من كرامة تليق بمقام المؤمن الشجاع المخلص الشهيد: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس:26 - 27].
ثم يقول: وتتصل الحياة الدنيا بحياة الآخرة، ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء، وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة، ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق، ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين، ونرى الرجل المؤمن وقد اطلع على ما آتاه الله في الجنة من المغفرة والكرامة، يذكر قومه طيب القلب رضي النفس، يتمنى لو يراه قومه فيرون ما آتاه ربه من الكرامة؛ ليعرفوا الحق معرفة اليقين.
هذا كان جزاء الإيمان.
فأما الطغيان فكان أهون على الله من أن يرسل عليهم ملائكة لتدمرهم، {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس:28 - 29].
ولا نطيل هنا في وصف مصرع القوم تهويناً لشأنهم وتحقيراً لقدرهم، فما كانت إلا صيحة واحدة أخمدت أنفاسهم.
وهكذا أيضاً كان سيد قطب رحمه الله، فبعد السجن وبعد الضرب والتعذيب انتقل إلى ربه، ونسأل الله تعالى أن يكون شهيداً.اهـ
وقد ذكره في مواقف ايمانية كبطل من ابطال الإسلام الثابتين
· اما الشيخ النقيب فهو الحامل للواء ان سيد قطب اعتذر عن ذلك فى الطبعات الجديدة وقد قدم لكتاب يثبت سلفية قطب
· العدوي ينصح الا يقرأ فيه الا الملم بمنهج أهل السنة والجماعة لانه احيانا فيه زلل وخطورة لا يتفطن لها الا الملم بالمنهج العام لاهل السنة والجماعة وذكر في مقطع اخر انه به عبارات تستغل في التكفير فالاولى عدم الاشتغال به
لقد زاد عجبي من هؤلاء وغيرهم كثير في نفس الطريق وعلى نفس الدرب والنفس فهم اضراب متنوعة الاشكال والاسماء متحدة المنهج والمشرب ذكروني بقول استاذ العربية محمود شاكر عن السنة المفترين المغيرين للتاريخ متي تشتد بهم البلوي فقال كما في جمهرة مقالاته من مقالة " السنة المفترين" (2/ 1001) " وتشتدُّ البلوى حين ينتصب لهذا التزوير المدمِّر رجالٌ يلبسون للناس ثيابَ الغيرة على دين ربهم، والحمية لماضي أمتهم، والجهادِ في سبيل إعزاز هذا الدين بأنفسهم وألسنتهم. وتجتمع عليهم وعلى الناس صواعق الهلاك، حين يخدع عامة الناس أمرُهم، فيتلقوْن عنهم معاني وأحكامًا وأخبارًا، وما شئتَ من حصائد الألسنة، على غير هُدًى ولا بيّنةٍ. فيوشك أمر الناسِ أن ينتهي إلى الردَّةِ الماحقة، والكفر المستعلِن. كما مضى مثل الأوَّلين، الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، حين استنصحوا الأحبار والرهبان فأطاعوهم على غير هدى ولا بينة ولا كتاب منير."
فالى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على عبد ورسوله محمد والحمد لله رب العالمين
كتبه عمرو المنصوري
5/6/1438