البث المباشر لفضيلة الشيخ هشام بن فؤاد البيلي
Get the Flash Player to see this player.

[حتى لا تتعرض للإيقاف] تنبيه هام لجميع الأعضاء


آخر المشاركات
هل يصح الاستدلال بتقسيم الإمام الشافعي البدعة إلى بدعة محمودة وبدعة مذمومة على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي؟! ..:||:.. ذكر ما ثبت من الآثار في جواز اجتماع رفع الأصوات عند التكبير مع المبالغة في رفعها موافقةً بغير تكلف اجتماعها تواعدًا بتطريب أو ما شابه ..:||:.. اللقاءات الأسبوعية بأطفال قرة أعين السلفية ..:||:.. ذكر ما ثبت من الآثار في توقيت التكبير عقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ..:||:.. حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ..:||:.. هل الأدب مقدَّم على الاتباع (الامتثال)؟ ..:||:.. الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد النبي ..:||:.. ذكر ما ثبت من الآثار في صيغ التكبير عقب الصلوات المكتوبة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ..:||:.. سبعون (70) سؤالاً في العقيدة الصحيحة للناشئة والأطفال في سؤال وجواب ..:||:.. كيف يكون بلوغنا إلى شهر رمضان سببًا لتكفير الذنوب ..:||:..

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات الغرباء السلفية، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




الرد على المنقول عن الحافظ ابن حجر العسقلاني في استدلاله بحديث صوم يوم عاشوراء على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي

قال السيوطي - رحمه الله تعالى - في الحاوي (٢٢٩/١): وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ أبو الفضل ابن حجر عَنْ


لا يمكنك الرد على هذا الموضوع لا يمكنك إضافة موضوع جديد

19-10-2021 05:11 مساء
الرد على المنقول عن الحافظ ابن حجر العسقلاني في استدلاله بحديث صوم يوم عاشوراء على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي
|
قال السيوطي - رحمه الله تعالى - في الحاوي (٢٢٩/١):

وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ أبو الفضل ابن حجر عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ، فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ:

أَصْلُ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَحَاسِنَ وَضِدِّهَا، فَمَنْ تَحَرَّى فِي عَمَلِهَا الْمَحَاسِنَ وَتَجَنَّبَ ضِدَّهَا كَانَ بِدْعَةً حَسَنَةً وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي تَخْرِيجُهَا عَلَى أَصْلٍ ثَابِتٍ وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هُوَ يَوْمٌ أَغْرَقَ اللهُ فِيهِ فرعون وَنَجَّى مُوسَى فَنَحْنُ نَصُومُهُ شُكْرًا لِلهِ تَعَالَى»، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ فِعْلُ الشُّكْرِ لِلهِ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إِسْدَاءِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ، وَيُعَادُ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، وَالشُّكْرُ لِلهِ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ كَالسُّجُودِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ، وَأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنَ النِّعْمَةِ بِبُرُوزِ هَذَا النَّبِيِّ؛ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟.
وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّى الْيَوْمُ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُطَابِقَ قِصَّةَ مُوسَى فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ لَا يُبَالِي بِعَمَلِ الْمَوْلِدِ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ، بَلْ تَوَسَّعَ قَوْمٌ فَنَقَلُوهُ إِلَى يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ. فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ عَمَلِهِ.

وَأَمَّا مَا يُعْمَلُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَا يُفْهِمُ الشُّكْرَ لِلهِ تَعَالَى مِنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ التِّلَاوَةِ وَالْإِطْعَامِ وَالصَّدَقَةِ وَإِنْشَادِ شَيْءٍ مِنَ الْمَدَائِحِ النَّبَوِيَّةِ وَالزُّهْدِيَّةِ الْمُحَرِّكَةِ لِلْقُلُوبِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ، وَأَمَّا مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ السَّمَاعِ وَاللَّهْوِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مُبَاحًا بِحَيْثُ يَقْتَضِي السُّرُورَ بِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا بَأْسَ بِإِلْحَاقِهِ بِهِ، وَمَا كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا فَيُمْنَعُ، وَكَذَا مَا كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى. انْتَهَى.


قال الشيخ إسماعيل الأنصاري - رحمه الله تعالى - في كتابه القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل - طبعة الأوقاف السعودية - ص٧٣:

أما الاستدلال بقول الله تعالى: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾ على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي؛ هو من قبيل حمل كلام الله تعالى على ما لم يحمله عليه السلف الصالح، والدعاء إلى العمل به على غير الوجه الذي مضوا عليه في العمل به، وهو أمر لا يليق لما بينه الإمام الشاطبي في كتابه الأدلة الشرعية من الموافقات في أصول الشريعة ج٣ ص٧١ - وهو أن الوجه الذي لم يثبت عن السلف الصالح العمل بالنص عليه؛ لا يقبل ممن بعدهم دعوى دلالة النص الشرعي عليه - قال:

إذ لو كان دليلا عليه لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه من بعدهم، فعمل الأولين - كيف كان - مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له ......

وقال:
فكل من خالف السلف الأولين فهو على خطأ، وهذا كاف ......

وقال:
واستدلال كل من اخترع بدعة أو استحسن محدثة لم تكن في السلف الصالح بأن السلف اخترعوا أشياء لم تكن في زمان رسول الله ككتب المصحف وتصنيف الكتب وتدوين الدواوين وتضمين الصناع وسائر ما ذكر الأصوليون في أصل المصالح المرسلة فخلطوا وغلطوا واتبعوا ما تشابه من الشريعة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويلها وهو كله خطأ على الدين واتباع لسبيل الملحدين، فإن هؤلاء الذين أدركوا هذه المدارك وعبروا على هذه المسالك إما أن يكونوا قد أدركوا من فهم الشريعة ما لم يفهمه الأولون أو حادوا عن فهمها.

وهذا الأخير هو الصواب، إذ المتقدمون من السلف الصالح هم كانوا على الصراط المستقيم ولم يفهموا من الأدلة المذكورة وما أشبهها إلا ما كانوا عليه وهذه المحدثات لم تكن فيهم ولا عملوا بها فدل على أن تلك الأدلة لم تتضمن هذه المعاني المخترعة بحال وصار عملهم بخلاف ذلك دليلا إجماعيا على أن هؤلاء في استدلالهم وعملهم مخطئون ومخالفون للسنة .....


ثم قال:

قد استدل بعض النصارى على صحة ما هم عليه الآن بالقرآن، ثم تحيل فاستدل على أنهم مع ذلك كالمسلمين في التوحيد، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون وما كانوا عليه في العمل به فهو أحرى بالصواب وأقوم في العلم والعمل.

ثم قال الشيخ إسماعيل الأنصاري في نفس الكتاب ص٧٨:

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هُوَ يَوْمٌ أَغْرَقَ اللهُ فِيهِ فِرْعَوْنَ، وَنَجَّىٰ مُوسَىٰ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ شُكْرًا للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَىٰ عَلَيِْه السَّلامُ مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ.

فَتَخْرِيجُ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيِّ فِي فَتْوَاهُ عَمَلَ الْمَوْلِدِ عَلَيْهِ لاَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَزْمِهِ أَوَّلَ تِلْكَ الْفَتْوَىٰ بِأَنَّ ذَٰلِكَ الْعَمَلَ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلاَثَةِ، فَإِنَّ عَدَمَ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ بِالنَّصِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَفْهَمُهُ مِنْهُ مَنْ بَعْدَهُمْ يَمْنَعُ اعْتِبَارَ ذَلِكَ الْفَهْمِ صَحِيحًا؛ إِذْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَعْزُبْ عَنْ فَهْمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَيَفْهَمُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ، كَمَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ ذَٰلِكَ النَّصِ دَلِيلاً عَلَيْهِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ دَلِيلاً عَلَيْهِ لَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ.

فَاسْتِنْبَاطُ ابْنِ حَجَرٍ الاِحْتِفَالَ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ - مَا دَامَ الْأَمْرُ كَذَٰلِكَ؛ مِنْ حَدِيثِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَوْ مِنْ أَيِّ نَصٍ آخَرٍ - مُخَالِفٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ نَاحِيَةِ فَهْمِهِ، وَمِنْ نَاحِيَةِ الْعَمَلِ بِهِ، وَمَا خَالَفَ إِجْمَاعَهُمْ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُمْ لاَ يَجْتَمِعُونَ إِلاَ عَلَىٰ هُدًى، وَقَدْ بَسَطَ الشَّاطِبِيُّ الْكَلاَمَ عَلَىٰ تَقْرِيرِ هَٰذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِهِ " الْمُوَافَقَاتُ "، وَأَتَىٰ فِي كَلاَمِهِ بِمَا لاَ أَشُكُّ فِي أَنَّ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيَّ لَوْ تَنَبَّهَ لَهُ مَا خَرَّجَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ عَلَىٰ حَدِيثِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَا دَامَ السَّلَفُ لَمْ يَفْهَمُوا تَخْرِيجَهُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ عَلَىٰ ذَٰلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي فَهِمَهُ مِنْهُ، وُقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ كَلاَمِ الْإِمَامِ الشٌَاطِبِيِّ فِي ذَٰلِكَ بِصَدَدِ الرَّدِ عَلَى اسْتِدْلاَلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلَوِي بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَىٰ {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} ذَكَرْنَا مِنْهُ مَا يَكْفِي وَيَشْفِي.

هَٰذَا مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى اسْتِدْلاَلِ الْعَسْقَلاَنِيِّ لِلاِحْتِفَالِ بِحَدِيثِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَمَّا مَا سِوَىٰ ذَٰلِكَ مِمَّا يُلاَحَظُ عَلَىٰ فَتْوَاهُ فِي عَمَلِ الْمَوْلِدِ فَقَدْ أَجَادَ السَّيْدُ رَشِيدُ رِضَا فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ فَتَاوِيهِ ص ٢١١٢ - ٢١١٣ فِي تَعَقُّبِهِ بِأُمُورٍ نُلَخِصُ مِنْهَا مَا يَلِي:

١- أَنَّ تَصْرِيحَهُ فِي تِلْكَ الْفَتْوَىٰ بِأَنَّ أَصْلَ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَُالِحِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلاَثَةِ يَكْفِي؛ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَس ٍ- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ -: "لاَ يُصْلِحُ آخِرُ هَٰذِهِ الْأُمَّةِ إِلاَ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا".

٢- أَنَّ الْمَحَاسِن َ- الَّتِي وَرَدَ فِي فَتْوَى الْحَافِظِ أَنَّ مَنْ تَحَرَّاهَا فِي عَمَلِ الْمَوْلِدِ وَتَجَنَّبَ ضِدَّهَا كَانَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ بِدْعَةً حَسَنَةً - لاَ تُعَدُّ هِيَ بِنَفْسِهَا مِنَ الْبِدَعِ، وَإِنَّمَا الْبِدْعَةُ فِيهَا؛ جَعْلُ ذَٰلِكَ الاِجْتَمَاعِ الْمَخْصُوصِ بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فِي الْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ، وَاعْتِبَارُ ذَٰلِكَ الْعَمَلِ مِنْ قَبِيلِ شَعَائِرِ الْإِسْلاَمِ الَّتِي لاَ تَثْبُتُ إِلاَ بِنَصِ الشَّارِعِ - بِحَيْثُ يَظُنُّ الْعَوَامُّ وَالْجَاهِلُونَ بِالسُّنَنِ أَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُرَبِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، وَعَمَلُ الْمَوْلِدِ بِهَٰذِهِ الْقُيُودِ بِدْعَةٌ سَيِّئَةٌ، وَجِنَايَةٌ عَلَىٰ دِينِ اللهِ تَعَالَىٰ، وَزِيَادَةٌ فِيهِ تُعَدُّ مِنْ شَرْعِ مَا لَمْ يَأْذَنْ به اللهُ، وَمِنَ الاِفْتِرَاءِ عَلَى اللهِ وَالْقَوْلِ فِي دِينِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.

٣- أَنَّ أَمْرَ الاِحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ قَدْ وَصَلَ إِلَىٰ تَكْفِيرِ تَارِكِهِ فَصَارَ بِذَٰلِكَ كَأَنَّهُ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ الْمَعْلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَبِذَٰلِكَ يُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ فِي ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ الْقَطْعِيَّةِ، وَالزَّيَادَةُ فِي ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ الْقَطْعِيَّةِ وَشَعَائِرِهِ تُخْرِجُ الْمَزِيدُ عَنْ كَوْنِهِ مِنَ الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ خَاتَمُ النَّبِيُِينَ عَنِ اللهِ تَعَالَى الْقَائِلِ فِيهِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فَهُوَ إِذًا تَشْرِيعٌ ظَاهِرٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ إِكْمَالِ الدِّينِ ونَاقِضٌ لَهُ، وَيَقْتَضِي أَنَّ مُسْلِمِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كَانَ دِينُهُمْ نَاقِصًا وَكَانُوا هُمْ كُفَّارًا، فَيَجِبُ - مَا دَامَ الْأَمْرُ قَدْ وَصَلَ إِلَىٰ ذَٰلِكَ - تَرْكُ حُضُورِ الْحَفَلاَتِ الْمَوْلِدِيَّةِ وَإِنْ خَلَتْ مِنَ الْقَبَائِحِ وَاشْتَمَلَتْ عَلَى الْمَحَاسِنِ لِئَلاَ يَظُنَّ الْعَوَامُ وَالْجَاهِلُ بِالسُّنَّةِ أَنَّهَا مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا.
قُلْتُ - الْقَائِلُ إِسْمَاعِيلُ الْأَنْصَارِيُّ -: قَدْ وَصَلَ إِلَى السَّيِّدِ رَشِيدِ رِضَا سُؤَالٌ عَنْ وَضْعِ الْعَلَوِيِّينَ فِي جَاوه وَهُوَ أَنَّهُمْ يَعْقِدُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَفَلاَتٍ - لِلْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ - كَثِيرَةً فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ يَذْبَحُونَ لَهَا الذَّبَائِحَ وَتُشَدُّ لَهَا الرِّحَالُ مِنْ أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ، وَيُلَقِّنُونَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَفَلاَت:ِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلِدِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ عِنْدَ سَمَاعِهِ - أَثْنَاءَ قِرَاءَةِ قِصَّةِ الْمَوْلِدِ - "مَرْحَبًا" ... إِلَخْ فَهُوَ كَافِرٌ، فَإِذَا سَأَلَهُمْ سَائِلٌ: هَلْ هَٰذَا أَمْرٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ؟!، أَجَبُوهُ بِقَوْلِهِمْ: أَنْتَ كَافِرٌ، اسْكُتْ، لاَ تُنَازِعْنَا فِي هَٰذَا، فَإِنَّا أَحَفْادُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجَابَ السَّيِّدُ رَشِيدُ رِضَا بِجَوَابٍ طَوِيلٍ لَخَصْنَا مِنْهُ مَا هُنَا، وَالَّذِي أَعْتَقِدُهِ أَنَّ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيَّ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَمْرَ الاِحْتِفَالَ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ يَصِلُ إِلَىٰ تَكْفِيرِ تَارِكِهِ لَمَا أَفْتَىٰ بِتِلْكَ الْفَتْوَىٰ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْهِ فِيهِ.

٤- أَنَّ أَكْثَرَ الْقَصَصِ الَّتِي اعْتِيدَ التَّغَنِّي بِهَا فَي الْحَفَلاَتِ الْمَوْلِدِيَّةِ يَشْمَلُ عَلَى الْكَذِبِ عَلَىٰ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِيرَتِهِ وَأَفْعَالِهِ.

٥- أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيَّ وَإِنْ كَانَ أَحْفَظَ الْحُفَّاظِ فِي عَصْرِهِ لَمْ يُؤْتَ مِنْ قُوَّةِ الاِسْتِنْبَاطِ مَا أُوتِيهِ الْأَئِمَّةُ الْمُجْتَهِدُونَ.
قُلْتُ - الْقَائِلُ إِسْمَاعِيلُ الْأَنْصَارِيُّ -: يَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ قَوَّةَ الاِسْتِنْبَاطِ - فِي مَسْأَلَةِ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِالخُصُوص ِ- مُحَاوَلَتُهُ تَخْرِيجَ عَمَلِ الْمَوَلِدِ عَلَىٰ حَدِيثِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ رَغْمَ تَصْرِيحِهِ قَبْلَ ذَٰلِكَ بِأَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلاَثَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

وُيُضَافُ إِلَىٰ هَٰذَا التَّلْخِيصِ لِكَلاَمِ السَّيِّدِ رَشِيدِ رِضَا:
أَنَّ حَدِيثَ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ - لِنَجَاةِ مُوسَىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَإِغْرَاقِ فِرْعَوْنَ فِيه ِ- لَيْسَ فِيهِ سِوَىٰ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ.
كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ:
أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي شَرَطَهُ ابْنُ حَجَرٍ لِلاِحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ وَهُوَ تَحَرِّي ذَٰلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ حَتَّىٰ يُطَابِقَ قِصَّةَ مُوسَىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ سَبِيلَ إَلَيْهِ.
وَأَنَّ وَصْفَ الْبِدَعَةِ فِي الدِّينِ بِأَنَّهَا حَسَنَةٌ مَرْدُودٌ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَىٰ.


تم تحرير الموضوع بواسطة : أحمد بن طه البنهاوي المصري
بتاريخ: 19-10-2021 06:35 مساء



لا يمكنك الرد على هذا الموضوع لا يمكنك إضافة موضوع جديد




 






الساعة الآن 12:06 صباحا